[ ص: 314 ] سنة ثلاث من الهجرة
في أولها كانت نجد ويقال لها : غزوة ذي أمر . غزوة
قال ابن إسحاق : فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة السويق أقام بالمدينة بقية ذي الحجة أو قريبا منها ، ثم غزا نجدا يريد غطفان وهي غزوة ذي أمر .
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة عثمان بن عفان . قال ابن إسحاق : فأقام بنجد صفرا كله أو قريبا من ذلك ، ثم رجع ولم يلق كيدا .
وقال الواقدي : بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن جمعا من غطفان من بني ثعلبة بن محارب تجمعوا بذي أمر يريدون حربه ، فخرج إليهم من المدينة يوم الخميس لثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة ثلاث ، واستعمل على [ ص: 315 ] المدينة عثمان بن عفان فغاب أحد عشر يوما ، وكان معه أربعمائة وخمسون رجلا ، وهربت منه الأعراب في رءوس الجبال ، حتى بلغ ماء يقال له : ذو أمر . فعسكر به ، وأصابهم مطر كثير ، فابتلت ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنزل تحت شجرة هناك ، ونشر ثيابه لتجف ، وذلك بمرأى من المشركين ، واشتغل المشركون في شئونهم ، فبعث المشركون رجلا شجاعا منهم ، يقال له : غورث بن الحارث . أو دعثور بن الحارث . فقالوا : قد أمكنك الله من قتل محمد . فذهب ذلك الرجل ، ومعه سيف صقيل ، حتى قام على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف مشهورا ، فقال : يا محمد ، من يمنعك مني اليوم ؟ قال : الله . ودفع جبريل في صدره فوقع السيف من يده ، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال من يمنعك مني ؟ قال : لا أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، والله لا أكثر عليك جمعا أبدا . فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ، فلما رجع إلى أصحابه ، فقالوا : ويلك ، ما لك ؟ فقال : نظرت إلى رجل طويل فدفع في صدري ، فوقعت لظهري ، فعرفت أنه ملك ، وشهدت أن محمدا رسول الله ، والله لا أكثر عليه جمعا . وجعل يدعو قومه إلى الإسلام . قال : ونزل في ذلك قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم فكف أيديهم عنكم واتقوا الله الآية [ المائدة : 11 ] .
قال : وسيأتي في غزوة ذات الرقاع قصة تشبه هذه ، فلعلهما قصتان . البيهقي
قلت : إن كانت هذه محفوظة فهي غيرها قطعا ; لأن ذلك الرجل اسمه غورث بن الحارث أيضا لم يسلم ، بل استمر على دينه ، ولم يكن عاهد النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتله . والله أعلم .