قال : وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من بني سليم يقال له : قيس بن نشبة ، فسمع كلامه وسأله عن أشياء ، فأجابه ووعى ذلك كله ، ودعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام ، فأسلم ورجع إلى قومه بني سليم ، فقال : قد سمعت ترجمة الروم ، وهينمة فارس ، وأشعار العرب ، وكهانة الكهان ، وكلام مقاول حمير ، فما يشبه كلام محمد شيئا من كلامهم ، فأطيعوني وخذوا بنصيبكم منه . فلما كان عام الفتح خرجت بنو سليم ، فلقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 362 ] بقديد وهم سبعمائة . ويقال : كانوا ألفا . وفيهم العباس بن مرداس وجماعة من أعيانهم ، فأسلموا وقالوا : اجعلنا في مقدمتك ، واجعل لواءنا أحمر ، وشعارنا مقدما . ففعل ذلك بهم ، فشهدوا معه الفتح والطائف وحنينا ، وقد كان راشد بن عبد ربه السلمي ، يعبد صنما فرآه يوما وثعلبان يبولان عليه ، فقال :
أرب يبول الثعلبان برأسه لقد ذل من بالت عليه الثعالب
ثم شد عليه فكسره ، ثم جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم ، وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما اسمك ؟ " قال : غاوي بن عبد العزى . فقال : " بل أنت راشد بن عبد ربه " . وأقطعه موضعا يقال له : رهاط . فيه عين تجري يقال لها : عين الرسول . وقال : " هو خير بني سليم " . وعقد له على قومه وشهد الفتح وما بعدها