فصل ( خطبة النبي صلى الله عليه وسلم أيام منى    ) 
وقد خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم الشريف خطبة عظيمة ، تواترت بها الأحاديث ، ونحن نذكر منها ما يسره الله عز وجل . 
 [ ص: 631 ] قال  البخاري    : باب الخطبة أيام منى    . حدثنا علي بن عبد الله  ، ثنا يحيى بن سعيد  ، ثنا فضيل بن غزوان  ، ثنا عكرمة  ، عن ابن عباس  أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر ، فقال : " يا أيها الناس ، أي يوم هذا ؟ " قالوا : يوم حرام . قال : " فأي بلد هذا ؟ " قالوا : بلد حرام . قال : " فأي شهر هذا ؟ " قالوا : شهر حرام . قال : " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا " . قال : فأعادها مرارا ثم رفع رأسه ، فقال : " اللهم هل بلغت ، اللهم هل بلغت " . قال ابن عباس    : فوالذي نفسي بيده ، إنها لوصيته إلى أمته . " فليبلغ الشاهد الغائب ، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " . ورواه الترمذي  عن الفلاس  ، عن  يحيى القطان  به . وقال : حسن صحيح . 
وقال  البخاري  أيضا : حدثنا عبد الله بن محمد  ، ثنا أبو عامر  ، ثنا قرة  ، عن  محمد بن سيرين  ، أخبرني  عبد الرحمن بن أبي بكرة  ، عن أبيه ، ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن ;  حميد بن عبد الرحمن  ، عن أبي بكرة  رضي الله عنه قال : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر  ، فقال : " أتدرون أي يوم هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . قال : " أليس يوم النحر ؟ " قلنا : بلى . قال : " أي شهر هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . قال : " أليس ذو الحجة ؟ " قلنا : بلى . قال : " أي بلد هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير   [ ص: 632 ] اسمه . قال : " أليس بالبلدة الحرام ؟ " قلنا : بلى . قال : " فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، إلى يوم تلقون ربكم ، ألا هل بلغت ؟ " قالوا : نعم . قال : " اللهم اشهد ، فليبلغ الشاهد الغائب ، فرب مبلغ أوعى من سامع ، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " . ورواه  البخاري  ومسلم  من طرق ، عن  محمد بن سيرين  به . 
ورواه مسلم  من حديث عبد الله بن عون  ، عن ابن سيرين  ، عن  عبد الرحمن بن أبي بكرة  ، عن أبيه ، فذكره ، وزاد في آخره : ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما ، وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا إسماعيل  ، أنبأنا أيوب  ، عن  محمد بن سيرين  ، عن أبي بكرة  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب في حجته ، فقال :   " ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض ، السنة اثنا عشر شهرا ، منها أربعة حرم ; ثلاثة متواليات ; ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب مضر ، الذي بين جمادى وشعبان " . ثم قال : " ألا أي يوم هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله   [ ص: 633 ] أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . قال : " أليس يوم النحر ؟ " قلنا : بلى . ثم قال : " أي شهر هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . قال : " أليس ذا الحجة ؟ " قلنا : بلى . ثم قال : " أي بلد هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم . فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه . قال : " أليست البلدة ؟ " قلنا : بلى . قال : " فإن دماءكم وأموالكم - أحسبه قال : وأعراضكم - عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا ، وستلقون ربكم ، فيسألكم عن أعمالكم ، ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ألا هل بلغت ؟ ألا ليبلغ الشاهد الغائب ، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من سمعه " . هكذا وقع في " مسند الإمام أحمد    " عن  محمد بن سيرين  ، عن أبي بكرة  ، وهكذا رواه أبو داود  ، عن مسدد  ،  والنسائي  عن عمرو بن زرارة  ، كلاهما عن إسماعيل - وهو ابن علية    - عن أيوب  ، عن ابن سيرين  ، عن أبي بكرة  به . وهو منقطع ، لكن صاحبا الصحيح أخرجاه من غير وجه ، عن أيوب  وغيره ، عن  محمد بن سيرين  ، عن  عبد الرحمن بن أبي بكرة  ، عن أبيه به . 
وقال  البخاري  أيضا : ثنا  محمد بن المثنى  ، ثنا  يزيد بن هارون  ، أنبأنا   [ ص: 634 ]  عاصم بن محمد بن زيد  عن أبيه ، عن ابن عمر  ، رضي الله عنهما ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم بمنى    : " أتدرون أي يوم هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " فإن هذا يوم حرام ، أفتدرون أي بلد هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " بلد حرام " . قال : " أفتدرون أي شهر هذا ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " شهر حرام " . قال : " فإن الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا " . وقد أخرجه  البخاري  في أماكن متفرقة من " صحيحه " وبقية الجماعة إلا الترمذي  ، من طرق ، عن  محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر  ، عن جده عبد الله بن عمر  ، فذكره . 
قال  البخاري    : وقال هشام بن الغاز    : أخبرني نافع  ، عن ابن عمر  ، رضي الله عنهما : وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج - بهذا - وقال : " هذا يوم الحج الأكبر " . فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول : " اللهم اشهد " . وودع الناس ، فقالوا : هذه حجة الوداع . وقد أسند هذا الحديث أبو داود  عن مؤمل بن الفضل  ، عن  الوليد بن مسلم  ، وأخرجه ابن ماجه  عن هشام بن عمار  ، عن صدقة بن خالد  ، كلاهما عن هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي   [ ص: 635 ] أبي العباس الدمشقي  به . 
وقيامه ، عليه الصلاة والسلام ، بهذه الخطبة عند الجمرات يحتمل أنه بعد رميه الجمرة  يوم النحر وقبل طوافه ، ويحتمل أنه بعد طوافه ورجوعه إلى منى  ومروره بالجمرات . 
لكن يقوي الأول ما رواه  النسائي  حيث قال : حدثنا عمرو بن هشام الحراني  ، ثنا  محمد بن سلمة  ، عن أبي عبد الرحيم  ، عن  زيد بن أبي أنيسة  ، عن يحيى بن الحصين الأحمسي  ، عن جدته أم حصين  ، قالت : حججت في حجة النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأيت بلالا  آخذا بخطام راحلته ،  وأسامة بن زيد  رافع عليه ثوبه يظله من الحر وهو محرم ، حتى رمى جمرة العقبة ،  ثم خطب الناس ، فحمد الله وأثنى عليه ، وذكر قولا كثيرا . 
وقد رواه مسلم  من حديث  زيد بن أبي أنيسة  ، عن يحيى بن الحصين  ، عن جدته أم الحصين  قالت : حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع ، فرأيت أسامة  وبلالا  ، أحدهما آخذ بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر حتى رمى جمرة العقبة    . قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا كثيرا ، ثم سمعته يقول : " إن أمر عليكم عبد مجدع - حسبتها قالت أسود - يقودكم بكتاب الله تعالى ، فاسمعوا له وأطيعوا " . 
 [ ص: 636 ] وقال الإمام أحمد    : ثنا محمد بن عبيد  ، ثنا الأعمش  عن  أبي صالح - وهو ذكوان السمان    - عن جابر  قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر ، فقال : " أي يوم أعظم حرمة ؟ " قالوا : يومنا هذا . قال : " أي شهر أعظم حرمة ؟ " قالوا : شهرنا هذا . قال : " أي بلد أعظم حرمة ؟ " قالوا : بلدنا هذا . قال : " فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، في شهركم هذا ، هل بلغت ؟ " قالوا : نعم . قال : " اللهم اشهد " انفرد به أحمد  من هذا الوجه وهو على شرط " الصحيحين " . ورواه أبو بكر بن أبي شيبة  ، عن أبي معاوية  ، عن الأعمش  به . وقد تقدم حديث  جعفر بن محمد  ، عن أبيه ، عن جابر  في خطبته ، عليه الصلاة والسلام ، يوم عرفة    . فالله أعلم . 
قال الإمام أحمد    : ثنا علي بن بحر  ، ثنا عيسى بن يونس  ، عن الأعمش  ، عن أبي صالح  ، عن  أبي سعيد الخدري  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع . فذكر معناه . وقد رواه ابن ماجه  ، عن هشام بن عمار  ، عن عيسى بن يونس  به . وإسناده على شرط " الصحيحين " . فالله أعلم . 
وقال الحافظ  أبو بكر البزار    : حدثنا أبو هشام  ، ثنا حفص  ، عن   [ ص: 637 ] الأعمش  ، عن أبي صالح  ، عن  أبي هريرة  وأبي سعيد  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال :   " أي يوم هذا ؟ " قالوا : يوم حرام . قال : " فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في شهركم هذا ، في بلدكم هذا " . ثم قال البزار    : رواه أبو معاوية  ، عن الأعمش  ، عن أبي صالح  ، عن  أبي هريرة  أو أبي سعيد  ، وجمعهما لنا أبو هشام  ، عن  حفص بن غياث  ، عن الأعمش  ، ، عن أبي صالح  ، عن  أبي هريرة  وأبي سعيد    . 
قلت : وتقدم رواية أحمد  له ، عن محمد بن عبيد الطنافسي  ، عن الأعمش  ، عن أبي صالح  ، عن  جابر بن عبد الله    . فلعله عند أبي صالح  عن الثلاثة . والله أعلم . 
وقال هلال بن يساف  ، عن سلمة بن قيس الأشجعي  قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع :   " إنما هن أربع ; لا تشركوا بالله شيئا ، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ، ولا تزنوا ، ولا تسرقوا " . قال : فما أنا بأشح عليهن مني حين سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رواه أحمد   والنسائي  من حديث منصور  ، عن هلال بن يساف  ، وكذلك رواه سفيان بن عيينة   والثوري  ، عن منصور    . 
 [ ص: 638 ] وقال  ابن حزم  في " حجة الوداع    " : حدثنا أحمد بن عمر بن أنس العذري  ، ثنا  أبو ذر عبد بن أحمد الهروي الأنصاري  ، ثنا أحمد بن عبدان  الحافظ بالأهواز ، ثنا سهل بن موسى بشيراز  ، ثنا عمرو بن عاصم  ، ثنا أبو العوام  ، ثنا  محمد بن جحادة  ، عن  زياد بن علاقة  ، عن أسامة بن شريك  قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يخطب وهو يقول : " أمك وأباك ، وأختك وأخاك ، ثم أدناك أدناك " . قال : فجاء قوم فقالوا : يا رسول الله ، قتلتنا بنو يربوع    . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تجني نفس على أخرى " . ثم سأله رجل نسي أن يرمي الجمار . فقال : " ارم ولا حرج " . ثم أتاه آخر فقال : يا رسول الله ، نسيت الطواف . فقال : " طف ولا حرج " . ثم أتاه آخر حلق قبل أن يذبح ، فقال : " اذبح ولا حرج " . فما سألوه يومئذ عن شيء إلا قال : " لا حرج ، لا حرج " . ثم قال : " قد أذهب الله الحرج إلا رجلا اقترض امرأ مسلما ، فذلك الذي حرج وهلك " . وقال : " ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء إلا الهرم " . وقد روى الإمام أحمد  وأهل السنن بعض هذا السياق من هذه   [ ص: 639 ] الطريق . وقال الترمذي    : حسن صحيح . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا حجاج  ، حدثني شعبة  ، عن علي بن مدرك  ، سمعت أبا زرعة  يحدث ، عن جرير  وهو جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع :   " يا جرير  ، استنصت الناس " . ثم قال في خطبته : " لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " ثم رواه أحمد  عن غندر  ، وعن ابن مهدي  ، كل منهما عن شعبة  به . وأخرجاه في " الصحيحين " من حديث شعبة  به . 
وقال أحمد    : ثنا ابن نمير  ، ثنا إسماعيل  عن قيس  ، قال : بلغنا أن جريرا  قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " استنصت الناس " . ثم قال عند ذلك : " لا أعرفن بعدما أرى ترجعون بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض " . ورواه  النسائي  من حديث  عبد الله بن نمير  به . 
وقال  النسائي    : ثنا  هناد بن السري  ، عن أبي الأحوص  ، عن ابن غرقدة  ، عن سليمان بن عمرو  ، عن أبيه ، قال : شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في   [ ص: 640 ] حجة الوداع يقول : " أيها الناس " . ثلاث مرات " أي يوم هذا ؟ " قالوا : يوم النحر ، يوم الحج الأكبر . قال : " فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام ، كحرمة يومكم هذا ، في بلدكم هذا ، ألا لا يجني جان على ولده ، ولا مولود على والده ، ألا إن الشيطان قد يئس أن يعبد في بلدكم هذا أبدا ، ولكن سيكون له طاعة في بعض ما تحتقرون من أعمالكم فيرضى ، ألا وإن كل ربا من ربا الجاهلية يوضع ، لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " . وذكر تمام الحديث . 
وقال أبو داود    : باب من قال : خطب يوم النحر . حدثنا هارون بن عبد الله  ، ثنا هشام بن عبد الملك  ، ثنا  عكرمة - هو ابن عمار    - ، ثنا الهرماس بن زياد الباهلي  قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على ناقته العضباء يوم الأضحى بمنى    . 
ورواه أحمد   والنسائي  من غير وجه ، عن  عكرمة بن عمار  ، عن الهرماس  قال : كان أبي مردفي ، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى  يوم النحر على ناقته العضباء   . لفظ أحمد  وهو من ثلاثيات " المسند " . ولله الحمد . 
ثم قال أبو داود    : ثنا مؤمل بن الفضل الحراني  ، ثنا الوليد  ، ثنا ابن جابر  ،   [ ص: 641 ] ثنا  سليم بن عامر  ، سمعت أبا أمامة  يقول : سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى  يوم النحر   . 
وقال الإمام أحمد    : ثنا عبد الرحمن  ، عن معاوية بن صالح  ، عن  سليم بن عامر الكلاعي  ، سمعت أبا أمامة  يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ على الجدعاء واضع رجليه في الغرز ، يتطاول يسمع الناس ، فقال بأعلى صوته : " ألا تسمعون ؟ " فقال رجل من طوائف الناس : يا رسول الله ، ماذا تعهد إلينا ؟ فقال : " اعبدوا ربكم ، وصلوا خمسكم ، وصوموا شهركم ، وأطيعوا ذا أمركم ، تدخلوا جنة ربكم " . فقلت : يا أبا أمامة  ، مثل من أنت يومئذ ؟ قال : أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة أزاحم البعير أزحزحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم . ورواه أحمد  أيضا ، عن  زيد بن الحباب  ، عن معاوية بن صالح  ، وأخرجه الترمذي  ، عن موسى بن عبد الرحمن الكوفي  ، عن  زيد بن الحباب    . وقال : حسن صحيح . 
قال الإمام أحمد    : ثنا أبو المغيرة  ، ثنا إسماعيل بن عياش  ، ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني  ، سمعت أبا أمامة الباهلي  يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع : " إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث ، والولد للفراش وللعاهر الحجر ، وحسابهم على الله ، ومن ادعى إلى غير أبيه ، أو انتمى إلى غير مواليه ، فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم   [ ص: 642 ] القيامة ، لا تنفق المرأة شيئا من بيتها إلا بإذن زوجها " . فقيل : يا رسول الله ، ولا الطعام ؟ قال : " ذلك أفضل أموالنا " . ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العارية مؤداة ، والمنحة مردودة ، والدين مقضي ، والزعيم غارم " . ورواه أهل السنن الأربعة من حديث إسماعيل بن عياش  ، وقال الترمذي    : حسن . 
ثم قال أبو داود  ، رحمه الله : باب من يخطب يوم النحر . حدثنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الدمشقي  ، ثنا مروان  ، عن هلال بن عامر المزني  ، حدثني  رافع بن عمرو المزني  قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى    - حين ارتفع الضحى - على بغلة شهباء ، وعلي  يعبر عنه ، والناس بين قائم وقاعد   . ورواه  النسائي  ، عن  دحيم  ، عن مروان الفزاري  به . 
وقال الإمام أحمد    : حدثنا أبو معاوية  ، ثنا هلال بن عامر المزني  ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى  على بغلة وعليه برد أحمر . قال : ورجل من أهل بدر  بين يديه يعبر عنه . قال : فجئت حتى أدخلت يدي بين قدمه وشراكه . قال : فجعلت أعجب من بردها   . 
حدثنا محمد بن عبيد  ، ثنا شيخ من بني فزارة ،  عن هلال بن عامر المزني  ، عن أبيه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على بغلة شهباء ، وعلي   [ ص: 643 ] يعبر عنه   . ورواه أبو داود  من حديث أبي معاوية  ، عن هلال بن عامر    . 
ثم قال أبو داود    : باب ما يذكر الإمام في خطبته بمنى     . حدثنا مسدد  ، ثنا عبد الوارث  ، عن حميد الأعرج  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي  ، عن عبد الرحمن بن معاذ التيمي  قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن بمنى ،  ففتحت أسماعنا حتى كنا نسمع ما يقول ونحن في منازلنا ، فطفق يعلمهم مناسكهم حتى بلغ الجمار ، فوضع أصبعيه السباحتين ، ثم قال : " بحصى الخذف " . ثم أمر المهاجرين  فنزلوا في مقدم المسجد ، وأمر الأنصار  فنزلوا من وراء المسجد ، ثم نزل الناس بعد ذلك . وقد رواه أحمد  ، عن عبد الصمد بن عبد الوارث  ، عن أبيه ، وأخرجه  النسائي  ، من حديث ابن المبارك  ، عن عبد الوارث  كذلك . وتقدم رواية الإمام أحمد  له ، عن عبد الرزاق  ، عن معمر  ، عن حميد الأعرج  ، عن  محمد بن إبراهيم التيمي  ، عن عبد الرحمن بن معاذ  ، عن رجل من الصحابة . فالله أعلم . 
وثبت في " الصحيحين " من حديث  ابن جريج  عن الزهري  ، عن  عيسى بن طلحة  ، عن  عبد الله بن عمرو بن العاص  ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو يخطب يوم النحر فقام إليه رجل ، فقال : كنت أحسب أن كذا وكذا قبل كذا   [ ص: 644 ] وكذا . ثم قام آخر فقال : كنت أحسب أن كذا وكذا قبل كذا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " افعل ولا حرج " . وأخرجاه من حديث مالك    - زاد مسلم    : ويونس    - عن الزهري  به . وله ألفاظ كثيرة ليس هذا موضع استقصائها ، ومحله كتاب " الأحكام " وبالله المستعان . وفي لفظ في " الصحيحين " : قال : فما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك اليوم عن شيء قدم ولا أخر إلا قال : " افعل ولا حرج " . 
				
						
						
