[ ص: 344 ] 
ثم دخلت سنة تسع وخمسين 
فيها شتى عمرو بن مرة الجهني  في أرض الروم  في البر . قال الواقدي    : ولم يكن فيها غزو في البحر . وقال غيره : بل غزا في البحر عامئذ جنادة بن أبي أمية    . 
وفيها عزل معاوية  ابن أم الحكم  عن الكوفة    ; لسوء سيرته فيهم  ، وولى عليها النعمان بن بشير    . 
وفيها ولى معاوية  عبد الرحمن بن زياد  ولاية خراسان  ، وعزل عنها سعيد بن عثمان بن عفان   فصار عبيد الله  على البصرة  ، وعباد بن زياد  على سجستان  ،  وعبد الرحمن بن زياد  على خراسان  ولم يزل عليها إلى زمن يزيد  ، فقدم عليه بعد مقتل الحسين  ، فقال له : كم قدمت به من المال ؟ قال : عشرون ألف ألف . فقال له : إن شئت حاسبناك ، وإن شئت سوغناكها وعزلناك عنها ، على أن تعطي عبد الله بن جعفر  خمسمائة ألف درهم . قال : بل تسوغنيها ، وأما عبد الله بن جعفر  فأعطيه ما قلت ، ومثلها معها . فعزله وولى غيره ، وبعث عبد الرحمن بن زياد  إلى عبد الله بن جعفر  بألف ألف درهم ، وقال : خمسمائة ألف من جهة أمير المؤمنين ، وخمسمائة ألف من قبلي . 
وفي هذه السنة وفد عبيد الله بن زياد  على معاوية   ، ومعه أشراف أهل البصرة   والعراق  ، فاستأذن لهم عبيد الله  عليه على منازلهم منه ، فكان آخر من أدخله   [ ص: 345 ] على معاوية   الأحنف بن قيس  ، ولم يكن عبيد الله  يجله ، فلما رأى معاوية  الأحنف  رحب به وعظمه وأجله وأجلسه معه على السرير ، ثم تكلم القوم فأثنوا على عبيد الله  ،  والأحنف  ساكت ، فقال له معاوية    : ما لك يا أبا بحر لا تتكلم ؟ فقال : إن تكلمت خالفت القوم . فقال معاوية    : انهضوا فقد عزلته عنكم ، فاطلبوا واليا ترضونه . فمكثوا أياما يترددون إلى أشراف بني أمية  ، يسألون كل واحد منهم أن يتولى عليهم ، فلم يقبل أحد منهم ذلك ، ثم جمعهم معاوية  فقال : من اخترتم ؟ فاختلفوا عليه  والأحنف  ساكت ، فقال له معاوية    : ما لك لا تتكلم ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، إن كنت تريد غير أهل بيتك فراء رأيك . فقال معاوية    : قد أعدته إليكم . وقال ابن جرير    : قال الأحنف    : يا أمير المؤمنين ، إن وليت علينا من أهل بيتك فإنا لا نعدل بعبيد الله  أحدا ، وإن وليت علينا من غيرهم فانظر لنا في ذلك . فقال معاوية    : قد أعدته إليكم . ثم إن معاوية  أوصى عبيد الله  بالأحنف  خيرا ، وقبح رأيه في مباعدته ، فكان الأحنف  بعد ذلك أخص أصحاب عبيد الله  ، ولما وقعت الفتنة لم يف لعبيد الله  غير  الأحنف بن قيس    . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					