وقال ثابت ، عن أنس أحد فقال : من يأخذ مني هذا السيف بحقه ؟ فبسطوا أيديهم كل إنسان منهم يقول : أنا ، أنا . فقال : من يأخذه بحقه ؟ فأحجم القوم ، أبو دجانة [ ص: 396 ] سماك : أنا آخذه بحقه . قال : فأخذه ففلق به هام المشركين فقال له . أخرجه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ سيفا يوم مسلم .
وقال ابن إسحاق : حتى قام إليه أخو أبو دجانة سماك بن خرشة ، بني ساعدة ، فقال : وما حقه ؟ قال : أن تضرب به في العدو حتى ينحني . قال : فأنا آخذه يا رسول الله . فأعطاه إياه ، وكان رجلا شجاعا يختال عند الحرب ، وكان إذا قاتل علم بعصابة له حمراء فاعتصب بها على رأسه ، ثم جعل يتبختر بين الصفين . فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رآه يتبختر : إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن .
وقال : حدثني عمرو بن عاصم الكلابي عبيد الله بن الوازع ، قال : حدثني عن أبيه ، عن هشام بن عروة ، قال : عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفا يوم الزبير بن العوام ، أحد فقال : من يأخذه بحقه ؟ فقمت فقلت : أنا يا رسول الله . فأعرض عني ، ثم قال : من يأخذ هذا السيف بحقه ؟ فقام فقال : أنا يا رسول الله ، فما حقه ؟ قال : أن لا تقتل به مسلما ولا تفر به عن كافر . قال : فدفعه إليه ، وكان إذا أراد القتال أعلم بعصابة ، فقلت : لأنظرن إليه كيف يصنع . قال : فجعل لا يرتفع له شيء إلا هتكه وأفراه ، حتى انتهى إلى نسوة في سفح جبل معهن دفوف لهن ، فيهن امرأة وهي تقول : أبو دجانة سماك بن خرشة
نحن بنات طارق نمشي على النمارق إن تقبلوا نعانق
أو تدبروا نفارق فراق غير وامق
وروى جعفر بن عبد الله بن أسلم ، مولى عمر ، عن معاوية بن معبد بن كعب بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى يتبختر : إنها لمشية يبغضها الله إلا في مثل هذا الموطن أبا دجانة .
وقال ابن إسحاق ، عن الزهري وغيره : إن رجلا من المشركين خرج يوم أحد ، فدعا إلى البراز ، فأحجم الناس عنه حتى دعا ثلاثا ، وهو على جمل له ، فقام إليه الزبير فوثب حتى استوى معه على بعيره ، ثم عانقه فاقتتلا فوق البعير جميعا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذي يلي حضيض الأرض مقتول . فوقع المشرك ووقع عليه الزبير فذبحه . ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قرب الزبير فأجلسه على فخذه وقال : إن لكل نبي حواريا والزبير حواري .
قال ابن إسحاق : واقتتل الناس حتى حميت الحرب ، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس ، وحمزة بن عبد المطلب ، وآخرون . وعلي بن أبي طالب ،
وقال زهير بن معاوية : حدثنا أبو إسحاق ، قال : سمعت البراء يحدث ، قال : أحد ، وكانوا خمسين ، وقال : إذا رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ، وإن رأيتمونا هزمنا القوم وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم ، قال : فهزمهم . فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل [ ص: 398 ] قد بدت خلاخيلهن وسوقهن رافعات ثيابهن . فقال أصحاب عبد الله بن جبير ، : الغنيمة ، أي قوم ، الغنيمة ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟ فقال عبد الله بن جبير عبد الله لهم : أنسيتم ما قال لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة : فأتوهم فصرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين . فذلك إذ يدعوهم الرسول في أخراهم . فلم يبق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا اثنا عشر رجلا . فأصابوا منا سبعين .
فقال أبو سفيان : أفي القوم محمد ؟ ثلاث مرات . فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجيبوه . ثم قال : أفي القوم ابن أبي قحافة ، أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ ثم قال : أفي القوم ابن الخطاب ؟ ثلاثا . ثم رجع إلى أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا . فما مالك عمر نفسه أن قال : كذبت يا عدو الله ، إن الذين عددت لأحياء كلهم ، وقد بقي لك ما يسوؤك . فقال : يوم بيوم بدر والحرب سجال ، إنكم ستجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني . ثم أخذ يرتجز : اعل هبل ، اعل هبل .
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ألا تجيبوه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله أعلى وأجل .
ثم قال : لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم . ألا تجيبوه ؟ قالوا : ما نقول ؟ قال : قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم . أخرجه جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة يوم . البخاري