قال ابن إسحاق : وقد كان حنظلة بن أبي عامر التقى هو فلما استعلاه وأبو سفيان بن حرب ، حنظلة رآه شداد بن الأسود . فضرب حنظلة بالسيف فقتله . وحدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : عاصم بن عمر بن قتادة ، إن صاحبكم لتغسله الملائكة ، يعني حنظلة ، فسألوا أهله ما شأنه ؟ فسئلت صاحبته قالت : خرج وهو جنب حين سمع الهيعة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لذلك غسلته الملائكة .
وقال البكائي ، عن ابن إسحاق : وخلص العدو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدث بالحجارة حتى وقع لشقه فأصيبت رباعيته ، وشج في وجهه ، وكلمت شفته . وكان الذي أصابه عتبة بن أبي وقاص . فحدثني حميد الطويل ، عن أنس ، قال : أحد ، وشج في وجهه ، فجعل الدم يسيل على وجهه وهو يمسحه ويقول : كيف يفلح [ ص: 412 ] قوم خضبوا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فنزلت ( ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ( 128 ) ) [ آل عمران ] . كسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم يوم
وقال عبد العزيز بن أبي حازم ، عن أبيه ، سهل بن سعد ، قال : جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكسرت رباعيته ، وهشمت البيضة على رأسه ، فكانت صلى الله عليه وسلم تغسل الدم ، وعلي يسكب الماء عليه بالمجن . فلما رأت فاطمة بنت رسول الله فاطمة أن الماء لا يزيد الدم إلا كثرة ، أخذت قطعة حصير أحرقته ، حتى إذا صار رمادا ألصقته بالجرح ، فاستمسك الدم . أخرجاه . عن
ورواه مسلم من حديث سعيد بن أبي هلال ، عن أبي حازم ، عن سهل ، قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أصيبت رباعيته وهشمت بيضته . وذكر باقي الحديث .
وقال معمر ، عن همام ، عن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة ، . متفق عليه . اشتد غضب الله على قوم فعلوا برسول الله ، وهو يشير إلى رباعيته ، اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله في سبيل الله
وقال ابن المبارك ، عن إسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله : أخبرني عن عيسى بن طلحة ، عائشة ، قالت : كان أبو بكر إذا ذكر يوم أحد بكى ثم قال : ذاك يوم كان كله يوم طلحة . ثم أنشأ يحدث ، قال :
[ ص: 413 ] كنت أول من فاء يوم أحد ، فرأيت رجلا يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دونه وأراه قال : يحميه ، فقلت : كن طلحة ، حيث فاتني ما فاتني ، قلت : يكون رجلا من قومي أحب إلي ، وبيني وبين المشرق رجل لا أعرفه ، وأنا أقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه ، وهو يخطف المشي خطفا لا أخطفه . فإذا هو أبو عبيدة . فانتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كسرت رباعيته وشج في وجهه ، وقد دخل في وجهه حلقتان من حلق المغفر . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : عليكما صاحبكما ، يريد طلحة وقد نزف . فلم نلتفت إلى قوله ، وذهبت لأنزع ذلك من وجهه . فقال أبو عبيدة : أقسمت عليك بحقي لما تركتني . فتركته . فكره أن يتناولها بيده فيؤذي النبي ، فأزم عليهما بفيه ، فاستخرج إحدى الحلقتين . ووقعت ثنيته مع الحلقة . وذهبت لأصنع ما صنع ، فقال : أقسمت عليك بحقي لما تركتني . ففعل ما فعل في المرة الأولى ، فوقعت ثنيته الأخرى مع الحلقة . فكان أبو عبيدة من أحسن الناس هتما ، فأصلحنا من شأن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم أتينا طلحة في بعض تلك الجفار ، فإذا بضع وسبعون ، أقل أو أكثر ، من بين طعنة ورمية وضربة ، وإذا قد قطعت إصبعه . فأصلحنا من شأنه .
وروى الواقدي عن ابن أبي سبرة ، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة ، عن أبي الحويرث ، عن قال : سمعت رجلا من المهاجرين يقول : شهدت نافع بن جبير ، أحدا ، فنظرت إلى النبل يأتي من كل ناحية ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطها ، كل ذلك يصرف عنه . ولقد رأيت عبد الله بن شهاب الزهري يقول يومئذ : دلوني على محمد ، فلا نجوت إن نجا . ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ما معه أحد ثم تجاوزه فعاتبه في ذلك صفوان ، فقال : والله ما رأيته ، أحلف بالله إنه منا ممنوع ، خرجنا أربعة [ ص: 414 ] فتعاهدنا وتعاقدنا على قتله ، فلم نخلص إلى ذلك .
قال الواقدي : الثبت عندنا أن الذي رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجنتيه : ابن قمئة ، والذي رمى شفتيه وأصاب رباعيته : عتبة بن أبي وقاص .
وقال ابن إسحاق : حدثني صالح بن كيسان ، عمن حدثه ، عن قال : والله ما حرصت على قتل أحد قط ما حرصت على قتل سعد بن أبي وقاص ، عتبة بن أبي وقاص ، وإن كان ما علمته لسيئ الخلق مبغضا في قومه ، ولقد كفاني منه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " اشتد غضب الله على من دمى وجه رسول الله " .