عدد الشهداء
قد مر أن أخرج من حديث البخاري البراء ، أن المشركين أصابوا منا سبعين .
وقال حماد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، قال : يا رب السبعين من الأنصار ، سبعين يوم أحد ، وسبعين يوم بئر معونة ، وسبعين يوم مؤتة ، وسبعين يوم اليمامة .
وقال عبد الرحمن بن حرملة ، عن قال : قتل من سعيد بن المسيب ، الأنصار في ثلاثة مواطن سبعون سبعون : يوم أحد ، ويوم اليمامة ، ويوم جسر أبي عبيد .
وقال : أخبرني ابن جريج عمر بن عطاء ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، في قوله تعالى ( قد أصبتم مثليها ( 165 ) ) [ آل عمران ] ، قال : قتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين ، وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين .
وأما ابن لهيعة ، عن أبي الأسود ، عن عروة ، فقال : جميع من قتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ، من قريش والأنصار : أربعة ، أو قال : سبعة [ ص: 421 ] وأربعون رجلا . وجميع من قتل يوم أحد ، يعني من المشركين تسعة عشر رجلا .
وقال : جميع من استشهد من المسلمين ، من موسى بن عقبة قريش والأنصار سبعة وأربعون رجلا .
وقال ابن إسحاق : جميع من استشهد من المسلمين ، من المهاجرين والأنصار ، يوم أحد ، خمسة وستون رجلا . وجميع قتلى المشركين اثنان وعشرون .
قلت : قول من قال سبعين أصح . ويحمل قول أصحاب المغازي هذا على عدد من عرف اسمه من الشهداء ، فإنهم عدوا أسماء الشهداء بأنسابهم .
قال ابن إسحاق : استشهد من المهاجرين :
حمزة ، وعبد الله بن جحش بن رئاب الأسدي ، حليف بني عبد شمس ، وهو ابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد دفن مع حمزة في قبر واحد ، ومصعب بن عمير ، وعثمان بن عثمان ، ولقبه شماس ، وهو عثمان بن عثمان بن الشريد بن سويد بن هرمي بن عامر بن مخزوم القرشي المخزومي ، ابن أخت عتبة بن ربيعة ، هاجر إلى الحبشة وشهد بدرا ، ولقب شماسا لملاحته .
[ ص: 422 ] ومن الأنصار : عمرو بن معاذ بن النعمان الأوسي ، أخو سعد ، وابن أخيه الحارث بن أوس بن معاذ ، والحارث بن أنيس بن رافع ، وعمارة بن زياد بن السكن ، وسلمة ، وعمرو ، ابنا ثابت بن وقش ، وعمهما : رفاعة بن وقش ، وصيفي بن قيظي ، وأخوه : حباب ، وعباد بن سهل ، وعبيد بن التيهان ، وحبيب بن زيد ، وإياس بن أوس ، الأشهليون ، واليمان أبو حذيفة ، حليف لهم ، ويزيد بن حاطب بن أمية الظفري ، وأبو سفيان بن الحارث بن قيس ، وغسيل الملائكة حنظلة بن أبي عامر الراهب ، ومالك بن أمية ; وعوف بن عمرو ، وأبو حية بن عمرو بن ثابت ، وعبد الله بن جبير بن النعمان ، أمير الرماة ، وأنس بن قتادة ، وخيثمة والد وحليفه : سعد بن خيثمة ، عبد الله بن سلمة العجلاني ، وسبيع بن حاطب بن الحارث ، وحليفه : مالك بن أوس ، وعمير بن عدي الخطمي . وكلهم من الأوس .
واستشهد من الخزرج : عمرو بن قيس النجاري ، وابنه : قيس ، وثابت بن عمرو بن زيد ، وعامر بن مخلد ، وأبو هبيرة بن الحارث بن علقمة ، وعمرو بن مطرف ، وإياس بن عدي ، وأوس ، أخو حسان بن ثابت ، وهو والد شداد بن أوس ، وأنس بن النضر بن ضمضم ، وقيس بن مخلد ، وعشرتهم من بني النجار ، وعبد لهم اسمه : كيسان ، وسليم بن الحارث ، ونعمان بن عبد عمرو ، وهما من بني دينار بن الحارث .
ومن بني الحارث بن الخزرج : خارجة بن زيد بن أبي زهير ، وسعد بن الربيع بن عمرو بن أبي زهير ، وأوس بن أرقم بن زيد ، أخو . زيد بن أرقم
ومن بني خدرة : مالك بن سنان ، وسعيد بن سويد ، وعتبة بن ربيع .
[ ص: 423 ] ومن بني ساعدة : ثعلبة بن سعد بن مالك ، وثقف بن فروة ، وعبد الله بن عمرو بن وهب ، وضمرة ، حليف لهم من جهينة .
ومن بني عوف بن الخزرج ، ثم من بني سالم : عمرو بن إياس ، ونوفل بن عبد الله ، وعبادة بن الحسحاس ، والعباس بن عبادة بن نضلة ، والنعمان بن مالك ، والمجذر بن ذياد البلوي ، حليف لهم .
ومن بني الحبلى : رفاعة بن عمرو .
ومن بني سواد بن مالك : مالك بن إياس .
ومن بني سلمة : عبد الله بن عمرو بن حرام ، وكانا متواخيين وصهرين ، فدفنا في قبر واحد ، وعمرو بن الجموح بن زيد بن حرام ، وخلاد بن عمرو بن الجموح ، ومولاه أسير ، أبو أيمن ، مولى عمرو .
ومن بني سواد بن غنم : سليم بن عمرو بن حديدة ، ومولاه عنترة ، وسهيل بن قيس . ومن بني زريق : ذكوان بن عبد قيس ، وعبيد بن المعلى بن لوذان .
قال ابن إسحاق : وزعم أن عاصم بن عمر بن قتادة ثابت بن وقش قتل يومئذ مع ابنيه .
وذكر الواقدي جماعة قتلوا سوى من ذكرنا .
وقال البكائي : قال ابن إسحاق ، عن محمود بن لبيد ، قال : لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد رفع حسيل بن جابر والد حذيفة بن اليمان وثابت بن وقش في الآطام مع النساء والصبيان ، فقال أحدهم لصاحبه وهما شيخان كبيران : لا أبالك ، ما ننتظر ؟ فوالله ما بقي [ ص: 424 ] لواحد منا من عمره إلا ظمء حمار ، إنما نحن هامة اليوم أو غد ، أفلا نأخذ أسيافنا ثم نلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم لعل الله يرزقنا الشهادة مع رسوله ؟ فخرجا حتى دخلا في الناس ، ولم يعلم بهما . فأما ثابت فقتله المشركون ، وأما حسيل فقتله المسلمون ولا يعرفونه .
قال : وحدثني كان فينا رجل أتي لا يدرى ممن هو ، يقال له عاصم بن عمر بن قتادة ، قزمان ، . فلما كان يوم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ذكر له : إنه لمن أهل النار أحد قتل وحده ثمانية أو سبعة من المشركين وكان ذا بأس ، فأثبتته الجراحة ، فاحتمل إلى دار بني ظفر ، فجعلوا يقولون له : والله لقد أبليت اليوم يا قزمان ، فأبشر . قال : بماذا أبشر ؟ والله إن قاتلت إلا عن أحساب قومي ، ولولا ذلك لما قاتلت . فلما اشتدت عليه جراحته أخذ سهما فقتل به نفسه .
قال ابن إسحاق : وكان مخيريق ، وكان أحد ممن قتل يومئذ بني ثعلبة بن العيطون ، قال لما كان يوم أحد : يا معشر يهود ، والله لقد علمتم أن نصر محمد عليكم لحق . قالوا : إن اليوم يوم السبت . قال : لا سبت . فأخذ سيفه وعدته وقال : إن أصبت فمالي لمحمد يصنع فيه ما شاء . ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتل معه حتى قتل . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا : مخيريق خير يهود .
ووقعت هند بنت عتبة والنسوة اللاتي معها يمثلن بالقتلى ، يجدعن الآذان والآنف ، حتى اتخذت هند من آذان الرجال وآنفهم خدما ، [ ص: 425 ] حمزة فلاكتها ، فلم تستطع أن تسيغها فلفظتها . ثم علت على صخرة مشرفة ، فصرخت بأعلى صوتها : وبقرت عن كبد
نحن جزيناكم بيوم بدر والحرب بعد الحرب ذات سعر ما كان عن عتبة لي من صبر ولا أخي ، وعمه وبكري شفيت صدري وقضيت نذري شفيت وحشي غليل صدري وقتل من المشركين على ما ذكر ابن إسحاق أحد عشر رجلا من بني عبد الدار ، وهم :
طلحة ، وأبو سعيد ، وعثمان : بنو أبي طلحة عبد الله بن عبد العزى ومولاهم : صؤاب ، وبنو طلحة المذكور : مسافع ، والحارث ، والجلاس ، وكلاب ، وأبو زيد بن عمير أخو وابن عمه : مصعب بن عمير ، أرطأة بن شرحبيل بن هاشم ، وابن عمهم : قاسط بن شريح .
ومن بني أسد : عبد الله بن حميد بن زهير الأسدي ، وسباع بن عبد العزى الخزاعي حليف بني أسد .
وأربعة من بني مخزوم : أخو أم سلمة : هشام بن أبي أمية بن المغيرة ، والوليد بن العاص بن هشام بن المغيرة ، وأبو أمية بن أبي حذيفة بن المغيرة ، وحليفهم خالد بن الأعلم .
ومن بني زهرة : أبو الحكم بن الأخنس بن شريق ، حليف لهم .
ومن بني جمح : أبي بن خلف ، وأبو عزة عمرو بن عبد الله بن عمير ، أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بضرب عنقه صبرا ، وذلك أنه أسر يوم بدر ، وأطلقه النبي صلى الله عليه وسلم بلا فداء لفقره ، وأخذ عليه أنه لا يعين عليه ، فنقض العهد وأسر يوم أحد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والله لا تمسح عارضيك [ ص: 426 ] بمكة تقول خدعت محمدا مرتين . وأمر به فضربت عنقه . وقيل لم يؤسر سواه .
ومن بني عامر بن لؤي : عبيد بن جابر ، وشيبة بن مالك .
وقال عن سليمان بن بلال ، عبد الأعلى بن عبد الله بن أبي فروة ، عن قطن بن وهب ، عن عن عبيد بن عمير ، ورواه أبي هريرة ، حاتم بن إسماعيل ، عن عبد الأعلى فأرسله مرة وأسنده مرة عن أبي ذر عوض أبي هريرة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم حين انصرف من أحد مر على وهو مقتول -على طريقه فوقف عليه ودعا له ، ثم قرأ : ( مصعب بن عمير من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ( 23 ) ) [ الأحزاب ] . ثم قال : " أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة ، فأتوهم وزوروهم ، والذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه السلام " .
وقال ابن إسحاق : حدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، وحدثنيه بريدة بن سفيان ، عن محمد بن كعب ، قال : لما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بحمزة من المثل جدع أنفه ولعب به قال : " لولا أن تجزع صفية وتكون سنة من بعدي ما غيب حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير " .
وحدثني بريدة ، عن محمد بن كعب ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين منهم . فلما رأى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما به من الجزع قالوا : لئن ظفرنا بهم لنمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب بأحد ، فأنزل الله تعالى : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ( 126 ) ) [ النحل ] ، إلى آخر السورة . فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 427 ] وروى ابن إسحاق ، عن شيوخه الذين روى عنهم قصة أحد ، صفية أقبلت لتنظر إلى حمزة وهو أخوها لأبويها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنها الزبير : إلقها فأرجعها ، لا ترى ما بأخيها . فلقيها فقال : أي أمه ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن ترجعي . قالت : ولم ؟ فقد بلغني أنه مثل بأخي ، وذلك في الله ، فما أرضانا بما كان من ذلك ، فلأحتسبن ولأصبرن إن شاء الله . فجاء الزبير فأخبره قولها ، قال : فخل سبيلها . فأتته ، فنظرت إليه واسترجعت واستغفرت له ثم أمر به فدفن . أن
وقال أبو بكر بن عياش ، عن عن يزيد بن أبي زياد ، مقسم ، عن ابن عباس ، قال : لما قتل حمزة أقبلت صفية ، فلقيت عليا والزبير ، فأرياها أنهما لا يدريان . فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقال : فإني أخاف على عقلها . فوضع يده على صدرها ودعا لها ، فاسترجعت وبكت . ثم جاء فقام عليه وقد مثل به فقال : " لولا جزع النساء لتركته حتى يحشر من حواصل الطير وبطون السباع " . ثم أمر بالقتلى فجعل يصلي عليهم سبع تكبيرات ، ويرفعون ويترك حمزة ، ثم يجاء بسبعة فيكبر عليهم سبعا ، حتى فرغ منهم .
وحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم أصح .
وفي الصحيحين من حديث عقبة بن عامر أحد صلاته على الميت النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى . فالله أعلم . أن
عثمان بن عمر ، بإسناد وروح بن عبادة ، في " المستدرك " إليهما : حدثنا الحاكم أسامة بن زيد ، عن الزهري ، عن أنس ، [ ص: 428 ] قال : أحد ، مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة وقد جدع ومثل به ، فقال : لولا أن تجد صفية تركته حتى يحشره الله من بطون الطير والسباع . فكفنه في نمرة ، ولم يصل على أحد من الشهداء غيره . . . الحديث . لما كان يوم
وقال يحيى الحماني : حدثنا قيس -هو ابن الربيع عن ابن أبي ليلى ، عن الحكم ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قتل حمزة ومثل به : " لئن ظفرت بقريش لأمثلن بسبعين منهم " فنزلت : ( وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ( 126 ) ) [ النحل ] الآية . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : بل نصبر يا رب . إسناده ضعيف من قبل قيس .
وقد روى نحوه حجاج بن منهال ، وغيره ، عن صالح المري وهو ضعيف عن سليمان التيمي ، عن عن أبي عثمان النهدي ، وزاد : فنظر إلى منظر لم ينظر إلى شيء قط أوجع لقلبه منه . أبي هريرة ،
أخبرنا محمد بن محمد بن صاعد القاضي ، قال : حدثنا الحسن بن أحمد الزاهد ببيت المقدس سنة تسع وعشرين وستمائة ، قال : أخبرنا أحمد بن محمد السلفي ، قال : أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ، قال : أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم ، قال : حدثنا عبد الله بن جعفر الفارسي ، قال : حدثنا يعقوب الفسوي ، قال : حدثنا عبد الله بن عثمان ، قال : حدثنا عيسى بن عبيد الكندي ، قال : حدثني ربيع بن أنس ، قال : حدثني أبو العالية ، عن أبي كعب أنه أصيب من الأنصار يوم أحد أربعة وستون ، وأصيب من المهاجرين ستة ، منهم حمزة ، فمثلوا بقتلاهم ، فقالت الأنصار : لئن أصبنا منهم يوما من الدهر لنربين عليهم .
[ ص: 429 ] فلما كان يوم فتح مكة نادى رجل لا يعرف : لا قريش بعد اليوم ، مرتين ، وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ( 126 ) ) [ النحل ] الآية . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : كفوا عن القوم . فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : (