nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=99nindex.php?page=treesubj&link=28973_29568_18784_18783ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون
عطف على قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97قل من كان عدوا لجبريل عطف القصة على القصة لذكر كفرهم بالقرآن فهو من أحوالهم . وهاته الجملة جواب لقسم محذوف فعطفها على
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97قل من كان عدوا من عطف الإنشاء على الإنشاء وفيه زيادة إبطال لقولهم نؤمن بما أنزل علينا وفي الانتقال إلى خطاب النبيء - صلى الله عليه وسلم - إقبال عليه وتسلية له عما لقي منهم وأن ما أنزل إليه لا يكذب به إلا من لا يؤبه بتكذيبه لكون هذا المنزل دلائل واضحة لا تقصر عن إقناعهم بأحقيتها ولكنهم يظهرون أنفسهم أنهم لم يوقنوا بحقيتها .
واللام موطئة لقسم محذوف فهنا جملة قسم وجوابه حذف القسم لدلالة اللام عليه .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=99وما يكفر بها إلا الفاسقون عطف على " لقد أنزلنا " فهو جواب للقسم أيضا .
[ ص: 625 ] والفاسق هو الخارج عن شيء . من فسقت التمرة ، كما تقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26وما يضل به إلا الفاسقين وقد شاع إطلاقه على الخارج عن طريق الخير لأن ذلك الوصف في التمرة وصف مذموم وقد شاع في القرآن وصف
اليهود به والمعنى ما يكفر بهاته الآيات إلا من كان الفسق شأنه ودأبه لأن ذلك يهيئه للكفر بمثل هذه الآيات فالمراد بالفاسقين المتجاوزون الحد في الكفر المتمردون فيه . والإخبار وقع بالمضارع الدال على التجدد . والتوصيف وقع باسم الفاعل المعرف باللام
nindex.php?page=treesubj&link=28973وقوله nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100أوكلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم استفهام مستعمل في التوبيخ معطوف على جملة القسم لا على خصوص الجواب وقدمت الهمزة محافظة على صدارتها كما هو شأنها مع حروف العطف .
والقول بأن الهمزة للاستفهام عن مقدر محذوف والواو عاطفة ما بعدها على المحذوف علمتم إبطاله عند قوله تعالى : " أفكلما جاءكم رسول " وتقديم " كلما " تبع لتقديم حرف الاستفهام وقد تقدم توجيهه عند قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم .
والنبذ إلقاء الشيء من اليد وهو هنا استعارة لنقض العهد ، شبه إبطال العهد وعدم الوفاء به بطرح شيء كان ممسوكا باليد كما سموا المحافظة على العهد والوفاء به تمسكا قال
كعب :
ولا تمسك بالوعد الذي وعدت
. والمراد بالعهد عهد التوراة أي ما اشتملت عليه من أخذ العهد على
بني إسرائيل بالعمل بما أمروا به أخذا مكررا حتى سميت التوراة بالعهد ، وقد تكرر منهم نقض العهد مع أنبيائهم ومن جملة العهد الذي أخذ عليهم ، أن يؤمنوا بالرسول المصدق للتوراة .
وأسند النبذ إلى فريق إما باعتبار العصور التي نقضوا فيها العهود كما تؤذن به " كلما " أو احتراسا من شمول الذم للذين آمنوا منهم . وليس المراد أن ذلك الفريق قليل منهم فنبه على أنه أكثرهم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100بل أكثرهم لا يؤمنون وهذا من أفانين البلاغة وهو أن يظهر المتكلم أنه يوفي حق خصمه في الجدال فلا ينسب له المذمة إلا بتدرج وتدبر قبل الإبطال . ولك أن تجعلها للانتقال من شيء إلى ما هو أقوى منه في ذلك الغرض لأن النبذ قد يكون بمعنى عدم العمل دون الكفر والأول أظهر .
وقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101ولما جاءهم رسول " إلخ معطوف على قوله " أوكلما " عطف القصة على القصة لغرابة هاته الشئون . والرسول هو
محمد - صلى الله عليه وسلم - لقوله "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101مصدق لما معهم " والنبذ طرح الشيء من اليد فهو يقتضي سبق الأخذ . وكتاب الله ظاهر في أنه المراد به القرآن
[ ص: 626 ] لأنه الأتم في نسبته إلى الله . فالنبذ على هذا مراد به تركه بعد سماعه فنزل السماع منزلة الأخذ ونزل الكفر به بعد سماعه منزلة النبذ .
وقيل المراد بكتاب الله التوراة وأشار في الكشاف إلى ترجيحه بالتقديم لأن النبذ يقتضي سابقة أخذ المنبوذ وهم لم يتمسكوا بالقرآن ، والأصل في إطلاق اللفظ المفرد أنه حقيقة لفظا ومعنى وقيل : المعرفة إذا أعيدت معرفة كانت عين الأولى وفيه نظر لأن ذلك في إعادة الاسم المعرف باللام . أو تجعل النبذ تمثيلا لحال قلة اكتراث المعرض بالشيء فليس مرادا به معناه .
وقوله وراء ظهورهم تمثيل للإعراض لأن من أعرض عن شيء تجاوزه فخلفه وراء ظهره ، وإضافة الوراء إلى الظهر لتأكيد بعد المتروك بحيث لا يلقاه بعد ذلك فجعل للظهر وراء وإن كان هو هنا بمعنى الوراء . فالإضافة كالبيانية وبهذا يجاب عما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة عن
الفقيه أبي العباس أحمد بن عبلون أنه كان يقول مقتضى هذا أنهم طرحوا كتاب الله أمامهم لأن الذي وراء الظهر هو الوجه وكما أن الظهر خلف للوجه كذلك الوجه وراء للظهر قال
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة وأجيب بأن المراد أي بذكر الظهر تأكيد لمعنى وراء كقولهم من وراء وراء .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101كأنهم لا يعلمون تسجيل عليهم بأنهم عالمون بأن القرآن كتاب الله أو كأنهم لا يعلمون التوراة وما فيها من البشارة ببعثة الرسول من ولد
إسماعيل .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=99nindex.php?page=treesubj&link=28973_29568_18784_18783وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ
عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ عَطْفُ الْقِصَّةِ عَلَى الْقِصَّةِ لِذِكْرِ كُفْرِهِمْ بِالْقُرْآنِ فَهُوَ مِنْ أَحْوَالِهِمْ . وَهَاتِهِ الْجُمْلَةُ جَوَابٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ فَعَطَفَهَا عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=97قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا مِنْ عَطْفِ الْإِنْشَاءِ عَلَى الْإِنْشَاءِ وَفِيهِ زِيَادَةُ إِبْطَالٍ لِقَوْلِهِمْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَفِي الِانْتِقَالِ إِلَى خِطَابِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِقْبَالٌ عَلَيْهِ وَتَسْلِيَةٌ لَهُ عَمَّا لَقِيَ مِنْهُمْ وَأَنَّ مَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ لَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا مَنْ لَا يُؤْبَهُ بِتَكْذِيبِهِ لِكَوْنِ هَذَا الْمُنَزَلِ دَلَائِلَ وَاضِحَةً لَا تُقَصِّرُ عَنْ إِقْنَاعِهِمْ بِأَحَقِّيَّتِهَا وَلَكِنَّهُمْ يُظْهِرُونَ أَنْفُسَهُمْ أَنَّهُمْ لَمْ يُوقِنُوا بِحَقِيَّتِهَا .
وَاللَّامُ مُوَطِّئَةٌ لِقَسَمٍ مَحْذُوفٍ فَهُنَا جُمْلَةُ قَسَمٍ وَجَوَابُهُ حَذْفُ الْقَسَمِ لِدَلَالَةِ اللَّامِ عَلَيْهِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=99وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ عَطْفٌ عَلَى " لَقَدْ أَنْزَلَنَا " فَهُوَ جَوَابٌ لِلْقَسَمِ أَيْضًا .
[ ص: 625 ] وَالْفَاسِقُ هُوَ الْخَارِجُ عَنْ شَيْءٍ . مِنْ فَسَقَتِ التَّمْرَةُ ، كَمَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=26وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ وَقَدْ شَاعَ إِطْلَاقُهُ عَلَى الْخَارِجِ عَنْ طَرِيقِ الْخَيْرِ لِأَنَّ ذَلِكَ الْوَصْفَ فِي التَّمْرَةِ وَصْفٌ مَذْمُومٌ وَقَدْ شَاعَ فِي الْقُرْآنِ وَصْفُ
الْيَهُودِ بِهِ وَالْمَعْنَى مَا يَكْفُرُ بِهَاتِهِ الْآيَاتِ إِلَّا مَنْ كَانَ الْفِسْقُ شَأْنَهُ وَدَأْبَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ يُهَيِّئُهُ لِلْكُفْرِ بِمِثْلِ هَذِهِ الْآيَاتِ فَالْمُرَادُ بِالْفَاسِقِينَ الْمُتَجَاوِزُونَ الْحَدَّ فِي الْكُفْرِ الْمُتَمَرِّدُونَ فِيهِ . وَالْإِخْبَارُ وَقَعَ بِالْمُضَارِعِ الدَّالِّ عَلَى التَّجَدُّدِ . وَالتَّوْصِيفُ وَقَعَ بَاسِمِ الْفَاعِلِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ
nindex.php?page=treesubj&link=28973وَقَوْلُهُ nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ اسْتِفْهَامٌ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّوْبِيخِ مَعْطُوفٌ عَلَى جُمْلَةِ الْقَسَمِ لَا عَلَى خُصُوصِ الْجَوَابِ وَقُدِّمَتِ الْهَمْزَةُ مُحَافَظَةً عَلَى صَدَارَتِهَا كَمَا هُوَ شَأْنُهَا مَعَ حُرُوفِ الْعَطْفِ .
وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْهَمْزَةَ لِلِاسْتِفْهَامِ عَنْ مُقَدَّرٍ مَحْذُوفٍ وَالْوَاوَ عَاطِفَةُ مَا بَعْدَهَا عَلَى الْمَحْذُوفِ عَلِمْتُمْ إِبْطَالَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى : " أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ " وَتَقْدِيمُ " كُلَّمَا " تَبَعٌ لِتَقْدِيمِ حَرْفِ الِاسْتِفْهَامِ وَقَدْ تَقَدَّمَ تَوْجِيهُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=87أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ .
وَالنَّبْذُ إِلْقَاءُ الشَّيْءِ مِنَ الْيَدِ وَهُوَ هُنَا اسْتِعَارَةٌ لِنَقْضِ الْعَهْدِ ، شَبَّهَ إِبْطَالَ الْعَهْدِ وَعَدَمَ الْوَفَاءِ بِهِ بِطَرْحِ شَيْءٍ كَانَ مَمْسُوكًا بِالْيَدِ كَمَا سَمَّوُا الْمُحَافَظَةَ عَلَى الْعَهْدِ وَالْوَفَاءَ بِهِ تَمَسُّكًا قَالَ
كَعْبٌ :
وَلَا تُمْسِكُ بِالْوَعْدِ الَّذِي وَعَدَتْ
. وَالْمُرَادُ بِالْعَهْدِ عَهْدُ التَّوْرَاةِ أَيْ مَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ مِنْ أَخْذِ الْعَهْدِ عَلَى
بَنِي إِسْرَائِيلَ بِالْعَمَلِ بِمَا أُمِرُوا بِهِ أَخَذًا مُكَرَّرًا حَتَّى سُمِّيَتِ التَّوْرَاةُ بِالْعَهْدِ ، وَقَدْ تَكَرَّرَ مِنْهُمْ نَقْضُ الْعَهْدِ مَعَ أَنْبِيَائِهِمْ وَمِنْ جُمْلَةِ الْعَهْدِ الَّذِي أُخِذَ عَلَيْهِمْ ، أَنْ يُؤْمِنُوا بِالرَّسُولِ الْمُصَدِّقِ لِلتَّوْرَاةِ .
وَأُسْنِدَ النَّبْذُ إِلَى فَرِيقٍ إِمَّا بِاعْتِبَارِ الْعُصُورِ الَّتِي نَقَضُوا فِيهَا الْعُهُودَ كَمَا تُؤْذِنُ بِهِ " كُلَّمَا " أَوِ احْتِرَاسًا مِنْ شُمُولِ الذَّمِّ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ . وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ الْفَرِيقَ قَلِيلٌ مِنْهُمْ فَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ أَكْثَرُهُمْ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=100بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَهَذَا مِنْ أَفَانِينِ الْبَلَاغَةِ وَهُوَ أَنْ يَظْهَرَ الْمُتَكَلِّمُ أَنَّهُ يُوَفِّي حَقَّ خَصْمِهِ فِي الْجِدَالِ فَلَا يَنْسُبُ لَهُ الْمَذَمَّةَ إِلَّا بِتَدَرُّجٍ وَتَدَبُّرٍ قَبْلَ الْإِبْطَالِ . وَلَكَ أَنْ تَجْعَلَهَا لِلِانْتِقَالِ مِنْ شَيْءٍ إِلَى مَا هُوَ أَقْوَى مِنْهُ فِي ذَلِكَ الْغَرَضِ لِأَنَّ النَّبْذَ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى عَدَمِ الْعَمَلِ دُونَ الْكُفْرِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ .
وَقَوْلُهُ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ " إِلَخْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " أَوَكُلَّمَا " عَطَفَ الْقِصَّةَ عَلَى الْقِصَّةِ لِغَرَابَةِ هَاتِهِ الشُّئُونِ . وَالرَّسُولُ هُوَ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِقَوْلِهِ "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ " وَالنَّبْذُ طَرْحُ الشَّيْءِ مِنَ الْيَدِ فَهُوَ يَقْتَضِي سَبْقُ الْأَخْذِ . وَكِتَابُ اللَّهِ ظَاهِرٌ فِي أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهِ الْقُرْآنُ
[ ص: 626 ] لِأَنَّهُ الْأَتَمُّ فِي نِسْبَتِهِ إِلَى اللَّهِ . فَالنَّبْذُ عَلَى هَذَا مُرَادٌ بِهِ تَرْكَهُ بَعْدَ سَمَاعِهِ فَنَزَلَ السَّمَاعُ مَنْزِلَةَ الْأَخْذِ وَنَزَلَ الْكُفْرُ بِهِ بَعْدَ سَمَاعِهِ مَنْزِلَةَ النَّبْذِ .
وَقِيلَ الْمُرَادُ بِكِتَابِ اللَّهِ التَّوْرَاةُ وَأَشَارَ فِي الْكَشَّافِ إِلَى تَرْجِيحِهِ بِالتَّقْدِيمِ لِأَنَّ النَّبْذَ يَقْتَضِي سَابِقَةَ أَخْذِ الْمَنْبُوذِ وَهُمْ لَمْ يَتَمَسَّكُوا بِالْقُرْآنِ ، وَالْأَصْلُ فِي إِطْلَاقِ اللَّفْظِ الْمُفْرَدِ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ لَفْظًا وَمَعْنًى وَقِيلَ : الْمَعْرِفَةُ إِذَا أُعِيدَتْ مَعْرِفَةً كَانَتْ عَيْنَ الْأُولَى وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ذَلِكَ فِي إِعَادَةِ الِاسْمِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ . أَوْ تَجْعَلُ النَّبْذَ تَمْثِيلًا لِحَالِ قِلَّةٍ اكْتِرَاثَ الْمُعْرِضِ بِالشَّيْءِ فَلَيْسَ مُرَادًا بِهِ مَعْنَاهُ .
وَقَوْلُهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ تَمْثِيلٌ لِلْإِعْرَاضِ لِأَنَّ مَنْ أَعْرَضَ عَنْ شَيْءٍ تَجَاوَزَهُ فَخَلَّفَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ ، وَإِضَافَةُ الْوَرَاءِ إِلَى الظَّهْرِ لِتَأْكِيدِ بُعْدِ الْمَتْرُوكِ بِحَيْثُ لَا يَلْقَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَجُعِلَ لِلظَّهْرِ وَرَاءً وَإِنْ كَانَ هُوَ هُنَا بِمَعْنَى الْوَرَاءِ . فَالْإِضَافَةُ كَالْبَيَانِيَّةِ وَبِهَذَا يُجَابُ عَمَّا نَقَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ عَنِ
الْفَقِيهِ أَبِي الْعَبَّاسِ أَحْمَدَ بْنِ عَبْلُونَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ مُقْتَضَى هَذَا أَنَّهُمْ طَرَحُوا كِتَابَ اللَّهِ أَمَامَهُمْ لِأَنَّ الَّذِي وَرَاءَ الظَّهْرِ هُوَ الْوَجْهُ وَكَمَا أَنَّ الظَّهْرَ خَلْفٌ لِلْوَجْهِ كَذَلِكَ الْوَجْهَ وَرَاءٌ لِلظَّهْرِ قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنُ عَرَفَةَ وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ أَيْ بِذِكْرِ الظَّهْرِ تَأْكِيدٌ لِمَعْنَى وَرَاءٍ كَقَوْلِهِمْ مِنْ وَرَاءِ وَرَاءٍ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=101كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ تَسْجِيلٌ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ عَالِمُونَ بِأَنَّ الْقُرْآنَ كِتَابُ اللَّهِ أَوْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ التَّوْرَاةَ وَمَا فِيهَا مِنَ الْبِشَارَةِ بِبِعْثَةِ الرَّسُولِ مِنْ وَلَدِ
إِسْمَاعِيلَ .