إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون تعليل للنهي عن الحزن لقولهم .
والخبر كناية عن مؤاخذتهم بما يقولون ، أي أنا محصون عليهم أقوالهم وما تسره أنفسهم مما لا يجهرون به فنؤاخذهم بذلك كله بما يكافئه من عقابهم ونصرك عليهم ونحو ذلك . وفي قوله ما يسرون وما يعلنون تعميم لجعل التعليل تذييلا أيضا .
و ( إن ) مغنية عن فاء التسبب في مقام ورودها لمجرد الاهتمام بالتأكيد المخبر بالجملة ليست مستأنفة ولكنها مترتبة .
[ ص: 73 ] وقرأ نافع " يحزنك " بضم الياء وكسر الزاي من أحزنه إذا أدخل عليه حزنا . وقرأه الباقون بفتح الياء وضم الزاي من حزنه بفتح الزاي بمعنى أحزنه وهما بمعنى واحد .
وقدم الإسرار للاهتمام به لأنه أشد دلالة على إحاطة علم الله بأحوالهم ، وذكر بعده الإعلان لأنه محل الخبر ، وللدلالة على استيعاب علم الله تعالى بجزئيات الأمور وكلياتها .
والوقف عند قوله ولا يحزنك قولهم مع الابتداء بقوله ( إنا نعلم ) أحسن من الوصل لأنه أوضح للمعنى ، وليس بمتعين ؛ إذ لا يخطر ببال سامع أنهم يقولون : إن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون ، ولو قالوه لما كان مما يحزن النبيء - صلى الله عليه وسلم - فكيف ينهى عن الحزن منه .