وإنكم لتمرون عليهم مصبحين   وبالليل أفلا تعقلون  الخطاب لقريش  الذين سيقت هذه القصص لعظتهم . 
والمرور : مجاوزة السائر بسيره شيئا يتركه ، والمراد هنا : مرورهم في السفر ، وكان أهل مكة   إذا سافروا في تجارتهم إلى الشام  يمرون ببلاد فلسطين  فيمرون بأرض لوط  على شاطئ البحر الميت المسمى بحيرة لوط     . وتعدية المرور بحرف ( على ) يعين أن الضمير المجرور بتقدير مضاف إلى : على أرضهم ، كما قال الله تعالى : أو كالذي مر على قرية . 
يقال : مر عليه ومر به ، وتعديته بحرف ( على ) تفيد تمكن المرور أشد من تعديته بالباء ، وكانوا يمرون بديار لوط  بجانبها لأن قراهم غمرها البحر الميت وآثارها باقية تحت الماء . 
والمصبح : الداخل في وقت الصباح ، يمرون على منازلهم في الصباح تارة وفي الليل تارة بحسب تقدير السير في أول النهار وآخره ، لأن رحلة قريش  إلى الشام   [ ص: 172 ] تكون في زمن الصيف ويكون السير بكرة وعشيا وسرى ، والباء في " وبالليل " للظرفية . 
والخبر الذي في قوله " وإنكم لتمرون عليهم    " مستعمل في الإيقاظ والاعتبار لا في حقيقة الإخبار ، وتأكيده بحرف التوكيد وباللام تأكيد للمعنى الذي استعمل فيه ، وذلك مثل قوله " وإنها لبسبيل مقيم    " في سورة الحجر . 
وفرع على ذلك بالفاء استفهام إنكاري من عدم فطنتهم لدلالة تلك الآثار على ما حل بهم من سخط الله ، وعلى سبب ذلك وهو تكذيب رسول الله لوط    . 
وقد أشرنا إلى وجه تخصيص قصة لوط  مع القصص الخمس في أول الكلام على قصة نوح  ، وتزيد على تلك القصص بأن فيها مشاهدة آثار قومه الذين كذبوا وأصروا على الكفر . 
				
						
						
