بل هم في شك من ذكري يجوز أن يكون هذا جوابا عن قولهم أأنزل عليه الذكر من بيننا أي ليس قصدهم الطعن في اختصاصك بالرسالة ولكنهم شاكون في أصل إنزاله ، فتكون ( بل ) إضرابا إبطاليا تكذيبا لما يظهر من إنكارهم إنزال الذكر عليه من بينهم على ما تقدم ، أي إنما قصدهم الشك في أن الله يوحي إلى أحد بالرسالة ، فيكون معنى في شك من ذكري شكا من وقوعه . والشك يطلق على اليقين مجازا مرسلا بعلاقة الإطلاق والتقييد فيكون كمعنى قوله تعالى فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون . ويجوز أن يكون انتقالا من خبر عنهم إلى خبر آخر فيكون استئنافا وتكون ( بل ) للإضراب الانتقالي ، والمعنى : وهم في شك من ذكري ، أي في شك من كنه القرآن ، فمرة يقولون : افتراه ، ومرة يقولون : شعر ، ومرة : سحر ، ومرة : أساطير الأولين ، ومرة : قول كاهن .
فالمراد بالشك حقيقته أي التردد في العلم .
وإضافة الذكر إلى ضمير المتكلم وهو الله تعالى إضافة تشريف ولتحقيق كونه من عند الله .
والذكر على هذا الوجه هو عين المراد من قوله أأنزل عليه الذكر وإنما وقع التعبير عنه بالظاهر دون الضمير توصلا إلى التنويه به بأنه من عند الله .
و ( في ) للظرفية المجازية ، جعلت ملابسة الشك إياهم بمنزلة الظرف المحيط بمحويه في أنه لا يخلو منه جانب من جوانبه .
و ( من ) في قوله " من ذكري " ابتدائية لكون الشك صفة لهم ، أي نشأ لهم [ ص: 215 ] الشك من شأن ذكري ، أي من جانب نفي وقوعه ، أو في جانب ما يصفونه به .