nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119nindex.php?page=treesubj&link=28974_30563_30569وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ قل موتوا بغيظكم .
جملة وتؤمنون معطوفة على تحبونهم كما أن جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وإذا لقوكم ، معطوفة على
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119ولا يحبونكم وكلها أحوال موزعة على ضمائر الخطاب وضمائر الغيبة .
والتعريف في الكتاب للجنس وأكد بصيغة المفرد مراعاة للفظه ، وأراد بهذا جماعة من منافقي
اليهود أشهرهم
زيد بن الصتيت القينقاعي .
nindex.php?page=treesubj&link=28910والعض : شد الشيء بالأسنان . وعض الأنامل كناية عن شدة الغيظ والتحسر ، وإن لم يكن عض أنامل محسوسا ، ولكن كني به عن لازمه في المتعارف ، فإن الإنسان إذا اضطرب باطنه من الانفعال صدرت عنه أفعال تناسب ذلك الإنفعال ، فقد تكون معينة على دفع انفعاله كقتل عدوه ، وفي ضده تقبيل من يحبه ، وقد تكون قاصرة عليه يشفي بها بعض انفعاله ، كتخبط الصبي في الأرض إذا غضب ، وضرب الرجل نفسه من الغضب ، وعضه أصابعه من الغيظ ، وقرعه سنه من الندم ، وضرب الكف بالكف من التحسر ، ومن ذلك التأوه والصياح ونحوها ، وهي ضروب من علامات الجزع ، وبعضها جبلي كالصياح ، وبعضها عادي يتعارفه الناس ويكثر بينهم ، فيصيرون يفعلونه بدون تأمل ، وقال
الحارث بن ظالم المري :
[ ص: 67 ] فأقبل أقوام لئام أذلة يعضون من غيظ رءوس الأباهم
وقوله عليكم على فيه للتعليل ، والضمير المجرور ضمير المسلمين ، وهو من تعليق الحكم بالذات بتقدير حالة معينة ، أي على التئامكم وزوال البغضاء ، كما فعل
شاس بن قيس اليهودي فنزل فيه قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين ونظير هذا التعليق قول الشاعر :
لتقرعن على السن من ندم إذا تذكرت يوما بعض أخلاقي
و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119من الغيظ ، من للتعليل . والغيظ : غضب شديد يلازمه إرادة الانتقام .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119قل موتوا بغيظكم كلام لم يقصد به مخاطبون معينون لأنه دعاء على الذين يعضون الأنامل من الغيظ ، وهم يفعلون ذلك إذا خلوا ، فلا يتصور مشافهتهم بالدعاء على التعيين ولكنه كلام قصد إسماعه لكل من يعلم من نفسه الاتصاف بالغيظ على المسلمين ، وهو قريب من الخطاب الذي يقصد به عموم كل مخاطب ، نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=12ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رءوسهم .
والدعاء عليهم بالموت بالغيظ صريحه طلب موتهم بسبب غيظهم ، وهو كناية عن ملازمة الغيظ لهم طول حياتهم إن طالت أو قصرت ، وذلك كناية عن دوام سبب غيظهم ، وهو حسن حال المسلمين ، وانتظام أمرهم ، وازدياد خيرهم ، وفي هذا الدعاء عليهم بلزوم ألم الغيظ لهم ، وبتعجيل موتهم به ، وكل من المعنيين المكني بهما مراد هنا ، والتكني بالغيظ وبالحسد عن كمال المغيظ منه المحسود مشهور ، والعرب تقول : فلان محسد ، أي هو في حالة نعمة وكمال .
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119nindex.php?page=treesubj&link=28974_30563_30569وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ .
جُمْلَةُ وَتُؤْمِنُونَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى تُحِبُّونَهُمْ كَمَا أَنَّ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَإِذَا لَقُوكُمْ ، مَعْطُوفَةٌ عَلَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَكُلُّهَا أَحْوَالٌ مُوَزَّعَةٌ عَلَى ضَمَائِرِ الْخِطَابِ وَضَمَائِرِ الْغَيْبَةِ .
وَالتَّعْرِيفُ فِي الْكِتَابِ لِلْجِنْسِ وَأُكِّدَ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ مُرَاعَاةً لِلَفْظِهِ ، وَأَرَادَ بِهَذَا جَمَاعَةً مِنْ مُنَافِقِي
الْيَهُودِ أَشْهَرُهُمْ
زَيْدُ بْنُ الصِّتِيتِ الْقَيْنُقَاعِيُّ .
nindex.php?page=treesubj&link=28910وَالْعَضُّ : شَدُّ الشَّيْءِ بِالْأَسْنَانِ . وَعَضُّ الْأَنَامِلِ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْغَيْظِ وَالتَّحَسُّرِ ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَضَّ أَنَامِلَ مَحْسُوسًا ، وَلَكِنْ كُنِّيَ بِهِ عَنْ لَازَمِهِ فِي الْمُتَعَارَفِ ، فَإِنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا اضْطَرَبَ بَاطِنُهُ مِنَ الِانْفِعَالِ صَدَرَتْ عَنْهُ أَفْعَالٌ تُنَاسِبُ ذَلِكَ الْإِنْفِعَالَ ، فَقَدْ تَكُونُ مُعِينَةً عَلَى دَفْعِ انْفِعَالِهِ كَقَتْلِ عَدُوِّهِ ، وَفِي ضِدِّهِ تَقْبِيلُ مَنْ يُحِبُّهُ ، وَقَدْ تَكُونُ قَاصِرَةً عَلَيْهِ يَشْفِي بِهَا بَعْضَ انْفِعَالِهِ ، كَتَخَبُّطِ الصَّبِيِّ فِي الْأَرْضِ إِذَا غَضِبَ ، وَضَرْبِ الرَّجُلِ نَفْسَهُ مِنَ الْغَضَبِ ، وَعَضِّهِ أَصَابِعَهُ مِنَ الْغَيْظِ ، وَقَرْعِهِ سِنَّهُ مِنَ النَّدَمِ ، وَضَرْبِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ مِنَ التَّحَسُّرِ ، وَمِنْ ذَلِكَ التَّأَوُّهُ وَالصِّيَاحُ وَنَحْوُهَا ، وَهِيَ ضُرُوبٌ مِنْ عَلَامَاتِ الْجَزَعِ ، وَبَعْضُهَا جِبِلِّيٌّ كَالصِّيَاحِ ، وَبَعْضُهَا عَادِيٌّ يُتَعَارَفُهُ النَّاسُ وَيَكْثُرُ بَيْنَهُمْ ، فَيَصِيرُونَ يَفْعَلُونَهُ بِدُونِ تَأَمُّلٍ ، وَقَالَ
الْحَارِثُ بْنُ ظَالِمٍ الْمُرِّيُّ :
[ ص: 67 ] فَأَقْبَلَ أَقْوَامٌ لِئَامٌ أَذِلَّةٌ يَعَضُّونَ مِنْ غَيْظٍ رُءُوسَ الْأَبَاهِمِ
وَقَوْلُهُ عَلَيْكُمْ عَلَى فِيهِ لِلتَّعْلِيلِ ، وَالضَّمِيرُ الْمَجْرُورُ ضَمِيرُ الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ مِنْ تَعْلِيقِ الْحُكْمِ بِالذَّاتِ بِتَقْدِيرِ حَالَةٍ مُعَيَّنَةٍ ، أَيْ عَلَى الْتِئَامِكُمْ وَزَوَالِ الْبَغْضَاءِ ، كَمَا فَعَلَ
شَاسُ بْنُ قَيْسٍ الْيَهُودِيُّ فَنَزَلَ فِيهِ قَوْلُهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=100يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ وَنَظِيرُ هَذَا التَّعْلِيقِ قَوْلُ الشَّاعِرِ :
لِتَقْرَعِنَّ عَلَى السِّنِّ مِنْ نَدَمٍ إِذَا تَذَكَّرْتِ يَوْمًا بَعْضَ أَخْلَاقِي
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119مِنَ الْغَيْظِ ، مِنْ لِلتَّعْلِيلِ . وَالْغَيْظُ : غَضَبٌ شَدِيدٌ يُلَازِمُهُ إِرَادَةُ الِانْتِقَامِ .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=119قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ كَلَامٌ لَمْ يُقْصَدْ بِهِ مُخَاطَبُونَ مُعَيَّنُونَ لِأَنَّهُ دُعَاءٌ عَلَى الَّذِينَ يَعَضُّونَ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ ، وَهُمْ يَفْعَلُونَ ذَلِكَ إِذَا خَلَوْا ، فَلَا يُتَصَوَّرُ مُشَافَهَتُهُمْ بِالدُّعَاءِ عَلَى التَّعْيِينِ وَلَكِنَّهُ كَلَامٌ قُصِدَ إِسْمَاعُهُ لِكُلِّ مَنْ يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ الِاتِّصَافَ بِالْغَيْظِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْخِطَابِ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ عُمُومُ كُلِّ مُخَاطَبٍ ، نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=32&ayano=12وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُوا رُءُوسِهِمْ .
وَالدُّعَاءُ عَلَيْهِمْ بِالْمَوْتِ بِالْغَيْظِ صَرِيحُهُ طَلَبُ مَوْتِهِمْ بِسَبَبِ غَيْظِهِمْ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ مُلَازَمَةِ الْغَيْظِ لَهُمْ طُولَ حَيَاتِهِمْ إِنْ طَالَتْ أَوْ قَصُرَتْ ، وَذَلِكَ كِنَايَةٌ عَنْ دَوَامِ سَبَبِ غَيْظِهِمْ ، وَهُوَ حُسْنُ حَالِ الْمُسْلِمِينَ ، وَانْتِظَامُ أَمْرِهِمْ ، وَازْدِيَادُ خَيْرِهِمْ ، وَفِي هَذَا الدُّعَاءِ عَلَيْهِمْ بِلُزُومِ أَلَمِ الْغَيْظِ لَهُمْ ، وَبِتَعْجِيلِ مَوْتِهِمْ بِهِ ، وَكُلٌّ مِنَ الْمَعْنَيَيْنِ الْمُكَنِّي بِهِمَا مُرَادٌ هُنَا ، وَالتَّكَنِّي بِالْغَيْظِ وَبِالْحَسَدِ عَنْ كَمَالِ الْمُغِيظِ مِنْهُ الْمَحْسُودِ مَشْهُورٌ ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ : فُلَانٌ مُحَسَّدٌ ، أَيْ هُوَ فِي حَالَةِ نِعْمَةٍ وَكَمَالٍ .