[ ص: 622 ]  [ ص: 623 ] بسم الله الرحمن الرحيم 
سورة الفلق  
سمى النبيء - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة ( قل أعوذ برب الفلق ) . روى  النسائي  عن  عقبة بن عامر  قال : اتبعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو راكب ، فوضعت يدي على قدمه فقلت : أقرئني يا رسول الله سورة هود وسورة يوسف ، فقال : لن تقرأ شيئا أبلغ عند الله من ( قل أعوذ برب الفلق ، وقل أعوذ برب الناس )   . 
وهذا ظاهر في أنه أراد سورة ( قل أعوذ برب الفلق ) ; لأنه كان جوابا على قول عقبة    : أقرئني سورة هود إلخ ، ولأنه عطف على قوله : ( قل أعوذ برب الفلق ) قوله : ( قل أعوذ برب الناس ) ولم يتم سورة ( قل أعوذ برب الفلق ) . 
عنونها  البخاري  في صحيحه ( سورة قل أعوذ برب الفلق ) بإضافة سورة إلى أول جملة منها . 
وجاء في بعض كلام الصحابة تسميتها مع سورة الناس ( المعوذتين ) . روى أبو داود   والترمذي  وأحمد  عن  عقبة بن عامر  قال : أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن أقرأ بالمعوذات   ( بكسر الواو المشددة وبصيغة الجمع بتأويل الآيات المعوذات ) أي : آيات السورتين . وفي رواية ( بالمعوذتين في دبر كل صلاة ) . ولم يذكر أحد من المفسرين أن الواحدة منهما تسمى المعوذة بالإفراد ، وقد سماها ابن عطية  سورة المعوذة الأولى ، فإضافة ( سورة ) إلى ( المعوذة ) من إضافة المسمى إلى الاسم ، ووصف السورة بذلك مجاز يجعلها كالذي يدل الخائف على المكان الذي يعصمه من مخيفه أو كالذي يدخله المعاذ . 
وسميت في أكثر المصاحف ومعظم كتب التفسير ( سورة الفلق ) . 
وفي الإتقان : أنها وسورة الناس تسميان المشقشقتين ( بتقديم الشينين   [ ص: 624 ] على القافين ) من قولهم خطيب مشقشق اهـ . ( أي : مسترسل القول تشبيها له بالفحل الكريم من الإبل يهدر بشقشقة ، وهي كاللحم يبرز من فيه إذا غضب ) ولم أحقق وجه وصف المعوذتين بذلك . 
وفي تفسير القرطبي  والكشاف أنها وسورة الناس تسميان ( المقشقشتين ) ( بتقديم القاف على الشينين ) زاد القرطبي    : أي : تبرئان من النفاق . وكذلك قال الطيبي ،  فيكون اسم المقشقشة مشتركا بين أربع سور : هذه ، وسورة الناس ، وسورة براءة ، وسورة الكافرون . 
واختلف فيها أمكية هي أم مدنية ؟ فقال  جابر بن زيد  والحسن  وعطاء  وعكرمة    : مكية ، ورواه كريب  عن  ابن عباس    . وقال قتادة    : هي مدنية ، ورواه أبو صالح  عن  ابن عباس    . 
والأصح أنها مكية ; لأن رواية كريب  عن  ابن عباس  مقبولة بخلاف رواية أبي صالح  عن  ابن عباس  ففيها متكلم . 
وقال الواحدي    : قال المفسرون إنها نزلت بسبب أن لبيد بن الأعصم  سحر النبيء - صلى الله عليه وسلم ، وليس في الصحاح أنها نزلت بهذا السبب ، وبنى صاحب الإتقان عليه ترجيح أن السورة مدنية ، وسنتكلم على قصة لبيد بن الأعصم  عند قوله تعالى : ومن شر النفاثات في العقد    . 
وقد قيل : إن سبب نزولها والسورة بعدها أن قريشا  ندبوا ، أي ندبوا من اشتهر بينهم أنه يصيب النبيء - صلى الله عليه وسلم - بعينه ، فأنزل الله المعوذتين ليتعوذ منهم بهما ، ذكره الفخر  عن  سعيد بن المسيب  ولم يسنده . 
وعدت العشرين في عداد نزول السور ، نزلت بعد سورة الفيل وقبل سورة الناس . 
وعدد آياتها خمس بالاتفاق . 
واشتهر عن  عبد الله بن مسعود  في الصحيح أنه كان ينكر أن تكون المعوذتان من القرآن ، ويقول : إنما أمر رسول الله أن يتعوذ بهما ، أي : ولم يؤمر   [ ص: 625 ] بأنهما من القرآن . وقد أجمع أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على القراءة بهما في الصلاة وكتبتا في مصاحفهم ، وصح أن النبيء - صلى الله عليه وسلم - قرأ بهما في صلاته . 
				
						
						
