فأصبح من النادمين .
القول فيه كالقول في فأصبح من الخاسرين . ومعنى من النادمين أصبح نادما أشد ندامة ، لأن من النادمين أدل على تمكن الندامة من نفسه ، من أن يقال ( نادما ) . كما تقدم عند قوله تعالى وكان من الكافرين وقوله : فتكونا من الظالمين في سورة البقرة .
والندم أسف الفاعل على فعل صدر منه; لم يتفطن لما فيه عليه من مضرة . قال تعالى أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ، أي ندم على ما اقترف من قتل أخيه إذ رأى الغراب يحتفل بإكرام أخيه الميت ورأى نفسه يجترئ على قتل أخيه ، وما إسراعه إلى تقليد الغراب في دفن أخيه إلا مبدأ الندامة وحب الكرامة لأخيه .
ويحتمل أن هذا الندم لم يكن ناشئا عن خوف عذاب الله ولا قصد توبة ، فلذلك لم ينفعه . فجاء في الصحيح ذلك لأنه أول من سن القتل ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها . ويحتمل أن يكون دليلا لمن قالوا : إن القاتل لا تقبل توبته ، وهو مروي عن وقد تقدم عند قوله تعالى ابن عباس ، ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها الآية من سورة النساء .