( لهم مغفرة ورزق كريم والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين آووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقا ) هذه الآية فيها تعظيم المهاجرين والأنصار وهي مختصرة ; إذ حذف منها بأموالهم وأنفسهم ، وليست تكرارا ; لأن السابقة تضمنت ولاية بعضهم بعضا ، وتقسيم المؤمنين إلى الأقسام الثلاثة ، وبيان حكمهم في ولايتهم ونصرهم ، وهذه تضمنت الثناء والتشريف والاختصاص ، وما آل إليه حالهم من المغفرة والرزق الكريم وتقدم تفسير أواخر نظيرة هذه الآية في أوائل هذه السورة .
( والذين آمنوا من بعد وهاجروا وجاهدوا معكم فأولئك منكم ) يعني الذين لحقوا بالهجرة من سبق إليها ، فحكم تعالى بأنهم من المؤمنين السابقين في الثواب والأجر ، وإن كان للسابقين شفوف السبق ، وتقدم الإيمان والهجرة والجهاد ، ومعنى من بعد : من بعد الهجرة الأولى ، وذلك بعد الحديبية ، قاله ، وزاد ابن عباس ابن عطية : وبيعة الرضوان ، وذلك أن الهجرة من بعد ذلك كانت أقل رتبة من الهجرة قبل ذلك ، وكان يقال لها : الهجرة الثانية ; لأن الحرب وضعت أوزارها نحو عامين ، ثم كان فتح مكة . وبه قال عليه السلام : . وقال لا هجرة بعد الفتح : من بعد ما بينت حكم الولاية ، فكان الحاجز بين الهجرتين نزول الآية ، فأخبر تعالى في هذه الآية أنهم من الأولين في الموازرة وسائر أحكام الإسلام ; وقيل : من بعد يوم الطبري بدر ، وقال الأصم : من بعد الفتح ، وفي قوله : معكم ، إشعار أنهم تبع لا صدر ، كما قال : ( فأولئك مع المؤمنين ) ، وكذلك : ( فأولئك منكم ) ، كما جاء مولى القوم منهم ، وابن أخت القوم منهم .