( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) : هو خطاب للمؤمنين ، أمروا بكونهم مع أهل الصدق بعد ذكر قصة الثلاثة الذين نفعهم صدقهم وأزاحهم عن ربقة النفاق . واعترضت هذه الجملة تنبيها على رتبة الصدق ، وكفى بها أنها ثانية لرتبة النبوة في قوله : ( فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين ) قال وغيره : الصدق هنا صدق الحديث . وقال ابن جريج الضحاك ونافع ما معناه : اللفظ أعم من صدق الحديث ، وهو بمعنى الصحة في الدين ، والتمكن في الخير ، كما تقول العرب : رجل صدق . وقالت هذه الفرقة : كونوا مع محمد وأبي بكر وعمر وخيار المهاجرين الذين صدقوا الله في الإسلام . وقيل : هم الثلاثة ، أي : كونوا مثل هؤلاء في صدقهم وثباتهم . وقال : هم الذين صدقوا في إيمانهم ومعاهدتهم الله ورسوله من قوله : ( الزمخشري رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ) وهم الذين صدقوا في دين الله نية وقولا وعملا . انتهى . وقيل : الخطاب بالذين آمنوا لمن تخلف من الطلقاء عن غزوة تبوك . وعن : الخطاب لمن آمن من أهل الكتاب ، أي : كونوا مع المهاجرين والأنصار ، و " مع " تقتضي الصحبة في الحال والمشاركة في الوصف المقتضي للمدح . وقرأ ابن عباس ابن مسعود : ( من الصادقين ) ، ورويت عن النبي صلى الله عليه وسلم . وكان وابن عباس يتأوله في صدق الحديث وقال : الكذب لا يصلح منه جد ولا هزل ، ولا أن يعد منكم أحد صبيه ثم لا ينجزه ، اقرءوا إن شئتم : ( ابن مسعود وكونوا مع الصادقين ) . وقال صاحب اللوامح : و ( من ) أعم من " مع " ؛ لأن كل من كان من قوم فهو معهم في المعنى المأمور به ، ولا ينعكس ذلك . وقرأ ، زيد بن علي وابن السميقع ، وأبو المتوكل ، ومعاذ القارئ : ( مع الصادقين ) بفتح القاف وكسر النون على التثنية ، ويظهر أنهما الله ورسوله لقوله تعالى : ( ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله ) ، ولما تقدم : ( وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ) ; أمروا بأن يكونوا مع الله ورسوله بامتثال الأمر واجتناب المنهي عنه كما يقال : كن مع الله يكن معك .