(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شاكرا لأنعمه اجتباه وهداه إلى صراط مستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=122وآتيناه في الدنيا حسنة وإنه في الآخرة لمن الصالحين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=124إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه وإن ربك ليحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون )
[ ص: 547 ] لما أبطل تعالى مذاهب المشركين في هذه السورة من إثبات الشركاء لله ، والطعن في نبوة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وتحليل ما حرم ، وتحريم ما أحل ، وكانوا مفتخرين بجدهم
إبراهيم - عليه السلام - مقرين بحسن طريقته ووجوب الاقتداء به ، ذكره في آخر السورة وأوضح منهاجه ، وما كان عليه من توحيد الله تعالى ورفض الأصنام ، ليكون ذلك حاملا لهم على الاقتداء به . وأيضا فلما جرى ذكر
اليهود بين طريقة
إبراهيم ليظهر الفرق بين حاله وحالهم ، وحال
قريش . وقال
مجاهد : سمي أمة لانفراده بالإيمان في وقته مدة ما . وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري nindex.php?page=hadith&LINKID=10374620أنه قال لسارة : ليس على الأرض اليوم مؤمن غيري وغيرك . والأمة لفظ مشترك بين معان منها : الجمع الكثير من الناس ، ثم يشبه به الرجل الصائم ، أو الملك ، أو المنفرد بطريقة وحده عن الناس فسمي أمة ، وقاله
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء وابن قتيبة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : كان عنده من الخير ما كان عند أمة ، ومن هنا أخذ
الحسن بن هانئ قوله :
وليس على الله بمستنكر أن يجمع العالم في واحد
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : إنه معلم الخير ، وأطلق هو
وعمر ذلك على
معاذ فقال : كان أمة قانتا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : هذا مثل قول العرب : فلان رحمة ، وعلامة ، ونسابة ، يقصدون بالتأنيث التناهي في المعنى الموصوف به . وقيل : الأمة : الإمام الذي يقتدى به ، من أم يؤم ، والمفعول قد يبنى للكثرة على فعلة وتقدم تفسير القانت ، والحنيف .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شاكرا لأنعمه : روي أنه كان لا يتغدى إلا مع ضيف ، فلم يجد ذات يوم ضيفا فأخر غداه ، فإذا هو بفوج من الملائكة في صورة البشر ، فدعاهم إلى الطعام ، فخيلوا أن بهم جذاما فقال : الآن وجبت مؤاكلتكم ، شكرا لله على أنه عافاني وابتلاكم .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=122وآتيناه في الدنيا حسنة ، قال
قتادة : حببه الله تعالى إلى كل الخلق ، فكل أهل الأديان يتولونه
اليهود والنصارى والمسلمون ، وخصوصا كفار
قريش ، فإن فخرهم إنما هو به ، وذلك بإجابة دعوته . (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84واجعل لي لسان صدق في الآخرين ) وقيل : الحسنة : قول المصلي منا : كما صليت على إبراهيم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الذكر الحسن . وقال
الحسن : النبوة . وقال
مجاهد : لسان صدق . وقال
قتادة : القبول ، وعنه تنويه الله بذكره . وقيل : الأولاد الأبرار على الكبر . وقيل : المال يصرفه في الخير والبر . ( وإنه لمن الصالحين ) ، تقدم الكلام على هذه الجملة في البقرة ، ولما وصف
إبراهيم عليه السلام بتلك الأوصاف الشريفة أمر نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يتبع ملته ، وهذا الأمر من جملة الحسنة التي آتاها الله
إبراهيم في الدنيا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابن فورك : وأمر الفاضل باتباع المفضول ، لما كان سابقا إلى قول الصواب والعمل به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ثم أوحينا في ( ثم ) هذه ما فيها من تعظيم منزلة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وإجلال محله ، والإيذان بأن أشرف ما أوتي
خليل الله إبراهيم - عليه السلام - من الكرامة ، وأجل ما أوتي من النعمة اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ملته ، من قبل أنها على تباعد هذا النعت في المرتبة من بين سائر النعوت التي أثنى الله عليها بها ; انتهى . وأن تفسيرية ، أو في موضع المفعول . واتباع ملته ; قال
قتادة : في الإسلام ، وعنه أيضا : جميع ملته إلا ما أمر بتركه . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=59عمرو بن العاص : مناسك الحج . وقال
القرطبي : الصحيح عقائد الشرع دون الفروع لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) وقيل : في التبري من الأوثان . وقال قوم كان على شريعة
إبراهيم ، وليس له شرع ينفرد به ، وإنما المقصود من بعثته إحياء
[ ص: 548 ] شرع
إبراهيم عليه السلام . قال
أبو عبد الله الرازي : وهذا القول ضعيف ، لأنه وصف
إبراهيم في هذه الآية بأنه ما كان من المشركين ، فلما قال : اتبع ملة
إبراهيم ، كان المراد ذلك . فإن قيل : النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما نفى الشرك وأثبت التوحيد بناء على الدلائل القطعية ، وإذا كان كذلك لم يكن متابعا له ، فيمتنع حمل قوله : أن اتبع ، على هذا المعنى ، فوجب حمله على الشرائع التي يصح حصول المتابعة فيها .
( قلت ) : يحتمل أن يكون المراد متابعته في كيفية الدعوة إلى التوحيد ، وهي أن يدعو إليه بطريق الرفق والسهولة ، وإيراد الدلائل مرة بعد أخرى بأنواع كثيرة على ما هو الطريقة المألوفة في القرآن ; انتهى . ولا يحتاج إلى هذا ، لأن المعتقد الذي تقتضيه دلائل العقول لا يمتنع أن يوحى لتظافر المعقول والمنقول على اعتقاده . ألا ترى إلى قوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=108قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد ) فليس اعتقاد الوحدانية بمجرد الوحي فقط ، وإنما تظافر المنقول عن الله في ذلك مع دليل العقل . وكذلك هنا أخبر تعالى أن
إبراهيم لم يكن مشركا ، وأمر الرسول باتباعه في ذلك ، وإن كان انتفاء الشرك ليس مستنده مجرد الوحي ، بل الدليل العقلي والدليل الشرعي تظافرا على ذلك . وقال
ابن عطية : قال
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي : ولا يكون - يعني حنيفا - حالا من
إبراهيم لأنه مضاف إليه ، وليس كما قال لأن الحال قد تعمل فيها حروف الخفض إذا عملت في ذي الحال كقولك : مررت بزيد قائما ; انتهى . أما ما حكي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي وتعليله امتناع ذلك بكونه مضافا إليه ، فليس على إطلاق هذا التعليل لأنه إذا كان المضاف إليه في محل رفع أو نصب ، جازت الحال منه نحو : يعجبني قيام زيد مسرعا ، وشرب السويق ملتوتا . وقال بعض النحاة : ويجوز أيضا ذلك إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا ) أو كالجزء منه كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135ملة إبراهيم حنيفا ) وقد بينا الصحيح في ذلك فيما كتبناه على التسهيل ، وعلى الألفية
لابن مالك . وأما قول
ابن عطية في رده على
nindex.php?page=showalam&ids=17140مكي بقوله : وليس كما قال ، لأن الحال إلى آخره ، فقول بعيد عن قول أهل الصنعة ، لأن الباء في ( بزيد ) ليست هي العاملة في قائما ، وإنما العامل في الحال مررت ، والباء وإن عملت الجر في زيد فإن زيدا في موضع نصب بمررت ، وكذلك إذا حذف حرف الجر حيث يجوز حذفه نصب الفعل ذلك الاسم الذي كان مجرورا بالحرف . ولما أمر الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - باتباع ملة
إبراهيم عليه السلام ، وكان الرسول قد اختار يوم الجمعة ، فدل ذلك على أنه كان في شرع
إبراهيم ، بين أن
nindex.php?page=treesubj&link=32426يوم السبت لم يكن تعظيمه ، واتخاذه للعبادة من شرع إبراهيم ولا دينه ، والسبت مصدر ، وبه سمي اليوم . وتقدم الكلام في هذا اللفظ في الأعراف . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : سبتت
اليهود إذا عظمت سبتها ، والمعنى : إنما جعل وبال السبت وهو المسخ على الذين اختلفوا فيه ، واختلافهم فيه : أنهم أحلوا الصيد فيه تارة وحرموه تارة ، وكان الواجب عليهم أن يتفقوا في تحريمه على كلمة واحدة بعدما حتم الله عليهم الصبر عن الصيد فيه ، والمعنى في ذكر ذلك نحو المعنى في : ضرب القرية التي كفرت بأنعم الله مثلا ، وغير ما ذكر وهو الإنذار من سخط الله على العصاة والمخالفين لأوامره والخالعين ربقة طاعته .
( فإن قلت ) : فما معنى الحكم بينهم إذا كانوا جميعا محلين أو محرمين ؟ ( قلت ) : معناه أنه يجازيهم جزاء اختلاف فعلهم في كونهم محلين تارة ومحرمين أخرى ، ووجه آخر وهو أن
موسى - عليه السلام - أمرهم أن يجعلوا في الأسبوع يوما للعبادة ، وأن يكون يوم الجمعة ، فأبوا عليه وقالوا : نريد اليوم الذي فرغ الله فيه من خلق السماوات والأرض وهو السبت ، إلا شرذمة منهم قد رضوا بالجمعة ، فهذا اختلافهم في السبت ، لأن بعضهم اختاره ، وبعضهم اختار عليه الجمعة ، فأذن الله لهم في السبت ، وابتلاهم بتحريم الصيد فيه ، فأطاع أمر الله الراضون بالجمعة فكانوا لا يصيدون ، وأعقابهم لم يصبروا عن الصيد فمسخهم الله دون أولئك .
[ ص: 549 ] وهو يحكم بينهم يوم القيامة ، فيجازي كل واحد من الفريقين بما يستوجبه . ومعنى جعل السبت : فرض عليهم تعظيمه ، وترك الاصطياد فيه ; انتهى . وهو كلام ملفق من كلام المفسرين قبله . وقال
الكرماني : عدي جعل بعلى ، لأن اليوم صار عليهم لا لهم ، لارتكابهم المعاصي فيه ; انتهى . ولهذا قدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : إنما جعل وبال السبت . وقال
الحسن : جعل السبت لعنة عليهم بأن جعل منهم القردة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : إن الله سبحانه قال : ذروا الأعمال في يوم الجمعة وتفرغوا فيه لعبادتي ، فقالوا : نريد السبت ، لأن الله تعالى فرغ فيه من خلق السماوات والأرض ، فهو أولى بالراحة . وقرأ أبو حيوة : جعل بفتح الجيم والعين ، مبنيا للفاعل ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : أنهما قرءا إنما أنزلنا السبت ، وهي تفسير معنى لا قراءة ، لأنها مخالفة لسواد المصحف المجمع عليه ، ولما استفاض عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود أنهما قرءا كالجماعة .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=120إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=122وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=123ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=124إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )
[ ص: 547 ] لَمَّا أَبْطَلَ تَعَالَى مَذَاهِبَ الْمُشْرِكِينَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ مِنْ إِثْبَاتِ الشُّرَكَاءِ لِلَّهِ ، وَالطَّعْنِ فِي نُبُوَّةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتَحْلِيلِ مَا حَرَّمَ ، وَتَحْرِيمِ مَا أَحَلَّ ، وَكَانُوا مُفْتَخِرِينَ بِجَدِّهِمْ
إِبْرَاهِيمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مُقِرِّينَ بِحُسْنِ طَرِيقَتِهِ وَوُجُوبِ الِاقْتِدَاءِ بِهِ ، ذَكَرَهُ فِي آخِرِ السُّورَةِ وَأَوْضَحَ مِنْهَاجَهُ ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَفْضِ الْأَصْنَامِ ، لِيَكُونَ ذَلِكَ حَامِلًا لَهُمْ عَلَى الِاقْتِدَاءِ بِهِ . وَأَيْضًا فَلَمَّا جَرَى ذِكْرُ
الْيَهُودِ بَيْنَ طَرِيقَةِ
إِبْرَاهِيمَ لِيَظْهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ حَالِهِ وَحَالِهِمْ ، وَحَالِ
قُرَيْشٍ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : سُمِّيَ أُمَّةً لِانْفِرَادِهِ بِالْإِيمَانِ فِي وَقْتِهِ مُدَّةً مَا . وَفِي
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ nindex.php?page=hadith&LINKID=10374620أَنَّهُ قَالَ لِسَارَّةَ : لَيْسَ عَلَى الْأَرْضِ الْيَوْمَ مُؤْمِنٌ غَيْرِي وَغَيْرُكِ . وَالْأُمَّةُ لَفْظٌ مُشْتَرَكٌ بَيْن مَعَانٍ مِنْهَا : الْجَمْعُ الْكَثِيرُ مِنَ النَّاسِ ، ثُمَّ يُشَبَّهُ بِهِ الرَّجُلُ الصَّائِمُ ، أَوْ الْمَلِكُ ، أَوِ الْمُنْفَرِدُ بِطَرِيقَةٍ وَحْدَهُ عَنِ النَّاسِ فَسُمِّيَ أُمَّةً ، وَقَالَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=14888وَالْفَرَّاءُ وَابْنُ قُتَيْبَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : كَانَ عِنْدَهُ مِنَ الْخَيْرِ مَا كَانَ عِنْدَ أُمَّةٍ ، وَمِنْ هُنَا أَخَذَ
الْحَسَنُ بْنُ هَانِئٍ قَوْلَهُ :
وَلَيْسَ عَلَى اللَّهِ بِمُسْتَنْكَرٍ أَنْ يَجْمَعَ الْعَالَمَ فِي وَاحِدِ
وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : إِنَّهُ مُعَلِّمُ الْخَيْرِ ، وَأَطْلَقَ هُوَ
وَعُمَرُ ذَلِكَ عَلَى
مُعَاذٍ فَقَالَ : كَانَ أُمَّةً قَانِتًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ : هَذَا مِثْلُ قَوْلِ الْعَرَبِ : فُلَانٌ رُحَمَةٌ ، وَعَلَّامَةٌ ، وَنَسَّابَةٌ ، يَقْصِدُونَ بِالتَّأْنِيثِ التَّنَاهِيَ فِي الْمَعْنَى الْمَوْصُوفِ بِهِ . وَقِيلَ : الْأُمَّةُ : الْإِمَامُ الَّذِي يُقْتَدَى بِهِ ، مِنْ أَمَّ يَؤُمُّ ، وَالْمَفْعُولُ قَدْ يُبْنَى لِلْكَثْرَةِ عَلَى فُعَلَةٍ وَتَقَدَّمَ تَفْسِيرُ الْقَانِتِ ، وَالْحَنِيفِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=121شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ : رُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَتَغَدَّى إِلَّا مَعَ ضَيْفٍ ، فَلَمْ يَجِدْ ذَاتَ يَوْمٍ ضَيْفًا فَأَخَّرَ غَدَاهُ ، فَإِذَا هُوَ بِفَوْجٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فِي صُورَةِ الْبَشَرِ ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الطَّعَامِ ، فَخُيِّلُوا أَنَّ بِهِمْ جُذَامًا فَقَالَ : الْآنَ وَجَبَتْ مُؤَاكَلَتُكُمْ ، شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى أَنَّهُ عَافَانِي وَابْتَلَاكُمْ .
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=122وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً ، قَالَ
قَتَادَةُ : حَبَّبَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى كُلِّ الْخَلْقِ ، فَكُلُّ أَهْلِ الْأَدْيَانِ يَتَوَلَّوْنَهُ
الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى وَالْمُسْلِمُونَ ، وَخُصُوصًا كُفَّارَ
قُرَيْشٍ ، فَإِنَّ فَخْرَهُمْ إِنَّمَا هُوَ بِهِ ، وَذَلِكَ بِإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=84وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ ) وَقِيلَ : الْحَسَنَةُ : قَوْلُ الْمُصَلِّي مِنَّا : كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الذِّكْرُ الْحَسَنُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : النُّبُوَّةُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : لِسَانُ صِدْقٍ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : الْقَبُولُ ، وَعَنْهُ تَنْوِيهُ اللَّهِ بِذِكْرِهِ . وَقِيلَ : الْأَوْلَادُ الْأَبْرَارُ عَلَى الْكِبَرِ . وَقِيلَ : الْمَالُ يَصْرِفُهُ فِي الْخَيْرِ وَالْبِرِّ . ( وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ) ، تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي الْبَقَرَةِ ، وَلَمَّا وُصِفَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِتِلْكَ الْأَوْصَافِ الشَّرِيفَةِ أَمَرَ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَتَّبِعَ مِلَّتَهُ ، وَهَذَا الْأَمْرُ مِنْ جُمْلَةِ الْحَسَنَةِ الَّتِي آتَاهَا اللَّهُ
إِبْرَاهِيمَ فِي الدُّنْيَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13428ابْنُ فَوْرَكٍ : وَأَمَرَ الْفَاضِلَ بِاتِّبَاعِ الْمَفْضُولِ ، لَمَّا كَانَ سَابِقًا إِلَى قَوْلِ الصَّوَابِ وَالْعَمَلِ بِهِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : ثُمَّ أَوْحَيْنَا فِي ( ثُمَّ ) هَذِهِ مَا فِيهَا مِنْ تَعْظِيمِ مَنْزِلَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِجْلَالِ مَحَلِّهِ ، وَالْإِيذَانِ بِأَنَّ أَشْرَفَ مَا أُوتِيَ
خَلِيلُ اللَّهِ إِبْرَاهِيمُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - مِنَ الْكَرَامَةِ ، وَأَجَلَّ مَا أُوتِيَ مِنَ النِّعْمَةِ اتِّبَاعُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِلَّتَهُ ، مِنْ قَبْلِ أَنَّهَا عَلَى تَبَاعُدِ هَذَا النَّعْتِ فِي الْمَرْتَبَةِ مِنْ بَيْنِ سَائِرِ النُّعُوتِ الَّتِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْهَا بِهَا ; انْتَهَى . وَأَنْ تَفْسِيرِيَّةٌ ، أَوْ فِي مَوْضِعِ الْمَفْعُولِ . وَاتِّبَاعِ مِلَّتِهِ ; قَالَ
قَتَادَةُ : فِي الْإِسْلَامِ ، وَعَنْهُ أَيْضًا : جَمِيعَ مِلَّتِهِ إِلَّا مَا أُمِرَ بِتَرْكِهِ . وَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=59عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ : مَنَاسِكُ الْحَجِّ . وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : الصَّحِيحُ عَقَائِدُ الشَّرْعِ دُونَ الْفُرُوعِ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=48لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ) وَقِيلَ : فِي التَّبَرِّي مِنَ الْأَوْثَانِ . وَقَالَ قَوْمٌ كَانَ عَلَى شَرِيعَةِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَلَيْسَ لَهُ شَرْعٌ يَنْفَرِدُ بِهِ ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ مِنْ بَعْثَتِهِ إِحْيَاءُ
[ ص: 548 ] شَرْعِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ . قَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : وَهَذَا الْقَوْلُ ضَعِيفٌ ، لِأَنَّهُ وَصَفَ
إِبْرَاهِيمَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ بِأَنَّهُ مَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، فَلَمَّا قَالَ : اتَّبِعْ مِلَّةَ
إِبْرَاهِيمَ ، كَانَ الْمُرَادُ ذَلِكَ . فَإِنْ قِيلَ : النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا نَفَى الشِّرْكَ وَأَثْبَتَ التَّوْحِيدَ بِنَاءً عَلَى الدَّلَائِلِ الْقَطْعِيَّةِ ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَكُنْ مُتَابِعًا لَهُ ، فَيَمْتَنِعُ حَمْلُ قَوْلِهِ : أَنِ اتَّبِعْ ، عَلَى هَذَا الْمَعْنَى ، فَوَجَبَ حَمْلُهُ عَلَى الشَّرَائِعِ الَّتِي يَصِحُّ حُصُولُ الْمُتَابَعَةِ فِيهَا .
( قُلْتُ ) : يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مُتَابَعَتَهُ فِي كَيْفِيَّةِ الدَّعْوَةِ إِلَى التَّوْحِيدِ ، وَهِيَ أَنْ يَدْعُوَ إِلَيْهِ بِطَرِيقِ الرِّفْقِ وَالسُّهُولَةِ ، وَإِيرَادِ الدَّلَائِلِ مَرَّةً بَعْد أُخْرَى بِأَنْوَاعٍ كَثِيرَةٍ عَلَى مَا هُوَ الطَّرِيقَةُ الْمَأْلُوفَةُ فِي الْقُرْآنِ ; انْتَهَى . وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا ، لِأَنَّ الْمُعْتَقَدَ الَّذِي تَقْتَضِيهِ دَلَائِلُ الْعُقُولِ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يُوحَى لِتَظَافُرِ الْمَعْقُولِ وَالْمَنْقُولِ عَلَى اعْتِقَادِهِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=108قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) فَلَيْسَ اعْتِقَادَ الْوَحْدَانِيَّةِ بِمُجَرَّدِ الْوَحْيِ فَقَطْ ، وَإِنَّمَا تَظَافُرُ الْمَنْقُولِ عَنِ اللَّهِ فِي ذَلِكَ مَعَ دَلِيلِ الْعَقْلِ . وَكَذَلِكَ هُنَا أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ لَمْ يَكُنْ مُشْرِكًا ، وَأَمَرَ الرَّسُولَ بِاتِّبَاعِهِ فِي ذَلِكَ ، وَإِنْ كَانَ انْتِفَاءُ الشِّرْكِ لَيْسَ مُسْتَنَدُهُ مُجَرَّدَ الْوَحْيِ ، بَلِ الدَّلِيلُ الْعَقْلِيُّ وَالدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ تَظَافَرَا عَلَى ذَلِكَ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٌّ : وَلَا يَكُونُ - يَعْنِي حَنِيفًا - حَالًا مِنَ
إِبْرَاهِيمَ لِأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَيْهِ ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ لِأَنَّ الْحَالَ قَدْ تَعْمَلُ فِيهَا حُرُوفُ الْخَفْضِ إِذَا عَمِلَتْ فِي ذِي الْحَالِ كَقَوْلِكَ : مَرَرْتُ بِزَيْدٍ قَائِمًا ; انْتَهَى . أَمَّا مَا حُكِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٍّ وَتَعْلِيلِهِ امْتِنَاعَ ذَلِكَ بِكَوْنِهِ مُضَافًا إِلَيْهِ ، فَلَيْسَ عَلَى إِطْلَاقِ هَذَا التَّعْلِيلِ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ الْمُضَافُ إِلَيْهِ فِي مَحَلِّ رَفْعٍ أَوْ نَصْبٍ ، جَازَتِ الْحَالُ مِنْهُ نَحْوَ : يُعْجِبُنِي قِيَامُ زَيْدٍ مُسْرِعًا ، وَشُرْبُ السَّوِيقِ مَلْتُوتًا . وَقَالَ بَعْضُ النُّحَاةِ : وَيَجُوزُ أَيْضًا ذَلِكَ إِذَا كَانَ الْمُضَافُ جُزْءًا مِنَ الْمُضَافِ إِلَيْهِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=47وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا ) أَوْ كَالْجُزْءِ مِنْهُ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=135مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا ) وَقَدْ بَيَّنَّا الصَّحِيحَ فِي ذَلِكَ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى التَّسْهِيلِ ، وَعَلَى الْأَلْفِيَّةِ
لِابْنِ مَالِكٍ . وَأَمَّا قَوْلُ
ابْنِ عَطِيَّةَ فِي رَدِّهِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=17140مَكِّيٍّ بِقَوْلِهِ : وَلَيْسَ كَمَا قَالَ ، لِأَنَّ الْحَالَ إِلَى آخِرِهِ ، فَقَوْلٌ بَعِيدٌ عَنْ قَوْلِ أَهْلِ الصَّنْعَةِ ، لِأَنَّ الْبَاءَ فِي ( بِزَيْدٍ ) لَيْسَتْ هِيَ الْعَامِلَةَ فِي قَائِمًا ، وَإِنَّمَا الْعَامِلُ فِي الْحَالِ مَرَرْتُ ، وَالْبَاءُ وَإِنْ عَمِلَتِ الْجَرَّ فِي زَيْدٍ فَإِنَّ زَيْدًا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ بِمَرَرْتُ ، وَكَذَلِكَ إِذَا حُذِفَ حَرْفُ الْجَرِّ حَيْثُ يَجُوزُ حَذْفُهُ نَصَبَ الْفِعْلُ ذَلِكَ الِاسْمَ الَّذِي كَانَ مَجْرُورًا بِالْحَرْفِ . وَلَمَّا أَمَرَ اللَّهُ رَسُولُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِاتِّبَاعِ مِلَّةِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَكَانَ الرَّسُولُ قَدِ اخْتَارَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَانَ فِي شَرْعِ
إِبْرَاهِيمَ ، بَيَّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=32426يَوْمَ السَّبْتِ لَمْ يَكُنْ تَعْظِيمُهُ ، وَاتِّخَاذُهُ لِلْعِبَادَةِ مِنْ شَرْعِ إِبْرَاهِيمَ وَلَا دِينِهِ ، وَالسَّبْتُ مَصْدَرٌ ، وَبِهِ سُمِّي الْيَوْمُ . وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ فِي هَذَا اللَّفْظِ فِي الْأَعْرَافِ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : سَبَتَتِ
الْيَهُودُ إِذَا عَظَّمَتْ سَبْتَهَا ، وَالْمَعْنَى : إِنَّمَا جُعِلَ وَبَالُ السَّبْتِ وَهُوَ الْمَسْخُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ ، وَاخْتِلَافُهُمْ فِيهِ : أَنَّهُمْ أَحَلُّوا الصَّيْدَ فِيهِ تَارَةً وَحَرَّمُوهُ تَارَةً ، وَكَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَّفِقُوا فِي تَحْرِيمِهِ عَلَى كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ بَعْدَمَا حَتَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ عَنِ الصَّيْدِ فِيهِ ، وَالْمَعْنَى فِي ذِكْرِ ذَلِكَ نَحْوَ الْمَعْنَى فِي : ضَرْبِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ مَثَلًا ، وَغَيْرِ مَا ذُكِرَ وَهُوَ الْإِنْذَارُ مِنْ سُخْطِ اللَّهِ عَلَى الْعُصَاةِ وَالْمُخَالِفِينَ لِأَوَامِرِهِ وَالْخَالِعِينَ رِبْقَةَ طَاعَتِهِ .
( فَإِنْ قُلْتَ ) : فَمَا مَعْنَى الْحُكْمِ بَيْنَهُمْ إِذَا كَانُوا جَمِيعًا مُحِلِّينَ أَوْ مُحَرِّمِينَ ؟ ( قُلْتُ ) : مَعْنَاهُ أَنَّهُ يُجَازِيهِمْ جَزَاءَ اخْتِلَافِ فِعْلِهِمْ فِي كَوْنِهِمْ مُحَلِّينَ تَارَةً وَمُحْرِمِينَ أُخْرَى ، وَوَجْهٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَمَرَهُمْ أَنْ يَجْعَلُوا فِي الْأُسْبُوعِ يَوْمًا لِلْعِبَادَةِ ، وَأَنْ يَكُونَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ وَقَالُوا : نُرِيدُ الْيَوْمَ الَّذِي فَرَغَ اللَّهُ فِيهِ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ السَّبْتُ ، إِلَّا شِرْذِمَةً مِنْهُمْ قَدْ رَضُوا بِالْجُمُعَةِ ، فَهَذَا اخْتِلَافُهُمْ فِي السَّبْتِ ، لِأَنَّ بَعْضَهُمُ اخْتَارَهُ ، وَبَعْضَهُمُ اخْتَارَ عَلَيْهِ الْجُمُعَةَ ، فَأَذِنَ اللَّهُ لَهُمْ فِي السَّبْتِ ، وَابْتَلَاهُمْ بِتَحْرِيمِ الصَّيْدِ فِيهِ ، فَأَطَاعَ أَمْرَ اللَّهِ الرَّاضُونَ بِالْجُمُعَةِ فَكَانُوا لَا يَصِيدُونَ ، وَأَعْقَابُهُمْ لَمْ يَصْبِرُوا عَنِ الصَّيْدِ فَمَسَخَهُمُ اللَّهُ دُونَ أُولَئِكَ .
[ ص: 549 ] وَهُوَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، فَيُجَازِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ بِمَا يَسْتَوْجِبُهُ . وَمَعْنَى جَعَلَ السَّبْتَ : فَرَضَ عَلَيْهِمْ تَعْظِيمَهُ ، وَتَرْكَ الِاصْطِيَادِ فِيهِ ; انْتَهَى . وَهُوَ كَلَامٌ مُلَفَّقٌ مِنْ كَلَامِ الْمُفَسِّرِينَ قَبْلَهُ . وَقَالَ
الْكِرْمَانِيُّ : عُدِّيَّ جَعَلَ بِعَلَى ، لِأَنَّ الْيَوْمَ صَارَ عَلَيْهِمْ لَا لَهُمْ ، لِارْتِكَابِهِمُ الْمَعَاصِيَ فِيهِ ; انْتَهَى . وَلِهَذَا قَدَّرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : إِنَّمَا جُعِلَ وَبَالُ السَّبْتِ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : جُعِلَ السَّبْتُ لَعْنَةً عَلَيْهِمْ بِأَنْ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ : ذَرُوا الْأَعْمَالَ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَتَفَرَّغُوا فِيهِ لِعِبَادَتِي ، فَقَالُوا : نُرِيدُ السَّبْتَ ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى فَرَغَ فِيهِ مِنْ خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ، فَهُوَ أَوْلَى بِالرَّاحَةِ . وَقَرَأَ أَبُو حَيْوَةَ : جَعَلَ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْعَيْنِ ، مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشِ : أَنَّهُمَا قَرَءَا إِنَّمَا أَنْزَلْنَا السَّبْتَ ، وَهِيَ تَفْسِيرُ مَعْنًى لَا قِرَاءَةٍ ، لِأَنَّهَا مُخَالِفَةٌ لِسَوَادِ الْمُصْحَفِ الْمُجْمَعِ عَلَيْهِ ، وَلِمَا اسْتَفَاضَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ nindex.php?page=showalam&ids=10وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُمَا قَرَءَا كَالْجَمَاعَةِ .