قبل هذا الكلام جمل محذوفة ، التقدير فبعثوا أحدهم ونظر أيها أزكى طعاما وتلطف ، ولم يشعر بهم أحدا ، فأطلع الله أهل المدينة على حالهم ، وقصة ذهابه إلى المدينة وما جرى له مع أهلها ، وحمله إلى الملك وادعائهم عليه أنه أصاب كثيرا من كنوز الأقدمين ، وحمل الملك ومن ذهب معه إليهم مذكور في التفاسير ذلك بأطول مما جرى ، والله أعلم بتفاصيل ذلك ، ويقال : عثرت على الأمر إذا اطلعت عليه وأعثرني غيري إذا أطلعني عليه ، وتقدم الكلام على هذه المادة في قوله : ( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ) ومفعول ( أعثرنا ) محذوف تقديره ( أعثرنا عليهم ) أهل مدينتهم ، والكاف في ( وكذلك ) للتشبيه ، والتقدير وكما أنمناهم بعثناهم لما في ذلك من الحكمة أطلعنا عليهم ، والضمير في ( ليعلموا ) عائد على مفعول ( أعثرنا ) وإليه ذهب . الطبري
و ( وعد الله ) هو البعث ; لأن حالتهم في نومهم وانتباهتهم بعد المدة المتطاولة كحال من يموت ، ثم يبعث و ( لا ريب ) فيها أي : لا شك ولا ارتياب في قيامها والمجازاة فيها ، وكان الذين أعثروا على أهل الكهف قد دخلتهم فتنة في أمر الحشر وبعث الأجساد من القبور ، فشك في ذلك بعض الناس واستبعدوه ، وقالوا : تحشر الأرواح فشق على ملكهم وبقي حيران لا يدري كيف يبين أمره لهم ، حتى لبس المسوح وقعد على الرماد ، وتضرع إلى الله في حجة وبيان ، فأعثر الله على أهل الكهف ، فلما بعثهم الله تعالى ، وتبين الناس أمرهم سر الملك ورجع من كان شك في أمر بعث الأجساد إلى اليقين ، وإلى هذا وقعت الإشارة بقوله : ( إذ يتنازعون بينهم أمرهم ) و ( إذ ) معمولة لأعثرنا [ ص: 113 ] أو ( ليعلموا ) . وقيل : يحتمل أن يعود الضمير في و ( ليعلموا ) على أصحاب الكهف ، أي : جعل الله أمرهم آية لهم دالة على بعث الأجساد من القبور . وقوله : ( إذ يتنازعون ) على هذا القول ابتداء خبر عن القوم الذين بعثوا على عهدهم ، والتنازع إذ ذاك في أمر البناء والمسجد لا في أمر القيامة .
وقيل : التنازع إنما هو في أن اطلعوا عليهم . فقال بعض : هم أموات ، وقال بعض : هم أحياء . وروي أن الملك وأهل المدينة انطلقوا مع تمليخا إلى الكهف وأبصروهم ، ثم قالت الفتية للملك : نستودعك الله ونعيذك به من شر الجن والإنس ، ثم رجعوا إلى مضاجعهم ، وتوفى الله أنفسهم ، وألقى الملك عليهم ثيابه ، وأمر فجعل لكل واحد تابوت من ذهب ، فرآهم في المنام كارهين للذهب فجعلها من الساج ، وبني على باب الكهف . والظاهر أن قوله : ( ربهم أعلم بهم ) من كلام المتنازعين داخل تحت القول أي : أمروا بالبناء وأخبروا بمضمون هذه الجملة ، كأنهم تذاكروا أمرهم وتناقلوا الكلام في أنسابهم وأحوالهم ، ومدة لبثهم ، فلما لم يهتدوا إلى حقيقة ذلك قالوا : ( ربهم أعلم بهم ) . وقيل : يحتمل أن يكون من كلام الله تعالى رد القول الخائضين في حديثهم من أولئك المتنازعين ، أو من الذين تنازعوا فيه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أهل الكتاب ، والذين غلبوا . قال قتادة : هم الولاة . روي أن طائفة ذهبت إلى أن يطمس الكهف عليهم ويتركوا فيه مغيبين ، وقالت الطائفة الغالبة : ( لنتخذن عليهم مسجدا ) فاتخذوه .
وروي أن التي دعت إلى البنيان كانت كافرة أرادت بناء بيعة أو مصنع لكفرهم فمانعهم المؤمنون ، وبنوا عليهم مسجدا . وقرأ الحسن : ( غلبوا ) بضم الغين وكسر اللام ، والمعنى أن الطائفة التي أرادت المسجد كانت تريد أن لا يبنى عليهم شيء ، ولا يعرض لموضعهم ، وروي أن طائفة أخرى مؤمنة أرادت أن لا يطمس الكهف ، فلما غلبت الأولى على أن يكون بنيان ولا بد قالت يكون ( مسجدا ) فكان . وعن ابن وعيسى الثقفي عمر أن الله عمى على الناس أمرهم وحجبهم عنه ، فذلك دعاء إلى بناء البنيان ليكون معلما لهم .
والظاهر أن الضمير في ( سيقولون ) عائد على من تقدم ذكرهم ، وهم المتنازعون في حديثهم قبل ظهورهم عليهم ، فأخبر تعالى نبيه بما كان من اختلاف قومهم في عددهم ، وكون الضمير عائدا على ما قلنا ذكره الماوردي . وقيل : يعود على نصارى نجران تناظروا مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في عددهم . فقالت الملكانية الجملة الأولى ، واليعقوبية الجملة الثانية ، والنسطورية الجملة الثالثة ، وهذا يروى عن . وفي الكشاف أن السيد قال الجملة الأولى وكان يعقوبيا ، والعاقب قال الثانية وكان نسطوريا ، والمسلمون قالوا الثالثة وأصابوا ، وعرفوا ذلك بإخبار الرسول عن ابن عباس جبريل عليهما الصلاة والسلام ، فتكون الضمائر في ( سيقولون ) ( ويقولون ) عائدا بعضها على نصارى نجران ، وبعضها على المؤمنين . وعن علي هم سبعة نفر أسماؤهم تمليخا ، ومكشلبينا ومشلبينا هؤلاء أصحاب يمين الملك ، وكان عن يساره مرنوش ، ودبرنوش ، وشاذنوش وكان يستثير هؤلاء الستة في أمره ، والسابع الراعي الذي وافقهم ، هربوا من ملكهم دقيانوس ، واسم مدينتهم أفسوس ، واسم كلبهم قطمير . انتهى .
وقال ابن عطية الضمير في قوله : ( سيقولون ) يراد به أهل التوراة من معاصري محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك أنهم اختلفوا في عدد أهل الكهف هذا الاختلاف المنصوص . انتهى . قيل : وجاء بسين الاستقبال ; لأنه كأنه في الكلام طي وإدماج ، والتقدير فإذا أجبتهم عن سؤالهم وقصصت عليهم قصة أهل الكهف ، فسلهم عن عددهم فإنهم إذا سألتهم ( سيقولون ) . وقرأ ابن محيصن ( ثلاث ) بإدغام الثاء في التاء ، وحسن ذلك لقرب مخرجهما وكونهما مهموسين ; لأن الساكن الذي قبل الثاء من حروف اللين فحسن ذلك ، ويقولون لم يأت بالسين فيه [ ص: 114 ] ولا فيما بعده ; لأنه معطوف على المستقبل فدخل في الاستقبال ، أو لأنه أريد به معنى الاستقبال الذي هو صالح له . وقرأ شبل بن عباد عن ابن كثير بفتح ميم ( خمسة ) وهي لغة كعشرة . وقرأ ابن محيصن بكسر الخاء والميم وبإدغام التاء في السين ، وعنه أيضا إدغام التنوين في السين بغير غنة .
( رجما بالغيب ) رميا بالشيء المغيب عنهم أو ظنا ، استعير من الرجم كأن الإنسان يرمي الموضع المجهول عنده بظنه المرة بعد المرة يرجم به عسى أن يصيب ، ومنه الترجمان وترجمة الكتاب . وقول زهير :
وما الحرب إلا ما علمتم وذقتم وما هو عنها بالحديث المرجم
أي : المظنون ، وأتت هذه عقب ما تقدم ; ليدل على أن قائل تلك المقالتين لم يقولوا ذلك عن علم ، وإنما قالوا ذلك على سبيل التخمين والحدس ، وجاءت المقالة الثالثة خالية عن هذا القيد مشعرة أنها هي المقالة الصادقة ، كما تقدم ذكر ذلك عن علي . وعن رسول الله عن جبريل عليهما الصلاة والسلام . وانتصب ( رجما ) على أنه مصدر لفعل مضمر أي : يرجمون بذلك ، أو لتضمين ( سيقولون ) و ( يقولون ) معنى يرجمون ، أو لكونه مفعولا من أجله ، أي : قالوا ذلك لرميهم بالخبر الخفي أو لظنهم ذلك ، أي : الحامل لهم على هذا القول هو الرجم بالغيب .
و ( ثلاثة ) خبر مبتدأ محذوف ، والجملة بعده صفة أي : هم ثلاثة أشخاص ، وإنما قدرنا أشخاصا ; لأن ( رابعهم ) اسم فاعل أضيف إلى الضمير ، والمعنى أنه ربعهم أي : جعلهم أربعة ، وصيرهم إلى هذا العدد ، فلو قدر ( ثلاثة ) رجال استحال أن يصير ثلاثة رجال أربعة ; لاختلاف الجنسين ، والواو في ( وثامنهم ) للعطف على الجملة السابقة أي يقولون هم سبعة وثامنهم كلبهم فأخبروا أولا بسبعة رجال جزما ، ثم أخبروا إخبارا ثانيا أن ( ثامنهم كلبهم ) بخلاف القولين السابقين ، فإن كلا منهما جملة واحدة وصف المحدث عنه بصفة ، ولم يعطف الجملة عليه . وذكر عن أبي بكر بن عياش وابن خالويه أنها واو الثمانية ، وأن قريشا إذا تحدثت تقول ستة سبعة وثمانية تسعة فتدخل الواو في الثمانية ، وكونهما جملتين معطوف إحداهما على الأخرى مؤذن بالتثبيت في الإخبار بخلاف ما تقدم ، فإنهم أخبروا بشيء موصوف بشيء لم يتأخر عن الإخبار ، ولذلك جاء فيه ( رجما بالغيب ) ولم يجئ في هاتين الجملتين بشيء يقدح فيهما . وقرئ وثامنهم كالبهم أي : صاحب كلبهم ، وزعم بعضهم أنهم ثمانية رجال ، واستدل بهذه القراءة وأول قوله وكلبهم على حذف مضاف ، أي : وصاحب كلبهم . وذهب بعض المفسرين إلى أن قوله ( وثامنهم ) ليس داخلا تحت قولهم ، بل لقولهم هو قوله : ( ويقولون سبعة ) ثم أخبر تعالى بهذا على سبيل الاستئناف ، وإذا كان استئنافا من الله دل ذلك على أنهم ثمانية بالكلب ، وأما ( رابعهم كلبهم ) و ( سادسهم كلبهم ) فهو من جملة المحكي من قولهم ؛ لأن كلا من الجملتين صفة ، وإلى أن العدة ثمانية بالكلب ذهب الأكثرون من الصحابة ، والتابعين ، وأئمة التفسير .
وقال : فإن قلت : فما هذه الواو الداخلة على الجملة الثالثة ولم دخلت عليها دون الأولتين ؟ قلت : هي الواو التي تدخل على الجملة الواقعة صفة للنكرة ، كما تدخل على الواقعة حالا عن المعرفة في نحو قولك : جاءني رجل ومعه آخر ، ومررت بزيد وفي يده سيف . ومنه قوله عز وعلا : ( الزمخشري وما أهلكنا من قرية إلا ولها كتاب معلوم ) وفائدتها توكيد لصوق الصفة بالموصوف ، والدلالة على اتصافه أمر ثابت مستقر ، وهي الواو التي آذنت بأن الذين قالوا ( سبعة وثامنهم كلبهم ) قالوه عن ثبات علم وطمأنينة نفس ، ولم يرجموا بالظن كما غيرهم . انتهى .
وكون الواو تدخل على الجملة [ ص: 115 ] الواقعة صفة دالة على لصوق الصفة بالموصوف وعلى ثبوت اتصاله بها شيء لا يعرفه النحويون ، بل قرروا أنه لا تعطف الصفة التي ليست بجملة على صفة أخرى إلا إذا اختلفت المعاني ، حتى يكون العطف دالا على المغايرة ، وأما إذا لم يختلف فلا يجوز العطف هذا في الأسماء المفردة ، وأما الجمل التي تقع صفة فهي أبعد من أن يجوز ذلك فيها ، وقد ردوا على من ذهب إلى أن قول ، وأما ما جاء لمعنى وليس باسم ولا فعل هو على أن ( وليس باسم ولا فعل ) صفة لقوله لمعنى ، وأن الواو دخلت في الجملة بأن ذلك ليس من كلام العرب مررت برجل ويأكل على تقدير الصفة . وأما قوله تعالى : ( سيبويه إلا ولها ) فالجملة حالية ويكفي ردا لقول : أنا لا نعلم أحدا من علماء النحو ذهب إلى ذلك ، ولما أخبر تعالى عن مقالتهم واضطرابهم في عددهم أمره تعالى أن يقول : ( الزمخشري قل ربي أعلم بعدتهم ) أي : لا يخبر بعددهم إلا من يعلمهم حقيقة وهو الله تعالى ( ما يعلمهم إلا قليل ) والمثبت في حق الله تعالى هو الأعلمية وفي حق القليل العالمية فلا تعارض . قيل : من الملائكة ، وقيل : من العلماء وعلم القليل لا يكون إلا بإعلام الله .
وقال : أنا من القليل ، ثم نهاه تعالى عن الجدال فيهم أي : في عدتهم والمراء وسمى مراجعته لهم ( مراء ) على سبيل المقابلة لمماراة أهل الكتاب له في ذلك ، وقيده بقوله ظاهرا أي : غير متعمق فيه وهو أن تقص عليهم ما أوحي إليك فحسب من غير تجهيل ولا تعنيف ، كما قال : ( ابن عباس وجادلهم بالتي هي أحسن ) . وقال ابن زيد : ( مراء ظاهرا ) هو قولك لهم ليس كما تعلمون . وحكى الماوردي إلا بحجة ظاهرة . وقال : إلا جدال متيقن عالم بحقيقة الخبر ، والله تعالى ألقى إليك ما لا يشوبه باطل . وقال ابن الأنباري ابن بحر : ( ظاهرا ) يشهده الناس . وقال التبريزي : ( ظاهرا ) ذاهبا بحجة الخصم ، وأنشد :
وتلك شكاة ظاهر عنك عارها
أي : ذاهب ، ثم نهاه أن يسأل أحدا من أهل الكتاب عن قصتهم لا سؤال متعنت ; لأنه خلاف ما أمرت به من الجدال بالتي هي أحسن ، ولا سؤال مسترشد ; لأنه تعالى قد أرشدك بأن أوحى إليك قصتهم ، ثم نهاه أن يخبر بأنه يفعل في الزمن المستقبل شيئا إلا ويقرن ذلك بمشيئة الله تعالى ، وتقدم في سبب النزول أنه - عليه السلام - حين سأله قريش عن أهل الكهف والخضر والروح قال : ( غدا أخبركم ) . ولم يقل إن شاء الله ، فتأخر عنه الوحي مدة . قيل : خمسة عشر يوما ، وقيل : أربعين و ( إلا أن يشاء الله ) استثناء لا يمكن حمله على ظاهره ; لأنه يكون داخلا تحت القول ، فيكون من المقول ولا ينهاه الله أن يقول : إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ; لأنه كلام صحيح في نفسه ، لا يمكن أن ينهي عنه ، فاحتيج في تأويل هذا الظاهر إلى تقدير .
فقال ابن عطية : في الكلام حذف يقتضيه الظاهر ويحسنه الإيجاز ، تقديره إلا أن تقول : ( إلا أن يشاء الله ) أو إلا أن تقول : إن شاء الله ، فالمعنى إلا أن تذكر مشيئة الله فليس ( إلا أن يشاء الله ) من القول الذي نهى عنه . وقال : ( الزمخشري إلا أن يشاء الله ) متعلق بالنهي ، لا بقوله : ( إني فاعل ) لأنه لو قال : ( إني فاعل ) كذا ( إلا أن يشاء الله ) كان معناه إلا أن تعترض مشيئة الله دون فعله ، وذلك ما لا مدخل فيه للنهي ، وتعلقه بالنهي على وجهين :
أحدهما : ولا تقولن ذلك القول إلا أن يشاء الله أن تقوله بأن ذلك فيه .
والثاني : ولا تقولنه إلا بأن يشاء الله أي : إلا بمشيئته وهو في موضع الحال ، أي : إلا ملتبسا بمشيئة الله قائلا إن شاء الله . وفيه وجه ثالث ، وهو أن يكون إلا أن يشاء الله في معنى كلمة ثانية ، كأنه قيل : ولا تقولنه أبدا ونحوه ( وما يكون لنا أن نعود فيها إلا أن يشاء الله ربنا ) لأن عودهم في ملتهم مما لن يشاء الله ، وهذا نهي تأديب من الله لنبيه حين قال : ( ائتوني غدا أخبركم ) . ولم يستثن . انتهى .
قال ابن عطية : وقالت فرقة : هو استثناء من قوله : ( ولا تقولن ) وحكاه ، ورد عليه وهو من الفساد من حيث كان الواجب أن لا يحكى . انتهى . وتقدم تخريج الطبري : ذلك على أن [ ص: 116 ] يكون متعلقا بالنهي ، وتكلم المفسرون في هذه الآية في الاستثناء في اليمين ، وليست الآية في الأيمان ، والظاهر أمره تعالى بذكر الله إذا عرض له نسيان ، ومتعلق النسيان غير متعلق الذكر . فقيل : التقدير ( الزمخشري واذكر ربك ) إذا تركت بعض ما أمرك به ، وقيل : واذكره إذا اعتراك النسيان ليذكرك المنسي ، وقد حمل قتادة ذلك على أداء الصلاة المنسية عند ذكرها . وقيل : ( واذكر ربك ) بالتسبيح والاستغفار ( إذا نسيت ) كلمة الاستثناء تشديدا في البعث على الاهتمام بها . وقيل : ( واذكر ) مشيئة ( ربك ) إذا فرط منك نسيان لذلك أي إذا نسيت كلمة الاستثناء ، ثم تنبهت لها ، فتداركتها بالذكر قاله ابن جبير . قال : ولو بعد يوم أو شهر أو سنة . وقال : بعد تقضي النسيان ، كما تقول : اذكر لعبد الله إذا صلى صاحبك أي : إذا قضى الصلاة . ابن الأنباري
والإشارة بقوله : لأقرب من هذا إلى الشيء المنسي أي اذكر ربك عند نسيانه بأن تقول : ( عسى أن يهديني ربي ) لشيء آخر بدل هذا المنسي أقرب منه ( رشدا ) وأدنى خيرا أو منفعة ، ولعل النسيان كان خيرة كقوله : ( أو ننسها نأت بخير منها ) . وقال : وهذا إشارة إلى بناء أهل الكهف ، ومعناه لعل الله يؤتيني من البينات والحجج على أني نبي صادق ما هو أعظم في الدلالة وأقرب رشدا من بناء أصحاب الكهف ، وقد فعل ذلك حيث آتاه من قصص الأنبياء والإخبار بالغيوب ما هو أعظم من ذلك وأدل . انتهى . وهذا تقدمه إليه الزمخشري قال : المعنى ( عسى ) أن ييسر الله من الأدلة على نبوتي أقرب من دليل أصحاب الكهف . وقال الزجاج : ( عسى ) أن يعرفني جواب مسائلكم قبل الوقت الذي حددته لكم ويعجل لي من جهته الرشاد . وقال ابن الأنباري محمد الكوفي المفسر : هي بألفاظها مما أمر أن يقولها كل من لم يستثن ، وإنها كفارة لنسيان الاستثناء .