[ ص: 127 ] ( وهو يحاوره ) حال من الفاعل وهو صاحبه المؤمن . وقرأ أبي وهو يخاصمه ، وهي قراءة تفسير لا قراءة رواية لمخالفته سواد المصحف ، ولأن الذي روي بالتواتر ( هو يحاوره ) لا يخاصمه . و ( أكفرت ) استفهام إنكار وتوبيخ حيث أشرك مع الله غيره . وقرأ ثابت البناني : ويلك ( أكفرت ) وهو تفسير معنى التوبيخ والإنكار لا قراءة ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم نبهه على أصل نشأته وإيجاده بعد العدم ، وأن ذلك دليل على جواز البعث من القبور ، ثم تحتم ذلك بإخبار الصادقين وهم الرسل عليهم السلام . وقوله : ( خلقك من تراب ) إما أن يراد خلق أصلك ( من تراب ) وهو آدم عليه السلام وخلق أصله سبب في خلقه فكان خلقه خلقا له ، أو أريد أن ماء الرجل يتولد من أغذية راجعة إلى التراب ، فنبهه أولا على ما تولد منه ماء أبيه ثم ثانيه على النطفة التي هي ماء أبيه ، وأما ما نقل من أن ملكا وكل بالنطفة يلقي فيها قليلا من تراب قبل دخولها في الرحم فيحتاج إلى صحة نقل .
ثم نبهه على تسويته رجلا وهو خلقه معتدلا صحيح الأعضاء ، ويقال للغلام إذا تم شبابه : قد استوى . وقيل : ذكره بنعمة الله عليه في كونه رجلا ولم يخلقه أنثى ، نبهه بهذه التنقلات على كمال قدرته وأنه لا يعجزه شيء . قال : ( الزمخشري سواك ) عدلك وكملك إنسانا ذكرا بالغا مبلغ الرجال ، جعله كافرا بالله جاحدا لأنعمه لشكه في البعث كما يكون المكذب بالرسول كافرا . انتهى . وانتصب ( رجلا ) على الحال . وقال الحوفي ( رجلا ) نصب بسوى أي : جعلك ( رجلا ) فظاهره أنه عدى سوى إلى اثنين ، ولما لم يكن الاستفهام استفهام استعلام ، وإنما هو استفهام إنكار وتوبيخ فهو في الحقيقة تقرير على كفره وإخبار عنه به ; لأن معناه قد كفرت بالذي استدرك هو مخبرا عن نفسه ، فقال : ( لكنا هو الله ربي ) إقرار بتوحيد الله وأنه لا يشرك به غيره .
وقرأ الكوفيون وأبو عمرو وابن كثير ونافع في رواية ورش وقالون لكن بتشديد النون بغير ألف في الوصل ، وبألف في الوقف ، وأصله ولكن أنا نقل حركة الهمزة إلى نون ( لكن ) وحذف الهمزة فالتقى [ ص: 128 ] مثلان فأدغم أحدهما في الآخر ، وقيل : حذف الهمزة من أنا على غير قياس فالتقت نون ( لكن ) وهي ساكنة مع نون أنا فأدغمت فيها ، وأما في الوقف فإنه أثبت ألف أنا وهو المشهور في الوقف على أنا ، وأما في الوصل فالمشهور حذفها ، وقد أبدلها ألفا في الوقف أبو عمر ، وفي رواية فوقف لكنه ذكره ابن خالويه . وقال ابن عطية : وروى هارون عن أبي عمرو لكنه ( هو الله ربي ) بضمير لحق ( لكن ) . وقرأ ابن عامر ونافع في رواية المسيبي وزيد بن علي والحسن والزهري وأبو بحرية ويعقوب في رواية وأبو عمر ، وفي رواية وكردم في رواية وورش وأبو جعفر بإثبات الألف وقفا ووصلا ، أما في الوقف فظاهر ، وأما في الوصل فبنو تميم يثبتونها فيه في الكلام وغيرهم في الاضطرار ، فجاء على لغة بني تميم . وعن أبي جعفر حذف الألف وصلا ووقفا ، وذلك من رواية الهاشمي ، ودل إثباتها في الوصل أيضا على أن أصل ذلك ( لكن ) أنا .
وقال : وحسن ذلك يعني إثبات الألف في الوصل وقوع الألف عوضا من حذف الهمزة . انتهى . ويدل على ذلك أيضا قراءة فرقة لكننا بحذف الهمزة وتخفيف النونين ، وقال أيضا الزمخشري ونحوه يعني : ونحو إدغام نون ( لكن ) في نون أنا بعد حذف الهمزة قول القائل : الزمخشري
وترمينني بالطرف أي أنت مذنب وتقلينني لكن إياك لا أقلي
أي : لكن أنا لا أقليك . انتهى . ولا يتعين ما قاله في البيت لجواز أن يكون التقدير لكنني فحذف اسم لكن ، وذكروا أن حذفه فصيح إذا دل عليه الكلام ، وأنشدوا على ذلك قول الشاعر :
فلو كنت ضبيا عرفت قرابتي ولكن زنجي عظيم المشافر
أي : ولكنك زنجي ، وأجاز أبو علي أن تكون لكن لحقتها نون الجماعة التي في خرجنا وضربنا ووقع الإدغام لاجتماع المثلين ، ثم وحد في ( ربي ) على المعنى ، ولو اتبع اللفظ لقال ربنا . انتهى ، وهو تأويل بعيد . وقال ابن عطية : ويتوجه في لكنا أن تكون المشهورة من أخوات إن ، المعنى لكن قولي ( هو الله ربي ) إلا أني لا أعرف من يقرأ بها وصلا ووقفا . انتهى . وذكر أبو القاسم يوسف بن علي بن جبارة الهذلي في كتاب الكامل في القراءات من تأليفه ما نصه : بحذفها في الحالين يعني : الألف في الحالين ، يعني : الوصل والوقف حمصي وابن عتبة وقتيبة غير الثقفي ، ويونس عن أبي عمر ويعني بحمصي ابن أبي عبلة وأبا حيوة وأبا بحرية . قرأ أبي والحسن ( لكن ) أنا ( هو الله ) على الانفصال ، وفكه من الإدغام وتحقيق الهمز ، وحكاها ابن عطية عن . وقرأ ابن مسعود عيسى الثقفي ( لكن هو الله ) بغير أنا ، وحكاها ابن خالويه عن ، وحكاها ابن مسعود الأهوازي عن الحسن . فأما من أثبت ( هو ) فإنه ضمير الأمر والشأن ، وثم قول محذوف أي لكن أنا أقول هو الله ربي ، ويجوز أن يعود على الذي ( خلقك من تراب ) أي : أنا أقول ( هو ) أي : خالقك ( الله ربي ) و ( ربي ) نعت أو عطف بيان أو بدل ، ويجوز أن لا يقدر أقول محذوفة فيكون أنا مبتدأ ، و ( هو ) ضمير الشأن مبتدأ ثان و ( الله ) مبتدأ ثالث ، و ( ربي ) خبره ، والثالث خبر عن الثاني ، والثاني وخبره خبر عن أنا ، والعائد عليه هو الياء في ( ربي ) وصار التركيب نظير : هند هو زيد ضاربها . وعلى رواية هارون يجوز أن يكون هو توكيدا لضمير النصب في لكنه العائد على الذي خلقك ، ويجوز أن يكون فصلا لوقوعه بين معرفين ، ولا يجوز أن يكون ضمير شأن ; لأنه لا عائد على اسم لكن من الجملة الواقعة خبرا .
وفي قوله : ( ولا أشرك بربي أحدا ) تعريض بإشراك صاحبه ، وأنه مخالفه في ذلك ، وقد صرح بذلك صاحبه في قوله يا ليتني لم أشرك بربي أحدا . وقيل : أراد بذلك أنه لا يرى الغنى والفقر إلا منه تعالى ، يفقر من يشاء ويغني من يشاء . وقيل : لا أعجز قدرته على [ ص: 129 ] الإعادة ، فأسوي بينه وبين غيره فيكون إشراكا كما فعلت أنت .
ولما وبخ المؤمن الكافر أورد له ما ينصحه فحضه على أن كان يقول إذا دخل جنته ( ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) أي : الأشياء مقذوفة بمشيئة الله إن شاء أفقر ، وإن شاء أغنى ، وإن شاء نصر ، وإن شاء خذل ، ويحتمل أن تكون ما شرطية منصوبة بشاء ، والجواب محذوف أي : أي شيء شاء الله كان ، ويحتمل أن تكون موصولة بمعنى الذي مرفوعة على الابتداء ، أي : الذي شاءه الله كائن ، أو على الخبر أي : الأمر ما شاء الله ( ولولا ) تحضيضية ، وفصل بين الفعل وبينها بالظرف ، وهو معمول لقوله ( قلت ) . ثم نصحه بالتبرئ من القوة فيما يحاوله ويعانيه ، وأن يجعل القوة لله تعالى . وفي الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لأبي هريرة ) . ونحوه من حديث ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة ) ؟ قال : بلى يا رسول الله ، قال : ( لا قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال الله عز وجل : أسلم عبدي واستسلم أبي موسى وفيه إلا بالله العلي العظيم . ثم أردف تلك النصيحة بترجية من الله ، وتوقعه أن يقلب ما به وما بصاحبه من الفقر والغنى . فقال : ( إن ترن أنا أقل منك مالا وولدا ) أي : إني أتوقع من صنع الله تعالى وإحسانه أن يمنحني جنة خيرا من جنتك لإيماني به ، ويزيل عنك نعمته لكفرك به ويخرب بستانك . وقرأ الجمهور : ( أقل ) بالنصب مفعولا ثانيا لترني ، وهي علمية لا بصرية لوقوع ( أنا ) فصلا ، ويجوز أن يكون توكيدا للضمير المنصوب في ترني ، ويجوز أن تكون بصرية و ( أنا ) توكيد للضمير في ترني المنصوب ، فيكون ( أقل ) حالا . وقرأ عيسى بن عمر ( أقل ) بالرفع على أن تكون أنا مبتدأ ، و ( أقل ) خبره ، والجملة في موضع مفعول ترني الثاني إن كانت علمية ، وفي موضع الحال إن كانت بصرية . ويدل قوله : ( وولدا ) على أن قول صاحبه ( وأعز نفرا ) عنى به الأولاد إن قابل كثرة المال بالقلة ، وعزة النفر بقلة الولد والحسبان ، قال ابن عباس وقتادة : العذاب ، وقال الضحاك : البرد ، وقال الكلبي : النار ، وقال ابن زيد : القضاء ، وقال الأخفش : سهام ترمى في مجرى فقلما تخطئ . وقيل : النبل ، وقيل : الصواعق ، وقيل : آفة مجتاحة . وقال : عذاب حسبان وذلك الحسبان حساب ما كسبت يداك ، وهذا الترجي إن كان ذلك أن يؤتيه في الدنيا فهي أنكى للكافر وآلم إذ يرى حاله من الغنى قد انتقلت إلى صاحبه ، وإن كان ذلك أن يؤتيه في الآخرة فهو أشرف وأذهب مع الخير والصلاح ( الزجاج فتصبح صعيدا ) أي : أرضا بيضاء لا نبات فيها لا من كرم ، ولا نخل ولا زرع ، قد اصطلم جميع ذلك فبقيت يبابا قفرا يزلق عليها لإملاسها ، والزلق الذي لا تثبت فيه قدم ذهب غراسه وبناؤه وسلب المنافع حتى منفعة المشي فيه فهو وحل لا ينبت ولا يثبت فيه قدم . وقال الحسن : الزلق الطريق الذي لا نبات فيه . وقيل : الخراب . وقال مجاهد : رملا هائلا . وقيل : الزلق الأرض السبخة وترجي المؤمن لجنة هذا الكافر آفة علوية من السماء أو آفة سفلية من الأرض ، وهو غور مائها فيتلف كل ما فيها من الشجر والزرع ، وغور مصدر خبر عن اسم أصبح على سبيل المبالغة و ( أو يصبح ) معطوف على قوله : ( يرسل ) لأن غئور الماء لا يتسبب على الآفة السماوية إلا إن عنى بالحسبان القضاء الإلهي ، فحينئذ يتسبب عنه إصباح الجنة ( صعيدا زلقا ) أو إصباح مائها ( غورا ) .
وقرأ الجمهور ( غورا ) بفتح الغين ، وقرأ البرجمي : ( غورا ) بضم الغين ، وقرأت فرقة بضم الغين وهمز الواو يعنون وبواو بعد الهمزة فيكون غئورا كما جاء في مصدر غارت عينه غئورا ، والضمير في ( له ) عائد على الماء أي : لن يقدر على طلبه لكونه ليس مقدورا على رد ما غوره الله تعالى . وحكى الماوردي أن معناه : لن تستطيع طلب غيره بدلا منه ، وبلغ الله المؤمن ما ترجاه من هلاك ما بيد صاحبه الكافر وإبادته على خلاف ما ظن في قوله ما أظن أن تبيد هذه أبدا فأخبر تعالى أنه ( أحيط بثمره ) وهو عبارة [ ص: 130 ] عن الإهلاك ، وأصله من أحاط به العدو وهو استدارته به من جوانبه ، ومتى أحاط به ملكه واستولى عليه ، ثم استعملت في كل إهلاك ، ومنه ( إلا أن يحاط بكم ) . وقال ابن عطية : الإحاطة كناية عن عموم العذاب والفساد . انتهى .
والظاهر أن الإحاطة كانت ليلا ; لقوله : ( فأصبح ) على أن أنه يحتمل أن يكون معنى ( فأصبح ) فصار فلا يدل على تقييد الخبر بالصباح ، وتقليب كفيه ظاهره أنه ( يقلب كفيه ) ظهرا لبطن ، وهو أنه يبدي باطن كفه ثم يعوج كفه حتى يبدو ظهرها ، وهي فعلة النادم المتحسر على شيء قد فاته ، المتأسف على فقدانه ، كما يكنى بقبض الكف والسقوط في اليد ، وقيل : يصفق بيده على الأخرى و ( يقلب كفيه ) ظهرا لبطن ، وقيل : يضع باطن إحداهما على ظهر الأخرى ، ولما كان هذا الفعل كناية عن الندم عداه تعدية فعل الندم ، فقال : ( على ما أنفق فيها ) كأنه قال : فأصبح نادما على ذهاب ما أنفق في عمارة تلك الجنة ( وهي خاوية على عروشها ) تقدم الكلام على هذه الجملة في أواخر البقرة . وتمنيه انتفاء الشرك الظاهر أنه صدر منه ذلك في حالة الدنيا على جهة التوبة بعد حلول المصيبة ، وفي ذلك زجر للكفرة من قريش وغيرهم ; لئلا يجيء لهم حال يؤمنون فيها بعد نقم تحل بهم ، قيل : أرسل الله عليها نارا فأكلتها فتذكر موعظة أخيه ، وعلم أنه أتي من جهة شركه وطغيانه فتمنى لو لم يكن مشركا . وقال بعض المفسرين : هي حكاية عن قول الكافر هذه المقالة في الآخرة ، ولما افتخر بكثرة ماله وعزة نفره أخبر تعالى أنه لم تكن ( له فئة ) أي : جماعة تنصره ، ولا كان هو منتصرا بنفسه ، وجمع الضمير في ( ينصرونه ) على المعنى كما أفرده على اللفظ في قوله : ( فئة تقاتل في سبيل الله ) واحتمل النفي أن يكون منسحبا على القيد فقط ، أي : له فئة لكنه لا يقدر على نصره . وأن يكون منسحبا على القيد ، والمراد انتفاؤه لانتفاء ما هو وصف له أي : لا فئة فلا نصر وما كان منتصرا بقوة عن انتقام الله .
وقرأ الأخوان و مجاهد وابن وثاب والأعمش وطلحة وأيوب وخلف وأبو عبيد وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني ، ولم يكن بالياء ; لأن تأنيث الفئة مجاز . وقرأ باقي السبعة وابن جرير والحسن وأبو جعفر وشيبة بالتاء . وقرأ ( فئة ) تنصره على اللفظ والحقيقة في هنالك أن يكون ظرف مكان للبعد ، فالظاهر أنه أشير به لدار الآخرة ، أي : في تلك الدار الولاية لله كقوله : ( ابن أبي عبلة لمن الملك اليوم ) . قيل : لما نفى عنه الفئة الناصرة في الدنيا نفى عنه أن ينتصر في الآخرة ، فقال : ( وما كان منتصرا هنالك ) أي : في الدار الآخرة ، فيكون ( هنالك ) معمولا لقوله : ( منتصرا ) . وقال : أي وما كان منتصرا في تلك الحال و ( الزجاج الولاية لله ) على هذا مبتدأ وخبر . وقيل : ( هنالك الولاية لله ) مبتدأ وخبر ، والوقف على قوله : ( منتصرا ) .
وقرأ الأخوان والأعمش وابن وثاب وشيبة وابن غزوان عن طلحة وخلف وابن سعدان وابن عيسى الأصبهاني ( وابن جرير الولاية ) بكسر الواو وهي بمعنى الرئاسة والرعاية . وقرأ باقي السبعة بفتحها بمعنى الموالاة والصلة . وحكي عن أبي عمرو أن كسر الواو هنا لحن ; لأن فعالة إنما تجيء فيما كان صنعة أو معنى متقلدا وليس هنالك تولي أمور . وقال الزمخشري : ( والأصمعي الولاية ) بالفتح النصرة ، والتولي - بالكسر - السلطان والملك ، وقد قرئ بهما ، والمعنى هنالك أي : في ذلك المقام ، وتلك الحال النصرة لله وحده لا يملكها غيره ، ولا يستطيعها أحد سواه تقريرا لقوله : ( ولم تكن له فئة ينصرونه من دون الله ) أو ( هنالك ) السلطان والملك ( لله ) لا يغلب ولا يمتنع منه ، أو في مثل تلك الحال الشديدة يتولى الله ويؤمن به كل مضطر ، يعني إن قوله : ( يا ليتني لم أشرك بربي أحدا ) كلمة ألجئ إليها فقالها فزعا من شؤم كفره ، ولولا ذلك لم يقلها ، ويجوز أن يكون المعنى ( هنالك الولاية لله ) ينصر فيها أولياءه المؤمنين على الكفرة وينتقم لهم ويشفي صدورهم من أعدائهم ، يعني أنه نصر فيما فعل [ ص: 131 ] بالكافر أخاه المؤمن ، وصدق قوله ( فعسى ربي أن يؤتيني خيرا من جنتك ويرسل عليها حسبانا من السماء ) ويعضده قوله ( هو خير ثوابا وخير عقبا ) ، أي : لأوليائه انتهى .
وقرأ النحويان وحميد والأعمش وابن أبي ليلى وابن مناذر واليزيدي وابن عيسى الأصبهاني " الحق " برفع القاف صفة للولاية . وقرأ باقي السبعة بخفضها وصفا لله تعالى . وقرأ أبي " ( هنالك الولاية الحق لله ) برفع الحق للولاية وتقديمها على قوله " لله " . وقرأ أبو حيوة وزيد بن علي وعمرو بن عبيد وابن أبي عبلة وأبو السمال ويعقوب عن عصمة عن أبي عمرو " لله الحق " بنصب القاف . قال : على التأكيد كقولك هذا عبد الله الحق لا الباطل ، وهي قراءة حسنة فصيحة ، وكان الزمخشري - رحمة الله عليه ورضوانه - من أفصح الناس وأنصحهم . انتهى . عمرو بن عبيد
وكان قد قال : وقرأ الزمخشري - رحمه الله - انتهى . فترحم عليه وترضى عنه إذ هو من أوائل أكابر شيوخه المعتزلة ، وكان على غاية من الزهد والعبادة وله أخبار في ذلك إلا أن أهل السنة يطعنون عليه وعلى أتباعه ، وفي ذلك يقول عمرو بن عبيد في أرجوزته التي سماها المنبهة : أبو عمرو الداني
وابن عبيد شيخ الاعتزال وشارع البدعة والضلال
وقرأ الحسن والأعمش وعاصم وحمزة " عقبا " بسكون القاف والتنوين ، وعن عاصم عقبى بألف التأنيث المقصورة على وزن رجعى ، والجمهور بضم القاف والتنوين والثلاث بمعنى العاقبة .