و ( ما ) في ( ما دمت ) مصدرية ظرفية . وقال ابن عطية . وقرأ ( دمت ) بضم الدال عاصم وجماعة . وقرأ ( دمت ) بكسر الدال أهل المدينة وابن كثير وأبو عمرو انتهى ، والذي في كتب القراءات أن القراء السبعة قرءوا ( دمت حيا ) بضم الدال ، وقد طالعنا جملة من الشواذ فلم نجدها لا في شواذ السبعة ولا في شواذ غيرهم على أنها لغة تقول : دمت تدام ، كما قالوا مت تمات ، وسبق أنه قرئ ( وبرا ) بكسر الباء فإما على حذف مضاف ، أي : وذا بر ، وإما على المبالغة جعل [ ص: 188 ] ذاته من فرط بره ، ويجوز أن يضمر فعل في معنى أوصاني وهو كلفني ؛ لأن أوصاني بالصلاة وكلفنيها واحد ، ومن قرأ ( وبرا ) بفتح الباء ، فقال الحوفي وأبو البقاء : إنه معطوف على ( مباركا ) وفيه بعد للفصل بين المعطوف والمعطوف عليه بالجملة التي هي ( أوصاني ) ومتعلقها ، والأولى إضمار فعل ، أي : وجعلني ( برا ) . وحكى الزهراوي وأبو البقاء أنه قرئ ( وبر ) بكسر الباء والراء عطفا على ( بالصلاة والزكاة ) .
وقوله : ( بوالدتي ) بيان محل البر وأنه لا والد له ، وبهذا القول برأها قومها . والجبار كما تقدم المتعاظم وكان في غاية التواضع يأكل الشجر ويلبس - صلى الله عليه وسلم - الشعر ويجلس على التراب حيث جنه الليل لا مسكن له ، وكان يقول : سلوني فإني لين القلب صغير في نفسي ، والألف واللام في ( والسلام ) للجنس . قال : هذا التعريف تعريض بلعنة متهمي الزمخشري مريم وأعدائهما من اليهود ، وحقيقته أن اللام للجنس ، فإذا قال : وجنس السلام علي خاصة فقد عرض بأن ضده عليكم ، ونظيره ( والسلام على من اتبع الهدى ) يعني إن العذاب على من كذب وتولى ، وكان المقام مقام مناكرة وعناد فهو مئنة لنحو هذا من التعريض . وقيل : أل لتعريف المنكر في قصة يحيى في قوله ( وسلام ) نحو ( كما أرسلنا إلى فرعون رسولا ) فعصى فرعون الرسول ، أي : وذلك السلام الموجه إلى يحيى في المواطن الثلاثة موجه إلي . وسبق القول في تخصيص هذه المواطن .
وقرأ ( يوم ولدت ) أي يوم ولدتني جعله ماضيا لحقته تاء التأنيث ورجح ( وسلام علي ) والسلام لكونه من الله وهذا من قول زيد بن علي عيسى - عليه السلام - وقيل سلام عيسى أرجح لأنه تعالى أقامه في ذلك مقام نفسه فسلم نائبا عن الله .