(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=36فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=37وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38وقال فرعون ياأيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي ياهامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=39واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=40فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظر كيف كان عاقبة الظالمين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=41وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=36بآياتنا ) هي العصا واليد . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=36بينات ) أي واضحات الدلالة على صدقه ، وأنه أمر خارق معجز ، كفوا عن مقاومته ومعارضته ، فرجعوا إلى البهت والكذب ، ونسبوه إلى أنه سحر ؛ لأنهم يرون الشيء على حالة ، ثم يرونه على حالة أخرى ، ثم يعود إلى الحالة الأولى ، فزعموا أنه سحر يفتعله
موسى ويفتريه على الله ، فليس بمعجز . ثم مع دعواهم أنه سحر مفترى ، وكذبهم في ذلك ، أرادوا في الكذب أنهم ما سمعوا بهذا في آبائهم ، أي في زمان آبائهم وأيامهم . وفي آبائنا : حال ، أي بهذا ، أي بمثل هذا كائنا في أيام آبائنا . وإذا نفوا السماع لمثل هذا في الزمان السابق ، ثبت أن ما ادعاه
موسى هو بدع لم يسبق إلى مثله ، فدل على أنه مفترى على الله ، وقد كذبوا في ذلك ، وطرق سماعهم أخبار الرسل السابقين
موسى في الزمان . ألا ترى إلى قول مؤمن من آل
فرعون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34ولقد جاءكم يوسف من قبل بالبينات ) ؟
ولما رأى
موسى ما قابلوه به من كون ما أتى به سحرا ، وانتفاء سماع مثله في الزمان السابق (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=37قال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده ) حيث أهله للرسالة ، وبعثه بالهدى ، ووعده حسن العقبى ، ويعني بذلك نفسه ، ولو كان كما يزعمون لم يرسله . ثم نبه على العلة الموجبة لعدم الفلاح ، وهي الظلم . وضع الشيء غير موضعه ، حيث دعوا
nindex.php?page=treesubj&link=32020إلى الإيمان بالله ، وأتوا بالمعجزات ، فادعوا الإلهية ، ونسبوا ذلك المعجز إلى السحر . وعاقبة الدار وإن كانت تصلح للمحمودة والمذمومة ، فقد كثر استعمالها في المحمودة ، فإن لم تقيد ، حملت عليها . ألا ترى إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أولئك لهم عقبى الدار nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23جنات عدن ) ؟ وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وسيعلم الكفار لمن عقبى الدار ) وقرأ
ابن كثير : قال
موسى ، بغير واو ؛ وباقي السبعة : بالواو . ومناسبة قراءة الجمهور أنه لما جاءهم بالبينات قالوا : كيت وكيت ، وقال
موسى : كيت وكيت ؛ فيتميز الناظر فصل ما بين القولين وفساد أحدهما ، إذ قد تقابلا ، فيعلم يقينا أن قول
موسى هو الحق والهدى . ومناسبة قراءة
ابن كثير ،
[ ص: 120 ] أنه موضع قراءة لما قالوا : كيت وكيت ، قال
موسى : كيت وكيت . ونفى
فرعون علمه بإله غيره للملأ ، ويريد بذلك نفي وجوده ، أي ما لكم من إله غيري . ويجوز أن يكون غير معلوم عنده إله لهم ، ولكنه مظنون ، فيكون النفي على ظاهره ، ويدل على ذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38وإني لأظنه من الكاذبين ) وهو الكاذب في انتفاء علمه بإله غيره . ألا ترى إلى قوله حالة غرقه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل ) ؟ واستمر
فرعون في مخرقته ، ونادى وزيره
هامان ، وأمره أن يوقد النار على الطين . قيل : وهو أول من عمل الآجر ، ولم يقل : اطبخ الآجر ؛ لأنه لم يتقدم لهامان علم بذلك ،
ففرعون هو الذي يعلمه ما يصنع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38فاجعل لي صرحا ) أي ابن لي ، لعلي أطلع إلى إله
موسى . أوهم قومه أن إله
موسى يمكن الوصول إليه والقدرة عليه ، وهو عالم متيقن أن ذلك لا يمكن له ؛ وقومه لغباوتهم وجهلهم وإفراط عمايتهم ، يمكن ذلك عندهم ، ونفس إقليم
مصر يقتضي لأهله تصديقهم بالمستحيلات وتأثرهم للموهمات والخيالات ، ولا يشك أنه كان من قوم
فرعون من يعتقد أنه مبطل في دعواه ، ولكن يوافقه مخافة سطوه واعتدائه . كما رأيناه يعرض لكثير من العقلاء ، إذا حدث رئيس بحضرته بحديث مستحيل ، يوافقه على ذلك الحديث . ولا يدل الأمر ببناء الصرح على أنه بني ، وقد اختلف في ذلك ، فقيل : بناه ، وذكر من وصفه بما الله أعلم به . وقيل : لم يبن . واطلع في معنى : طلع ، يقال : طلع إلى الجبل واطلع بمعنى واحد ، أي صعد ، فافتعل فيه بمعنى الفعل المجرد وبغير الحق ، إذ ليس لهم ذلك ، فهم مبطلون في استكبارهم ؛ حيث ادعى الإلهية ووافقوه على ذلك ؛ والكبرياء في الحقيقة إنما هو لله . وقرأ
حمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي ،
ونافع : " لا يرجعون " مبنيا للفاعل ؛ والجمهور : مبنيا للمفعول . والأرض هنا أرض
مصر . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=40فنبذناهم في اليم ) كناية عن إدخالهم في البحر حتى غرقوا ، شبهوا بحصيات . قذفها الرامي من يده ، ومنه نبذ النواة ، وقول الشاعر :
نظرت إلى عنوانه فنبذته كنبذك نعلا من نعالك باليا
وقوم
فرعون وفرعون ، وإن ساروا إلى البحر باختيارهم في طلب
بني إسرائيل ، فإن ما ضمهم من القدر السابق ، وإغراقهم في البحر ، هو نبذ الله إياهم . و " جعل " هنا بمعنى : صير ، أي صيرناهم أئمة قدوة للكفار يقتدون بهم في ضلالتهم ، كما أن للخير أئمة يقتدى بهم ، اشتهروا بذلك وبقي حديثهم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وجعلناهم : دعوناهم ، أئمة : دعاة إلى النار ، وقلنا : إنهم أئمة دعاة إلى النار ، وهو من قولك : جعله بخيلا وفاسقا إذا دعاه فقال : إنه بخيل وفاسق . ويقول أهل اللغة في تفسير فسقه وبخله : جعله بخيلا وفاسقا ، ومنه قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا ) . ومعنى دعوتهم إلى النار : دعوتهم إلى موجباتها من الكفر . انتهى . وإنما فسر جعلناهم بمعنى دعوناهم ، لا بمعنى صيرناهم ، جريا على مذهبه من الاعتزال ؛ لأن في تصييرهم أئمة ، خلق ذلك لهم ، وعلى مذهب
المعتزلة ، جوزون ذلك من الله ، ولا ينسبونه إليه ، قال : ويجوز خذلناهم حتى كانوا أئمة الكفر ، ومعنى الخذلان : منع الألطاف ، وإنما يمنعها من علم أنه لا ينفع فيه ، وهو المصمم على الكفر ، الذي لا تغني عنه الآيات والنذر . انتهى ، وهو على طريقة الاعتزال أيضا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42لعنة ) أي طردا وإبعادا ، وعطف " يوم القيامة " على : " في هذه الدنيا " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42من المقبوحين ) قال
أبو عبيدة : من الهالكين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : من المشوهين الخلقة ، لسواد الوجوه وزرقة العيون . وقيل : من المبعدين .
ولما ذكر تعالى ما آل إليه
فرعون وقومه من غضب الله عليهم وإغراقه ، ذكر ما امتن به على رسوله
موسى - عليه السلام - فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43ولقد آتينا موسى الكتاب ) وهو التوراة ، وهو
nindex.php?page=treesubj&link=31912أول كتاب أنزلت فيه الفرائص والأحكام . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43من بعد ما أهلكنا القرون الأولى ) قوم
نوح وهود وصالح ولوط ، ويقال : لم تهلك قرية بعد نزول التوراة غير القرية التي مسخ أهلها قردة . وانتصب
[ ص: 121 ] " بصائر " على الحال ، أي طرائق هدى يستبصر بها .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=36فَلَمَّا جَاءَهُمْ مُوسَى بِآيَاتِنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُفْتَرًى وَمَا سَمِعْنَا بِهَذَا فِي آبَائِنَا الْأَوَّلِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=37وَقَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ وَمَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَاأَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَاهَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=39وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=40فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=41وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ) .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=36بِآيَاتِنَا ) هِيَ الْعَصَا وَالْيَدُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=36بَيِّنَاتٍ ) أَيْ وَاضِحَاتِ الدَّلَالَةِ عَلَى صِدْقِهِ ، وَأَنَّهُ أَمْرٌ خَارِقٌ مُعْجِزٌ ، كَفُّوا عَنْ مُقَاوَمَتِهِ وَمُعَارَضَتِهِ ، فَرَجَعُوا إِلَى الْبُهْتِ وَالْكَذِبِ ، وَنَسَبُوهُ إِلَى أَنَّهُ سِحْرٌ ؛ لِأَنَّهُمْ يَرَوْنَ الشَّيْءَ عَلَى حَالَةٍ ، ثُمَّ يَرَوْنَهُ عَلَى حَالَةٍ أُخْرَى ، ثُمَّ يَعُودُ إِلَى الْحَالَةِ الْأُولَى ، فَزَعَمُوا أَنَّهُ سِحْرٌ يَفْتَعِلُهُ
مُوسَى وَيَفْتَرِيهِ عَلَى اللَّهِ ، فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ . ثُمَّ مَعَ دَعْوَاهُمْ أَنَّهُ سِحْرٌ مُفْتَرًى ، وَكَذِبِهِمْ فِي ذَلِكَ ، أَرَادُوا فِي الْكَذِبِ أَنَّهُمْ مَا سَمِعُوا بِهَذَا فِي آبَائِهِمْ ، أَيْ فِي زَمَانِ آبَائِهِمْ وَأَيَّامِهِمْ . وَفِي آبَائِنَا : حَالٌ ، أَيْ بِهَذَا ، أَيْ بِمِثْلِ هَذَا كَائِنًا فِي أَيَّامِ آبَائِنَا . وَإِذَا نَفَوُا السَّمَاعَ لِمِثْلِ هَذَا فِي الزَّمَانِ السَّابِقِ ، ثَبَتَ أَنَّ مَا ادَّعَاهُ
مُوسَى هُوَ بِدْعٌ لَمْ يُسْبَقْ إِلَى مِثْلِهِ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مُفْتَرًى عَلَى اللَّهِ ، وَقَدْ كَذَبُوا فِي ذَلِكَ ، وَطُرُقِ سَمَاعِهِمْ أَخْبَارَ الرُّسُلِ السَّابِقِينَ
مُوسَى فِي الزَّمَانِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ مُؤْمِنٍ مِنْ آلِ
فِرْعَوْنَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ ) ؟
وَلَمَّا رَأَى
مُوسَى مَا قَابَلُوهُ بِهِ مِنْ كَوْنِ مَا أَتَى بِهِ سِحْرًا ، وَانْتِفَاءَ سَمَاعِ مِثْلِهِ فِي الزَّمَانِ السَّابِقِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=37قَالَ مُوسَى رَبِّي أَعْلَمُ بِمَنْ جَاءَ بِالْهُدَى مِنْ عِنْدِهِ ) حَيْثُ أَهَّلَهُ لِلرِّسَالَةِ ، وَبَعَثَهُ بِالْهُدَى ، وَوَعَدَهُ حُسْنَ الْعُقْبَى ، وَيَعْنِي بِذَلِكَ نَفْسَهُ ، وَلَوْ كَانَ كَمَا يَزْعُمُونَ لَمْ يُرْسِلْهُ . ثُمَّ نَبَّهَ عَلَى الْعِلَّةِ الْمُوجِبَةِ لِعَدَمِ الْفَلَاحِ ، وَهِيَ الظُّلْمُ . وَضْعُ الشَّيْءِ غَيْرَ مَوْضِعِهِ ، حَيْثُ دُعُوا
nindex.php?page=treesubj&link=32020إِلَى الْإِيمَانِ بِاللَّهِ ، وَأُتُوا بِالْمُعْجِزَاتِ ، فَادَّعَوُا الْإِلَهِيَّةَ ، وَنَسَبُوا ذَلِكَ الْمُعْجِزَ إِلَى السِّحْرِ . وَعَاقِبَةُ الدَّارِ وَإِنْ كَانَتْ تَصْلُحُ لِلْمَحْمُودَةِ وَالْمَذْمُومَةِ ، فَقَدْ كَثُرَ اسْتِعْمَالُهَا فِي الْمَحْمُودَةِ ، فَإِنْ لَمْ تُقَيَّدْ ، حُمِلَتْ عَلَيْهَا . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=22أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=23جَنَّاتُ عَدْنٍ ) ؟ وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=42وَسَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ ) وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ : قَالَ
مُوسَى ، بِغَيْرِ وَاوٍ ؛ وَبَاقِي السَّبْعَةِ : بِالْوَاوِ . وَمُنَاسَبَةُ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ أَنَّهُ لَمَّا جَاءَهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا : كَيْتَ وَكَيْتَ ، وَقَالَ
مُوسَى : كَيْتَ وَكَيْتَ ؛ فَيَتَمَيَّزُ النَّاظِرُ فَصْلَ مَا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ وَفَسَادَ أَحَدِهِمَا ، إِذْ قَدْ تَقَابَلَا ، فَيَعْلَمُ يَقِينًا أَنَّ قَوْلَ
مُوسَى هُوَ الْحَقُّ وَالْهُدَى . وَمُنَاسَبَةُ قِرَاءَةِ
ابْنِ كَثِيرٍ ،
[ ص: 120 ] أَنَّهُ مَوْضِعُ قِرَاءَةٍ لَمَّا قَالُوا : كَيْتَ وَكَيْتَ ، قَالَ
مُوسَى : كَيْتَ وَكَيْتَ . وَنَفَى
فِرْعَوْنُ عِلْمَهُ بِإِلَهٍ غَيْرِهِ لِلْمَلَأِ ، وَيُرِيدُ بِذَلِكَ نَفْيَ وَجُودِهِ ، أَيْ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي . وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ غَيْرَ مَعْلُومٍ عِنْدَهُ إِلَهٌ لَهُمْ ، وَلَكِنَّهُ مَظْنُونٌ ، فَيَكُونُ النَّفْيُ عَلَى ظَاهِرِهِ ، وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38وَإِنِّي لَأَظُنُهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ ) وَهُوَ الْكَاذِبُ فِي انْتِفَاءِ عِلْمِهِ بِإِلَهٍ غَيْرِهِ . أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِهِ حَالَةَ غَرَقِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=90آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ ) ؟ وَاسْتَمَرَّ
فِرْعَوْنُ فِي مَخْرَقَتِهِ ، وَنَادَى وَزِيرَهُ
هَامَانَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُوقِدَ النَّارَ عَلَى الطِّينِ . قِيلَ : وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَ الْآجُرَّ ، وَلَمْ يَقُلِ : اطْبُخِ الْآجُرَّ ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَقَدَّمْ لِهَامَانَ عِلْمٌ بِذَلِكَ ،
فَفِرْعَوْنُ هُوَ الَّذِي يُعَلِّمُهُ مَا يَصْنَعُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=38فَاجْعَلْ لِي صَرْحًا ) أَيِ ابْنِ لِي ، لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ
مُوسَى . أَوْهَمَ قَوْمَهُ أَنَّ إِلَهَ
مُوسَى يُمْكِنُ الْوُصُولُ إِلَيْهِ وَالْقُدْرَةُ عَلَيْهِ ، وَهُوَ عَالِمٌ مُتَيَقَّنٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ لَهُ ؛ وَقَوْمُهُ لِغَبَاوَتِهِمْ وَجَهْلِهِمْ وَإِفْرَاطِ عَمَايَتِهِمْ ، يُمْكِنُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ ، وَنَفْسُ إِقْلِيمِ
مِصْرَ يَقْتَضِي لِأَهْلِهِ تَصْدِيقَهُمْ بِالْمُسْتَحِيلَاتِ وَتَأَثُّرَهُمْ لِلْمُوهِمَاتِ وَالْخَيَالَاتِ ، وَلَا يُشَكُّ أَنَّهُ كَانَ مِنْ قَوْمِ
فِرْعَوْنَ مَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ مُبْطِلٌ فِي دَعْوَاهُ ، وَلَكِنْ يُوَافِقُهُ مَخَافَةَ سَطْوِهِ وَاعْتِدَائِهِ . كَمَا رَأَيْنَاهُ يَعْرِضُ لِكَثِيرٍ مِنَ الْعُقَلَاءِ ، إِذَا حَدَّثَ رَئِيسٌ بِحَضْرَتِهِ بِحَدِيثٍ مُسْتَحِيلٍ ، يُوَافِقُهُ عَلَى ذَلِكَ الْحَدِيثِ . وَلَا يَدُلُّ الْأَمْرُ بِبِنَاءِ الصَّرْحِ عَلَى أَنَّهُ بُنِيَ ، وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ ، فَقِيلَ : بَنَاهُ ، وَذَكَرَ مَنْ وَصَفَهُ بِمَا اللَّهُ أَعْلَمُ بِهِ . وَقِيلَ : لَمْ يُبْنَ . وَاطَّلَعَ فِي مَعْنَى : طَلَعَ ، يُقَالُ : طَلَعَ إِلَى الْجَبَلِ وَاطَّلَعَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، أَيْ صَعِدَ ، فَافْتَعَلَ فِيهِ بِمَعْنَى الْفِعْلِ الْمُجَرَّدِ وَبِغَيْرِ الْحَقِّ ، إِذْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ ، فَهُمْ مُبْطِلُونَ فِي اسْتِكْبَارِهِمْ ؛ حَيْثُ ادَّعَى الْإِلَهِيَّةَ وَوَافَقُوهُ عَلَى ذَلِكَ ؛ وَالْكِبْرِيَاءُ فِي الْحَقِيقَةِ إِنَّمَا هُوَ لِلَّهِ . وَقَرَأَ
حَمْزَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ ،
وَنَافِعٌ : " لَا يَرْجِعُونَ " مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ؛ وَالْجُمْهُورُ : مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . وَالْأَرْضُ هُنَا أَرْضُ
مِصْرَ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=40فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ ) كِنَايَةٌ عَنْ إِدْخَالِهِمْ فِي الْبَحْرِ حَتَّى غَرِقُوا ، شُبِّهُوا بِحَصَيَاتٍ . قَذَفَهَا الرَّامِي مِنْ يَدِهِ ، وَمِنْهُ نَبْذُ النَّوَاةِ ، وَقَوْلُ الشَّاعِرِ :
نَظَرْتُ إِلَى عُنْوَانِهِ فَنَبَذْتُهُ كَنَبْذِكَ نَعْلًا مِنْ نِعَالِكَ بَالِيًا
وَقَوْمُ
فِرْعَوْنَ وَفِرْعَوْنُ ، وَإِنْ سَارُوا إِلَى الْبَحْرِ بِاخْتِيَارِهِمْ فِي طَلَبِ
بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَإِنَّ مَا ضَمَّهُمْ مِنَ الْقَدْرِ السَّابِقِ ، وَإِغْرَاقِهِمْ فِي الْبَحْرِ ، هُوَ نَبْذُ اللَّهِ إِيَّاهُمْ . وَ " جَعَلَ " هُنَا بِمَعْنَى : صَيَّرَ ، أَيْ صَيَّرْنَاهُمْ أَئِمَّةً قُدْوَةً لِلْكُفَّارِ يَقْتَدُونَ بِهِمْ فِي ضَلَالَتِهِمْ ، كَمَا أَنَّ لِلْخَيْرِ أَئِمَّةً يُقْتَدَى بِهِمْ ، اشْتَهَرُوا بِذَلِكَ وَبَقِيَ حَدِيثُهُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَجَعَلْنَاهُمْ : دَعَوْنَاهُمْ ، أَئِمَّةً : دُعَاةً إِلَى النَّارِ ، وَقُلْنَا : إِنَّهُمْ أَئِمَّةٌ دُعَاةٌ إِلَى النَّارِ ، وَهُوَ مِنْ قَوْلِكَ : جَعَلَهُ بَخِيلًا وَفَاسِقًا إِذَا دَعَاهُ فَقَالَ : إِنَّهُ بَخِيلٌ وَفَاسِقٌ . وَيَقُولُ أَهْلُ اللُّغَةِ فِي تَفْسِيرِ فِسْقِهِ وَبُخْلِهِ : جَعَلَهُ بَخِيلًا وَفَاسِقًا ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=19وَجَعَلُوا الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبَادُ الرَّحْمَنِ إِنَاثًا ) . وَمَعْنَى دَعَوْتِهِمْ إِلَى النَّارِ : دَعْوَتُهُمْ إِلَى مُوجِبَاتِهَا مِنَ الْكُفْرِ . انْتَهَى . وَإِنَّمَا فَسَّرَ جَعَلْنَاهُمْ بِمَعْنَى دَعَوْنَاهُمْ ، لَا بِمَعْنَى صَيَّرْنَاهُمْ ، جَرْيًا عَلَى مَذْهَبِهِ مِنْ الِاعْتِزَالِ ؛ لِأَنَّ فِي تَصْيِيرِهِمْ أَئِمَّةً ، خَلْقُ ذَلِكَ لَهُمْ ، وَعَلَى مَذْهَبِ
الْمُعْتَزِلَةِ ، جَوِّزُونَ ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ ، وَلَا يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ ، قَالَ : وَيَجُوزُ خَذَلْنَاهُمْ حَتَّى كَانُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ ، وَمَعْنَى الْخِذْلَانِ : مَنْعُ الْأَلْطَافِ ، وَإِنَّمَا يُمْنَعُهَا مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ فِيهِ ، وَهُوَ الْمُصَمِّمُ عَلَى الْكُفْرِ ، الَّذِي لَا تُغْنِي عَنْهُ الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ . انْتَهَى ، وَهُوَ عَلَى طَرِيقَةِ الِاعْتِزَالِ أَيْضًا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42لَعْنَةً ) أَيْ طَرْدًا وَإِبْعَادًا ، وَعُطِفَ " يَوْمَ الْقِيَامَةِ " عَلَى : " فِي هَذِهِ الدُّنْيَا " . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=42مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ) قَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : مِنَ الْهَالِكِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : مِنَ الْمُشَوَّهِينَ الْخِلْقَةِ ، لِسَوَادِ الْوُجُوهِ وَزُرْقَةِ الْعُيُونِ . وَقِيلَ : مِنَ الْمُبْعَدِينَ .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا آلَ إِلَيْهِ
فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ مِنْ غَضَبِ اللَّهِ عَلَيْهِمْ وَإِغْرَاقِهِ ، ذَكَرَ مَا امْتَنَّ بِهِ عَلَى رَسُولِهِ
مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ ) وَهُوَ التَّوْرَاةُ ، وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=31912أَوَّلُ كِتَابٍ أُنْزِلَتْ فِيهِ الْفَرَائِصُ وَالْأَحْكَامُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=43مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى ) قَوْمُ
نُوحٍ وَهُودٍ وَصَالِحٍ وَلُوطٍ ، وَيُقَالُ : لَمْ تَهْلِكْ قَرْيَةٌ بَعْدَ نُزُولِ التَّوْرَاةِ غَيْرُ الْقَرْيَةِ الَّتِي مُسِخَ أَهْلُهَا قِرَدَةً . وَانْتَصَبَ
[ ص: 121 ] " بَصَائِرَ " عَلَى الْحَالِ ، أَيْ طَرَائِقَ هُدًى يُسْتَبْصَرُ بِهَا .