ولما ذكر تعالى ما أنعم به من منفعة الشمس والقمر ، وكان ذلك من الآيات العلوية ، ذكر في مقابلتهما من الآثار السفلية النجم والشجر ، إذ كانا رزقا للإنسان ، وأخبر أنهما جاريان على ما أراد الله بهما ، من تسخيرهما وكينونتهما على ما اقتضته حكمته تعالى . ولما ذكر ما به حياة الأرواح من تعليم القرآن ، ذكر ما به حياة الأشباح من النبات الذي له ساق ، وكان تقديم النجم ، وهو ما لا ساق له ، لأنه أصل القوت ، والذي له ساق ثمره يتفكه به غالبا . والظاهر أن النجم هو الذي شرحناه ، ويدل عليه اقترانه بالشجر . وقال
مجاهد وقتادة والحسن : النجم : اسم الجنس من نجوم السماء . وسجودهما ، قال
مجاهد والحسن : ذلك في النجم بالغروب ونحوه ، وفي الشجر بالظل واستدارته . وقال
مجاهد أيضا : والسجود تجوز ، وهو عبارة عن الخضوع والتذلل . والجمل الأول فيها ضمير يربطها بالمبتدأ ، وأما في هاتين الجملتين فاكتفى بالوصل المعنوي عن الوصل اللفظي ، إذ معلوم أن الحسبان هو حسبانه ، وأن السجود له لا لغيره ، فكأنه قيل : بحسبانه ويسجدان له . ولما أوردت هذه الجمل مورد تعديد النعم رد الكلام إلى العطف في وصل ما يناسب وصله ، والتناسب الذي بين هاتين الجملتين ظاهر ، لأن الشمس والقمر علويان ، والنجم والشجر سفليان .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29026والسماء رفعها ) : أي خلقها مرفوعة ، حيث جعلها مصدر قضاياه ومسكن ملائكته الذين ينزلون بالوحي على أنبيائه ، ونبه بذلك على عظم شأنه وملكه . وقرأ الجمهور : ( والسماء ) ، بالنصب على الاشتغال ، روعي مشاكلة الجملة التي تليه وهي (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6يسجدان ) . وقرأ
أبو السمال : والسماء بالرفع ، راعى مشاكلة الجملة الابتدائية . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29026ووضع الميزان ) ، فعلا ماضيا ناصبا الميزان ، أي أقره وأثبته . وقرأ
إبراهيم : ووضع الميزان ، بالخفض وإسكان الضاد . والظاهر أنه كل ما يوزن به الأشياء وتعرف مقاديرها ، وإن اختلفت الآلات ، قال معناه
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن وقتادة ، جعله تعالى حاكما بالسوية في الأخذ والإعطاء . وقال
مجاهد nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري والأكثرون : الميزان : العدل ، وتكون الآلات من بعض ما يندرج في العدل . بدأ أولا بالعلم ، فذكر ما فيه أشرف أنواع العلوم وهو القرآن ; ثم ذكر ما به التعديل في الأمور ، وهو الميزان ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ) ، ليعلموا الكتاب ويفعلوا ما يأمرهم به الكتاب . (
nindex.php?page=treesubj&link=29026أن لا تطغوا في الميزان ) : أي لأن لا تطغوا ، فتطغوا منصوب بأن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : أو هي " أن " المفسرة . وقال
ابن عطية : ويحتمل أن تكون أن مفسرة ، فيكون تطغوا جزما بالنهي . انتهى ، ولا يجوز ما قالاه من أن أن مفسرة ، لأنه فات أحد شرطيها ، وهو أن يكون ما قبلها جملة فيها معنى القول . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7ووضع الميزان ) جملة ليس فيها معنى القول . والطغيان في الميزان هو أن يكون بالتعمد ، وأما ما لا يقدر عليه من التحرير بالميزان فمعفو عنه .
ولما كانت التسوية مطلوبة جدا ، أمر الله تعالى فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وأقيموا الوزن ) . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9ولا تخسروا ) ، من أخسر : أي أفسد ونقص ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) ; أي ينقصون .
وبلال بن أبي بردة nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : تخسر بفتح التاء ، يقال : خسر يخسر ، وأخسر يخسر بمعنى واحد ، كجبر وأجبر . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني وصاحب اللوامح ، عن
بلال فتح التاء والسين مضارع خسر بكسر السين ، وخرجها
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري على أن يكون التقدير : في الميزان ، فحذف الجار ونصب ، ولا يحتاج إلى هذا التخريج . ألا ترى أن خسر جاء متعديا كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=12خسروا أنفسهم ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11خسر الدنيا والآخرة ) ؟ وقرئ أيضا : تخسروا ، بفتح التاء وضم السين . لما منع من الزيادة ، وهي الطغيان ، نهى عن الخسران الذي هو نقصان ، وكرر لفظ الميزان ، تشديدا للتوصية به وتقوية للأمر باستعماله والحث عليه .
ولما ذكر السماء ، ذكر مقابلتها فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10والأرض وضعها للأنام ) : أي خفضها
[ ص: 190 ] مدحوة على الماء لينتفع بها . وقرأ الجمهور : " والأرض " بالنصب ; وأبو السمال : بالرفع : " والأنام " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : بنو آدم فقط . وقال أيضا هو
وقتادة وابن زيد nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي : الحيوان كله . وقال
الحسن : الثقلان الجن والإنس . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فيها فاكهة ) : ضروب مما يتفكه به . وبدأ بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فاكهة ) ، إذ هو من باب الابتداء بالأدنى والترقي إلى الأعلى ، ونكر لفظها ، لأن الانتفاع بها دون الانتفاع بما يذكر بعدها . ثم ثنى بالنخل ، فذكر الأصل ولم يذكر ثمرتها ، وهو الثمر لكثرة الانتفاع بها من ليف وسعف وجريد وجذوع وجمار وثمر . ثم أتى ثالثا بالحب الذي هو قوام عيش الإنسان في أكثر الأقاليم ، وهو البر والشعير وكل ما له سنبل وأوراق متشعبة على ساقه ، ووصفه بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12ذو العصف ) تنبيها على إنعامه عليهم بما يقوتهم من الحب ، ويقوت بهائمهم من ورقه الذي هو التبن . وبدأ بالفاكهة وختم بالمشموم ، وبينهما النخل والحب ، ليحصل ما به يتفكه ، وما به يتقوت ، وما به تقع اللذاذة من الرائحة الطيبة . وذكر النخل باسمها والفاكهة دون شجرها ، لعظم المنفعة بالنخل من جهات متعددة ، وشجرة الفاكهة بالنسبة إلى ثمرتها حقيرة ، فنص على ما يعظم به الانتفاع من شجرة النخل ومن الفاكهة دون شجرتها .
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12والحب ذو العصف والريحان ) ، برفع الثلاثة عطفا على المرفوع قبله ;
وابن عامر وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : بنصب الثلاثة ، أي وخلق الحب . وجوزوا أن يكون (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12والريحان ) حالة الرفع وحالة النصب على حذف مضاف ، أي وذو الريحان حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ;
وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي nindex.php?page=showalam&ids=13721والأصمعي ، عن
أبي عمرو : والريحان بالجر ، والمعنى : والحب ذو العصف الذي هو علف البهائم ، والريحان الذي هو مطعم الناس ، ويبعد دخول المشموم في قراءة الجر ، وريحان من ذوات الواو . وأجاز
أبو علي أن يكون اسما ، ووضع موضع المصدر ، وأن يكون مصدرا على وزن فعلان كاللبان . وأبدلت الواو ياء ، كما أبدلوا الياء واوا في أشاوى ، أو مصدرا شاذا في المعتل ، كما شذ كبنونة وبينونة ، فأصله ريوحان ، قلبت الواو ياء وأدغمت في الياء فصار ريحان ، ثم حذفت عين الكلمة ، كما قالوا : ميت وهين .
ولما عدد تعالى نعمه ، خاطب الثقلين بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29026فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ، أي أن نعمه كثيرة لا تحصى ، فبأيها تكذبان ؟ أي من هذه نعمه لا يمكن أن يكذب بها . وكان هذا الخطاب للثقلين ، لأنهما داخلان في الأنام على أصح الأقوال . ولقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14خلق الإنسان ) ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15وخلق الجان ) ; ولقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سنفرغ لكم أيها الثقلان ) ، وقد أبعد من جعله خطابا للذكر والأنثى من بني آدم . وأبعد من هذا قول من قال : إنه خطاب على حد قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=24ألقيا في جهنم ) ، ويا حرسي اضربا عنقه ، يعني أنه خطاب للواحد بصورة الاثنين ، فبأي منونا في جميع السورة ، كأنه حذف منه المضاف إليه وأبدل منه ( آلاء ربكما ) بدل معرفة من نكرة ، وآلاء تقدم في الأعراف أنها النعم ، واحدها إلي وألا وإلى وألي .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29026خلق الإنسان ) : لما ذكر العالم الأكبر من السماء والأرض وما أوجد فيها من النعم ، ذكر مبدأ من خلقت له هذه النعم ، والإنسان هو آدم ، وهو قول الجمهور . وقيل : للجنس ، وساغ ذلك لأن أباهم مخلوق من الصلصال . وإذا أريد بالإنسان آدم ، فقد جاءت غايات له مختلفة ، وذلك بتنقل أصله ; فكان أولا ترابا ، ثم طينا ، ثم حمأ مسنونا ، ثم صلصالا ، فناسب أن ينسب خلقه لكل واحد منها . والجان هو أبو الجن ، وهو إبليس ، قاله
الحسن . وقال
مجاهد : هو أبو الجن ، وليس بإبليس . وقيل : الجان اسم جنس ، والمارج : ما اختلط من أصفر وأحمر وأخضر ، أو اللهب ، أو الخالص ، أو الحمرة في طرف النار ، أو المختلط بسواد ، أو المضطرب بلا دخان ، أقوال ، ( ومن ) الأولى لابتداء الغاية ، والثانية في ( من نار ) للتبعيض . وقيل للبيان ، والتكرار في هذه الفواصل : للتأكيد والتنبيه والتحريك ، وهي موجودة في مواضع من القرآن . وذهب قوم منهم
ابن قتيبة إلى أن هذا التكرار إنما هو لاختلاف النعم ، فكرر
[ ص: 191 ] التوقيف في كل واحد منها .
وقرأ الجمهور : ( رب ) ، و ( رب ) بالرفع ، أي هو رب ;
وأبو حيوة nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة : بالخفض بدلا من ربكما ، وثنى المضاف إليه لأنهما مشرقا الصيف والشتاء ومغرباهما ، قاله
مجاهد . وقيل : مشرقا الشمس والقمر ومغرباهما . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : للشمس مشرق في الصيف مصعد ، ومشرق في الشتاء منحدر ، تنتقل فيهما مصعدة ومنحدرة . انتهى . فالمشرقان والمغربان للشمس . وقيل : المشرقان : مطلع الفجر ومطلع الشمس ، والمغربان مغرب الشفق ومغرب الشمس . ولسهل التستري كلام في المشرقين والمغربين شبيه بكلام
الباطنية المحرفين مدلول كلام الله ، ضربنا عن ذكره صفحا . وكذلك ما وقفنا عليه من كلام الغلاة الذين ينسبون للصوفية ، لأنا لا نستحل نقل شيء منه . وقد أولغ صاحب كتاب التحرير والتحبير بحسب ما قاله هؤلاء الغلاة في كل آية آية ، ويسمي ذلك الحقائق ، وأرباب القلوب وما ادعوا فهمه في القرآن فأوغلوا فيه لم يفهمه عربي قط ، ولا أراده الله تعالى بتلك الألفاظ ، نعوذ بالله من ذلك .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مرج البحرين : تقدم الكلام على ذلك في الفرقان . قال
ابن عطية : وذكر
الثعلبي في (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مرج البحرين ) ألغازا وأقوالا باطنة لا يلتفت إلى شيء منها . انتهى ، والظاهر التقاؤهما ، أي يتجاوران ، فلا فصل بين الماءين في رؤية العين . وقيل : يلتقيان في كل سنة مرة . وقيل : معدان للالتقاء ، فحقهما أن يلتقيا لولا البرزخ بينهما . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20برزخ ) : أي حاجز من قدرة الله تعالى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29026لا يبغيان ) : لا يتجاوزان حدهما ، ولا يبغي أحدهما على الآخر بالممازجة . وقيل : البرزخ : أجرام الأرض ، قاله
قتادة ; وقيل : لا يبغيان : أي على الناس والعمران ، وعلى هذا والذي قبله يكون من البغي . وقيل : هو من بغى ، أي طلب ، فالمعنى : لا يبغيان حالا غير الحال التي خلقا عليها وسخرا لها . وقيل : ماء الأنهار لا يختلط بالماء الملح ، بل هو بذاته باق فيه . وقال
ابن عطية : والعيان لا يقتضيه . انتهى ، يعني أنه يشاهد الماء العذب يختلط بالملح فيبقى كله ملحا ، وقد يقال : إنه بالاختلاط تتغير أجرام العذب حتى لا تظهر ، فإذا ذاق الإنسان من الملح المنبث فيه تلك الأجزاء الدقيقة لم يحس إلا الملوحة ، والمعقول يشهد بذلك ، لأن تداخل الأجسام غير ممكن ، لكن التفرق والالتقاء ممكن . وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=17150القاضي منذر بن سعيد البلوطي ، رحمه الله تعالى :
وممزوجة الأمواه لا العذب غالب على الملح طيبا لا ولا الملح يعذب
وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يخرج ) مبنيا للفاعل ; ونافع وأبو عمرو وأهل المدينة : مبنيا للمفعول ; والجعفي ، عن
أبي عمرو : بالياء مضمومة وكسر الراء ، أي يخرج الله ; وعنه وعن
أبي عمرو ، وعن
ابن مقسم : بالنون . واللؤلؤ والمرجان نصب في هاتين القراءتين . والظاهر في ( منهما ) أن ذلك يخرج من الملح والعذب . وقال بذلك قوم ، حكاه
الأخفش . ورد الناس هذا القول ، قالوا : والحس يخالفه ، إذ لا يخرج إلا من الملح ، وعابوا قول الشاعر :
فجاء بها ما شئت من لطيمة على وجهها ماء الفرات يموج
وقال الجمهور : إنما يخرج من الأجاج في المواضع التي تقع فيها الأنهار والمياه العذبة ، فناسب إسناد ذلك إليهما ، وهذا مشهور عند الغواصين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وعكرمة : تكون هذه الأشياء في البحر بنزول المطر ، لأن الصدف وغيرها تفتح أفواهها للمطر ، فلذلك قال ( منهما ) . وقال
أبو عبيدة : إنما يخرج من الملح ، لكنه قال ( منهما ) تجوزا . وقال
الرماني : العذب فيها كاللقاح للملح ، فهو كما يقال ; الولد يخرج من الذكر والأنثى . وقال
ابن عطية ، وتبع
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج من حيث هما نوع واحد ، فخروج هذه الأشياء إنما هي منهما ، وإن كانت تختص عند التفصيل المبالغ بأحدهما ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15سبع سماوات طباقا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وجعل القمر فيهن نورا ) ،
[ ص: 192 ] وإنما هو في إحداهن ، وهي الدنيا إلى الأرض . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري نحوا من قول
ابن عطية ، قال : فإن قلت : لم قال ( منهما ) ، وإنما يخرجان من الملح قلت : لما التقيا وصارا كالشيء الواحد ، جاز أن يقال : يخرجان منهما ، كما يقال : يخرجان من البحر ، ولا يخرجان من جميع البحر ، ولكن من بعضه . وتقول : خرجت من البلد ، وإنما خرجت من محلة من محاله ، بل من دار واحدة من دوره . وقيل : لا يخرجان إلا من ملتقى الملح والعذب . انتهى . وقال
أبو علي الفارسي : هذا من باب حذف المضاف ، والتقدير : يخرج من أحدهما ، كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31على رجل من القريتين عظيم ) : أي من إحدى القريتين . وقيل : هما بحران ، يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان . وقال
أبو عبد الله الرازي : كلام الله تعالى أولى بالاعتبار من كلام بعض الناس ومن أعلم أن اللؤلؤ لا يخرج من الماء العذب ؟ ، وهب أن الغواصين ما أخرجوه إلا من المالح . ولكن لم قلتم إن الصدف لا يخرج بأمر الله من الماء العذب إلى الماء الملح وكيف يمكن الجزم به والأمور الأرضية الظاهرة خفيت عن التجار الذين قطعوا المفاوز وداروا البلاد ، فكيف لا يخفى أمر ما في قعر البحر عليهم ؟ واللؤلؤ ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والضحاك وقتادة : كبار الجوهر . والمرجان صغاره . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أيضا
وعلي nindex.php?page=showalam&ids=17058ومرة الهمداني عكس هذا . وقال
أبو عبد الله وأبو مالك : المرجان : الحجر الأحمر . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : حجر شديد البياض . وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى أنه ضرب من اللؤلؤ ، كالقضبان ، والمرجان : اسم أعجمي معرب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابن دريد : لم أسمع فيه نقل متصرف ، وقال
الأعشى :
من كل مرجانة في البحر أحرزها تيارها ووقاها طينها الصدف
قيل : أراد اللؤلؤة الكبيرة . وقرأ طلحة : اللؤلي بكسر اللام الثالثة ، وهي لغة . وعبد الولي : تقلب الهمزة المتطرفة ياء ساكنة بعد كسرة ما قبلها ، وهي لغة ، قاله
أبو الفضل الرازي . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29026وله الجواري ) : خص تعالى الجواري بأنها له ، وهو تعالى له ملك السماوات والأرض وما فيهن ، لأنهم لما كانوا هم منشئيها ، أسندها تعالى إليه ، إذ كان تمام منفعتها إنما هو منه تعالى ، فهو في الحقيقة مالكها . والجواري : السفن . وقرأ
عبد الله والحسن وعبد الوارث ، عن
أبي عمرو : بضم الراء ، كما قالوا في شاك شاك . وقرأ الجمهور ; (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24المنشآت ) بفتح الشين ، اسم مفعول : أي أنشأها الله ، أو الناس ، أو المرفوعات الشراع . وقال
مجاهد : ما له شراع من المنشآت ، وما لم يرفع له شراع ، فليس من المنشآت . والشراع : القلع .
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي وطلحة وأبو بكر : بخلاف عنه ، بكسر الشين : أي الرافعات الشراع ، أو اللاتي ينشئن الأمواج بجريهن ، أو التي تنشئ السفر إقبالا وإدبارا . وشدد الشين
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابن أبي عبلة والحسن المنشأة ، وحد الصفة ، ودل على الجمع الموصوف ، كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25أزواج مطهرة ) ، وقلب الهمزة ألفا على حد قوله :
إن السباع لتهدا في مرابضها
يريد : لتهدأ ، التاء لتأنيث الصفة ، كتبت تاء على لفظها في الوصل . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29026كالأعلام ) : أي كالجبال والآكام ، وهذا يدل على كبر السفن حيث شبهها بالجبال ، وإن كانت المنشآت تنطلق على السفينة الكبيرة والصغيرة . وعبر بمن في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29026كل من عليها ) تغليبا لمن يعقل ، والضمير في ( عليها ) قليل عائد على الأرض في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29026والأرض وضعها للأنام ) ، فعاد الضمير عليها ، وإن كان بعد لفظها . والفناء عبارة عن إعدام جميع الموجودات من حيوان وغيره ، والوجه يعبر به عن حقيقة الشيء ، والجارحة منتفية عن الله تعالى ، ونحو (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كل شيء هالك إلا وجهه ) . وتقول صعاليك
مكة : أين وجه عربي كريم يجود علي ؟ وقرأ الجمهور : ذو بالواو ، وصفة للوجه .
وأبي وعبد الله : ذي بالياء ، صفة للرب . والظاهر أن الخطاب في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وجه ربك ) للرسول ، وفيه تشريف عظيم له ، صلى الله عليه وسلم . وقيل :
[ ص: 193 ] الخطاب لكل سامع . ومعنى (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ذو الجلال ) : الذي يجله الموحدون عن التشبيه بخلقه وعن أفعالهم ، أو الذي يتعجب من جلاله ، أو الذي عنده الجلال والإكرام للمخلصين من عباده .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29026يسأله من في السماوات والأرض ) : أي حوائجهم ، وهو ما يتعلق بمن في السماوات من أمر الدين وما استعبدوا به ، ومن في الأرض من أمر دينهم ودنياهم . وقال
أبو صالح : من في السماوات الرحمة ومن في الأرض المغفرة والرزق . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج : الملائكة الرزق لأهل الأرض والمغفرة ، وأهل الأرض يسألونهما جميعا . والظاهر أن قوله : يسأله استئناف إخبار . وقيل : حال من الوجه ، والعامل فيه يبقى ، أي هو دائم في هذه الحال . انتهى ، وفيه بعد . ومن لا يسأل ، فحاله تقتضي السؤال ، فيصح إسناد السؤال إلى الجميع باعتبار القدر المشترك ، وهو الافتقار إليه تعالى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29كل يوم ) : أي كل ساعة ولحظة ، وذكر اليوم لأن الساعات واللحظات في ضمنه . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29هو في شأن ) ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : في شأن يمضيه من الخلق والرزق والإحياء والإماتة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16531عبيد بن عمير : يجيب داعيا ، ويفك عانيا ، ويتوب على قوم ، ويغفر لقوم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة : يعتق رقابا ، ويعطي رغاما ويقحم عقابا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة : الدهر عند الله يومان ، أحدهما اليوم الذي هو مدة الدنيا ، فشأنه فيه الأمر والنهي والإماتة والإحياء ; والثاني الذي هو يوم القيامة ، فشأنه فيه الجزاء والحساب . وعن
مقاتل : نزلت في
اليهود ، فقالوا : إن الله لا يقضي يوم السبت شيئا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14127الحسين بن الفضل ، وقد سأله
nindex.php?page=showalam&ids=16445عبد الله بن طاهر عن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29026كل يوم هو في شأن ) : وقد صح أن القلم جف بما هو كائن إلى يوم القيامة فقال : شئون يبديها ، لا شئون يبتديها . وقال
ابن بحر : هو في يوم الدنيا في الابتلاء ، وفي يوم القيامة في الجزاء . وانتصب (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29كل يوم ) على الظرف ، والعامل فيه العامل في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29في شأن ) ، وهو مستقر المحذوف ، نحو : يوم الجمعة زيد قائم .
وَلَمَّا ذَكَرَ تَعَالَى مَا أَنْعَمَ بِهِ مِنْ مَنْفَعَةِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ ، وَكَانَ ذَلِكَ مِنَ الْآيَاتِ الْعُلْوِيَّةِ ، ذَكَرَ فِي مُقَابَلَتِهِمَا مِنَ الْآثَارِ السُّفْلِيَّةِ النَّجْمَ وَالشَّجَرَ ، إِذْ كَانَا رِزْقًا لِلْإِنْسَانِ ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُمَا جَارِيَانِ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ بِهِمَا ، مِنْ تَسْخِيرِهِمَا وَكَيْنُونَتِهِمَا عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ حِكْمَتُهُ تَعَالَى . وَلَمَّا ذَكَرَ مَا بِهِ حَيَاةُ الْأَرْوَاحِ مِنْ تَعْلِيمِ الْقُرْآنِ ، ذَكَرَ مَا بِهِ حَيَاةُ الْأَشْبَاحِ مِنَ النَّبَاتِ الَّذِي لَهُ سَاقٌ ، وَكَانَ تَقْدِيمُ النَّجْمِ ، وَهُوَ مَا لَا سَاقَ لَهُ ، لِأَنَّهُ أَصْلُ الْقُوتِ ، وَالَّذِي لَهُ سَاقٌ ثَمَرُهُ يُتَفَكَّهُ بِهِ غَالِبًا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّجْمَ هُوَ الَّذِي شَرَحْنَاهُ ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ اقْتِرَانُهُ بِالشَّجَرِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَالْحَسَنُ : النَّجْمُ : اسْمُ الْجِنْسِ مِنْ نُجُومِ السَّمَاءِ . وَسُجُودُهُمَا ، قَالَ
مُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ : ذَلِكَ فِي النَّجْمِ بِالْغُرُوبِ وَنَحْوِهِ ، وَفِي الشَّجَرِ بِالظِّلِّ وَاسْتِدَارَتِهِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ أَيْضًا : وَالسُّجُودُ تَجَوُّزٌ ، وَهُوَ عِبَارَةٌ عَنِ الْخُضُوعِ وَالتَّذَلُّلِ . وَالْجُمَلُ الْأُوَلُ فِيهَا ضَمِيرٌ يَرْبُطُهَا بِالْمُبْتَدَأِ ، وَأَمَّا فِي هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ فَاكْتَفَى بِالْوَصْلِ الْمَعْنَوِيِّ عَنِ الْوَصْلِ اللَّفْظِيِّ ، إِذْ مَعْلُومٌ أَنَّ الْحُسْبَانَ هُوَ حُسْبَانُهُ ، وَأَنَّ السُّجُودَ لَهُ لَا لِغَيْرِهِ ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ : بِحُسْبَانِهِ وَيَسْجُدَانِ لَهُ . وَلَمَّا أُورِدَتْ هَذِهِ الْجُمَلُ مَوْرِدَ تَعْدِيدِ النِّعَمِ رُدَّ الْكَلَامُ إِلَى الْعَطْفِ فِي وَصْلِ مَا يُنَاسِبُ وَصْلَهُ ، وَالتَّنَاسُبُ الَّذِي بَيْنَ هَاتَيْنِ الْجُمْلَتَيْنِ ظَاهِرٌ ، لِأَنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ عُلْوِيَّانِ ، وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ سُفْلِيَّانِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29026وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا ) : أَيْ خَلَقَهَا مَرْفُوعَةً ، حَيْثُ جَعَلَهَا مَصْدَرَ قَضَايَاهُ وَمَسْكَنَ مَلَائِكَتِهِ الَّذِينَ يَنْزِلُونَ بِالْوَحْيِ عَلَى أَنْبِيَائِهِ ، وَنَبَّهَ بِذَلِكَ عَلَى عِظَمِ شَأْنِهِ وَمِلْكِهِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( وَالسَّمَاءَ ) ، بِالنَّصْبِ عَلَى الِاشْتِغَالِ ، رُوعِيَ مُشَاكَلَةُ الْجُمْلَةِ الَّتِي تَلِيهِ وَهِيَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=6يَسْجُدَانِ ) . وَقَرَأَ
أَبُو السَّمَّالِ : وَالسَّمَاءُ بِالرَّفْعِ ، رَاعَى مُشَاكَلَةَ الْجُمْلَةِ الِابْتِدَائِيَّةِ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7nindex.php?page=treesubj&link=29026وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ) ، فِعْلًا مَاضِيًا نَاصِبًا الْمِيزَانَ ، أَيْ أَقَرَّهُ وَأَثْبَتَهُ . وَقَرَأَ
إِبْرَاهِيمُ : وَوَضْعِ الْمِيزَانِ ، بِالْخَفْضِ وَإِسْكَانِ الضَّادِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ كُلُّ مَا يُوزَنُ بِهِ الْأَشْيَاءُ وَتُعْرَفُ مَقَادِيرُهَا ، وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْآلَاتُ ، قَالَ مَعْنَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ ، جَعَلَهُ تَعَالَى حَاكِمًا بِالسَّوِيَّةِ فِي الْأَخْذِ وَالْإِعْطَاءِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ nindex.php?page=showalam&ids=16935وَالطَّبَرِيُّ وَالْأَكْثَرُونَ : الْمِيزَانُ : الْعَدْلُ ، وَتَكُونُ الْآلَاتُ مِنْ بَعْضِ مَا يَنْدَرِجُ فِي الْعَدْلِ . بَدَأَ أَوَّلًا بِالْعِلْمِ ، فَذَكَرَ مَا فِيهِ أَشْرَفُ أَنْوَاعِ الْعُلُومِ وَهُوَ الْقُرْآنُ ; ثُمَّ ذَكَرَ مَا بِهِ التَّعْدِيلُ فِي الْأُمُورِ ، وَهُوَ الْمِيزَانُ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=57&ayano=25وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ ) ، لِيُعَلِّمُوا الْكِتَابَ وَيَفْعَلُوا مَا يَأْمُرُهُمْ بِهِ الْكِتَابُ . (
nindex.php?page=treesubj&link=29026أَنْ لَا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ ) : أَيْ لِأَنْ لَا تَطْغَوْا ، فَتَطْغَوْا مَنْصُوبٌ بِأَنْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : أَوْ هِيَ " أَنِ " الْمُفَسِّرَةُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَحْتَمِلُ أَنْ تَكُونَ أَنْ مُفَسِّرَةً ، فَيَكُونُ تَطْغَوْا جَزْمًا بِالنَّهْيِ . انْتَهَى ، وَلَا يَجُوزُ مَا قَالَاهُ مِنْ أَنَّ أَنْ مُفَسِّرَةٌ ، لِأَنَّهُ فَاتَ أَحَدُ شَرْطَيْهَا ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مَا قَبْلَهَا جُمْلَةً فِيهَا مَعْنَى الْقَوْلِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=7وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ) جُمْلَةٌ لَيْسَ فِيهَا مَعْنَى الْقَوْلِ . وَالطُّغْيَانُ فِي الْمِيزَانِ هُوَ أَنْ يَكُونَ بِالتَّعَمُّدِ ، وَأَمَّا مَا لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ التَّحْرِيرِ بِالْمِيزَانِ فَمَعْفُوٌّ عَنْهُ .
وَلَمَّا كَانَتِ التَّسْوِيَةُ مَطْلُوبَةً جِدًّا ، أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ ) . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=9وَلَا تُخْسِرُوا ) ، مِنْ أَخْسَرَ : أَيْ أَفْسَدَ وَنَقَصَ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=83&ayano=3وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ ) ; أَيْ يَنْقُصُونَ .
وَبِلَالُ بْنُ أَبِي بُرْدَةَ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : تَخْسَرُ بِفَتْحِ التَّاءِ ، يُقَالُ : خَسِرَ يَخْسَرُ ، وَأَخْسَرَ يُخْسِرُ بِمَعْنًى وَاحِدٍ ، كَجَبَرَ وَأَجْبَرَ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابْنُ جِنِّي وَصَاحِبُ اللَّوَامِحِ ، عَنْ
بِلَالٍ فَتْحَ التَّاءِ وَالسِّينِ مُضَارِعُ خَسِرَ بِكَسْرِ السِّينِ ، وَخَرَّجَهَا
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَلَى أَنْ يَكُونَ التَّقْدِيرُ : فِي الْمِيزَانِ ، فَحَذَفَ الْجَارَّ وَنَصَبَ ، وَلَا يُحْتَاجُ إِلَى هَذَا التَّخْرِيجِ . أَلَا تَرَى أَنَّ خَسِرَ جَاءَ مُتَعَدِّيًا كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=12خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=11خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ) ؟ وَقُرِئَ أَيْضًا : تَخْسُرُوا ، بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ السِّينِ . لِمَا مُنِعَ مِنَ الزِّيَادَةِ ، وَهِيَ الطُّغْيَانُ ، نَهَى عَنِ الْخُسْرَانِ الَّذِي هُوَ نُقْصَانٌ ، وَكَرَّرَ لَفْظَ الْمِيزَانِ ، تَشْدِيدًا لِلتَّوْصِيَةِ بِهِ وَتَقْوِيَةً لِلْأَمْرِ بِاسْتِعْمَالِهِ وَالْحَثِّ عَلَيْهِ .
وَلَمَّا ذَكَرَ السَّمَاءَ ، ذَكَرَ مُقَابِلَتَهَا فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ) : أَيْ خَفَضَهَا
[ ص: 190 ] مَدْحُوَّةً عَلَى الْمَاءِ لِيُنْتَفَعَ بِهَا . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " وَالْأَرْضَ " بِالنَّصْبِ ; وَأَبُو السَّمَّالِ : بِالرَّفْعِ : " وَالْأَنَامُ " ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : بَنُو آدَمَ فَقَطْ . وَقَالَ أَيْضًا هُوَ
وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ : الْحَيَوَانُ كُلُّهُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ : الثَّقَلَانِ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فِيهَا فَاكِهَةٌ ) : ضُرُوبٌ مِمَّا يُتَفَكَّهُ بِهِ . وَبَدَأَ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=11فَاكِهَةٌ ) ، إِذْ هُوَ مِنْ بَابِ الِابْتِدَاءِ بِالْأَدْنَى وَالتَّرَقِّي إِلَى الْأَعْلَى ، وَنَكَّرَ لَفْظَهَا ، لِأَنَّ الِانْتِفَاعَ بِهَا دُونَ الِانْتِفَاعِ بِمَا يُذْكَرُ بَعْدَهَا . ثُمَّ ثَنَّى بِالنَّخْلِ ، فَذَكَرَ الْأَصْلَ وَلَمْ يَذْكُرْ ثَمَرَتَهَا ، وَهُوَ الثَّمَرُ لِكَثْرَةِ الِانْتِفَاعِ بِهَا مِنْ لِيفٍ وَسَعَفٍ وَجَرِيدٍ وَجُذُوعٍ وَجُمَّارٍ وَثَمَرٍ . ثُمَّ أَتَى ثَالِثًا بِالْحَبِّ الَّذِي هُوَ قِوَامُ عَيْشِ الْإِنْسَانِ فِي أَكْثَرِ الْأَقَالِيمِ ، وَهُوَ الْبُرُّ وَالشَّعِيرُ وَكُلُّ مَا لَهُ سُنْبُلٌ وَأَوْرَاقٌ مُتَشَعِّبَةٌ عَلَى سَاقِهِ ، وَوَصَفَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12ذُو الْعَصْفِ ) تَنْبِيهًا عَلَى إِنْعَامِهِ عَلَيْهِمْ بِمَا يَقُوتُهُمْ مِنَ الْحَبِّ ، وَيَقُوتُ بَهَائِمَهُمْ مِنْ وَرَقِهِ الَّذِي هُوَ التِّبْنُ . وَبَدَأَ بِالْفَاكِهَةِ وَخَتَمَ بِالْمَشْمُومِ ، وَبَيْنَهُمَا النَّخْلُ وَالْحَبُّ ، لِيَحْصُلَ مَا بِهِ يُتَفَكَّهُ ، وَمَا بِهِ يُتَقَوَّتُ ، وَمَا بِهِ تَقَعُ اللَّذَاذَةُ مِنَ الرَّائِحَةِ الطَّيِّبَةِ . وَذَكَرَ النَّخْلَ بِاسْمِهَا وَالْفَاكِهَةَ دُونَ شَجَرِهَا ، لِعِظَمِ الْمَنْفَعَةِ بِالنَّخْلِ مِنْ جِهَاتٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، وَشَجَرَةُ الْفَاكِهَةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى ثَمَرَتِهَا حَقِيرَةٌ ، فَنَصَّ عَلَى مَا يَعْظُمُ بِهِ الِانْتِفَاعُ مِنْ شَجَرَةِ النَّخْلِ وَمِنَ الْفَاكِهَةِ دُونَ شَجَرَتِهَا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ ) ، بِرَفْعِ الثَّلَاثَةِ عَطْفًا عَلَى الْمَرْفُوعِ قَبْلَهُ ;
وَابْنُ عَامِرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : بِنَصْبِ الثَّلَاثَةِ ، أَيْ وَخَلَقَ الْحَبَّ . وَجَوَّزُوا أَنْ يَكُونَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=12وَالرَّيْحَانُ ) حَالَةَ الرَّفْعِ وَحَالَةَ النَّصْبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ ، أَيْ وَذُو الرَّيْحَانِ حَذَفَ الْمُضَافَ وَأَقَامَ الْمُضَافَ إِلَيْهِ مَقَامَهُ ;
وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=13721وَالْأَصْمَعِيُّ ، عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : وَالرَّيْحَانُ بِالْجَرِّ ، وَالْمَعْنَى : وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ الَّذِي هُوَ عَلَفُ الْبَهَائِمِ ، وَالرَّيْحَانُ الَّذِي هُوَ مَطْعَمُ النَّاسِ ، وَيَبْعُدُ دُخُولُ الْمَشْمُومِ فِي قِرَاءَةِ الْجَرِّ ، وَرَيْحَانُ مِنْ ذَوَاتِ الْوَاوِ . وَأَجَازَ
أَبُو عَلِيٍّ أَنْ يَكُونَ اسْمًا ، وَوُضِعَ مَوْضِعَ الْمَصْدَرِ ، وَأَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا عَلَى وَزْنِ فَعْلَانَ كَاللَّبَّانِ . وَأُبْدِلَتِ الْوَاوُ يَاءً ، كَمَا أَبْدَلُوا الْيَاءَ وَاوًا فِي أَشَاوَى ، أَوْ مَصْدَرًا شَاذًّا فِي الْمُعْتَلِّ ، كَمَا شَذَّ كَبَنُونَةٍ وَبَيْنُونَةٍ ، فَأَصْلُهُ رَيْوِحَانُ ، قُلِبَتِ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ فَصَارَ رَيِّحَانَ ، ثُمَّ حُذِفَتْ عَيْنُ الْكَلِمَةِ ، كَمَا قَالُوا : مَيْتٌ وَهَيْنٌ .
وَلَمَّا عَدَّدَ تَعَالَى نِعَمَهُ ، خَاطَبَ الثَّقَلَيْنِ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=32nindex.php?page=treesubj&link=29026فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ) ، أَيْ أَنَّ نِعَمَهُ كَثِيرَةٌ لَا تُحْصَى ، فَبِأَيِّهَا تُكَذِّبَانِ ؟ أَيْ مَنْ هَذِهِ نِعَمُهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يُكَذَّبَ بِهَا . وَكَانَ هَذَا الْخِطَابُ لِلثَّقَلَيْنِ ، لِأَنَّهُمَا دَاخِلَانِ فِي الْأَنَامِ عَلَى أَصَحِّ الْأَقْوَالِ . وَلِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14خَلَقَ الْإِنْسَانَ ) ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=15وَخَلَقَ الْجَانَّ ) ; وَلِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=31سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَا الثَّقَلَانِ ) ، وَقَدْ أَبْعَدَ مَنْ جَعَلَهُ خِطَابًا لِلذَّكَرِ وَالْأُنْثَى مِنْ بَنِي آدَمَ . وَأَبْعَدُ مِنْ هَذَا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إِنَّهُ خِطَابٌ عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=24أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ ) ، وَيَا حَرَسِي اضْرِبَا عُنُقَهُ ، يَعْنِي أَنَّهُ خِطَابٌ لِلْوَاحِدِ بِصُورَةِ الِاثْنَيْنِ ، فَبِأَيِّ مُنَوَّنًا فِي جَمِيعِ السُّورَةِ ، كَأَنَّهُ حُذِفَ مِنْهُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ وَأُبْدِلَ مِنْهُ ( آلَاءِ رَبِّكُمَا ) بَدَلَ مَعْرِفَةٍ مِنْ نَكِرَةٍ ، وَآلَاءُ تَقَدَّمَ فِي الْأَعْرَافِ أَنَّهَا النِّعَمُ ، وَاحِدُهَا إِلْيٌ وَأَلًا وَإِلًى وَأَلْيٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=14nindex.php?page=treesubj&link=29026خَلَقَ الْإِنْسَانَ ) : لَمَّا ذَكَرَ الْعَالَمَ الْأَكْبَرَ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَمَا أَوْجَدَ فِيهَا مِنَ النِّعَمِ ، ذَكَرَ مَبْدَأَ مَنْ خُلِقَتْ لَهُ هَذِهِ النِّعَمُ ، وَالْإِنْسَانُ هُوَ آدَمُ ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ . وَقِيلَ : لِلْجِنْسِ ، وَسَاغَ ذَلِكَ لِأَنَّ أَبَاهُمْ مَخْلُوقٌ مِنَ الصَّلْصَالِ . وَإِذَا أُرِيدَ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ ، فَقَدْ جَاءَتْ غَايَاتٌ لَهُ مُخْتَلِفَةٌ ، وَذَلِكَ بِتَنَقُّلِ أَصْلِهِ ; فَكَانَ أَوَّلًا تُرَابًا ، ثُمَّ طِينًا ، ثُمَّ حَمَأً مَسْنُونًا ، ثُمَّ صَلْصَالًا ، فَنَاسَبَ أَنْ يُنْسَبَ خَلْقُهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا . وَالْجَانُّ هُوَ أَبُو الْجِنِّ ، وَهُوَ إِبْلِيسُ ، قَالَهُ
الْحَسَنُ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : هُوَ أَبُو الْجِنِّ ، وَلَيْسَ بِإِبْلِيسَ . وَقِيلَ : الْجَانُّ اسْمُ جِنْسٍ ، وَالْمَارِجُ : مَا اخْتَلَطَ مِنْ أَصْفَرَ وَأَحْمَرَ وَأَخْضَرَ ، أَوِ اللَّهَبُ ، أَوِ الْخَالِصُ ، أَوِ الْحُمْرَةُ فِي طَرَفِ النَّارِ ، أَوِ الْمُخْتَلِطُ بِسَوَادٍ ، أَوِ الْمُضْطَرِبُ بِلَا دُخَانٍ ، أَقْوَالٌ ، ( وَمِنْ ) الْأُولَى لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ ، وَالثَّانِيَةُ فِي ( مِنْ نَارٍ ) لِلتَّبْعِيضِ . وَقِيلَ لِلْبَيَانِ ، وَالتَّكْرَارُ فِي هَذِهِ الْفَوَاصِلِ : لِلتَّأْكِيدِ وَالتَّنْبِيهِ وَالتَّحْرِيكِ ، وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي مَوَاضِعَ مِنَ الْقُرْآنِ . وَذَهَبَ قَوْمٌ مِنْهُمُ
ابْنُ قُتَيْبَةَ إِلَى أَنَّ هَذَا التَّكْرَارَ إِنَّمَا هُوَ لِاخْتِلَافِ النِّعَمِ ، فَكَرَّرَ
[ ص: 191 ] التَّوْقِيفَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهَا .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( رَبُّ ) ، وَ ( رَبُّ ) بِالرَّفْعِ ، أَيْ هُوَ رَبٌّ ;
وَأَبُو حَيْوَةَ nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ : بِالْخَفْضِ بَدَلًا مِنْ رَبِّكُمَا ، وَثَنَّى الْمُضَافَ إِلَيْهِ لِأَنَّهُمَا مَشْرِقَا الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ وَمَغْرِبَاهُمَا ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَقِيلَ : مَشْرِقَا الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ وَمَغْرِبَاهُمَا . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : لِلشَّمْسِ مَشْرِقٌ فِي الصَّيْفِ مُصْعِدٌ ، وَمَشْرِقٌ فِي الشِّتَاءِ مُنْحَدِرٌ ، تَنْتَقِلُ فِيهِمَا مُصْعِدَةً وَمُنْحَدِرَةً . انْتَهَى . فَالْمَشْرِقَانِ وَالْمَغْرِبَانِ لِلشَّمْسِ . وَقِيلَ : الْمَشْرِقَانِ : مَطْلَعُ الْفَجْرِ وَمَطْلَعُ الشَّمْسِ ، وَالْمَغْرِبَانِ مَغْرِبُ الشَّفَقِ وَمَغْرِبُ الشَّمْسِ . وَلِسَهْلٍ التُّسْتَرِيِّ كَلَامٌ فِي الْمَشْرِقَيْنِ وَالْمَغْرِبَيْنِ شَبِيهٌ بِكَلَامِ
الْبَاطِنِيَّةِ الْمُحَرِّفِينَ مَدْلُولَ كَلَامِ اللَّهِ ، ضَرَبْنَا عَنْ ذِكْرِهِ صَفْحًا . وَكَذَلِكَ مَا وَقَفْنَا عَلَيْهِ مِنْ كَلَامِ الْغُلَاةِ الَّذِينَ يُنْسَبُونَ لِلصُّوفِيَّةِ ، لِأَنَّا لَا نَسْتَحِلُّ نَقْلَ شَيْءٍ مِنْهُ . وَقَدْ أَوْلَغَ صَاحِبُ كِتَابِ التَّحْرِيرِ وَالتَّحْبِيرِ بِحَسْبِ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْغُلَاةُ فِي كُلِّ آيَةٍ آيَةٍ ، وَيُسَمِّي ذَلِكَ الْحَقَائِقَ ، وَأَرْبَابُ الْقُلُوبِ وَمَا ادَّعَوْا فَهْمَهُ فِي الْقُرْآنِ فَأَوْغَلُوا فِيهِ لَمْ يَفْهَمْهُ عَرَبِيٌّ قَطُّ ، وَلَا أَرَادَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ : تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي الْفُرْقَانِ . قَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَذَكَرَ
الثَّعْلَبِيُّ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=19مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ ) أَلْغَازًا وَأَقْوَالًا بَاطِنَةً لَا يُلْتَفَتُ إِلَى شَيْءٍ مِنْهَا . انْتَهَى ، وَالظَّاهِرُ الْتِقَاؤُهُمَا ، أَيْ يَتَجَاوَرَانِ ، فَلَا فَصْلَ بَيْنَ الْمَاءَيْنِ فِي رُؤْيَةِ الْعَيْنِ . وَقِيلَ : يَلْتَقِيَانِ فِي كُلِّ سَنَةٍ مَرَّةً . وَقِيلَ : مُعَدَّانِ لِلِالْتِقَاءِ ، فَحَقُّهُمَا أَنْ يَلْتَقِيَا لَوْلَا الْبَرْزَخُ بَيْنَهُمَا . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20بَرْزَخٌ ) : أَيْ حَاجِزٌ مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=20nindex.php?page=treesubj&link=29026لَا يَبْغِيَانِ ) : لَا يَتَجَاوَزَانِ حَدَّهُمَا ، وَلَا يَبْغِي أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِالْمُمَازَجَةِ . وَقِيلَ : الْبَرْزَخُ : أَجْرَامُ الْأَرْضِ ، قَالَهُ
قَتَادَةُ ; وَقِيلَ : لَا يَبْغِيَانِ : أَيْ عَلَى النَّاسِ وَالْعُمْرَانِ ، وَعَلَى هَذَا وَالَّذِي قَبْلَهُ يَكُونُ مِنَ الْبَغْيِ . وَقِيلَ : هُوَ مِنْ بَغَى ، أَيْ طَلَبَ ، فَالْمَعْنَى : لَا يَبْغِيَانِ حَالًا غَيْرَ الْحَالِ الَّتِي خُلِقَا عَلَيْهَا وَسُخِّرَا لَهَا . وَقِيلَ : مَاءُ الْأَنْهَارِ لَا يَخْتَلِطُ بِالْمَاءِ الْمِلْحِ ، بَلْ هُوَ بِذَاتِهِ بَاقٍ فِيهِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَالْعِيَانُ لَا يَقْتَضِيهِ . انْتَهَى ، يَعْنِي أَنَّهُ يُشَاهِدُ الْمَاءَ الْعَذْبَ يَخْتَلِطُ بِالْمِلْحِ فَيَبْقَى كُلُّهُ مِلْحًا ، وَقَدْ يُقَالُ : إِنَّهُ بِالِاخْتِلَاطِ تَتَغَيَّرُ أَجْرَامُ الْعَذْبِ حَتَّى لَا تَظْهَرَ ، فَإِذَا ذَاقَ الْإِنْسَانُ مِنَ الْمِلْحِ الْمُنْبَثِّ فِيهِ تِلْكَ الْأَجْزَاءُ الدَّقِيقَةُ لَمْ يُحِسَّ إِلَّا الْمُلُوحَةَ ، وَالْمَعْقُولُ يَشْهَدُ بِذَلِكَ ، لِأَنَّ تَدَاخُلَ الْأَجْسَامِ غَيْرُ مُمْكِنٍ ، لَكِنَّ التَّفَرُّقَ وَالِالْتِقَاءَ مُمْكِنٌ . وَأَنْشَدَ
nindex.php?page=showalam&ids=17150الْقَاضِي مُنْذِرُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلُّوطِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى :
وَمَمْزُوجَةُ الْأَمْوَاهِ لَا الْعَذْبُ غَالِبٌ عَلَى الْمِلْحِ طِيبًا لَا وَلَا الْمِلْحُ يَعْذُبُ
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=22يَخْرُجُ ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ; وَنَافِعٌ وَأَبُو عَمْرٍو وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ : مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ ; وَالْجُعْفِيٌّ ، عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : بِالْيَاءِ مَضْمُومَةً وَكَسْرِ الرَّاءِ ، أَيْ يُخْرِجُ اللَّهُ ; وَعَنْهُ وَعَنْ
أَبِي عَمْرٍو ، وَعَنِ
ابْنِ مِقْسَمٍ : بِالنُّونِ . وَاللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ نُصِبَ فِي هَاتَيْنِ الْقِرَاءَتَيْنِ . وَالظَّاهِرُ فِي ( مِنْهُمَا ) أَنَّ ذَلِكَ يَخْرُجُ مِنَ الْمِلْحِ وَالْعَذْبِ . وَقَالَ بِذَلِكَ قَوْمٌ ، حَكَاهُ
الْأَخْفَشُ . وَرَدَّ النَّاسُ هَذَا الْقَوْلَ ، قَالُوا : وَالْحِسُّ يُخَالِفُهُ ، إِذْ لَا يَخْرُجُ إِلَّا مِنَ الْمِلْحِ ، وَعَابُوا قَوْلَ الشَّاعِرِ :
فَجَاءَ بِهَا مَا شِئْتَ مِنْ لَطِيمَةٍ عَلَى وَجْهِهَا مَاءُ الْفُرَاتِ يَمُوجُ
وَقَالَ الْجُمْهُورُ : إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ الْأُجَاجِ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي تَقَعُ فِيهَا الْأَنْهَارُ وَالْمِيَاهُ الْعَذْبَةُ ، فَنَاسَبَ إِسْنَادَ ذَلِكَ إِلَيْهِمَا ، وَهَذَا مَشْهُورٌ عِنْدَ الْغَوَّاصِينَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَعِكْرِمَةُ : تَكُونُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ فِي الْبَحْرِ بِنُزُولِ الْمَطَرِ ، لِأَنَّ الصَّدَفَ وَغَيْرَهَا تَفْتَحُ أَفْوَاهَهَا لِلْمَطَرِ ، فَلِذَلِكَ قَالَ ( مِنْهُمَا ) . وَقَالَ
أَبُو عُبَيْدَةَ : إِنَّمَا يَخْرُجُ مِنَ الْمِلْحِ ، لَكِنَّهُ قَالَ ( مِنْهُمَا ) تَجَوُّزًا . وَقَالَ
الرُّمَّانِيُّ : الْعَذْبُ فِيهَا كَاللِّقَاحِ لِلْمِلْحِ ، فَهُوَ كَمَا يُقَالُ ; الْوَلَدُ يَخْرُجُ مِنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ ، وَتَبِعَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجَ مِنْ حَيْثُ هُمَا نَوْعٌ وَاحِدٌ ، فَخُرُوجُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ إِنَّمَا هِيَ مِنْهُمَا ، وَإِنْ كَانَتْ تَخْتَصُّ عِنْدَ التَّفْصِيلِ الْمَبَالَغِ بِأَحَدِهِمَا ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=15سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=16وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا ) ،
[ ص: 192 ] وَإِنَّمَا هُوَ فِي إِحْدَاهُنَّ ، وَهِيَ الدُّنْيَا إِلَى الْأَرْضِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ نَحْوًا مِنْ قَوْلِ
ابْنِ عَطِيَّةَ ، قَالَ : فَإِنْ قُلْتَ : لِمَ قَالَ ( مِنْهُمَا ) ، وَإِنَّمَا يَخْرُجَانِ مِنَ الْمِلْحِ قُلْتُ : لَمَّا الْتَقَيَا وَصَارَا كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ ، جَازَ أَنْ يُقَالَ : يَخْرُجَانِ مِنْهُمَا ، كَمَا يُقَالُ : يَخْرُجَانِ مِنَ الْبَحْرِ ، وَلَا يَخْرُجَانِ مِنْ جَمِيعِ الْبَحْرِ ، وَلَكِنْ مِنْ بَعْضِهِ . وَتَقُولُ : خَرَجْتُ مِنَ الْبَلَدِ ، وَإِنَّمَا خَرَجْتَ مِنْ مَحَلَّةٍ مِنْ مَحَالِّهِ ، بَلْ مِنْ دَارٍ وَاحِدَةٍ مِنْ دُورِهِ . وَقِيلَ : لَا يَخْرُجَانِ إِلَّا مِنْ مُلْتَقَى الْمِلْحِ وَالْعَذْبِ . انْتَهَى . وَقَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْفَارِسِيُّ : هَذَا مِنْ بَابِ حَذْفِ الْمُضَافِ ، وَالتَّقْدِيرُ : يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=31عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ ) : أَيْ مِنْ إِحْدَى الْقَرْيَتَيْنِ . وَقِيلَ : هُمَا بَحْرَانِ ، يَخْرُجُ مِنْ أَحَدِهِمَا اللُّؤْلُؤُ وَمِنَ الْآخَرِ الْمَرْجَانُ . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الرَّازِيُّ : كَلَامُ اللَّهِ تَعَالَى أَوْلَى بِالِاعْتِبَارِ مِنْ كَلَامِ بَعْضِ النَّاسِ وَمَنْ أَعْلَمَ أَنَّ اللُّؤْلُؤَ لَا يَخْرُجُ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ ؟ ، وَهَبْ أَنَّ الْغَوَّاصِينَ مَا أَخْرَجُوهُ إِلَّا مِنَ الْمَالِحِ . وَلَكِنْ لِمَ قُلْتُمْ إِنَّ الصَّدَفَ لَا يَخْرُجُ بِأَمْرِ اللَّهِ مِنَ الْمَاءِ الْعَذْبِ إِلَى الْمَاءِ الْمِلْحِ وَكَيْفَ يُمْكِنُ الْجَزْمُ بِهِ وَالْأُمُورُ الْأَرْضِيَّةُ الظَّاهِرَةُ خَفِيَتْ عَنِ التُّجَّارِ الَّذِينَ قَطَعُوا الْمَفَاوِزَ وَدَارُوا الْبِلَادَ ، فَكَيْفَ لَا يَخْفَى أَمْرٌ مَا فِي قَعْرِ الْبَحْرِ عَلَيْهِمْ ؟ وَاللُّؤْلُؤُ ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ وَقَتَادَةُ : كِبَارُ الْجَوْهَرِ . وَالْمَرْجَانُ صِغَارُهُ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا
وَعَلِيٍّ nindex.php?page=showalam&ids=17058وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ عَكْسُ هَذَا . وَقَالَ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو مَالِكٍ : الْمَرْجَانُ : الْحَجَرُ الْأَحْمَرُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ : حَجَرٌ شَدِيدُ الْبَيَاضِ . وَحَكَى
nindex.php?page=showalam&ids=14953الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى أَنَّهُ ضَرْبٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ ، كَالْقُضْبَانِ ، وَالْمَرْجَانُ : اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ مُعَرَّبٌ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13147ابْنُ دُرَيْدٍ : لَمْ أَسْمَعْ فِيهِ نَقْلَ مُتَصَرِّفٍ ، وَقَالَ
الْأَعْشَى :
مِنْ كُلِّ مَرْجَانَةٍ فِي الْبَحْرِ أَحْرَزَهَا تَيَّارُهَا وَوَقَاهَا طِينَهَا الصَّدَفُ
قِيلَ : أَرَادَ اللُّؤْلُؤَةَ الْكَبِيرَةَ . وَقَرَأَ طَلْحَةُ : اللُّؤْلِي بِكَسْرِ اللَّامِ الثَّالِثَةِ ، وَهِيَ لُغَةٌ . وَعَبَدُ الْوَلِيِّ : تُقْلَبُ الْهَمْزَةُ الْمُتَطَرِّفَةُ يَاءً سَاكِنَةً بَعْدَ كَسْرَةِ مَا قَبْلَهَا ، وَهِيَ لُغَةٌ ، قَالَهُ
أَبُو الْفَضْلِ الرَّازِيُّ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29026وَلَهُ الْجَوَارِي ) : خَصَّ تَعَالَى الْجَوَارِيَ بِأَنَّهَا لَهُ ، وَهُوَ تَعَالَى لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ ، لِأَنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا هُمْ مُنْشِئِيهَا ، أَسْنَدَهَا تَعَالَى إِلَيْهِ ، إِذْ كَانَ تَمَامُ مَنْفَعَتِهَا إِنَّمَا هُوَ مِنْهُ تَعَالَى ، فَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ مَالِكُهَا . وَالْجَوَارِي : السُّفُنُ . وَقَرَأَ
عَبْدُ اللَّهِ وَالْحَسَنُ وَعَبْدُ الْوَارِثِ ، عَنْ
أَبِي عَمْرٍو : بِضَمِّ الرَّاءِ ، كَمَا قَالُوا فِي شَاكٍ شَاكٌ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ ; (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24الْمُنْشَآتُ ) بِفَتْحِ الشِّينِ ، اسْمَ مَفْعُولٍ : أَيْ أَنْشَأَهَا اللَّهُ ، أَوِ النَّاسُ ، أَوِ الْمَرْفُوعَاتُ الشِّرَاعِ . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : مَا لَهُ شِرَاعٌ مِنَ الْمُنْشَآتِ ، وَمَا لَمْ يُرْفَعْ لَهُ شِرَاعٌ ، فَلَيْسَ مِنَ الْمُنْشَآتِ . وَالشِّرَاعُ : الْقَلْعُ .
nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَحَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ وَطَلْحَةُ وَأَبُو بَكْرٍ : بِخِلَافٍ عَنْهُ ، بِكَسْرِ الشِّينِ : أَيِ الرَّافِعَاتُ الشِّرَاعِ ، أَوِ اللَّاتِي يُنْشِئْنَ الْأَمْوَاجَ بِجَرْيِهِنَّ ، أَوِ الَّتِي تُنْشِئُ السَّفَرَ إِقْبَالًا وَإِدْبَارًا . وَشَدَّدَ الشِّينَ
nindex.php?page=showalam&ids=12356ابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَالْحَسَنُ الْمُنَشَّأَةُ ، وَحَدَّ الصِّفَةَ ، وَدَلَّ عَلَى الْجَمْعِ الْمَوْصُوفِ ، كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=25أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ ) ، وَقَلَبَ الْهَمْزَةَ أَلِفًا عَلَى حَدِّ قَوْلِهِ :
إِنَّ السِّبَاعَ لَتَهْدَا فِي مَرَابِضِهَا
يُرِيدُ : لَتَهْدَأُ ، التَّاءُ لِتَأْنِيثِ الصِّفَةِ ، كُتِبَتْ تَاءً عَلَى لَفْظِهَا فِي الْوَصْلِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=24nindex.php?page=treesubj&link=29026كَالْأَعْلَامِ ) : أَيْ كَالْجِبَالِ وَالْآكَامِ ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى كِبَرِ السُّفُنِ حَيْثُ شَبَّهَهَا بِالْجِبَالِ ، وَإِنْ كَانَتِ الْمُنْشَآتُ تَنْطَلِقُ عَلَى السَّفِينَةِ الْكَبِيرَةِ وَالصَّغِيرَةِ . وَعَبَّرَ بِمَنْ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=26nindex.php?page=treesubj&link=29026كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا ) تَغْلِيبًا لِمَنْ يَعْقِلُ ، وَالضَّمِيرُ فِي ( عَلَيْهَا ) قَلِيلٌ عَائِدٌ عَلَى الْأَرْضِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=10nindex.php?page=treesubj&link=29026وَالْأَرْضَ وَضَعَهَا لِلْأَنَامِ ) ، فَعَادَ الضَّمِيرُ عَلَيْهَا ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ لَفْظِهَا . وَالْفَنَاءُ عِبَارَةٌ عَنْ إِعْدَامِ جَمِيعِ الْمَوْجُودَاتِ مِنْ حَيَوَانٍ وَغَيْرِهِ ، وَالْوَجْهُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ حَقِيقَةِ الشَّيْءِ ، وَالْجَارِحَةُ مُنْتَفِيَةٌ عَنِ اللَّهِ تَعَالَى ، وَنَحْوَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=88كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ ) . وَتَقُولُ صَعَالِيكُ
مَكَّةَ : أَيْنَ وَجْهُ عَرَبِيٍّ كَرِيمٍ يَجُودُ عَلَيَّ ؟ وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ذُو بِالْوَاوِ ، وَصِفَةً لِلْوَجْهِ .
وَأُبَيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ : ذِي بِالْيَاءِ ، صِفَةً لِلرَّبِّ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْخِطَابَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27وَجْهُ رَبِّكَ ) لِلرَّسُولِ ، وَفِيهِ تَشْرِيفٌ عَظِيمٌ لَهُ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَقِيلَ :
[ ص: 193 ] الْخِطَابُ لِكُلِّ سَامِعٍ . وَمَعْنَى (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=27ذُو الْجَلَالِ ) : الَّذِي يُجِلُّهُ الْمُوَحِّدُونَ عَنِ التَّشْبِيهِ بِخَلْقِهِ وَعَنْ أَفْعَالِهِمْ ، أَوِ الَّذِي يُتَعَجَّبُ مِنْ جَلَالِهِ ، أَوِ الَّذِي عِنْدَهُ الْجَلَالُ وَالْإِكْرَامُ لِلْمُخْلِصِينَ مِنْ عِبَادِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29026يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ) : أَيْ حَوَائِجَهُمْ ، وَهُوَ مَا يَتَعَلَّقُ بِمَنْ فِي السَّمَاوَاتِ مِنْ أَمْرِ الدِّينِ وَمَا اسْتُعْبِدُوا بِهِ ، وَمَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ . وَقَالَ
أَبُو صَالِحٍ : مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ الرَّحْمَةَ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ الْمَغْفِرَةَ وَالرِّزْقَ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ : الْمَلَائِكَةُ الرِّزْقَ لِأَهْلِ الْأَرْضِ وَالْمَغْفِرَةَ ، وَأَهْلُ الْأَرْضِ يَسْأَلُونَهُمَا جَمِيعًا . وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ : يَسْأَلُهُ اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ . وَقِيلَ : حَالٌ مِنَ الْوَجْهِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ يَبْقَى ، أَيْ هُوَ دَائِمٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ . انْتَهَى ، وَفِيهِ بُعْدٌ . وَمَنْ لَا يَسْأَلُ ، فَحَالُهُ تَقْتَضِي السُّؤَالَ ، فَيَصِحُّ إِسْنَادُ السُّؤَالِ إِلَى الْجَمِيعِ بِاعْتِبَارِ الْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ ، وَهُوَ الِافْتِقَارُ إِلَيْهِ تَعَالَى .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29كُلَّ يَوْمٍ ) : أَيْ كُلَّ سَاعَةٍ وَلَحْظَةٍ ، وَذَكَرَ الْيَوْمَ لِأَنَّ السَّاعَاتِ وَاللَّحَظَاتِ فِي ضِمْنِهِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29هُوَ فِي شَأْنٍ ) ، قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : فِي شَأْنٍ يُمْضِيهِ مِنَ الْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِمَاتَةِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16531عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ : يُجِيبُ دَاعِيًا ، وَيَفُكُّ عَانِيًا ، وَيَتُوبُ عَلَى قَوْمٍ ، وَيَغْفِرُ لِقَوْمٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16072سُوَيْدُ بْنُ غَفْلَةَ : يُعْتِقُ رِقَابًا ، وَيُعْطِي رَغَامًا وَيُقْحِمُ عِقَابًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابْنُ عُيَيْنَةَ : الدَّهْرُ عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَانِ ، أَحَدُهُمَا الْيَوْمُ الَّذِي هُوَ مُدَّةُ الدُّنْيَا ، فَشَأْنُهُ فِيهِ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَالْإِمَاتَةُ وَالْإِحْيَاءُ ; وَالثَّانِي الَّذِي هُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ ، فَشَأْنُهُ فِيهِ الْجَزَاءُ وَالْحِسَابُ . وَعَنْ
مُقَاتِلٍ : نَزَلَتْ فِي
الْيَهُودِ ، فَقَالُوا : إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْضِي يَوْمَ السَّبْتِ شَيْئًا . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14127الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ ، وَقَدْ سَأَلَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16445عَبْدُ اللَّهِ بْنُ طَاهِرٍ عَنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29nindex.php?page=treesubj&link=29026كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ ) : وَقَدْ صَحَّ أَنَّ الْقَلَمَ جَفَّ بِمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَقَالَ : شُئُونٌ يُبْدِيهَا ، لَا شُئُونٌ يَبْتَدِيهَا . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : هُوَ فِي يَوْمِ الدُّنْيَا فِي الِابْتِلَاءِ ، وَفِي يَوْمِ الْقِيَامَةِ فِي الْجَزَاءِ . وَانْتَصَبَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29كُلَّ يَوْمٍ ) عَلَى الظَّرْفِ ، وَالْعَامِلُ فِيهِ الْعَامِلُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=29فِي شَأْنٍ ) ، وَهُوَ مُسْتَقِرٌّ الْمَحْذُوفُ ، نَحْوَ : يَوْمَ الْجُمُعَةِ زَيْدٌ قَائِمٌ .