قال : تجتنيه قائما وقاعدا ومضطجعا ، لا يرد يده بعد ولا شوك وقرأ ابن عباس عيسى : بفتح الجيم وكسر النون ، كأنه أمال النون ، وإن كانت الألف قد حذفت في اللفظ ، كما أمال أبو عمرو : حتي نرى الله . وقرئ : وجنى بكسر الجيم . والضمير في ( فيهن ) عائد على الجنان الدال عليهن جنتان ، إذ كل فرد فرد له جنتان ، فصح أنها جنان كثيرة ، وإن كان الجنتان أريد بهما حقيقة التثنية ، وإن لكل جنس من الجن والإنس جنة واحدة ، فالضمير يعود على ما اشتملت عليه الجنة من المجالس والقصور والمنازل . وقيل : يعود على الفرش ، أي فيهن معدات للاستمتاع ، وهو قول [ ص: 198 ] حسن قريب المأخذ . وقال : فيهن في هذه الآلاء المعدودة من الجنتين والعينين والفاكهة والجنى . انتهى ، وفيه بعد . وقال الزمخشري الفراء : كل موضع من الجنة جنة ، فلذلك قال : ( فيهن ) ، والطرف أصله مصدر ، فلذلك وحد . والظاهر أنهن اللواتي يقصرن أعينهن على أزواجهن ، فلا ينظرن إلى غيرهم . قال ابن زيد : تقول لزوجها : وعزة ربي ما أرى في الجنة أحسن منك . وقيل : الطرف طرف غيرهن ، أي قصرن عيني من ينظر إليهن عن النظر إلى غيرهن .
( لم يطمثهن ) ، قال : لم يفتضهن قبل أزواجهن . وقيل : لم يطأهن على أي وجه كان الوطء من افتضاض أو غيره ، وهو قول ابن عباس عكرمة . والضمير في ( قبلهم ) عائد على من عاد عليه الضمير في ( متكئين ) . وقرأ الجمهور : بكسر ميم يطمثهن في الموضعين . وطلحة وعيسى وأصحاب عبد الله وعلي : بالضم . وقرأ ناس : بضم الأول وكسر الثاني ، وناس بالعكس ، وناس بالتخيير ، والجحدري : بفتح الميم فيهما . ونفي وطئهن عن الإنس ظاهر وأما عن الجن فقال مجاهد والحسن : قد تجامع نساء البشر مع أزواجهن إذا لم يذكر الزوج الله تعالى ، فنفى هنا جميع المجامعين . وقال ضمرة بن حبيب : الجن في الجنة لهم قاصرات الطرف من الجن نوعهم ، فنفى الافتضاض عن البشريات والجنيات . قال قتادة : ( كأنهن ) على صفاء الياقوت وحمرة المرجان ، لو أدخلت في الياقوت سلكا ، ثم نظرت إليه ، لرأيته من ورائه . انتهى . وفي الترمذي : . وقال أن المرأة من نساء الجنة ليرى بياض ساقها من وراء سبعين حلة ومخها ابن عطية : الياقوت والمرجان من الأشياء التي يرتاح بحسنها ، فشبه بهما فيما يحسن التشبيه به ، فالياقوت في إملاسه وشفوفه ، والمرجان في إملاسه وجمال منظره ، وبهذا النحو من النظر سمت العرب النساء بذلك ، ، كدرة بنت أبي لهب ومرجانة أم سعيد . انتهى . ( هل جزاء الإحسان ) في العمل ، ( إلا الإحسان ) في الثواب ؟ وقيل : هل جزاء التوحيد إلا الجنة ؟ وقرأ ابن أبي إسحاق : إلا الحسان . يعني بالحسان الحور العين . ( ومن دونهما ) : أي من دون تينك الجنتين في المنزلة والقدر ، ( جنتان ) لأصحاب اليمين ، والأوليان هما للسابقين ، قاله ابن زيد والأكثرون . وقال الحسن : الأوليان للسابقين ، والأخريان للتابعين . وقال : ( ابن عباس ومن دونهما ) في القرب للمنعمين ، والمؤخرتا الذكر أفضل من الأوليان . يدل على ذلك أنه وصف عيني هاتين بالنضخ ، وتينك بالجري فقط ; وهاتين بالدهمة منشدة النعمة ، وتينك بالأفنان ، وكل جنة ذات أفنان . ورجح هذا القول فقال : للمقربين جنتان من دونهم من أصحاب اليمين ادهامتا من شدة الخضرة ، ورجح غيره القول الأول بذكر جري العينين والنضخ دون الجري ، وبقوله فيهما : ( الزمخشري من كل فاكهة ) ، وفي المتأخرتين : ( فيهما فاكهة ) ، وبالاتكاء على ما بطائنه من ديباج وهو الفرش ، وفي المتأخرتين الاتكاء على الرفرف ، وهو كسر الخباء ، والفرش المعدة للاتكاء أفضل ، والعبقري : الوشي والديباج أعلى منه ، والمشبه بالياقوت والمرجان أفضل في الوصف من خيرات حسان ، والظاهر النضخ بالماء ، وقال ابن جبير : بالمسك والعنبر والكافور في دور أهل الجنة ، كما ينضخ رش المطر . وعنه أيضا بأنواع الفواكه والماء . ( ونخل ورمان ) عطف فاكهة فاقتضى العطف أن لا يندرجا في الفاكهة ، قاله بعضهم . وقال وغيره : كررهما وهما من أفضل الفاكهة تشريفا لهما وإشارة بهما ، كما قال تعالى : ( يونس بن حبيب وملائكته ورسله وجبريل وميكال ) . وقيل : لأن النخل ثمره فاكهة وطعام والرمان فاكهة ودواء ، فلم يخلصا للتفكه . ( فيهن خيرات ) ، جمع خيرة : وصف بني على فعلة من الخير ، كما بنوا من الشر فقالوا : شرة . وقيل : مخفف من خيرة ، وبه قرأ بكر بن حبيب وأبو عثمان النهدي وابن مقسم ، أي بشد الياء . وروي عن أبي عمرو بفتح الياء ، كأنه جمع خايرة ، جمع على فعلة ، وفسر الرسول صلى الله عليه وسلم ، [ ص: 199 ] ذلك فقال : ( لأم سلمة خيرات الأخلاق حسان الوجوه ) . ( حور مقصورات ) : أي قصرن في أماكنهن ، والنساء تمدح بذلك ، إذ ملازمتهن البيوت تدل على صيانتهن ، كما قال قيس بن الأسلت :
وتكسل عن جاراتها فيزرنها وتغفل عن أبياتهن فتعذر
قال الحسن : لسن بطوافات في الطرق ، وخيام الجنة : بيوت اللؤلؤ . وقال : هي در مجوف ، ورواه عمر بن الخطاب عبد الله عن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، ( لم يطمثهن إنس قبلهم ) : أي قبل أصحاب الجنتين ، ودل عليهم ذكر الجنتين . ( متكئين ) ، قال : نصب على الاختصاص . ( الزمخشري على رفرف ) ، قال وغيره : فضول المجلس والبسط . وقال ابن عباس ابن جبير : رياض الجنة من رف البيت تنعم وحسن . وقال : الزرابي . وقال ابن عيينة الحسن وابن كيسان : المرافق . وقرأ الفراء وابن قتيبة : المجالس . وعبقري ، قال الحسن : بسط حسان فيها صور وغير ذلك يصنع بعبقر . وقال : الزرابي . وقال ابن عباس مجاهد : الديباج الغليظ . وقال ابن زيد : الطنافس . قال الفراء : الثخان منها . وقرأ الجمهور : ( على رفرف ) ، ووصف بالجمع لأنه اسم جنس ، الواحد منها رفرفة ، واسم الجنس يجوز فيه أن يفرد نعته وأن يجمع لقوله : ( والنخل باسقات ) ، وحسن جمعه هنا مقابلته لحسان الذي هو فاصلة . وقال صاحب اللوامح ، وقرأ ، عثمان بن عفان ونصر بن عاصم ، والجحدري ، ، ومالك بن دينار وابن محيصن ، وزهير العرقبي وغيره : رفارف . جمع لا ينصرف ، خضر . بسكون الضاد ، وعباقري . بكسر القاف وفتح الياء مشددة ; وعنهم أيضا : ضم الضاد ; وعنهم أيضا : فتح القاف . قال : فأما منع الصرف من عباقري ، وهي الثياب المنسوبة إلى عبقر ، وهو موضع تجلب منه الثياب على قديم الأزمان ، فإن لم يكن بمجاورتها ، وإلا فلا يكون يمنع التصرف من ياءي النسب وجه إلا في ضرورة الشعر . انتهى . وقال ابن خالويه : على رفارف خضر ، وعباقري النبي صلى الله عليه وسلم ، والجحدري وابن محيصن . وقد روي عمن ذكرنا على رفارف خضر وعباقري بالصرف ، وكذلك روي عن . وقرأ مالك بن دينار أبو محمد المروزي ، وكان نحويا : على رفارف خضار ، يعني : على وزن فعال . وقال صاحب الكامل : " رفارف " جمع ، عن ابن مصرف وابن مقسم وابن محيصن ، واختاره شبل وأبو حيوة والجحدري والزعفراني ، وهو الاختيار لقوله : ( خضر ) ، وعباقري بالجمع وبكسر القاف من غير تنوين ، ابن مقسم وابن محيصن ، وروي عنهما التنوين . وقال ابن عطية ، وقرأ زهير العرقبي : رفارف . بالجمع والصرف ، وعنه : عباقري بفتح القاف والياء ، على أن اسم الموضع عباقر بفتح القاف ، والصحيح في اسم الموضع عبقر . انتهى . وقال ، وروى الزمخشري أبو حاتم : عباقري بفتح القاف ومنع الصرف ، وهذا لا وجه لصحته . انتهى . وقد يقال : لما منع الصرف رفارف ، شاكله في عباقري ، كما قد ينون ما لا ينصرف للمشاكلة يمنع من الصرف للمشاكلة . وقرأ ابن هرمز : خضر بضم الضاد . قال صاحب اللوامح : وهي لغة قليلة . انتهى ، ومنه قول طرفة :أيها الفتيان في مجلسنا جردوا منها ورادا وشقر
وما انتميت إلى خور ولا كسف ولا لئام غداة الروع أوزاع