قوله عز وجل : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29047ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قوارير nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قوارير من فضة قدروها تقديرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=17ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=18عينا فيها تسمى سلسبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19ويطوف عليهم ولدان مخلدون إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق وحلوا أساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=22إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إنا نحن نزلنا عليك القرآن تنزيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فاصبر لحكم ربك ولا تطع منهم آثما أو كفورا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25واذكر اسم ربك بكرة وأصيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26ومن الليل فاسجد له وسبحه ليلا طويلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=27إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=28نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليما حكيما nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما )
[ ص: 397 ] لما وصف تعالى طعامهم وسكناهم وهيئة جلوسهم ، ذكر شرابهم ، وقدم ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=30387الآنية التي يسقون منها ، والآنية جمع إناء ، وتقدم شرح الأكواب . وقرأ
نافع nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : قواريرا قواريرا بتنوينهما وصلا وإبداله ألفا وقفا .
وابن عامر وحمزة وأبو عمرو وحفص : بمنع صرفهما .
وابن كثير : بصرف الأول ومنع الصرف في الثاني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وهذا التنوين بدل من ألف الإطلاق لأنه فاصلة ، وفي الثاني لاتباعه الأول . انتهى . وكذا قال في قراءة من قرأ ( سلاسلا ) بالتنوين : إنه بدل من حرف الإطلاق ، أجرى الفواصل مجرى أبيات الشعر ، فكما أنه يدخل التنوين في القوافي المطلقة إشعارا بترك الترنم ، كما قال الراجز :
يا صاح ما هاج الدموع الذرفن
فهذه النون بدل من الألف ، إذ لو ترنم لوقف بألف الإطلاق . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16من فضة ) أي : مخلوقة من فضة ، ومعنى ( كانت ) : أنه أوجدها تعالى من قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82كن فيكون ) تفخيما لتلك الخلقة العجيبة الشأن الجامعة بين بياض الفضة ونصوعها وشفيف القوارير وصفائها ، ومن ذلك قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كان مزاجها كافورا ) . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش : قوارير من فضة بالرفع ، أي : هو قوارير . وقرأ الجمهور : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قدروها ) مبنيا للفاعل ، والضمير للملائكة ، أو للطواف عليهم ، أو المنعمين ، والتقدير : على قدر الأكف ، قاله
الربيع . أو على قدر الري ، قاله
مجاهد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قدروها ) صفة لقوارير من فضة ، ومعنى تقديرهم لها أنهم قدروها في أنفسهم على مقادير وأشكال على حسب شهواتهم ، فجاءت كما قدروها . وقيل : الضمير للطائفين بها يدل عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15ويطاف عليهم ) على أنهم قدروا شرابها على قدر الري ، وهو ألذ الشراب لكونه على مقدار حاجته ، لا يفضل عنها ولا يعجز . وعن
مجاهد : لا يفيض ولا يغيض . انتهى . وقرأ
علي nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والسلمي nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
وابن أبزى وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي ، و
الجحدري [ ص: 398 ] وعبد الله بن عبيد بن عمير وأبو حيوة وعباس ، عن
أبان ، و
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي عن
أبي عمرو ،
وابن عبد الخالق عن
يعقوب : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قدروها ) مبنيا للمفعول . قال
أبو علي : كأن اللفظ قدروا عليها ، وفي المعنى قلب ; لأن حقيقة المعنى أن يقال : قدرت عليهم ، فهي مثل قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة ) ومثل قول العرب : إذا طلعت الجوزاء ألقى العود على الحرباء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : ووجهه أن يكون من قدر منقولا من قدر ، تقول : قدرت الشيء وقدرنيه فلان إذا جعلك قادرا عليه ، ومعناه : جعلوا قادرين لها كما شاءوا ، وأطلق لهم أن يقدروا على حسب ما اشتهوا . انتهى . وقال
أبو حاتم : قدرت الأواني على قدر ريهم ، ففسر بعضهم قول
أبي حاتم هذا ، قال : فيه حذف على حذف ، وهو أنه كان قدر على قدر ريهم إياها ، ثم حذف على فصار قدر ريهم مفعولا لم يسم فاعله ، ثم حذف قدر فصار ريهم قائما مقامه ، ثم حذف الري فصارت الواو مكان الهاء والميم لما حذف المضاف مما قبلها ، وصارت الواو مفعول ما لم يسم فاعله ، واتصل ضمير المفعول الثاني في تقدر النصب بالفعل بعد الواو التي تحولت من الهاء والميم حتى أقيمت مقام الفاعل . انتهى . والأقرب في تخريج هذه القراءة الشاذة أن يكون الأصل قدر ريهم منها تقديرا ، فحذف المضاف وهو الذي ، وأقيم الضمير مقامه فصار التقدير : قدروا منها ، ثم اتسع في الفعل فحذفت " من " ووصل الفعل إلى الضمير بنفسه فصار قدروها ، فلم يكن فيه إلا حذف مضاف واتساع في المجرور .
والظاهر أن الكأس تمزج بالزنجبيل ، والعرب تستلذه وتذكره في وصف رضاب أفواه النساء ، كما أنشدنا لهم في الكلام على المفردات . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : تسمى العين زنجبيلا لطعم الزنجبيل فيها . انتهى . وقال
قتادة : الزنجبيل اسم لعين في الجنة ، يشرب منها المقربون صرفا ، ويمزج لسائر أهل الجنة . وقال
الكلبي : يسقى بجامين ، الأول مزاجه الكافور ، والثاني مزاجه الزنجبيل . و ( عينا ) بدل من ( كأسا ) على حذف ، أي : كأس عين ، أو من ( زنجبيل ) على قول
قتادة . وقيل : منصوب على الاختصاص . والظاهر أن هذه العين تسمى سلسبيلا بمعنى توصف بأنها سلسلة في الاتساع سهلة في المذاق ، ولا يحمل سلسبيل على أنه اسم حقيقة ; لأنه إذ ذاك كان ممنوع الصرف للتأنيث والعلمية . وقد روي عن
طلحة أنه قرأه بغير ألف ، جعله علما لها ، فإن كان علما فوجه قراءة الجمهور بالتنوين المناسبة للفواصل ، كما قال ذلك بعضهم في ( سلاسلا و ( قواريرا ) . ويحسن ذلك أنه لغة لبعض العرب ، أعني صرف ما لا يصرفه أكثر العرب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وقد زيدت الباء في التركيب حتى صارت الكلمة خماسية . انتهى . وكان قد ذكر ، فقال : شراب سلسل وسلسال وسلسيل ، فإن كان عنى أنه زيد حقيقة فليس بجيد ; لأن الباء ليست من حروف الزيادة المعهودة في علم النحو ، وإن عنى أنها حرف جاء في سنح الكلمة وليس في سلسيل ولا في سلسال ، فيصح ويكون مما اتفق معناه وكان مختلفا في المادة .
وقال بعض المعربين : سلسبيلا أمر للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولأمته بسؤال السبيل إليها ، وقد نسبوا هذا القول إلى
علي - كرم الله وجهه - ويجب طرحه من كتب التفسير . وأعجب من ذلك توجيه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري له واشتغاله بحكايته ، ويذكر نسبته إلى
علي - كرم الله وجهه ورضي عنه . وقال
قتادة : هي عين تنبع من تحت العرش من جنة عدن إلى الجنان . وقال
عكرمة : عين سلس ماؤها . وقال
مجاهد : عين حديرة الجرية سلسلة سهلة المساغ . وقال
مقاتل : عين يتسلسل عليهم ماؤها في مجالسهم كيف شاءوا ، وتقدم شرح (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19مخلدون ) وتشبيه
nindex.php?page=treesubj&link=30395الولدان باللؤلؤ المنثور في بياضهم وصفاء ألوانهم وانتشارهم في المساكن في خدمة أهل
nindex.php?page=treesubj&link=30387الجنة يجيئون ويذهبون . وقيل : شبهوا باللؤلؤ الرطب إذا أنثر من صدفه ، فإنه أحسن في العين وأبهج للنفس .
[ ص: 399 ] وجواب ( إذا رأيت ) : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20نعيما ) ومفعول فعل الشرط محذوف ، حذف اقتصارا ، والمعنى : وإذا رميت ببصرك هناك ، و " ثم " ظرف العامل فيه رأيت . وقيل : التقدير : وإذا رأيت ما ثم ، فحذف ما كما حذف في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94لقد تقطع بينكم ) أي : ما بينكم . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، فقال : ومن قال معناه ما ثم فقد أخطأ ; لأن ثم صلة لما ، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة . انتهى . وليس بخطأ مجمع عليه ، بل قد أجاز ذلك
الكوفيون ، وثم شواهد من لسان العرب ، كقوله :
فمن يهجو رسول الله منكم ويمدحه وينصره سواء
أي : ومن يمدحه ، فحذف الموصول وأبقى صلته . وقال
ابن عطية : و " ثم " ظرف العامل فيه ( رأيت ) أو معناه التقدير : رأيت ما ثم حذفت ما . انتهى . وهذا فاسد ; لأنه من حيث جعله معمولا لـ ( رأيت ) لا يكون صلة لما ; لأن العامل فيه إذ ذاك محذوف ، أي : ما استقر ثم . وقرأ الجمهور : " ثم " بفتح الثاء .
وحميد nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج : ثم بضم الثاء حرف عطف ، وجواب " إذا " على هذا محذوف ، أي : وإذا رميت ببصرك رأيت نعيما . والملك الكبير قيل : النظر إلى الله تعالى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : استئذان الملائكة عليهم . وقال أكثر المفسرين : الملك الكبير : اتساع مواضعهم . وقال
الكلبي : كبيرا عريضا يبصر أدناهم منزلة في الجنة مسيرة ألف عام ، يرى أقصاه كما يرى أدناه ، وقاله
عبد الله بن عمر ، وقال : ما من أهل الجنة من أحد إلا يسعى عليه ألف غلام ، كلهم مختلف شغله من شغل أصحابه . وقال
الترمذي ، وأظنه
nindex.php?page=showalam&ids=14155الترمذي الحكيم لا
أبا عيسى الحافظ صاحب الجامع : هو ملك التكوين والمشيئة ، إذا أراد شيئا كان لقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35لهم ما يشاءون فيها ) وقيل غير هذه الأقوال .
وقرأ
عمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس والحسن ومجاهد والجحدري وأهل مكة وجمهور السبعة : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عاليهم ) بفتح الياء .
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس : بخلاف عنه . و
nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج وأبو جعفر وشيبة ،
وابن محيصن ونافع وحمزة : بسكونها ، وهي رواية
أبان عن
عاصم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=15948وزيد بن علي : بالياء مضمومة . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وأبان أيضا عن
عاصم : بفتح الياء . وقرأ : عليهم حرف جر
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابن سيرين ومجاهد وقتادة وأبو حيوة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة والزعفراني وأبان أيضا . وقرأت
عائشة - رضي الله عنها : علتهم بتاء التأنيث فعلا ماضيا ، فثياب فاعل . ومن قرأ بالياء مضمومة فمبتدأ خبره ثياب ، ومن قرأ عليهم حرف جر فثياب مبتدأ ; ومن قرأ بنصب الياء وبالتاء ساكنة فعلى الحال ، وهو حال من المجرور في (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19ويطوف عليهم ) فذو الحال الطوف عليهم والعامل يطوف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وعاليهم بالنصب على أنه حال من الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يطوف عليهم ) أو في (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19حسبتهم ) أي : يطوف عليهم ولدان عاليا للمطوف عليهم ثياب ، أو حسبتهم لؤلؤا عاليا لهم ثياب . ويجوز أن يراد : رأيت أهل نعيم وملك عاليهم ثياب . انتهى . إما أن يكون حالا من الضمير في (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19حسبتهم ) فإنه لا يعني إلا ضمير المفعول ، وهذا عائد على ( ولدان ) ولذلك قدر عاليهم بقوله : عاليا لهم ، أي : للولدان ، وهذا لا يصح ; لأن الضمائر الآتية بعد ذلك تدل على أنها للمطوف عليهم من قوله : ( وحلوا وسقاهم ) وإن هذا كان لكم جزاء ، وفك الضمائر يجعل هذا كذا ، وذاك كذا مع عدم الاحتياج والاضطرار إلى ذلك لا يجوز . وأما جعله حالا من محذوف وتقديره أهل نعيم ، فلا حاجة إلى ادعاء الحذف مع صحة الكلام وبراعته دون تقدير ذلك المحذوف ، و ( ثياب ) مرفوع على الفاعلية بالحال . وقال
ابن عطية : ويجوز في النصب في القراءتين أن يكون على الظرف ; لأنه بمعنى فوقهم . انتهى . وعال وعالية اسم فاعل ، فيحتاج في إثبات كونهما ظرفين إلى أن يكون منقولا من كلام العرب عاليك أو عاليتك ثوب . وقرأ الجمهور : ( ثياب ) بغير تنوين على الإضافة إلى ( سندس ) . وقرأ
ابن عبلة وأبو حيوة : عليهم
nindex.php?page=treesubj&link=29047ثياب سندس خضر وإستبرق ، برفع الثلاثة ، برفع سندس بالصفة ; لأنه جنس ، كما تقول : ثوب حرير ،
[ ص: 400 ] تريد من حرير . وبرفع ( خضر ) بالصفة أيضا لأن الخضرة لونها ; ورفع (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54إستبرق ) بالعطف عليها ، وهو صفة أقيمت مقام الموصوف ، تقديره : وثياب إستبرق ، أي من إستبرق . وقرأ
الحسن وعيسى ونافع وحفص : ( خضر ) برفعهما . وقرأ العربيان و
نافع في رواية : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21خضر ) بالرفع صفة لثياب ، و (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54إستبرق ) جر عطفا على سندس . وقرأ
ابن كثير وأبو بكر : بجر خضر صفة لسندس ، ورفع (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54إستبرق ) عطفا على " ثياب " . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش وطلحة والحسن وأبو عمرو : بخلاف عنهما . و
حمزة nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : ووصف اسم الجنس الذي بينه وبين واحده تاء التأنيث ، والجمع جائز فصيح كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وينشئ السحاب الثقال ) وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=10والنخل باسقات ) فجعل الحال جمعا ، وإذا كانوا قد جمعوا صفة اسم الجنس الذي ليس بينه وبين واحده تاء التأنيث المحكي بأل بالجمع ، كقولهم : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض ، حيث جمع وصفهما ليس بسديد ، بل هو جائز أورده النحاة مورد الجواز بلا قبح .
وقرأ
ابن محيصن : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وإستبرق ) وتقدم ذلك والكلام عليه في الكهف . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " هنا " وقرئ ( وإستبرقا ) نصبا في موضع الجر على منع الصرف لأنه أعجمي ، وهو غلط لأنه نكرة يدخله حرف التعريف ، تقول : الإستبرق ، إلا أن يزعم
ابن محيصن أنه قد يجعل علما لهذا الضرب من الثياب . وقرئ : ( واستبرق ) بوصل الهمزة والفتح على أنه مسمى باستفعل من البريق ، وليس بصحيح أيضا ; لأنه معرب مشهور تعريبه ، وأن أصله إستبره . انتهى . ودل قوله : إلا أن يزعم
ابن محيصن ، وقوله بعد : وقرئ واستبرق بوصل الألف والفتح أن قراءة
ابن محيصن هي بقطع الهمزة مع فتح القاف . والمنقول عنه في كتب القراءات أنه قرأ بوصل الألف وفتح القاف . وقال
أبو حاتم : لا يجوز ، والصواب أنه اسم جنس لا ينبغي أن يحمل ضميرا ، ويؤيد ذلك دخول لام المعرفة عليه ، والصواب قطع الألف وإجراؤه على قراءة الجماعة . انتهى . ونقول : إن
ابن محيصن قارئ جليل مشهور بمعرفة العربية ، وقد أخذ عن أكابر العلماء ، ويتطلب لقراءته وجه ، وذلك أنه يجعل استفعل من البريق . تقول : برق واستبرق ، كعجب واستعجب .
ولما كان قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21خضر ) يدل على الخضرة ، وهي لون ذلك السندس ، وكانت الخضرة مما يكون لشدتها دهمة وغبش ، أخبر أن في ذلك اللون بريقا وحسنا يزيل غبشته . فاستبرق فعل ماض ، والضمير فيه عائد على السندس أو على الاخضرار الدال عليه قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21خضر ) . وهذا التخريج أولى من تلحين من يعرف العربية وتوهيم ضابط ثقة (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21أساور من فضة ) وفي موضع آخر ( من ذهب ) أي : يحلون منهما على التعاقب أو على الجمع بينهما ، كما يقع للنساء في الدنيا . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : وما أحسن بالمعصم أن يكون فيه سواران ، سوار من ذهب وسوار من فضة . انتهى . فقوله بالمعصم إما أن يكون مفعول أحسن ، وإما أن يكون بدلا منه ، وإما أن يكون مفعول أحسن ، وقد فصل بينهما بالجار والمجرور . فإن كان الأول ، فلا يجوز ; لأنه لم يعهد زيادة الباء في مفعول أفعل للتعجب ، لا تقول : ما أحسن
[ ص: 401 ] بزيد تريد ما أحسن زيدا وإن كان الثاني ، ففي مثل هذا الفصل خلاف ، والمنقول عن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه أنه لا يجوز ، والمولد منا إذا تكلم ينبغي أن يتحرز في كلامه عما فيه الخلاف .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15nindex.php?page=treesubj&link=29047وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَ nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=17وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=18عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=22إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=23إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=24فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=25وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=26وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=27إِنَّ هَؤُلَاءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=28نَحْنُ خَلَقْنَاهُمْ وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ وَإِذَا شِئْنَا بَدَّلْنَا أَمْثَالَهُمْ تَبْدِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=29إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=30وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=31يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا )
[ ص: 397 ] لَمَّا وَصَفَ تَعَالَى طَعَامَهُمْ وَسُكْنَاهُمْ وَهَيْئَةَ جُلُوسِهِمْ ، ذَكَرَ شَرَابَهُمْ ، وَقَدَّمَ ذِكْرَ
nindex.php?page=treesubj&link=30387الْآنِيَةِ الَّتِي يُسْقَوْنَ مِنْهَا ، وَالْآنِيَةُ جَمْعُ إِنَاءٍ ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ الْأَكْوَابِ . وَقَرَأَ
نَافِعٌ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : قَوَارِيرًا قَوَارِيرًا بِتَنْوِينِهِمَا وَصْلًا وَإِبْدَالِهِ أَلِفًا وَقْفًا .
وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَأَبُو عَمْرٍو وَحَفْصٌ : بِمَنْعِ صَرْفِهِمَا .
وَابْنُ كَثِيرٍ : بِصَرْفِ الْأَوَّلِ وَمَنْعِ الصَّرْفِ فِي الثَّانِي . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَهَذَا التَّنْوِينُ بَدَلٌ مِنْ أَلِفِ الْإِطْلَاقِ لِأَنَّهُ فَاصِلَةٌ ، وَفِي الثَّانِي لِاتِّبَاعِهِ الْأَوَّلِ . انْتَهَى . وَكَذَا قَالَ فِي قِرَاءَةِ مَنْ قَرَأَ ( سَلَاسَلًا ) بِالتَّنْوِينِ : إِنَّهُ بَدَلٌ مِنْ حَرْفِ الْإِطْلَاقِ ، أَجْرَى الْفَوَاصِلَ مَجْرَى أَبْيَاتِ الشِّعْرِ ، فَكَمَا أَنَّهُ يَدْخُلُ التَّنْوِينُ فِي الْقَوَافِي الْمُطْلَقَةِ إِشْعَارًا بِتَرْكِ التَّرَنُّمِ ، كَمَا قَالَ الرَّاجِزُ :
يَا صَاحِ مَا هَاجَ الدُّمُوعَ الذُّرَّفَنْ
فَهَذِهِ النُّونُ بَدَلٌ مِنَ الْأَلِفِ ، إِذْ لَوْ تَرَنَّمَ لَوَقَفَ بِأَلِفِ الْإِطْلَاقِ . (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16مِنْ فِضَّةٍ ) أَيْ : مَخْلُوقَةٌ مِنْ فِضَّةٍ ، وَمَعْنَى ( كَانَتْ ) : أَنَّهُ أَوْجَدَهَا تَعَالَى مِنْ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=36&ayano=82كُنْ فَيَكُونُ ) تَفْخِيمًا لِتِلْكَ الْخِلْقَةِ الْعَجِيبَةِ الشَّأْنِ الْجَامِعَةِ بَيْنَ بَيَاضِ الْفِضَّةِ وَنُصُوعِهَا وَشَفِيفِ الْقَوَارِيرِ وَصَفَائِهَا ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=5كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا ) . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ : قَوَارِيرُ مِنْ فِضَّةٍ بِالرَّفْعِ ، أَيْ : هُوَ قَوَارِيرُ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَدَّرُوهَا ) مَبْنِيًّا لِلْفَاعِلِ ، وَالضَّمِيرُ لِلْمَلَائِكَةِ ، أَوْ لِلطُّوَّافِ عَلَيْهِمْ ، أَوِ الْمُنَعَّمِينَ ، وَالتَّقْدِيرُ : عَلَى قَدْرِ الْأَكُفِّ ، قَالَهُ
الرَّبِيعُ . أَوْ عَلَى قَدْرِ الرِّيِّ ، قَالَهُ
مُجَاهِدٌ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَدَّرُوهَا ) صِفَةٌ لِقَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ ، وَمَعْنَى تَقْدِيرِهِمْ لَهَا أَنَّهُمْ قَدَّرُوهَا فِي أَنْفُسِهِمْ عَلَى مَقَادِيرَ وَأَشْكَالٍ عَلَى حَسَبِ شَهَوَاتِهِمْ ، فَجَاءَتْ كَمَا قَدَّرُوهَا . وَقِيلَ : الضَّمِيرُ لِلطَّائِفِينَ بِهَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=15وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ ) عَلَى أَنَّهُمْ قَدَّرُوا شَرَابَهَا عَلَى قَدْرِ الرِّيِّ ، وَهُوَ أَلَذُّ الشَّرَابِ لِكَوْنِهِ عَلَى مِقْدَارِ حَاجَتِهِ ، لَا يَفْضُلُ عَنْهَا وَلَا يَعْجِزُ . وَعَنْ
مُجَاهِدٍ : لَا يَفِيضُ وَلَا يَغِيضُ . انْتَهَى . وَقَرَأَ
عَلِيٌّ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالسُّلَمِيُّ nindex.php?page=showalam&ids=14577وَالشَّعْبِيُّ ،
وَابْنُ أَبْزَى وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ ، وَ
الْجَحْدَرِيُّ [ ص: 398 ] وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ وَأَبُو حَيْوَةَ وَعَبَّاسٌ ، عَنْ
أَبَانٍ ، وَ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو ،
وَابْنُ عَبْدِ الْخَالِقِ عَنْ
يَعْقُوبَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=16قَدَّرُوهَا ) مَبْنِيًّا لِلْمَفْعُولِ . قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ : كَأَنَّ اللَّفْظَ قَدَرُوا عَلَيْهَا ، وَفِي الْمَعْنَى قَلْبٌ ; لِأَنَّ حَقِيقَةَ الْمَعْنَى أَنْ يُقَالَ : قُدِّرَتْ عَلَيْهِمْ ، فَهِيَ مِثْلُ قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=76مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ ) وَمِثْلُ قَوْلِ الْعَرَبِ : إِذَا طَلَعَتِ الْجَوْزَاءُ أَلْقَى الْعَوْدُ عَلَى الْحِرْبَاءِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَوَجْهُهُ أَنْ يَكُونَ مِنْ قَدَرَ مَنْقُولًا مِنْ قُدِّرَ ، تَقُولُ : قَدَّرْتُ الشَّيْءَ وَقَدَّرَنِيهِ فُلَانٌ إِذَا جَعَلَكَ قَادِرًا عَلَيْهِ ، وَمَعْنَاهُ : جُعِلُوا قَادِرِينَ لَهَا كَمَا شَاءُوا ، وَأَطْلَقَ لَهُمْ أَنْ يُقَدِّرُوا عَلَى حَسَبِ مَا اشْتَهَوْا . انْتَهَى . وَقَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : قُدِّرَتِ الْأَوَانِي عَلَى قَدْرِ رِيِّهِمْ ، فَفَسَّرَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ
أَبِي حَاتِمٍ هَذَا ، قَالَ : فِيهِ حَذْفٌ عَلَى حَذْفٍ ، وَهُوَ أَنَّهُ كَانَ قُدِّرَ عَلَى قَدْرِ رِيِّهِمْ إِيَّاهَا ، ثُمَّ حُذِفَ عَلَى فَصَارَ قَدْرُ رِيِّهِمْ مَفْعُولًا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، ثُمَّ حُذِفَ قُدِّرَ فَصَارَ رِيُّهُمْ قَائِمًا مَقَامَهُ ، ثُمَّ حُذِفَ الرِّيُّ فَصَارَتِ الْوَاوُ مَكَانَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ لَمَّا حُذِفَ الْمُضَافُ مِمَّا قَبْلَهَا ، وَصَارَتِ الْوَاوُ مَفْعُولَ مَا لَمْ يُسَمَّ فَاعِلُهُ ، وَاتَّصَلَ ضَمِيرُ الْمَفْعُولِ الثَّانِي فِي تَقَدُّرِ النَّصْبِ بِالْفِعْلِ بَعْدَ الْوَاوِ الَّتِي تَحَوَّلَتْ مِنَ الْهَاءِ وَالْمِيمِ حَتَّى أُقِيمَتْ مَقَامَ الْفَاعِلِ . انْتَهَى . وَالْأَقْرَبُ فِي تَخْرِيجِ هَذِهِ الْقِرَاءَةِ الشَّاذَّةِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ قُدِّرَ رِيُّهُمْ مِنْهَا تَقْدِيرًا ، فَحَذَفَ الْمُضَافَ وَهُوَ الَّذِي ، وَأُقِيمَ الضَّمِيرُ مَقَامَهُ فَصَارَ التَّقْدِيرُ : قُدِّرُوا مِنْهَا ، ثُمَّ اتَّسَعَ فِي الْفِعْلِ فَحُذِفَتْ " مِنْ " وَوُصِلَ الْفِعْلُ إِلَى الضَّمِيرِ بِنَفْسِهِ فَصَارَ قُدِّرُوهَا ، فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ إِلَّا حَذْفُ مُضَافٍ وَاتِّسَاعٌ فِي الْمَجْرُورِ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَأْسَ تُمْزَجُ بِالزَّنْجَبِيلِ ، وَالْعَرَبُ تَسْتَلِذُّهُ وَتَذْكُرُهُ فِي وَصْفِ رُضَابِ أَفْوَاهِ النِّسَاءِ ، كَمَا أَنْشَدْنَا لَهُمْ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمُفْرَدَاتِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : تُسَمَّى الْعَيْنُ زَنْجَبِيلًا لِطَعْمِ الزَّنْجَبِيلِ فِيهَا . انْتَهَى . وَقَالَ
قَتَادَةُ : الزَّنْجَبِيلُ اسْمٌ لِعَيْنٍ فِي الْجَنَّةِ ، يَشْرَبُ مِنْهَا الْمُقَرَّبُونَ صِرْفًا ، وَيُمْزَجُ لِسَائِرِ أَهْلِ الْجَنَّةِ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : يُسْقَى بِجَامَيْنِ ، الْأَوَّلُ مِزَاجُهُ الْكَافُورُ ، وَالثَّانِي مِزَاجُهُ الزَّنْجَبِيلُ . وَ ( عَيْنًا ) بَدَلٌ مِنْ ( كَأْسًا ) عَلَى حَذْفٍ ، أَيْ : كَأْسُ عَيْنٍ ، أَوْ مِنْ ( زَنْجَبِيلٍ ) عَلَى قَوْلِ
قَتَادَةَ . وَقِيلَ : مَنْصُوبٌ عَلَى الِاخْتِصَاصِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْعَيْنَ تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا بِمَعْنَى تُوصَفُ بِأَنَّهَا سِلْسِلَةٌ فِي الِاتِّسَاعِ سَهْلَةٌ فِي الْمَذَاقِ ، وَلَا يُحْمَلُ سَلْسَبِيلٌ عَلَى أَنَّهُ اسْمٌ حَقِيقَةً ; لِأَنَّهُ إِذْ ذَاكَ كَانَ مَمْنُوعَ الصَّرْفِ لِلتَّأْنِيثِ وَالْعَلَمِيَّةِ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ
طَلْحَةَ أَنَّهُ قَرَأَهُ بِغَيْرِ أَلِفٍ ، جَعَلَهُ عَلَمًا لَهَا ، فَإِنْ كَانَ عَلَمًا فَوَجْهُ قِرَاءَةِ الْجُمْهُورِ بِالتَّنْوِينِ الْمُنَاسَبَةُ لِلْفَوَاصِلِ ، كَمَا قَالَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فِي ( سَلَاسِلَا وَ ( قَوَارِيرَا ) . وَيُحَسِّنُ ذَلِكَ أَنَّهُ لُغَةٌ لِبَعْضِ الْعَرَبِ ، أَعْنِي صَرْفَ مَا لَا يَصْرِفُهُ أَكْثَرُ الْعَرَبِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَقَدْ زِيدَتِ الْبَاءُ فِي التَّرْكِيبِ حَتَّى صَارَتِ الْكَلِمَةُ خُمَاسِيَّةً . انْتَهَى . وَكَانَ قَدْ ذَكَرَ ، فَقَالَ : شَرَابٌ سَلْسَلٌ وَسَلْسَالٌ وَسَلْسِيلٌ ، فَإِنْ كَانَ عَنَى أَنَّهُ زِيدَ حَقِيقَةً فَلَيْسَ بِجَيِّدٍ ; لِأَنَّ الْبَاءَ لَيْسَتْ مِنْ حُرُوفِ الزِّيَادَةِ الْمَعْهُودَةِ فِي عِلْمِ النَّحْوِ ، وَإِنْ عَنَى أَنَّهَا حَرْفٌ جَاءَ فِي سَنْحِ الْكَلِمَةِ وَلَيْسَ فِي سَلْسِيلٍ وَلَا فِي سِلْسَالٍ ، فَيَصِحُّ وَيَكُونُ مِمَّا اتَّفَقَ مَعْنَاهُ وَكَانَ مُخْتَلِفًا فِي الْمَادَّةِ .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْرِبِينَ : سَلْسَبِيلَا أَمْرٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِأُمَّتِهِ بِسُؤَالِ السَّبِيلِ إِلَيْهَا ، وَقَدْ نَسَبُوا هَذَا الْقَوْلَ إِلَى
عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ - وَيَجِبُ طَرْحُهُ مِنْ كُتُبِ التَّفْسِيرِ . وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ تَوْجِيهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيِّ لَهُ وَاشْتِغَالُهُ بِحِكَايَتِهِ ، وَيَذْكُرُ نِسْبَتَهُ إِلَى
عَلِيٍّ - كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَرَضِيَ عَنْهُ . وَقَالَ
قَتَادَةُ : هِيَ عَيْنٌ تَنْبُعُ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ مِنْ جَنَّةِ عَدْنٍ إِلَى الْجِنَانِ . وَقَالَ
عِكْرِمَةُ : عَيْنٌ سَلِسٌ مَاؤُهَا . وَقَالَ
مُجَاهِدٌ : عَيْنٌ حَدِيرَةُ الْجَرْيَةِ سَلْسِلَةٌ سَهْلَةُ الْمَسَاغِ . وَقَالَ
مُقَاتِلٌ : عَيْنٌ يَتَسَلْسَلُ عَلَيْهِمْ مَاؤُهَا فِي مَجَالِسِهِمْ كَيْفَ شَاءُوا ، وَتَقَدَّمَ شَرْحُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19مُخَلَّدُونَ ) وَتَشْبِيهُ
nindex.php?page=treesubj&link=30395الْوِلْدَانِ بِاللُّؤْلُؤِ الْمَنْثُورِ فِي بَيَاضِهِمْ وَصَفَاءِ أَلْوَانِهِمْ وَانْتِشَارِهِمْ فِي الْمَسَاكِنِ فِي خِدْمَةِ أَهْلِ
nindex.php?page=treesubj&link=30387الْجَنَّةِ يَجِيئُونَ وَيَذْهَبُونَ . وَقِيلَ : شُبِّهُوا بِاللُّؤْلُؤِ الرَّطْبِ إِذَا أُنْثِرَ مِنْ صَدَفِهِ ، فَإِنَّهُ أَحْسَنُ فِي الْعَيْنِ وَأَبْهَجُ لِلنَّفْسِ .
[ ص: 399 ] وَجَوَابُ ( إِذَا رَأَيْتَ ) : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=20نَعِيمًا ) وَمَفْعُولُ فِعْلِ الشَّرْطِ مَحْذُوفٌ ، حُذِفَ اقْتِصَارًا ، وَالْمَعْنَى : وَإِذَا رَمَيْتَ بِبَصَرِكِ هُنَاكَ ، وَ " ثَمَّ " ظَرْفٌ الْعَامِلُ فِيهِ رَأَيْتَ . وَقِيلَ : التَّقْدِيرُ : وَإِذَا رَأَيْتَ مَا ثَمَّ ، فَحَذَفَ مَا كَمَا حَذَفَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=94لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ ) أَيْ : مَا بَيْنَكُمْ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزَّجَّاجُ ، وَتَبِعَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ ، فَقَالَ : وَمَنْ قَالَ مَعْنَاهُ مَا ثَمَّ فَقَدَ أَخْطَأَ ; لِأَنَّ ثَمَّ صِلَةٌ لِمَا ، وَلَا يَجُوزُ إِسْقَاطُ الْمَوْصُولِ وَتَرْكُ الصِّلَةِ . انْتَهَى . وَلَيْسَ بِخَطَأٍ مُجْمَعٍ عَلَيْهِ ، بَلْ قَدْ أَجَازَ ذَلِكَ
الْكُوفِيُّونَ ، وَثَمَّ شَوَاهِدُ مِنْ لِسَانِ الْعَرَبِ ، كَقَوْلِهِ :
فَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللَّهِ مِنْكُمْ وَيَمْدَحُهُ وَيَنْصُرُهُ سَوَاءُ
أَيْ : وَمَنْ يَمْدَحُهُ ، فَحَذَفَ الْمَوْصُولَ وَأَبْقَى صِلَتَهُ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَ " ثَمَّ " ظَرْفٌ الْعَامِلُ فِيهِ ( رَأَيْتَ ) أَوْ مَعْنَاهُ التَّقْدِيرُ : رَأَيْتَ مَا ثَمَّ حُذِفَتْ مَا . انْتَهَى . وَهَذَا فَاسِدٌ ; لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ جَعْلُهُ مَعْمُولًا لِـ ( رَأَيْتَ ) لَا يَكُونُ صِلَةً لِمَا ; لِأَنَّ الْعَامِلَ فِيهِ إِذْ ذَاكَ مَحْذُوفٌ ، أَيْ : مَا اسْتَقَرَّ ثَمَّ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : " ثَمَّ " بِفَتْحِ الثَّاءِ .
وَحُمَيْدٌ nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ : ثُمَّ بِضَمِّ الثَّاءِ حَرْفَ عَطْفٍ ، وَجَوَابُ " إِذَا " عَلَى هَذَا مَحْذُوفٌ ، أَيْ : وَإِذَا رَمَيْتَ بِبَصَرِكَ رَأَيْتَ نَعِيمًا . وَالْمُلْكُ الْكَبِيرُ قِيلَ : النَّظَرُ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : اسْتِئْذَانُ الْمَلَائِكَةِ عَلَيْهِمْ . وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ : الْمُلْكُ الْكَبِيرُ : اتِّسَاعُ مَوَاضِعِهِمْ . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : كَبِيرًا عَرِيضًا يُبْصِرُ أَدْنَاهُمْ مَنْزِلَةً فِي الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ أَلْفِ عَامٍ ، يَرَى أَقْصَاهُ كَمَا يَرَى أَدْنَاهُ ، وَقَالَهُ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، وَقَالَ : مَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا يَسْعَى عَلَيْهِ أَلْفُ غُلَامٍ ، كُلُّهُمْ مُخْتَلِفٌ شُغْلُهُ مِنْ شُغْلِ أَصْحَابِهِ . وَقَالَ
التِّرْمِذِيُّ ، وَأَظُنُّهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14155التِّرْمِذِيَّ الْحَكِيمَ لَا
أَبَا عِيسَى الْحَافِظَ صَاحِبَ الْجَامِعِ : هُوَ مُلْكُ التَّكْوِينِ وَالْمَشِيئَةِ ، إِذَا أَرَادَ شَيْئًا كَانَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=35لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا ) وَقِيلَ غَيْرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ .
وَقَرَأَ
عُمَرُ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالْجَحْدَرِيُّ وَأَهْلُ مَكَّةَ وَجُمْهُورُ السَّبْعَةِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21عَالِيَهُمْ ) بِفَتْحِ الْيَاءِ .
nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنُ عَبَّاسٍ : بِخِلَافٍ عَنْهُ . وَ
nindex.php?page=showalam&ids=13723الْأَعْرَجُ وَأَبُو جَعْفَرٍ وَشَيْبَةُ ،
وَابْنُ مُحَيْصِنٍ وَنَافِعٌ وَحَمْزَةُ : بِسُكُونِهَا ، وَهِيَ رِوَايَةُ
أَبَانٍ عَنْ
عَاصِمٍ . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنُ مَسْعُودٍ nindex.php?page=showalam&ids=13726وَالْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15948وَزَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ : بِالْيَاءِ مَضْمُومَةً . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشِ وَأَبَانٍ أَيْضًا عَنْ
عَاصِمٍ : بِفَتْحِ الْيَاءِ . وَقَرَأَ : عَلَيْهِمْ حَرْفَ جَرٍّ
nindex.php?page=showalam&ids=16972ابْنُ سِيرِينَ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ وَأَبُو حَيْوَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وَابْنُ أَبِي عَبْلَةَ وَالزَّعْفَرَانِيُّ وَأَبَانٌ أَيْضًا . وَقَرَأَتْ
عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : عَلَتْهُمْ بِتَاءِ التَّأْنِيثِ فِعْلًا مَاضِيًا ، فَثِيَابُ فَاعِلٌ . وَمَنْ قَرَأَ بِالْيَاءِ مَضْمُومَةً فَمُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ ثِيَابٌ ، وَمَنْ قَرَأَ عَلَيْهِمْ حَرْفَ جَرٍّ فَثِيَابُ مُبْتَدَأٌ ; وَمَنْ قَرَأَ بِنَصْبِ الْيَاءِ وَبِالتَّاءِ سَاكِنَةً فَعَلَى الْحَالِ ، وَهُوَ حَالٌ مِنَ الْمَجْرُورِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ ) فَذُو الْحَالِ الطَّوْفُ عَلَيْهِمْ وَالْعَامِلُ يَطُوفُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَعَالِيَهُمْ بِالنَّصْبِ عَلَى أَنَّهُ حَالٌ مِنَ الضَّمِيرِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=17يَطُوفُ عَلَيْهِمْ ) أَوْ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19حَسِبْتَهُمْ ) أَيْ : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ عَالِيًا لِلْمَطُوفِ عَلَيْهِمْ ثِيَابٌ ، أَوْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا عَالِيًا لَهُمْ ثِيَابٌ . وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ : رَأَيْتَ أَهْلَ نَعِيمٍ وَمُلْكٍ عَالِيَهُمْ ثِيَابٌ . انْتَهَى . إِمَّا أَنْ يَكُونَ حَالًا مِنَ الضَّمِيرِ فِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=19حَسِبْتَهُمْ ) فَإِنَّهُ لَا يُعْنِي إِلَّا ضَمِيرَ الْمَفْعُولِ ، وَهَذَا عَائِدٌ عَلَى ( وِلْدَانٌ ) وَلِذَلِكَ قُدِّرَ عَالِيَهُمْ بِقَوْلِهِ : عَالِيًا لَهُمْ ، أَيْ : لِلْوِلْدَانِ ، وَهَذَا لَا يَصِحُّ ; لِأَنَّ الضَّمَائِرَ الْآتِيَةَ بَعْدَ ذَلِكَ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لِلْمَطُوفِ عَلَيْهِمْ مِنْ قَوْلِهِ : ( وَحُلُّوا وَسَقَاهُمْ ) وَإِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً ، وَفَكُّ الضَّمَائِرِ يَجْعَلُ هَذَا كَذَا ، وَذَاكَ كَذَا مَعَ عَدَمِ الِاحْتِيَاجِ وَالِاضْطِرَارِ إِلَى ذَلِكَ لَا يَجُوزُ . وَأَمَّا جَعْلُهُ حَالًا مِنْ مَحْذُوفٍ وَتَقْدِيرُهُ أَهْلُ نَعِيمٍ ، فَلَا حَاجَةَ إِلَى ادِّعَاءِ الْحَذْفِ مَعَ صِحَّةِ الْكَلَامِ وَبَرَاعَتِهِ دُونَ تَقْدِيرِ ذَلِكَ الْمَحْذُوفِ ، وَ ( ثِيَابٌ ) مَرْفُوعٌ عَلَى الْفَاعِلِيَّةِ بِالْحَالِ . وَقَالَ
ابْنُ عَطِيَّةَ : وَيَجُوزُ فِي النَّصْبِ فِي الْقِرَاءَتَيْنِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الظَّرْفِ ; لِأَنَّهُ بِمَعْنَى فَوْقَهُمْ . انْتَهَى . وَعَالٍ وَعَالِيَةٌ اسْمُ فَاعِلٍ ، فَيَحْتَاجُ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِهِمَا ظَرْفَيْنِ إِلَى أَنْ يَكُونَ مَنْقُولًا مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ عَالِيَكَ أَوْ عَالِيَتُكَ ثَوْبٌ . وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ : ( ثِيَابُ ) بِغَيْرِ تَنْوِينٍ عَلَى الْإِضَافَةِ إِلَى ( سُنْدُسٍ ) . وَقَرَأَ
ابْنُ عَبْلَةَ وَأَبُو حَيْوَةَ : عَلَيْهِمْ
nindex.php?page=treesubj&link=29047ثِيَابٌ سُنْدُسٌ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ ، بِرَفْعِ الثَّلَاثَةِ ، بِرَفْعِ سُنْدُسٍ بِالصِّفَةِ ; لِأَنَّهُ جِنْسٌ ، كَمَا تَقُولُ : ثَوْبٌ حَرِيرٌ ،
[ ص: 400 ] تُرِيدُ مِنْ حَرِيرٍ . وَبِرَفْعِ ( خُضْرٌ ) بِالصِّفَةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْخُضْرَةَ لَوْنُهَا ; وَرُفِعَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54إِسْتَبْرَقٍ ) بِالْعَطْفِ عَلَيْهَا ، وَهُوَ صِفَةٌ أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَوْصُوفِ ، تَقْدِيرُهُ : وَثِيَابٌ إِسْتَبْرَقٌ ، أَيْ مِنْ إِسْتَبْرَقٍ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَعِيسَى وَنَافِعٌ وَحَفْصٌ : ( خُضْرٌ ) بِرَفْعِهِمَا . وَقَرَأَ الْعَرَبِيَّانِ وَ
نَافِعٌ فِي رِوَايَةٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21خُضْرٌ ) بِالرَّفْعِ صِفَةً لِثِيَابٍ ، وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54إِسْتَبْرَقٍ ) جُرَّ عَطْفًا عَلَى سُنْدُسٍ . وَقَرَأَ
ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو بَكْرٍ : بِجَرِّ خُضْرٍ صِفَةً لِسُنْدُسٍ ، وَرَفْعِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=55&ayano=54إِسْتَبْرَقٍ ) عَطْفًا عَلَى " ثِيَابٍ " . وَقَرَأَ
nindex.php?page=showalam&ids=13726الْأَعْمَشُ وَطَلْحَةُ وَالْحَسَنُ وَأَبُو عَمْرٍو : بِخِلَافٍ عَنْهُمَا . وَ
حَمْزَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ : وَوَصْفُ اسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ تَاءُ التَّأْنِيثِ ، وَالْجَمْعُ جَائِزٌ فَصِيحٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=13&ayano=12وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ ) وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=50&ayano=10وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ ) فَجَعَلَ الْحَالَ جَمْعًا ، وَإِذَا كَانُوا قَدْ جَمَعُوا صِفَةَ اسْمِ الْجِنْسِ الَّذِي لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ تَاءُ التَّأْنِيثِ الْمَحْكِيِّ بِأَلْ بِالْجَمْعِ ، كَقَوْلِهِمْ : أَهْلَكَ النَّاسَ الدِّينَارُ الصُّفْرُ وَالدِّرْهَمُ الْبِيضُ ، حَيْثُ جَمْعُ وَصْفِهِمَا لَيْسَ بِسَدِيدٍ ، بَلْ هُوَ جَائِزٌ أَوْرَدَهُ النُّحَاةُ مَوْرِدَ الْجَوَازِ بِلَا قُبْحٍ .
وَقَرَأَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21وَإِسْتَبْرَقٌ ) وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي الْكَهْفِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : " هُنَا " وَقُرِئَ ( وَإِسْتَبْرَقًا ) نَصْبًا فِي مَوْضِعِ الْجَرِّ عَلَى مَنْعِ الصَّرْفِ لِأَنَّهُ أَعْجَمِيٌّ ، وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ يَدْخُلُهُ حَرْفُ التَّعْرِيفِ ، تَقُولُ : الْإِسْتَبْرَقُ ، إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ أَنَّهُ قَدْ يُجْعَلُ عَلَمًا لِهَذَا الضَّرْبِ مِنَ الثِّيَابِ . وَقُرِئَ : ( وَاسْتَبْرَقَ ) بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَالْفَتْحِ عَلَى أَنَّهُ مُسَمًّى بِاسْتَفْعَلَ مِنَ الْبَرِيقِ ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ أَيْضًا ; لِأَنَّهُ مُعَرَّبٌ مَشْهُورٌ تَعْرِيبُهُ ، وَأَنَّ أَصْلَهُ إِسْتَبْرَهْ . انْتَهَى . وَدَلَّ قَوْلُهُ : إِلَّا أَنْ يَزْعُمَ
ابْنُ مُحَيْصِنٍ ، وَقَوْلُهُ بَعْدُ : وَقُرِئَ وَاسْتَبْرَقَ بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَالْفَتْحِ أَنَّ قِرَاءَةَ
ابْنِ مُحَيْصِنٍ هِيَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ مَعَ فَتْحِ الْقَافِ . وَالْمَنْقُولُ عَنْهُ فِي كُتُبِ الْقِرَاءَاتِ أَنَّهُ قَرَأَ بِوَصْلِ الْأَلِفِ وَفَتْحِ الْقَافِ . وَقَالَ
أَبُو حَاتِمٍ : لَا يَجُوزُ ، وَالصَّوَابُ أَنَّهُ اسْمُ جِنْسٍ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَحْمِلَ ضَمِيرًا ، وَيُؤَيِّدَ ذَلِكَ دُخُولُ لَامِ الْمَعْرِفَةِ عَلَيْهِ ، وَالصَّوَابُ قَطْعُ الْأَلِفِ وَإِجْرَاؤُهُ عَلَى قِرَاءَةِ الْجَمَاعَةِ . انْتَهَى . وَنَقُولُ : إِنَّ
ابْنَ مُحَيْصِنٍ قَارِئٌ جَلِيلٌ مَشْهُورٌ بِمَعْرِفَةِ الْعَرَبِيَّةِ ، وَقَدْ أَخَذَ عَنْ أَكَابِرِ الْعُلَمَاءِ ، وَيُتَطَلَّبُ لِقِرَاءَتِهِ وَجْهٌ ، وَذَلِكَ أَنَّهُ يَجْعَلُ اسْتَفْعَلَ مِنَ الْبَرِيقِ . تَقُولُ : بَرِقَ وَاسَتَبْرَقَ ، كَعَجِبَ وَاسْتَعْجَبَ .
وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21خُضْرٌ ) يَدُلُّ عَلَى الْخُضْرَةِ ، وَهِيَ لَوْنُ ذَلِكَ السُّنْدُسِ ، وَكَانَتِ الْخُضْرَةُ مِمَّا يَكُونُ لِشِدَّتِهَا دُهْمَةٌ وَغَبَشٌ ، أَخْبَرَ أَنَّ فِي ذَلِكَ اللَّوْنِ بَرِيقًا وَحُسْنًا يُزِيلُ غَبَشَتَهُ . فَاسْتَبْرَقَ فِعْلٌ مَاضٍ ، وَالضَّمِيرُ فِيهِ عَائِدٌ عَلَى السُّنْدُسِ أَوْ عَلَى الِاخْضِرَارِ الدَّالِّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21خُضْرٌ ) . وَهَذَا التَّخْرِيجُ أَوْلَى مِنْ تَلْحِينِ مَنْ يَعْرِفُ الْعَرَبِيَّةَ وَتَوْهِيمِ ضَابِطٍ ثِقَةٍ (
nindex.php?page=tafseer&surano=76&ayano=21أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ) وَفِي مَوْضِعٍ آخَرَ ( مِنْ ذَهَبٍ ) أَيْ : يُحَلَّوْنَ مِنْهُمَا عَلَى التَّعَاقُبِ أَوْ عَلَى الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا ، كَمَا يَقَعُ لِلنِّسَاءِ فِي الدُّنْيَا . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ : وَمَا أَحْسَنَ بِالْمِعْصَمِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سُوَارَانِ ، سُوَارٌ مِنْ ذَهَبٍ وَسُوَارٌ مِنْ فِضَّةٍ . انْتَهَى . فَقَوْلُهُ بِالْمِعْصَمِ إِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أَحْسَنَ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْهُ ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَفْعُولَ أَحْسَنَ ، وَقَدْ فَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْجَارِّ وَالْمَجْرُورِ . فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ ، فَلَا يَجُوزُ ; لِأَنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ زِيَادَةُ الْبَاءِ فِي مَفْعُولِ أَفْعَلَ لِلتَّعَجُّبِ ، لَا تَقُولُ : مَا أَحْسَنَ
[ ص: 401 ] بِزَيْدٍ تُرِيدُ مَا أَحْسَنَ زَيْدًا وَإِنْ كَانَ الثَّانِي ، فَفِي مِثْلِ هَذَا الْفَصْلِ خِلَافٌ ، وَالْمَنْقُولُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سِيبَوَيْهِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ، وَالْمُوَلَّدُ مِنَّا إِذَا تَكَلَّمَ يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّزَ فِي كَلَامِهِ عَمَّا فِيهِ الْخِلَافُ .