(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك ) قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : الضمير للمنافقين واليهود ، وقال
الحسن : للمنافقين ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي :
لليهود . والظاهر أنه للمنافقين لأن مثل هذا لا يصدر من مؤمن ،
واليهود لم يكونوا في طاعة الإسلام حتى يكتب عليهم القتال . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أن الحسنة هنا هي السلامة والأمن ، والسيئة الأمراض والخوف . وعنه أيضا : الحسنة الخصب والرخاء ، والسيئة الجدب والغلاء . وعنه أيضا : الحسنة السراء ، والسيئة الضراء . وقال
الحسن وابن زيد : الحسنة النعمة والفتح والغنيمة يوم
بدر ، والسيئة البلية والشدة والقتل يوم
أحد . وقيل : الحسنة الغنى ، والسيئة الفقر .
والمعنى : أن هؤلاء المنافقين إذا أصابتهم حسنة نسبوها إلى الله تعالى ، وأنها ليست باتباع الرسول ، ولا الإيمان به ، وإن تصبهم سيئة أضافوها إلى الرسول وقالوا : هي بسببه ، كما جاء في قوم
موسى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ) وفي قوم صالح : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47قالوا اطيرنا بك وبمن معك ) . وروى جماعة من المفسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة قال اليهود والمنافقون : ما زلنا نعرف النقص في ثمارنا ومزارعنا مذ قدم علينا هذا الرجل وأصحابه .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قل كل من عند الله ) أمر الله نبيه أن يخبرهم أن كلا من الحسنة والسيئة إنما هو من عند الله ، لا خالق ولا مخترع سواه ، فليس الأمر كما زعمتم ؛ فالله تعالى وحده هو النافع الضار ، وعن إرادته تصدر جميع الكائنات .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ) هذا استفهام معناه التعجب من هذه المقالة ، وكيف ينسب ما هو من عند الله لغير الله ؟ أي أن هؤلاء كانوا ينبغي لهم أن يكونوا ممن يتفهم الأشياء ، ويتوقفون عما يريدون أن يقولوا حتى يعرضوه على عقولهم . وبالغ تعالى في قلة فهمهم وتعلقهم ؛ حتى نفى مقاربة الفقه ، ونفي المقاربة أبلغ من نفي الفعل . وهذا النوع من الاستفهام يتضمن إنكار ما استفهم عن علته ، وأنه ينبغي أن يوجد مقابله . فإذا قيل : ما لك قائما ، فهو إنكار للقيام ، ومتضمن أن يوجد مقابله . وإذا قيل : ما لك
[ ص: 301 ] لا تقوم ، فهو إنكار لترك القيام ، ومتضمن أن يوجد مقابله . قيل في قوله : حديثا ، أي القرآن لو تدبروه لبصرهم في الدين ، وأورثهم اليقين . وقال
ابن بحر : لامهم على ترك التفقه فيما أعلمهم به وأدبهم في كتابه . ووقف
أبو عمرو nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي على قوله : ( فما ) ، ووقف الباقون على اللام في قوله : ( فمال ) اتباعا للخط . ولا ينبغي تعمد ذلك ؛ لأن الوقف على ( فما ) فيه قطع عن الخبر ، وعلى اللام فيه قطع عن المجرور دون حرف الجر ؛ وإنما يكون ذلك لضرورة انقطاع النفس .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79nindex.php?page=treesubj&link=28975ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك ) الخطاب عام ; كأنه قيل ما أصابك يا إنسان . وقيل للرسول والمراد غيره . وقال
ابن بحر : هو خطاب للفريق في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إذا فريق منهم ) قال : ولما كان لفظ الفريق مفردا صح أن يخبر عنه بلفظ الواحد تارة ، وبلفظ الجمع تارة . وعليه قوله :
تفرق أهلا نابثين فمنهم فريق أقام واستقل فريق
هذا مقتضى اللفظ . وأما المعنى بالناس خاصتهم ، وعامتهم مراد بقوله : ما أصابك من حسنة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
وقتادة ،
والحسن ،
وابن زيد ،
والربيع وأبو صالح : معنى الآية أنه أخبر تعالى على سبيل الاستئناف والقطع أن الحسنة منه بفضله ، والسيئة من الإنسان بذنوبه ، ومن الله بالخلق والاختراع . وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود : فمن نفسك وإنما قضيتها عليك ، وقرأ بها
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وحكى
أبو عمرو : أنها في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، وأنا كتبتها . وروي أن
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ،
وأبيا قرآ : وأنا قدرتها عليك . ويؤيد هذا التأويل أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم معناها : أن ما يصيب الإنسان من المصائب فإنما هو عقوبة ذنوبه ، وقالت طائفة : معنى الآية هو على قول محذوف تقديره : فمال هؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا ؟ يقولون : ما أصابك من حسنة ، الآية . والابتداء بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وأرسلناك ) والوقف على قوله : فمن نفسك . وقالت طائفة : ما أصابك من حسنة فمن الله ، هو استئناف إخبار من الله أن الحسنة منه وبفضله . ثم قال : وما أصابك من سيئة فمن نفسك ، على وجه الإنكار . والتقدير : وألف الاستفهام محذوفة من الكلام كقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=22وتلك نعمة تمنها علي ) ; أي وتلك نعمة . وكذا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=77بازغا قال هذا ربي ) على أحد الأقوال . والعرب تحذف ألف الاستفهام قال
أبو خراش :
رموني وقالوا يا خويلد لم ترع فقلت وأنكرت الوجوه هم هم
أي : أهم هم . وحكي هذا الوجه عن
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري . وروى
الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الحسنة هنا ما أصاب المسلمين من الظفر والغنيمة يوم بدر ، والسيئة ما نكبوا به يوم أحد .
وعن
عائشة رضي الله عنها :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374248ما من مسلم يصيبه وصب ولا نصب ، حتى الشوكة يشاكها ، حتى انقطاع نعله إلا بذنب ، وما يعفو الله عنه أكثر . وقال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ) .
وقد تجاذبت القدرية وأهل السنة الدلالة من هذه الآيات على مذاهبهم ، فتعلقت القدرية بالثانية ، وقالوا : ينبغي أن لا ينسب فعل السيئة إلى الله بوجه ، وجعلوا الحسنة والسيئة في الأولى بمعنى الخصب والجدب والغنى والفقر . وتعلق أهل السنة بالأولى ، وقالوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قل كل من عند الله ) عام يدل على أن الأفعال الظاهرة من العباد هي من الله تعالى ، وتأولوا الثانية ؛ وهي مسألة يبحث عنها في أصول الدين . وقال
القرطبي : هذه الآيات لا يتعلق بها إلا الجهال من الفريقين ; لأنهم بنوا ذلك على أن السيئة هي المعصية ، وليست كذلك . والقدرية قالوا : ما أصابك من حسنة ; أي من طاعة فمن الله ، وليس هذا اعتقادهم ; لأن اعتقادهم الذي بنوا عليه مذاهبهم : أن الحسنة فعل المحسن والسيئة فعل المسيء . وأيضا فلو كان لهم فيه حجة لكان يقول : ما أصبت من حسنة ، وما أصبت من سيئة ; لأنه الفاعل للحسنة والسيئة جميعا ، فلا تضاف إليه إلا
[ ص: 302 ] بفعله لهما لا بفعل غيره ؛ نص على هذا الإمام
أبو الحسن شيث بن إبراهيم بن محمد بن حيدر في كتابه المسمى بحز العلاصم في إفحام المخاصم .
وقال
الراغب : إذا تؤمل مورد الكلام ، وسبب النزول ، فلا تعلق لأحد الفريقين بالآية على وجه يثلج صدرا أو يزيل شكا إذ نزلت في قوم أسلموا ذريعة إلى غنى وخصب ينالونه ، وظفر يحصلونه ، فكان أحدهم إذا نابته نائبة ، أو فاته محبوب ، أو ناله مكروه ، أضاف سببه إلى الرسول متطيرا به .
والحسنة هنا والسيئة كهما في : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وبلوناهم بالحسنات والسيئات ) ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لنا هذه وإن تصبهم سيئة يطيروا بموسى ومن معه ) انتهى . وقد طعن بعض الملاحدة فقال : هذا تناقض ; لأنه قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قل كل من عند الله ، وقال عقيبه :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79ما أصابك من حسنة الآية .
وقال
الراغب : وهذا ظاهر الوهي ; لأن الحسنة والسيئة من الألفاظ المشتركة كالحيوان الذي يقع على الإنسان والفرس والحمار . ومن الأسماء المختلفة كالعين . فلو أن قائلا قال : الحيوان المتكلم والحيوان غير المتكلم ، وأراد بالأول الإنسان وبالثاني الفرس أو الحمار ، لم يكن متناقضا . وكذلك إذا قال : العين في الوجه والعين ليس في الوجه ، وأراد بالأولى الجارحة وبالثانية عين الميزان أو السحاب . وكذلك الآية أريد بهما في الأولى غير ما أريد في الثانية كما بيناه انتهى .
والذي اصطلح عليه
الراغب بالمشتركة وبالمختلفة ليس اصطلاح الناس اليوم ; لأن المشترك هو عندهم كالعين والمختلفة هي المتباينة .
والراغب جعل الحيوان من الأسماء المشتركة ، وهو موضوع للقدر المشترك ، وجعل العين من الأسماء المختلفة ، وهو في الاصطلاح اليوم من المشترك .
قال بعض أهل العلم : والفرق بين من عند الله ، ومن الله : أن من عند الله أعم . يقال : فيما كان برضاه ، وبسخطه ، وفيما يحصل ، وقد أمر به ، ونهى عنه ، ولا يقال : هو من الله إلا فيما كان برضاه وبأمره ؛ وبهذا النظر قال
عمر : إن أصبت فمن الله ، وإن أخطأت فمن الشيطان ، انتهى . وعنى بالنفس هنا المذكورة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53إن النفس لأمارة بالسوء ) ، وقرأت
عائشة رضي الله عنها :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79فمن نفسك بفتح الميم ، ورفع السين فـ ( من ) استفهام معناه الإنكار ; أي فمن نفسك حتى ينسب إليها فعل المعنى ما للنفس في الشيء فعل .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وأرسلناك للناس رسولا ) أخبر تعالى أنه قد أزاح عللهم بإرساله ، فلا حجة لهم لقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا ) ، وللناس عام عربهم وعجمهم ، وانتصب رسولا على الحال المؤكدة . وجوز أن يكون مصدرا بمعنى إرسالا وهو ضعيف .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وكفى بالله شهيدا ) ; أي مطلعا على ما يصدر منك ، ومنهم ، أو شهيدا على رسالتك . ولا ينبغي لمن كان الله شاهده إلا أن يطاع ويتبع ; لأنه جاء بالحق والصدق ، وشهد الله له بذلك .
وقد تضمنت هذه الآيات من البيان والبديع : الاستعارة في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ، وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فسوف نؤتيه أجرا عظيما لما يناله من النعيم في الآخرة . وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74سبيل الله ) ، وفي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76سبيل الطاغوت ) استعار الطريق للاتباع وللمخالفة وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كفوا أيديكم أطلق كف اليد الذي هو مختص بالإجرام على الإمساك عن القتال . والاستفهام الذي معناه الاستبطاء والاستبعاد في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وما لكم لا تقاتلون .
والاستفهام الذي معناه التعجب في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا . والتجوز بفي التي للوعاء عن دخولهم في ( الجهاد ) . والالتفات في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فسوف نؤتيه في قراءة النون . والتكرار في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74سبيل الله ، وفي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75واجعل لنا من لدنك ، وفي : يقاتلون ، وفي : الشيطان ، وفي : وإن تصبهم ، وفي : ما أصابك ، وفي اسم الله . والطباق اللفظي في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76الذين آمنوا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76والذين كفروا . والمعنوي في : سبيل الله طاعة وفي سبيل الطاغوت معصية . والاختصاص في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إن كيد الشيطان كان ضعيفا . وفي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77والآخرة خير لمن اتقى . والتجوز بإسناد الفعل إلى غير فاعله في
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78يدرككم الموت . وفي : إن تصبهم . وفي : ما أصابك . والتشبيه في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كخشية . وإيقاع أفعل التفضيل حيث لا مشاركة في :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77خير لمن اتقى . والتجنيس المغاير في :
[ ص: 303 ] ( يخشون ) و (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كخشية ) . والحذف في مواضع .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ ) قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ : الضَّمِيرُ لِلْمُنَافِقِينَ وَالْيَهُودِ ، وَقَالَ
الْحَسَنُ : لِلْمُنَافِقِينَ ، وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ :
لِلْيَهُودِ . وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لِلْمُنَافِقِينَ لِأَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يَصْدُرُ مِنْ مُؤْمِنٍ ،
وَالْيَهُودُ لَمْ يَكُونُوا فِي طَاعَةِ الْإِسْلَامِ حَتَّى يُكْتَبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ . وَرُوِيَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ الْحَسَنَةَ هُنَا هِيَ السَّلَامَةُ وَالْأَمْنُ ، وَالسَّيِّئَةُ الْأَمْرَاضُ وَالْخَوْفُ . وَعَنْهُ أَيْضًا : الْحَسَنَةُ الْخِصْبُ وَالرَّخَاءُ ، وَالسَّيِّئَةُ الْجَدْبُ وَالْغَلَاءُ . وَعَنْهُ أَيْضًا : الْحَسَنَةُ السَّرَّاءُ ، وَالسَّيِّئَةُ الضَّرَّاءُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ وَابْنُ زَيْدٍ : الْحَسَنَةُ النِّعْمَةُ وَالْفَتْحُ وَالْغَنِيمَةُ يَوْمَ
بَدْرٍ ، وَالسَّيِّئَةُ الْبَلِيَّةُ وَالشِّدَّةُ وَالْقَتْلُ يَوْمَ
أُحُدٍ . وَقِيلَ : الْحَسَنَةُ الْغِنَى ، وَالسَّيِّئَةُ الْفَقْرُ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّ هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ حَسَنَةٌ نَسَبُوهَا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، وَأَنَّهَا لَيْسَتْ بِاتِّبَاعِ الرَّسُولِ ، وَلَا الْإِيمَانِ بِهِ ، وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أَضَافُوهَا إِلَى الرَّسُولِ وَقَالُوا : هِيَ بِسَبَبِهِ ، كَمَا جَاءَ فِي قَوْمِ
مُوسَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ) وَفِي قَوْمِ صَالِحٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=47قَالُوا اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ ) . وَرَوَى جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ قَالَ الْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ : مَا زِلْنَا نَعْرِفُ النَّقْصَ فِي ثِمَارِنَا وَمَزَارِعِنَا مُذْ قَدِمَ عَلَيْنَا هَذَا الرَّجُلُ وَأَصْحَابُهُ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) أَمَرَ اللَّهُ نَبِيَّهُ أَنْ يُخْبِرَهُمْ أَنَّ كُلًّا مِنَ الْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ إِنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، لَا خَالِقَ وَلَا مُخْتَرِعَ سِوَاهُ ، فَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمْتُمْ ؛ فَاللَّهُ تَعَالَى وَحْدَهُ هُوَ النَّافِعُ الضَّارُّ ، وَعَنْ إِرَادَتِهِ تَصْدُرُ جَمِيعُ الْكَائِنَاتِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ) هَذَا اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ التَّعَجُّبُ مِنْ هَذِهِ الْمَقَالَةِ ، وَكَيْفَ يُنْسَبُ مَا هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ؟ أَيْ أَنَّ هَؤُلَاءِ كَانُوا يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَتَفَهَّمُ الْأَشْيَاءَ ، وَيَتَوَقَّفُونَ عَمَّا يُرِيدُونَ أَنْ يَقُولُوا حَتَّى يَعْرِضُوهُ عَلَى عُقُولِهِمْ . وَبَالَغَ تَعَالَى فِي قِلَّةِ فَهْمِهِمْ وَتَعَلُّقِهِمْ ؛ حَتَّى نَفَى مُقَارَبَةَ الْفِقْهِ ، وَنَفْيُ الْمُقَارَبَةِ أَبْلَغُ مِنْ نَفْيِ الْفِعْلِ . وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الِاسْتِفْهَامِ يَتَضَمَّنُ إِنْكَارَ مَا اسْتُفْهِمَ عَنْ عِلَّتِهِ ، وَأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُوجَدَ مُقَابِلُهُ . فَإِذَا قِيلَ : مَا لَكَ قَائِمًا ، فَهُوَ إِنْكَارٌ لِلْقِيَامِ ، وَمُتَضَمِّنٌ أَنْ يُوجَدَ مُقَابِلُهُ . وَإِذَا قِيلَ : مَا لَكَ
[ ص: 301 ] لَا تَقُومُ ، فَهُوَ إِنْكَارٌ لِتَرْكِ الْقِيَامِ ، وَمُتَضَمِّنٌ أَنْ يُوجَدَ مُقَابِلُهُ . قِيلَ فِي قَوْلِهِ : حَدِيثًا ، أَيِ الْقُرْآنُ لَوْ تَدَبَّرُوهُ لَبَصَّرَهُمْ فِي الدِّينِ ، وَأَوْرَثَهُمُ الْيَقِينَ . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : لَامَهُمْ عَلَى تَرْكِ التَّفَقُّهِ فِيمَا أَعْلَمَهُمْ بِهِ وَأَدَّبَهُمْ فِي كِتَابِهِ . وَوَقَفَ
أَبُو عَمْرٍو nindex.php?page=showalam&ids=15080وَالْكِسَائِيُّ عَلَى قَوْلِهِ : ( فَمَا ) ، وَوَقَفَ الْبَاقُونَ عَلَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ : ( فَمَالِ ) اتِّبَاعًا لِلْخَطِّ . وَلَا يَنْبَغِي تَعَمُّدُ ذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْوَقْفَ عَلَى ( فَمَا ) فِيهِ قَطْعٌ عَنِ الْخَبَرِ ، وَعَلَى اللَّامِ فِيهِ قَطْعٌ عَنِ الْمَجْرُورِ دُونَ حَرْفِ الْجَرِّ ؛ وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ لِضَرُورَةِ انْقِطَاعِ النَّفَسِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79nindex.php?page=treesubj&link=28975مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ) الْخِطَابُ عَامٌّ ; كَأَنَّهُ قِيلَ مَا أَصَابَكَ يَا إِنْسَانُ . وَقِيلَ لِلرَّسُولِ وَالْمُرَادُ غَيْرُهُ . وَقَالَ
ابْنُ بَحْرٍ : هُوَ خِطَابٌ لِلْفَرِيقِ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ ) قَالَ : وَلَمَّا كَانَ لَفْظُ الْفَرِيقِ مُفْرَدًا صَحَّ أَنْ يُخْبِرَ عَنْهُ بِلَفْظِ الْوَاحِدِ تَارَةً ، وَبِلَفْظِ الْجَمْعِ تَارَةً . وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ :
تُفَرِّقُ أَهْلًا نَابِثِينَ فَمِنْهُمُ فَرِيقٌ أَقَامَ وَاسْتَقَلَّ فَرِيقُ
هَذَا مُقْتَضَى اللَّفْظِ . وَأَمَّا الْمَعْنَى بِالنَّاسِ خَاصَّتِهِمْ ، وَعَامَّتِهِمْ مُرَادٌ بِقَوْلِهِ : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ ،
وَقَتَادَةُ ،
وَالْحَسَنُ ،
وَابْنُ زَيْدٍ ،
وَالرَّبِيعُ وَأَبُو صَالِحٍ : مَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ أَخْبَرَ تَعَالَى عَلَى سَبِيلِ الِاسْتِئْنَافِ وَالْقَطْعِ أَنَّ الْحَسَنَةَ مِنْهُ بِفَضْلِهِ ، وَالسَّيِّئَةَ مِنَ الْإِنْسَانِ بِذُنُوبِهِ ، وَمِنَ اللَّهِ بِالْخَلْقِ وَالِاخْتِرَاعِ . وَفِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ : فَمِنْ نَفْسِكَ وَإِنَّمَا قَضَيْتُهَا عَلَيْكَ ، وَقَرَأَ بِهَا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ . وَحَكَى
أَبُو عَمْرٍو : أَنَّهَا فِي مُصْحَفِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَنَا كَتَبْتُهَا . وَرُوِيَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنَ مَسْعُودٍ ،
وَأُبَيًّا قَرَآ : وَأَنَا قَدَّرْتُهَا عَلَيْكَ . وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ أَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْنَاهَا : أَنَّ مَا يُصِيبُ الْإِنْسَانَ مِنَ الْمَصَائِبِ فَإِنَّمَا هُوَ عُقُوبَةُ ذُنُوبِهِ ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : مَعْنَى الْآيَةِ هُوَ عَلَى قَوْلٍ مَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ : فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا ؟ يَقُولُونَ : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ ، الْآيَةَ . وَالِابْتِدَاءُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَأَرْسَلْنَاكَ ) وَالْوَقْفُ عَلَى قَوْلِهِ : فَمِنْ نَفْسِكَ . وَقَالَتْ طَائِفَةٌ : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، هُوَ اسْتِئْنَافُ إِخْبَارٍ مِنَ اللَّهِ أَنَّ الْحَسَنَةَ مِنْهُ وَبِفَضْلِهِ . ثُمَّ قَالَ : وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ ، عَلَى وَجْهِ الْإِنْكَارِ . وَالتَّقْدِيرُ : وَأَلِفُ الِاسْتِفْهَامِ مَحْذُوفَةٌ مِنَ الْكَلَامِ كَقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=22وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ ) ; أَيْ وَتِلْكَ نِعْمَةٌ . وَكَذَا (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=77بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي ) عَلَى أَحَدِ الْأَقْوَالِ . وَالْعَرَبُ تَحْذِفُ أَلِفَ الِاسْتِفْهَامِ قَالَ
أَبُو خِرَاشٍ :
رَمَوْنِي وَقَالُوا يَا خُوَيْلِدُ لَمْ تُرْعَ فَقُلْتُ وَأَنْكَرْتُ الْوُجُوهَ هُمُ هُمُ
أَيْ : أَهُمْ هُمْ . وَحُكِيَ هَذَا الْوَجْهُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابْنِ الْأَنْبَارِيِّ . وَرَوَى
الضَّحَّاكُ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ الْحَسَنَةَ هُنَا مَا أَصَابَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ الظَّفَرِ وَالْغَنِيمَةِ يَوْمَ بَدْرٍ ، وَالسَّيِّئَةَ مَا نُكِبُوا بِهِ يَوْمَ أُحُدٍ .
وَعَنْ
عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :
nindex.php?page=hadith&LINKID=10374248مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُصِيبُهُ وَصَبٌ وَلَا نَصَبٌ ، حَتَّى الشَّوْكَةَ يُشَاكُهَا ، حَتَّى انْقِطَاعَ نَعْلِهِ إِلَّا بِذَنْبٍ ، وَمَا يَعْفُو اللَّهُ عَنْهُ أَكْثَرُ . وَقَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=30وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ) .
وَقَدْ تَجَاذَبَتِ الْقَدَرِيَّةُ وَأَهْلُ السُّنَّةِ الدَّلَالَةَ مِنْ هَذِهِ الْآيَاتِ عَلَى مَذَاهِبِهِمْ ، فَتَعَلَّقَتِ الْقَدَرِيَّةُ بِالثَّانِيَةِ ، وَقَالُوا : يَنْبَغِي أَنْ لَا يُنْسَبَ فِعْلُ السَّيِّئَةِ إِلَى اللَّهِ بِوَجْهٍ ، وَجَعَلُوا الْحَسَنَةَ وَالسَّيِّئَةَ فِي الْأُولَى بِمَعْنَى الْخِصْبِ وَالْجَدَبِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ . وَتَعَلَّقَ أَهْلُ السُّنَّةِ بِالْأُولَى ، وَقَالُوا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ) عَامٌّ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَفْعَالَ الظَّاهِرَةَ مِنَ الْعِبَادِ هِيَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَتَأَوَّلُوا الثَّانِيَةَ ؛ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ يُبْحَثُ عَنْهَا فِي أُصُولِ الدِّينِ . وَقَالَ
الْقُرْطُبِيُّ : هَذِهِ الْآيَاتُ لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا إِلَّا الْجُهَّالُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ ; لِأَنَّهُمْ بَنَوْا ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السَّيِّئَةَ هِيَ الْمَعْصِيَةُ ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ . وَالْقَدَرِيَّةُ قَالُوا : مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ ; أَيْ مِنْ طَاعَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ، وَلَيْسَ هَذَا اعْتِقَادَهُمْ ; لِأَنَّ اعْتِقَادَهُمُ الَّذِي بَنَوْا عَلَيْهِ مَذَاهِبَهُمْ : أَنَّ الْحَسَنَةَ فِعْلُ الْمُحْسِنِ وَالسَّيِّئَةَ فِعْلُ الْمُسِيءِ . وَأَيْضًا فَلَوْ كَانَ لَهُمْ فِيهِ حُجَّةٌ لَكَانَ يَقُولُ : مَا أَصَبْتَ مِنْ حَسَنَةٍ ، وَمَا أَصَبْتَ مِنْ سَيِّئَةٍ ; لِأَنَّهُ الْفَاعِلُ لِلْحَسَنَةِ وَالسَّيِّئَةِ جَمِيعًا ، فَلَا تُضَافُ إِلَيْهِ إِلَّا
[ ص: 302 ] بِفِعْلِهِ لَهُمَا لَا بِفِعْلِ غَيْرِهِ ؛ نَصَّ عَلَى هَذَا الْإِمَامُ
أَبُو الْحَسَنِ شِيثُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَيْدَرٍ فِي كِتَابِهِ الْمُسَمَّى بِحَزِّ الْعَلَاصِمِ فِي إِفْحَامِ الْمُخَاصِمِ .
وَقَالَ
الرَّاغِبُ : إِذَا تُؤُمِّلَ مَوْرِدُ الْكَلَامِ ، وَسَبَبُ النُّزُولِ ، فَلَا تَعَلُّقَ لِأَحَدِ الْفَرِيقَيْنِ بِالْآيَةِ عَلَى وَجْهٍ يُثْلِجُ صَدْرًا أَوْ يُزِيلُ شَكًّا إِذْ نَزَلَتْ فِي قَوْمٍ أَسْلَمُوا ذَرِيعَةً إِلَى غِنًى وَخِصْبٍ يَنَالُونَهُ ، وَظَفَرٍ يُحَصِّلُونَهُ ، فَكَانَ أَحَدُهُمْ إِذَا نَابَتْهُ نَائِبَةٌ ، أَوْ فَاتَهُ مَحْبُوبٌ ، أَوْ نَالَهُ مَكْرُوهٌ ، أَضَافَ سَبَبَهُ إِلَى الرَّسُولِ مُتَطَيِّرًا بِهِ .
وَالْحَسَنَةُ هُنَا وَالسَّيِّئَةُ كَهُمَا فِي : (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=168وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ ) ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=131فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَنْ مَعَهُ ) انْتَهَى . وَقَدْ طَعَنَ بَعْضُ الْمَلَاحِدَةِ فَقَالَ : هَذَا تَنَاقُضٌ ; لِأَنَّهُ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَقَالَ عَقِيبَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ الْآيَةَ .
وَقَالَ
الرَّاغِبُ : وَهَذَا ظَاهِرُ الْوَهْيِ ; لِأَنَّ الْحَسَنَةَ وَالسَّيِّئَةَ مِنَ الْأَلْفَاظِ الْمُشْتَرَكَةِ كَالْحَيَوَانِ الَّذِي يَقَعُ عَلَى الْإِنْسَانِ وَالْفَرَسِ وَالْحِمَارِ . وَمِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ كَالْعَيْنِ . فَلَوْ أَنَّ قَائِلًا قَالَ : الْحَيَوَانُ الْمُتَكَلِّمُ وَالْحَيَوَانُ غَيْرُ الْمُتَكَلِّمِ ، وَأَرَادَ بِالْأَوَّلِ الْإِنْسَانَ وَبِالثَّانِي الْفَرَسَ أَوِ الْحِمَارَ ، لَمْ يَكُنْ مُتَنَاقِضًا . وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ : الْعَيْنُ فِي الْوَجْهِ وَالْعَيْنُ لَيْسَ فِي الْوَجْهِ ، وَأَرَادَ بِالْأُولَى الْجَارِحَةَ وَبِالثَّانِيَةِ عَيْنَ الْمِيزَانِ أَوِ السَّحَابِ . وَكَذَلِكَ الْآيَةُ أُرِيدُ بِهِمَا فِي الْأُولَى غَيْرُ مَا أُرِيدُ فِي الثَّانِيَةِ كَمَا بَيَّنَّاهُ انْتَهَى .
وَالَّذِي اصْطَلَحَ عَلَيْهِ
الرَّاغِبُ بِالْمُشْتَرَكَةِ وَبِالْمُخْتَلِفَةِ لَيْسَ اصْطِلَاحَ النَّاسِ الْيَوْمَ ; لِأَنَّ الْمُشْتَرَكَ هُوَ عِنْدَهُمْ كَالْعَيْنِ وَالْمُخْتَلِفَةَ هِيَ الْمُتَبَايِنَةُ .
وَالرَّاغِبُ جَعَلَ الْحَيَوَانَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُشْتَرَكَةِ ، وَهُوَ مَوْضُوعٌ لِلْقَدْرِ الْمُشْتَرَكِ ، وَجَعَلَ الْعَيْنَ مِنَ الْأَسْمَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ ، وَهُوَ فِي الِاصْطِلَاحِ الْيَوْمَ مِنَ الْمُشْتَرَكِ .
قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : وَالْفَرْقُ بَيْنَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ، وَمِنَ اللَّهِ : أَنَّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَعَمُّ . يُقَالُ : فِيمَا كَانَ بِرِضَاهُ ، وَبِسُخْطِهِ ، وَفِيمَا يَحْصُلُ ، وَقَدْ أَمَرَ بِهِ ، وَنَهَى عَنْهُ ، وَلَا يُقَالُ : هُوَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا فِيمَا كَانَ بِرِضَاهُ وَبِأَمْرِهِ ؛ وَبِهَذَا النَّظَرِ قَالَ
عُمَرُ : إِنْ أَصَبْتُ فَمِنَ اللَّهِ ، وَإِنْ أَخْطَأْتُ فَمِنَ الشَّيْطَانِ ، انْتَهَى . وَعَنَى بِالنَّفْسِ هُنَا الْمَذْكُورَةَ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=53إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ ) ، وَقَرَأَتْ
عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79فَمِنْ نَفْسِكَ بِفَتْحِ الْمِيمِ ، وَرَفْعِ السِّينِ فَـ ( مَنِ ) اسْتِفْهَامٌ مَعْنَاهُ الْإِنْكَارُ ; أَيْ فَمَنْ نَفْسُكَ حَتَّى يُنْسَبَ إِلَيْهَا فِعْلُ الْمَعْنَى مَا لِلنَّفْسِ فِي الشَّيْءِ فِعْلٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا ) أَخْبَرَ تَعَالَى أَنَّهُ قَدْ أَزَاحَ عِلَلَهُمْ بِإِرْسَالِهِ ، فَلَا حُجَّةَ لَهُمْ لِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=15وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا ) ، وَلِلنَّاسِ عَامٌّ عَرَبِهِمْ وَعَجَمِهِمْ ، وَانْتَصَبَ رَسُولًا عَلَى الْحَالِ الْمُؤَكِّدَةِ . وَجَوَّزَ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا بِمَعْنَى إِرْسَالًا وَهُوَ ضَعِيفٌ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=79وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ) ; أَيْ مُطَّلِعًا عَلَى مَا يَصْدُرُ مِنْكَ ، وَمِنْهُمْ ، أَوْ شَهِيدًا عَلَى رِسَالَتِكَ . وَلَا يَنْبَغِي لِمَنْ كَانَ اللَّهُ شَاهِدَهُ إِلَّا أَنْ يُطَاعَ وَيُتَّبَعَ ; لِأَنَّهُ جَاءَ بِالْحَقِّ وَالصِّدْقِ ، وَشَهِدَ اللَّهُ لَهُ بِذَلِكَ .
وَقَدْ تَضَمَّنَتْ هَذِهِ الْآيَاتُ مِنَ الْبَيَانِ وَالْبَدِيعِ : الِاسْتِعَارَةُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآخِرَةِ ، وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا لِمَا يَنَالُهُ مِنَ النَّعِيمِ فِي الْآخِرَةِ . وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74سَبِيلِ اللَّهِ ) ، وَفِي (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76سَبِيلِ الطَّاغُوتِ ) اسْتَعَارَ الطَّرِيقَ لِلِاتِّبَاعِ وَلِلْمُخَالَفَةِ وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ أَطْلَقَ كَفَّ الْيَدِ الَّذِي هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْإِجْرَامِ عَلَى الْإِمْسَاكِ عَنِ الْقِتَالِ . وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي مَعْنَاهُ الِاسْتِبْطَاءُ وَالِاسْتِبْعَادُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ .
وَالِاسْتِفْهَامُ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّعَجُّبُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا . وَالتَّجَوُّزُ بِفِي الَّتِي لِلْوِعَاءِ عَنْ دُخُولِهِمْ فِي ( الْجِهَادِ ) . وَالِالْتِفَاتُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ فِي قِرَاءَةِ النُّونِ . وَالتَّكْرَارُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=74سَبِيلِ اللَّهِ ، وَفِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=75وَاجْعَل لَنَا مِنْ لَدُنْكَ ، وَفِي : يُقَاتِلُونَ ، وَفِي : الشَّيْطَانِ ، وَفِي : وَإِنْ تُصِبْهُمْ ، وَفِي : مَا أَصَابَكَ ، وَفِي اسْمِ اللَّهِ . وَالطِّبَاقُ اللَّفْظِيُّ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76الَّذِينَ آمَنُوا nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76وَالَّذِينَ كَفَرُوا . وَالْمَعْنَوِيُّ فِي : سَبِيلِ اللَّهِ طَاعَةٌ وَفِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ مَعْصِيَةٌ . وَالِاخْتِصَاصُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=76إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا . وَفِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى . وَالتَّجَوُّزُ بِإِسْنَادِ الْفِعْلِ إِلَى غَيْرِ فَاعِلِهِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=78يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ . وَفِي : إِنْ تُصِبْهُمْ . وَفِي : مَا أَصَابَكَ . وَالتَّشْبِيهُ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كَخَشْيَةِ . وَإِيقَاعُ أَفْعَلِ التَّفْضِيلِ حَيْثُ لَا مُشَارَكَةَ فِي :
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى . وَالتَّجْنِيسُ الْمُغَايِرُ فِي :
[ ص: 303 ] ( يَخْشَوْنَ ) وَ (
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=77كَخَشْيَةِ ) . وَالْحَذْفُ فِي مَوَاضِعَ .