( أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه ) هذا لطف بهم واستدعاء إلى التنصل من تلك المقالة الشنعاء بعد أن كرر عليهم الشهادة بالكفر . والفاء في أفلا للعطف ، حجزت بين الاستفهام ولا النافية ، والتقدير : فألا ، وعلى طريقة تكون قد عطفت فعلا على فعل ، كأن التقدير : أيثبتون على الكفر فلا يتوبون ، والمعنى على التعجب من انتفاء توبتهم وعدم استغفارهم ، وهم أجدر الناس بذلك ، لأن كفرهم أقبح الكفر ، وأفضح في سوء الاعتقاد ، فتعجب من كونهم لا يتوبون من هذا الجرم العظيم . وقال الزمخشري الفراء : هو استفهام معناه الأمر كقوله : ( فهل أنتم منتهون ) . قال : إنما كان بمعنى الأمر ، لأن المفهوم من الصيغة طلب التوبة والحث عليها ، فمعناه : توبوا إلى الله واستغفروه من ذنبكم القولين المستحيلين . انتهى . وقال ابن عطية : رفق جل وعلا بهم بتحضيضه إياهم على التوبة وطلب المغفرة . انتهى . وما ذكروه من الحث والتحضيض على التوبة من حيث المعنى ، لا من حيث مدلول اللفظ ، لأن " أفلا " غير مدلول " ألا " التي للحض والحث .
( والله غفور رحيم ) نبه تعالى على هذين [ ص: 537 ] الوصفين اللذين بهما يحصل قبول التوبة والغفران للحوبة ; والمعنى : كيف لا توجد التوبة من هذا الذنب وطلب المغفرة ، والمسئول منه ذلك متصف بالغفران التام والرحمة الواسعة لهؤلاء وغيرهم ؟ .