( قل إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم    ) أمره تعالى بالإعلان بالشريعة ، ونبذ ما سواها ، ووصفها بأنها طريق مستقيم لا عوج فيها وهو إشارة إلى قوله : ( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه    ) ولما تقدم ذكر الفرق أمره أن يخبر أنه ليس من تلك الفرق ، بل هو على الصراط المستقيم ، وأسند الهداية إلى ربه ليدل على اختصاصه بعبادته إياه كأنه قيل : هداني معبودي لا معبودكم من الأصنام ، ومعنى ( هداني    ) خلق في الهداية . وقال بعض المعتزلة : دلني . قال الماتريدي    : وهذا باطل إذ لا فائدة في تخصيصه لأن الناس كلهم كذلك . 
( دينا قيما    ) بالحق والبرهان . 
( ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين    ) أذكرهم أن هذا الدين الذي هو عليه هو ملة إبراهيم   [ ص: 262 ] وهو النبي الذي يعظمه أهل الشرائع والديانات وتزعم كفار قريش  أنهم على دينه ، فرد تعالى عليهم بقوله : ( وما كان من المشركين    ) وانتصب ( دينا    ) على إضمار عرفني لدلالة هداني عليه ، أو بإضمار هداني ، أو بإضمار اتبعوا والزموا ، أو على أنه مصدر لهداني على المعنى كأنه ، قال اهتداء ، أو على البدل من إلى صراط على الموضع ؛ لأنه يقال : هديت القوم الطريق . قال الله تعالى : ( ويهديك صراطا مستقيما    ) . وقرأ الكوفيون ، وابن عامر    : قيما ، وتقدم توجيهه في أوائل سورة النساء . وقرأ باقي السبعة ( قيما ) كسيد ، و ( ملة ) بدل من قوله : ( دينا    ) و ( حنيفا    ) تقدم إعرابه في قوله : ( بل ملة إبراهيم حنيفا    ) في سورة البقرة . وقال ابن عطية    : و ( حنيفا    ) نصب على الحال من إبراهيم    . 
				
						
						
