المسألة الثانية : حد الاضطرار المبيح لأكل الميتة  ، وهو الخوف من الهلاك علما أو ظنا . 
قال الزرقاني  في شرح قول مالك  في " الموطأ " فيمن يضطر إلى أكل الميتة ا ه . 
وحد الاضطرار أن يخاف على نفسه الهلاك علما أو ظنا ، ولا يشترط أن يصير إلى حال يشرف معها على الموت ، فإن الأكل عند ذلك يفيد . 
 [ ص: 65 ] وقال النووي  في " شرح المهذب " : الثانية في حد الضرورة . 
قال أصحابنا : لا خلاف أن الجوع القوي لا يكفي لتناول الميتة ونحوها  ، قالوا : ولا خلاف أنه لا يجب الامتناع إلى الإشراف على الهلاك ; فإن الأكل حينئذ لا ينفع ، ولو انتهى إلى تلك الحال لم يحل له أكلها ; لأنه غير مفيد ، واتفقوا على جواز الأكل إذا خاف على نفسه لو لم يأكل من جوع أو ضعف عن المشي أو عن الركوب ، وينقطع عن رفقته ويضيع ونحو ذلك . 
فلو خاف حدوث مرض مخوف في جنسه فهو كخوف الموت ، وإن خاف طول المرض فكذلك في أصح الوجهين ، وقيل : إنهما قولان ، ولو عيل صبره ، وأجهده الجوع فهل يحل له الميتة ونحوها أم لا يحل حتى يصل إلى أدنى الرمق ؟ فيه قولان ذكرهما البغوي  وغيره ، أصحهما : الحل . 
قال  إمام الحرمين  وغيره : ولا يشترط فيما يخافه تيقن وقوعه لو لم يأكل ، بل يكفي غلبة الظن . انتهى منه بلفظه . 
وقال  ابن قدامة  في " المغني " : إذا ثبت هذا فإن الضرورة المبيحة هي التي يخاف التلف بها إن ترك الأكل ، قال أحمد    : إذا كان يخشى على نفسه سواء كان من الجوع أو يخاف إن ترك الأكل عجز عن المشي ، وانقطع عن الرفقة فهلك ، أو يعجز عن الركوب فيهلك ، ولا يتقيد ذلك بزمن محصور . 
وحد الاضطرار عند الحنفية هو : أن يخاف الهلاك على نفسه ، أو على عضو من أعضائه يقينا كان أو ظنا ، والله تعالى أعلم . 
				
						
						
