تنبيه
في هذه الآية الكريمة سؤال معروف ، وهو أن يقال : إن الله أسند الفسق فيها لخصوص المترفين دون غيرهم في أمرنا مترفيها ففسقوا فيها [ 17 \ 16 ] مع أنه ذكر عموم الهلاك لجميع المترفين وغيرهم ، في قوله : قوله : فحق عليها القول فدمرناها تدميرا [ 17 \ 16 ] يعني القرية ، ولم يستثن منها غير المترفين ؟
والجواب من وجهين :
الأول : أن غير المترفين تبع لهم ، وإنما خص بالذكر المترفين الذين هم سادتهم وكبراؤهم ; لأن غيرهم تبع لهم ، كما قال تعالى : وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيل [ 33 \ 67 ] ، وكقوله : إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب الآية [ 2 \ 166 ] ، وقوله : حتى إذا اداركوا فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا الآية [ 7 \ 38 ] ، وقوله تعالى : [ ص: 79 ] وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا من عذاب الله من شيء الآية [ 14 \ 21 ] ، وقوله : وإذ يتحاجون في النار فيقول الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا فهل أنتم مغنون عنا نصيبا من النار [ 40 \ 47 ] إلى غير ذلك من الآيات .
الوجه الثاني : أن بعضهم إن عصى الله وبغى وطغى ولم ينههم الآخرون فإن الهلاك يعم الجميع ، كما قال تعالى : واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة [ 8 \ 25 ] ، وفي الصحيح من حديث أم المؤمنين رضي الله عنها : أنها لما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : زينب بنت جحش يأجوج ومأجوج مثل هذه " - وحلق بإصبعه الإبهام والتي تليها - قالت له : يا رسول الله ، أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : " نعم ، إذا كثر الخبث " وقد قدمنا هذا المبحث موضحا في سورة المائدة . " لا إله إلا الله ، ويل للعرب من شر قد اقترب ، فتح اليوم من ردم