الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                          صفحة جزء
                          بعد هذا الشرح نقول : إن للمفسرين قولين : تفسير ( كالذي استهوته الشياطين ) أشرنا إليهما في تفسير الاستهواء :

                          ( الأول ) أنه تشبيه لمن يرتد مشركا بعد الإيمان بالمستهام الذي يضل في الفلوات حيران لا يهتدي ، تاركا رفاقه على الجادة ينادونه : ائتنا ، عد إلينا ، فلا يستجيب لهم لانجذابه وراء ما تراءى له من الغيلان بغير عقل ولا بصيرة . وهذا التفسير مروي عن السدي ، وهو إحدى روايتين عن ابن عباس . قال السدي بعد بيان التشبيه : فذلك مثل من تبعكم بعد المعرفة لمحمد ، ومحمد الذي يدعو إلى الطريق ، والطريق هو الإسلام . ومما جاء عن ابن عباس في هذه الرواية : " إن الغول تدعوه باسمه واسم أبيه وجده ، فيتبعها ويرى أنه في شيء ، فيصبح وقد ألقته في هلكة وربما أكلته ، أو تلقيه في مضلة الأرض يهلك فيها عطشا " ومن المفسرين من يرى أن هذا [ ص: 440 ] التشبيه مثبت للغول الذي نفاه الحديث الصحيح الذي أخذ به جمهور العلماء كما تقدم ، ومنهم من يرى أنه لا يقتضي إثباته ؛ لأن التشبيه قد يبنى على المتعارف لأجل التأثير ، وقد أشار الزمخشري إلى ذلك بقوله : وهذا مبني على ما كانت تزعمه العرب وتعتقده من أن الجن تستهوي الإنسان ، والغيلان تستولي عليه كقوله : ( الذي يتخبطه الشيطان من المس ) ( 2 : 275 ) انتهى . وقد شنع عليه ابن المنير في هذا ، إذ جعله من إنكار الجن - وهو لا ينكرهم - وتبعه الألوسي فقال : وليس هذا مبنيا على زعمات العرب كما زعم من استهوته الشياطين . انتهى . وما هذا الشنيع إلا من تعصب المذاهب ، ولولاه لما وقع أمثال هؤلاء الأذكياء في هذه الغياهب ، وقد علمت أنه لا دليل على كون ما كانت تزعمه العرب في الجاهلية من شياطين الجن ، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - كذبهم في دعوى الغول ، وأن جمهور العلماء أخذوا بهذا التكذيب ولم يؤولوه ، وأن من أوله بإنكار تغول الغيلان وإضلالهم للناس مكذب للعرب في زعمها ذاك ، وإنما بنى التشبيه على ما قيل من استهوائهم وإضلالهم بتغولهم ، لا على مجرد وجودهم ، وإذا كان الاستهواء بتخيلات لا حقيقة لها يكون التشبيه أبلغ وأقوى ، وخلاصته أن من يتبع داعي الشرك كالمستهوى بما لا حقيقة له من الأوهام الضارة الشيطانية التي تنسب إلى الأغوال الخيالية . ولا يقتضي ذلك إنكار الجن والشياطين ، وما كان الزمخشري ولا شيعته من المنكرين ، وإنما الجن من عالم الغيب ، لا نصدق من خبرهم إلا ما أثبته الشرع ، أو ما هو في قوته من دليل الحس أو العقل ، ولم يثبت شرعا ولا عقلا ولا اختيارا أن شياطين الجن تأكل الناس ، ولا أنها تظهر لهم في الفيافي والقفار ، كما كانت تزعم العرب وغير العرب في طور الجهل والخرافات .

                          وأما حديث خرافة فقد رواه الترمذي في جامعه وفي الشمائل من طريق أبي عقيل عبد الله بن عقيل الثقفي ، وأبو عقيل مختلف فيه ، وثقه أحمد وأبو داود ، وروي عن ابن معين أنه منكر الحديث ، والظاهر أنه قد ذكر على سبيل الحكاية ، فهو نحو مما نقله الكلبي عن العرب من أنه رجل من بني عذرة أسرته الجن في الجاهلية ، فأقام فيهم زمنا ثم أعادوه إلى الإنس ، فكان يحدث بما رأى فيهم من العجائب ، فصار الناس يقولون : " حديث خرافة " لكل حديث مستملح يكذبونه ، على أن ما عساه يثبت لبعض الأفراد على خلاف الأصل لا يتخذ دليلا على صدق ما كذبه الحديث الصحيح من أخبار الأغوال ونحوها ، وهذا الحديث غير معارض لهذه الآية حتى على هذا القول في التشبيه ؛ لجواز أن يسمى ما كان يتراءى لهم بالشيطان لقبحه وضرره ، وإن كان كالسراب لا حقيقة له في نفسه ، أو يكون حيوانا مفترسا تمثله الأوهام بأشكال مختلفة . وراجع ما يقرب لك في هذا تفسير ( ولكن شبه لهم ) ( 4 : 157 ) .

                          [ ص: 441 ] فإن فرضنا وقوع التعارض على هذا القول نمنعه بترجيح ( القول الثاني ) عليه ، وهو أن الذي استهوته الشياطين في الأرض هو الذي أضلته بوسوستها ، وحملته على اتباع هواه ، فاتخذ دينه لعبا ولهوا ، وغرته الحياة الدنيا ، فآثرها على الآخرة لإنكاره إياها ، أو عدم إيمانه بوعد الله ووعيده فيها . وهذا في معنى الرواية الأخرى عن ابن عباس ، قال : هو الرجل الذي لا يستجيب لهدى الله ، وهو رجل أطاع الشيطان ، وعمل في الأرض بالمعصية ، وحاد عن الحق وضل عنه . إلا أن في هذه الرواية أن أصحاب المستهوى الذين يدعونه إلى الهدى هم الضالون المتبعون للهوى ، وإنما يصحب الإنسان أمثاله ، فالمراد يدعونه إلى ما يزعمون أنه هدى كما هو شأن كل داع إلى ضلالة ، فكلمة الهدى ذكرت بطريق الحكاية ، أو المراد بها الطريق الجادة ، وقد روى أبو الشيخ عن مجاهد قال في قراءة ابن مسعود ( يدعونه إلى الهدى بينا ) قال : الهدى : الطريق ، أنه بين . والكلام بعدها رد من الله تعالى لهذا الزعم ، ومعناه أن الهدى صراط الله المستقيم لا ما هم عليه من طرق الوهم . وأنكر ابن جرير هذه الرواية بناء على أن الجملة لم ترد على سبيل الحكاية ، وإنما هي من كلام الله تعالى ، والله تعالى لا يسمي الضلالة هدى ، وسواء أصح ما أنكره ابن جرير أم لا ، فإن المعنى الثاني لا يتوقف عليه ، بل يصح أن يقال : إن ذلك الذي استهوته الشياطين بوسوستها - حال كونه حيران - له أصحاب يدعونه إلى الهدى والخروج من ذلك الضلال ، تتنازعه وسوسة شياطينه ودعوة أصحابه ، فلا يستطيع التفلت من الأولى فيكون من المهتدين ، ولا البت برد الأخرى فيكون من الأخسرين ، بل يظل هائما في حيرته ، مضطربا في أمره ، وإنما جعل دعاة الهدى أصحابا له باعتبار ما كانوا عليه قبل إضلال الشياطين له ، ومثل هذا لا يستقر على حال من القلق ، والتشبيه يدل بهذا التوجيه على أن المرتد عن الإسلام لا يمكن أن يعود مطمئنا بالشرك ، ووجه الاستفهام الإنكاري في أول الآية على هذا الوجه : أيعقل أن يختار هذه الحال السوأى التي لا بد منها لمن يرتد عن الإيمان ، وهي أسوأ حال يمكن أن يكون عليها الإنسان ؟ .

                          ( قل إن هدى الله هو الهدى ) أعاد الأمر من القول هنا كما أعاده فيما تقدم قريبا بمعنى ما هنا من التبرؤ من الشرك والضلالة والاعتصام بما أنزل الله من الهداية ، وهو قوله :

                          ( قل إني نهيت ) ( 56 ) إلى قوله : ( قل لا أتبع أهواءكم ) إلخ . وفي ذلك ما فيه من العناية بكل من البراءة والاعتصام في النهي والأمر ، ويعبرون عنهما بالتخلي والتحلي . أي قل إن هدى الله الذي أنزل به آياته ، وأقام عليه حججه وبيناته - هو الهدى الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، لا ما تدعون إليه من أهوائكم اتباعا لما ألفيتم عليه آباءكم ، وهذا الهدى المعقول هو الذي دعينا إليه فأجبنا ، وأمرنا به فأطعنا ، ( وأمرنا لنسلم لرب العالمين ) فأسلمنا ، واللام في " لنسلم " فيها وجهان : ( أحدهما ) أنها للتعليل ، والتقدير : وأمرنا بهذا الهدى لأجل أن نسلم [ ص: 442 ] قلوبنا ونوجهها لرب العالمين وحده بالإذعان والخضوع لدينه والإخلاص في عبادته ، إذ لا يستحق العبادة من العباد إلا ربهم الذي خلقهم وغذاهم بنعمه ( وثانيهما ) أنها للمصدرية ، أي وأمرنا بأن نسلم لله رب العالمين ، وقد روي القول بتأويل الفعل بالمصدر هنا وفي مثل ( يريد الله ليبين لكم ) ( 4 : 26 ) ( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ) ( 5 : 6 ) إلخ . عن الخليل وسيبويه ومن تابعهما . وصرح الكسائي والفراء بأن اللام تكون حرفا مصدريا بعد الفعل ، من الأمر والإرادة خاصة . وهذا الوجه أوجه وأظهر .

                          ( وأن أقيموا الصلاة واتقوه ) أي أمرنا بأن نسلم لرب العالمين ، وبأن أقيموا واتقوه ، أي قيل لنا ذلك ، وقدر بعضهم : أمرنا بالإسلام وبإقامة الصلاة والتقوى ، وإقامة الصلاة : الإتيان بها على الوجه الذي شرعت لأجله ، وهو كونها تنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتزكي النفس بمناجاة الله وذكره ( ولذكر الله أكبر ) ( 29 : 45 ) ولم يكن شرع عند نزول السورة زكاة ولا صيام ولا حج ، والتقوى : اتقاء ما يترتب على مخالفة دين الله وشرعه وتنكب سننه في خلقه من ضرر وفساد ، فهذا أوسع معنى من تفسيرها بامتثال الأمر واجتناب النهي ( وهو الذي إليه تحشرون ) أي تجمعون وتساقون إلى لقائه يوم القيامة دون غيره ، فيحاسبكم على أعمالكم ، ويجازيكم عليها . وإذا كان الحشر إليه وحده ، والجزاء بيده وحده ، فمن الجنون أن يعبد غيره ويدعى ، أو يخاف أو يرجى .

                          ( وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ) أي خلقهما بالأمر الثابت المتحقق ، وهو آياته القائمة بالسنن المطردة المشتملة على الحكمة البالغة الدالة على وجوده وصفاته الكاملة ، فلم يخلقهما باطلا ولا عبثا ، فإذا لا يترك الناس سدى ، بل يجزي كل نفس بما تسعى .

                          ( ويوم يقول كن فيكون قوله الحق ) أي وقوله هو الحق يوم يقول للشيء كن فيكون ، وهو وقت الإيجاد والتكوين ، فلا مرد لأمره التكويني ولا تخلف ، فكذلك يجب الإسلام والخضوع لأمره التكليفي بلا حرج في النفس ولا تكلف ; لأن الأمر حق ، والخلق حق ( ألا له الخلق والأمر ) ( 7 : 45 ) .

                          ( وله الملك يوم ينفخ في الصور ) ويبعث من في القبور ، فإذا كان لغيره ملك ما في الدنيا بمقتضى سننه المقدرة ، وشريعته المقررة ، فلا تملك يومئذ نفس ما مهما تكن مكرمة لنفس ما مهما تكن قريبة أو مقربة - شيئا ما من خير أو شر ، أو نفع أو ضر ، وإنما الأمر يومئذ لله وحده . فكيف يدعو من هداه إلى هذه الحقائق غيره من دونه فيرد على عقبيه ، ويرجع إلى شر حاليه ! والصور في اللغة : القرن ، واستشهد له في اللسان بقول الراجز :


                          لقد نطحناهم غداة الجمعين نطحا شديدا لا كنطح الصورين

                          وقد ثقب الناس قرون الوعول والظباء وغيرها فجعلوا منها أبواقا ينفخون فيها فيكون لها [ ص: 443 ] صوت شديد يدعى به الناس إلى الاجتماع ، ويعزفون به كغيره من آلات السماع ، وقد ورد ذكره في سفر الأيام الأولى من كتب العهد العتيق قال : ( 5 : 28 فكان جميع إسرائيل يصعدون تابوت عهد الرب بهتاف وبصوت الأصوار والأبواق والصنوج ، يصوتون بالرباب والعيدان ) وقال بعض المفسرين : إن الصور جمع صورة كبسر وبسرة ، وصوف وصوفة . وقيل في سور المدينة أيضا : إنه جمع سورة ، ونقلوا هذا التفسير عن أبي عبيدة من رواة اللغة ، وقد رده جمهور المفسرين بأنه لا يظهر معناه في قوله تعالى : ( ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ) ( 39 : 68 ) وهذه هي النفخة الأولى ، ولا يظهر معنى لكونها في صور المخلوقات ، وإنما يظهر ذلك في النفخة الأخرى التي يبعث الله بها العباد ، وهي قوله في تتمة الآية : ( ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون ) وبأنه مخالف لما ورد في الأخبار والآثار من تفسيره بالقرن والبوق أو بما يشبههما ، وفي بعض الآثار الإسرائيلية أنه مستقر أرواح الخلق ، فإذا نفخ فيه نفخة البعث تصيب النفخة تلك الأرواح ، فتذهب إلى أجسادها بعد أن يكون الله قد أعادها كما بدأها ، ورده اللغويون أيضا بأن المقيس في كلام العرب أن ما كان على وزن فعلة بضم الفاء يجمع على فعل بضم الفاء وفتح العين ، كغرفة وغرف ، وصورة وصور ، وقد أجمع القراء على فتح الواو في قوله تعالى : ( وصوركم فأحسن صوركم ) ( 40 : 64 ) وأما ما جاء من جمعه بضم فسكون كبسر وصوف فهو خاص بما سبق استعمال الجمع فيه على استعمال الواحد ، وروى الأزهري هذا الرد بسنده عن أبي الهيثم ، ويراجع في مادتي سورة وصور من لسان العرب ، فقد أطال الكلام في المسألة فيهما .

                          وأما الأخبار المرفوعة في الصور فقد أخرجها أصحاب السنن والتفسير المأثور وغيرهم بأسانيد لم يصح منها شيء على شرط الشيخين ، ولذلك لم يخرجا منها شيئا ، وأقواها ما رواه أبو داود ، والترمذي وحسنه ، والنسائي وغيرهم ، وصححه الحاكم من حديث عبد الله بن عمر قال : سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الصور فقال : " هو قرن ينفخ فيه " وروي عن ابن مسعود أنه قال : الصور كهيئة القرن ينفخ فيه ، وورد في روايات يقوي بعضها بعضا ، وصحح بعضها الحاكم - أن الملك الموكل بالصور مستعد للنفخ فيه ، ينتظر متى يؤمر ، وفي بعضها أنه وكل به ملكان ، وورد في وصف ملك الصور ، وفي صفة الصور ، والنفخ وتأثيره وما يتعلق به ، وما يكون يومئذ - روايات منكرة ، بعضها مأخوذ من الإسرائيليات ، عن كعب الأحبار ووهب بن منبه ، وبعضها ملفق من أخبار كثيرة ، وممزوج بالآيات الواردة في قيام الساعة كحديث أبي هريرة الطويل الذي رواه عنه الطبراني من طريق إسماعيل بن رافع قاضي المدينة ، وقد ذكر منه ابن كثير ما يملأ عدة صفحات ، وذكر أنه غريب جدا ، وأن إسماعيل تفرد به ، وأنه اختلف عليه في إسناده على وجوه كثيرة ، وذكر الخلاف في توثيق إسماعيل وتضعيفه ، ومنه أنه نص [ ص: 444 ] على نكارة حديثه غير واحد من الأئمة كأحمد وأبي حاتم ، ومنهم من قال : إنه متروك . وسنعود إلى الكلام على الصور وحكمة النفخ فيه في تفسير سورتي الأنبياء والزمر ، إن أحيانا الله تعالى .

                          ( عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير ) فسر ابن عباس الغيب والشهادة هنا بالسر والعلانية ، وقال الحسن : الشهادة ما قد رأيتم خلقه ، والغيب ما غاب عنكم مما لم تروه . وتقدم القول في عالم الغيب في موضعين من تفسير هذه السورة مفصلا تفصيلا . والمعنى أن الذي خلق الخلق بالحق ، والذي قوله الحق في التكوين ، والذي له الملك وحده يوم ينفخ في الصور ويحشر الخلق - هو عالم الغيب والشهادة ، وهو الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه ، وهو الخبير بدقائق الأمور وخفاياها ، فلا يشذ عن علمه وحكمته شيء منها ، فلا يليق بعاقل أن يدعو غيره ولو بقصد التوسل والتقريب إليه زلفى ( فلا تدعوا مع الله أحدا ) ( 72 : 18 ) ( بل إياه تدعون فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ) ( 6 : 41 ) ففي هذا التذييل تقرير لمضمون الآية ، وفذلكة للسياق الوارد في إنكار دعاء غير الله تعالى .

                          التالي السابق


                          الخدمات العلمية