(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28977وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا )
[ ص: 481 ] أي وكيف أخاف ما أشركتموه بربكم من خلقه فجعلتموه ندا له وهو لا ينفع ولا يضر ، ولا يسمع ولا يبصر ، ولا تخافون أنتم إشراككم بالله خالقكم ما لم ينزل به عليكم حجة بينة بالوحي ، ولا بنظر العقل ، تثبت لكم جعله شريكا له في الخلق والتدبير ، أو في الوساطة والشفاعة والتأثير ، فافتياتكم على خالقكم الذي بيده الضر والنفع بهذه الموبقة الفظيعة هو الذي يجب أن يخاف ويتقى ، فالاستفهام للإنكار التعجبي من تخويفهم إياه ما لا يخيف ، في حال كونهم لا يخافون أخوف ما يخاف ، وقد قيل إن هذا الاستفهام عن كيفية الخوف لا عن الخوف نفسه وبحثوا عن نكتته ، والمراد نكتة العدول عن الاستفهام بالهمزة إلى الاستفهام بكيف ، وهي أي النكتة تؤخذ من قول أهل اللغة في معنى " كيف " من كونها سؤالا عن الأحوال - لا مما تكلفه بعض المفسرين - والمعنى أن كل صفة وحال يمكن أن تدعى لصحة هذا الخوف فهي باطلة ، وأنه عليه السلام لم يجد لهذا الخوف حالا ولا وجها ، فلا هو يخاف هؤلاء الشركاء لذواتهم ، ولا لما يزعمونه من وساطتهم عند الله وشفاعتهم ، ولا لقدرة على الضر والنفع قد تدعى - ولو جعل الله - لهم ولا لثبوت جعلهم أسبابا للضرر بغير إرادة ولا اختيار منهم ، فالمراد أن جميع وجوه الخوف وأحواله الحقيقية والمجاز منتفية ، وإلا فعليهم بيان كيف يخافون .
وقد حذف متعلق الشرك في مقام إنكار خوفه من شركائهم ، وذكره بعده في مقام إنكار عدم خوفهم من شركهم ، وهو قوله (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28977ما لم ينزل به عليكم سلطانا ) لأن الحاجة إلى بيان عدم وجود السلطان - أي الدليل - على هذا الشرك إنما يحتاج إليه في مقام إسناده إليهم والتعجب من عدم خوفهم سوء عاقبته ، ما لا يحتاج إليه في مقام إنكاره هو كل حال يمكن أن تدعى لخوفه من شركائهم ، فهو يثبت بذلك الإطلاق أنه لا يمكن أن توجد حال ولا صفة للخوف مما أشركوه ، فلو عدل عنه إلى تقييد إنكاره بما ذكر لفات بهذا القيد ذلك العموم البليغ ، وذهب ذهن السامعين إلى أنه سيخاف إذا ظهر له دليل على صحة دعواهم ، وهم قوم مقلدون يعتقدون أنه لا بد من وجود أدلة تثبت صحة اعتقادهم ، وإن لم يعرفوها أو يقدروا على بيانها لخصمهم ، وأما ذكر هذا المتعلق في مقام الإنكار التعجبي من عدم خوفهم فهو ضروري ، لأنه تذكير لهم عند ذكر عقيدتهم بأنهم لا عذر لهم بالجهل ببطلانها لأنه لا دليل لهم عليها .
وقال بعض المفسرين إن قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81ما لم ينزل به عليكم سلطانا ) قد ذكر على طريق التهكم مع الإعلام بأن الدين لا يقبل إلا بالحجة المنزلة أو مطلق الحجة القاطعة ، وأن التقليد ليس بعذر ولا سيما تقليد من ليس على هداية ولا علم ولا بصيرة ولا عقل ، وذكر
الرازي في العبارة وجهين . أحدهما : أنها كناية عن امتناع وجود الحجة والسلطان على الشرك ، والمعنى ما لم ينزل به سلطانه لأنه باطل لا يمكن أن يقوم عليه برهان ، فهو كقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117ومن يدع مع الله إلها آخر لا برهان له به ) 23 : 117 أي لا برهان له به يعلمه ولا برهان يجهله لاستحالة
[ ص: 482 ] البرهان على الباطل . ثانيهما : أنه لا يمتنع عقلا أن يؤمر باتخاذ تلك التماثيل والصور قبلة للدعاء والصلاة . وأقول : إن هذا الوجه لا محل له لأن جعلها قبلة غير جعلها شركاء يخاف ضرها ويرجى نفعها لذاتها أو لوساطتها عند الله تعالى ، فالقبلة لا تأثير لها في نفع ولا ضر لا بالذات ولا بالشفاعة كما يعتقدون في الشركاء ، وإنما يتوجه إليها امتثالا لأمر الله ، ومثل ذلك استلام
الحجر الأسود في الطواف ، فالانتفاع محصور في طاعة الله تعالى بذلك لأنه هو الذي يزكي النفس .
ثم رتب صلوات الله عليه على هذا الإنكار التعجبي ما هو نتيجة له بقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28977فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون ) المراد بالفريقين فريق الموحدين الحنفاء الذين يعبدون الله وحده ، ويخافون ويرجونه ولا يخافون ولا يرجون غيره من دونه ، وإنما يعارضون الأسباب بالأسباب ، ويدافعون الأقدار بالأقدار ، كاتقاء أسباب الأمراض قبل وقوعها ، ومدافعتها بالأدوية بعد الابتلاء بها ، وفريق المشركين الذين استكبروا تأثير بعض الأسباب ، فاتخذوا منها ما اتخذوا من الآلهة والأرباب ، بل نسبوا إلى بعضها النفع والضر بخداع المصادفات واختراع الأوهام ، فهو يقول لهم : أي هذين الفريقين أحق وأجدر بالأمن على نفسه ، من عاقبة عقيدته وعبادته ؟ ونكتة عدوله عن قول : فأينا أحق بالأمن ، إلى قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81فأي الفريقين ) هي بيان أن هذه المقابلة عامة لكل موحد ومشرك ، من حيث أن أحد الفريقين موحد والآخر مشرك ، لا خاصة به وبهم ، فهي متضمنة لعلة الأمن . وقيل : إن نكتته الاحتراز عن تزكية النفس ، واسم التفضيل على غير بابه ، فالمراد أينا الحقيق بالأمن ، ولكنه عبر باسم التفضيل ناطقا في استنزالهم عن منتهى الباطل - وهو ادعاؤهم أنهم هم الحقيقون بالأمن ، وأنه هو الحقيق بالخوف - إلى الوسط النظري بين الأمرين ، وهو أي الفريقين أحق ، واحترازا عن تنفيرهم من الإصغاء إلى قوله كله ثم قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81إن كنتم تعلمون ) أي أيهما أحق بالأمن - أو إن كنتم من أهل العلم والبصيرة في هذا الأمر - فأخبروني بذلك ، وبينوه بالدلائل وهذا إلجاء إلى الاعتراف بالحق أو السكوت على الحماقة والجهل : وأما الجواب فهو قوله الحق : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82nindex.php?page=treesubj&link=28977الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) في هذا الجواب احتمالات ( أحدها ) أنه من قوم
إبراهيم : أي تذكروا لما ذكرهم وراجعوا عقولهم وفطرتهم ، فاعترفوا بالحق كما اعترفوا حين كسر أصنامهم من بعد ، إذ قال لهم : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=65ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون ) 21 : 63 - 65 وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير هذا الاحتمال عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج . ( الثاني ) أنه من قبل
إبراهيم عليه السلام صرح به إذ سكتوا عن الجواب مفحمين مبالغة في تبكيتهم ، وقد قال
الآلوسي : إن هذا روي عن
علي كرم الله وجهه ولم أره في تفسير
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ولا
ابن كثير ولا الدر المنثور ، ولعله نقله عن بعض تفاسير
الشيعة . ( الثالث ) أنه من الله عز وجل فصل به القضاء بين
إبراهيم ومن حاجه من
[ ص: 483 ] قومه - رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير عن
إسحاق وابن زيد واختاره وقال إنه أولى القولين بالصواب وقد يرجحه في اللفظ عطف الآية التالية على هذه .
والذي نراه : أن الأمن في هذا الكلام يقابل الخوف فيه ، وهو الأمن من عذاب الرب المعبود لمن لا يرضى إيمانه وعبادته ، فإنهم خوفوا
إبراهيم أن تمسه آلهتهم وأربابهم بسوء لجحده إياهم وعداوته لهم ، فأجاب بأنه إنما يخاف الله وحده ولا يخافهم ، والظلم الذي يلبس به الإيمان بالله ويخالطه ، فينقص منه أو ينقضه ، هو الشرك في العقيدة أو العبادة ، كاتخاذ ولي من دون الله يدعى معه أو من دونه ولو لأجل التقريب إليه والشفاعة عنده . ويحب كحبه ، ويعظم من جنس تعظيمه ، لاعتقاد أن له سلطانا من وراء الأسباب ينفع به ويضر بذاته ، أو بتأثيره في مشيئة الله وقدرته ، ولا يدخل فيه الظلم الذي ليس من شأنه أن يلابس الإيمان ، كظلم المرء نفسه بإتيان بعض المضار ، أو ترك بعض المنافع عن جهل أو إهمال أو ظلم غيره ببعض الأحكام أو الأعمال ، وهذا التفسير للظلم يبين به ما ورد تفسيره به في الحديث المرفوع الذي سنذكره .
( فإن قيل ) : إن الظلم في الآية نكرة في حيز النفي فهي للعموم والشمول ، ( قلنا ) : إن عموم كل شيء بحسبه فقوله تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20إن الله على كل شيء قدير ) عام في كل شيء ممكن ، ولا يدخل في عمومه ذات الله تعالى وصفاته الواجبة له فلا يقال إنه قادر على إعدامها ولا على إيجادها ولا أنه غير قادر ، وقوله في ملكة
سبأ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23وأوتيت من كل شيء ) 27 : 23 عام في كل ما يحتاج إليه الملوك ، لا كل شيء في الوجود ، فمن لم يقبل جعل مثل هذا من العام بإطلاق ، فليجعله من العام الذي أريد به الخاص ، وقد ذهل
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن كون الإيمان هنا هو الإيمان المطلق الذي أثبته القرآن للمشركين لا الإيمان الصحيح الكامل الذي جاء به الرسل ، ولهذا الذهول جزم بأن المراد بالظلم هنا المعاصي دون الشرك لأن الشرك لا يخالط الإيمان الصحيح لأنه ضده ونقيضه ، نقول : نعم ولكنه يخالط مطلق الإيمان بالله تعالى وذلك قوله تعالى في المشركين : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=106وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون ) 12 : 106 .
ثم لا يخفى أن الأمن في الآية مقصور على الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ، فإذا حمل العموم فيها على إطلاقه وعدم مراعاة موضوع الإيمان يكون المعنى : الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بظلم ما لأنفسهم - لا في إيمانهم ولا في أعمالهم البدنية والنفسية من دينية ودنيوية ، ولا بغيرهم من المخلوقات ، من العقلاء والعجماوات - أولئك لهم الأمن من عقاب الله تعالى الديني على ارتكاب المعاصي والمنكرات ، وعقابه الدنيوي على عدم مراعاة سننه في ربط الأسباب بالمسببات ، كالفقر والأسقام والأمراض ، دون غيرهم ممن ظلموا أنفسهم أو غيرهم فإن الظالمين لا أمان لهم ، بل كل ظالم عرضة للعقاب وإن كان
nindex.php?page=treesubj&link=29693الله تعالى لسعة رحمته لا يعاقب كل [ ص: 484 ] ظالم على كل ظلم ، بل يعفو عن كثير من ذنوب الدنيا ، ويعذب من يشاء ويغفر لمن يشاء في الآخرة ما دون الشرك به ، وهذا المعنى في تفسير الآية صحيح في نفسه ، ويترتب عليه أن
nindex.php?page=treesubj&link=29649الأمن المطلق من الخوف من عقاب الله الديني والدنيوي أو الشرعي والقدري جميعا لا يصح لأحد من المكلفين ، دع خوف الهيبة والإجلال ، الذي يمتاز به أهل الكمال ، وقد صح إسناد الخوف إلى الملائكة والأنبياء (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50يخافون ربهم من فوقهم ) 16 : 5 (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57ويرجون رحمته ويخافون عذابه ) 17 : 57 (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28وهم من خشيته مشفقون ) 21 : 28 وهذا التفسير يؤيد قول
إبراهيم عليه الصلاة والسلام : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80إلا أن يشاء ربي شيئا ) على ما تقدم ، وأما
nindex.php?page=treesubj&link=29649الأمن من عقاب الآخرة بالفعل - وهو النجاة منه - فهو ثابت للملائكة والأنبياء عليهم السلام ، ولكثير ممن دونهم من الصالحين الذين يدخلون الجنة بغير حساب ، وإن لم يعلم ذلك في الدنيا كل منهم ليبقى جامعا بين الخوف والرجاء . ومن الناس من يؤمن فيموت قبل أن يظلم أحدا ، وقد ورد حديث في إدخال مثل هذا في مفهوم الآية .
وأما معنى الآية على الوجه الأول فهو : الذين آمنوا بالله تعالى ولم يخلطوا إيمانهم بظلم عظيم - وهو الشرك به سبحانه - أولئك لهم الأمن دون غيرهم من العقاب الديني المتعلق بأصل الدين وهو الخلود في دار العذاب ، وهم فيما دون ذلك بين الخوف والرجاء .
وروي عن
علي كرم الله وجهه أنه قال : نزلت هذه الآية في
إبراهيم وقومه خاصة ليس في هذه الأمة . ولعل مراده أن الله خص
إبراهيم وقومه بأمن موحدهم من عذاب الآخرة مطلقا لا أمن الخلود فيه فقط ، ولعل سبب هذا إن صح أن الله تعالى لم يكلف قوم
إبراهيم شيئا غير التوحيد اكتفاء بتربية شرائعهم المدنية الشديدة لهم في الأحوال الشخصية والأدبية وغيرها . وقد عثر الباحثون على شريعة
حمورابي الملك الصالح الذي كان في عهد
إبراهيم - وقد باركه وأخذ منه العشور كما في سفر التكوين - فإذا هي كالتوراة في أكثر أحكامها ، وأما فرض الله الحج على لسان
إبراهيم فقد كان في قوم ولده
إسماعيل لا في قومه
الكلدانيين ، وأما هذه الأمة فإن من موحديها من يعذبون بالمعاصي على قدرها ; لأنهم خوطبوا بشريعة كاملة يحاسبون على إقامتها .
هذا - وأما حصر الأمن فيمن ذكر على الوجهين فيؤخذ من تكرار الإسناد ثلاثا وتقديم المسند على المسند إليه الثالث ، ولولا إرادة الاختصاص لكان الكلام هكذا : الأمن للذين
[ ص: 485 ] آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم ، ولو قيل : للذين آمنوا الأمن لكان آكد ، وآكد منه أن يقال : الذين آمنوا . . . لهم الأمن ، وآكد من هذا نص الآية ، وأما كون المراد بالظلم هنا الظلم العظيم منه فقد يدل عليه تنكيره ; وأما جعل هذا الظلم العظيم خاصا بالشرك بالله تعالى فلا يعلم من نص الآية ، ولكن السياق وموضوع الإيمان قد يدل عليه دلالة غير قطعية لغة كما علم مما تقدم ; ولذلك فهم بعض الصحابة - رضي الله عنه - منه العموم المطلق وهم من أهل اللسان ، فأخبرهم الرسول عليه الصلاة والسلام - وهو أعلم بمراد من أنزله عليه - بمعناه الدال على أنه من العام الذي أريد به الخاص ، روى
أحمد nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي وغيرهم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود nindex.php?page=hadith&LINKID=919738أن الآية لما نزلت شق ذلك على الناس وقالوا : يا رسول الله وأينا لم يظلم نفسه ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : " إنه ليس الذي تعنون ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح ( nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إن الشرك لظلم عظيم ) 31 : 13 إنما هو الشرك " وروي تفسير الظلم هنا بالشرك عن
أبي بكر وعمر nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وحذيفة nindex.php?page=showalam&ids=23وسلمان الفارسي وغيرهم من الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28977وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا )
[ ص: 481 ] أَيْ وَكَيْفَ أَخَافَ مَا أَشْرَكْتُمُوهُ بِرَبِّكُمْ مِنْ خَلْقِهِ فَجَعَلْتُمُوهُ نِدًّا لَهُ وَهُوَ لَا يَنْفَعُ وَلَا يَضُرُّ ، وَلَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ ، وَلَا تَخَافُونَ أَنْتُمْ إِشْرَاكَكُمْ بِاللَّهِ خَالِقِكُمْ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ حُجَّةً بَيِّنَةً بِالْوَحْيِ ، وَلَا بِنَظَرِ الْعَقْلِ ، تُثْبِتُ لَكُمْ جَعْلَهُ شَرِيكًا لَهُ فِي الْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ ، أَوْ فِي الْوَسَاطَةِ وَالشَّفَاعَةِ وَالتَّأْثِيرِ ، فَافْتِيَاتُكُمْ عَلَى خَالِقِكُمُ الَّذِي بِيَدِهِ الضُّرُّ وَالنَّفْعُ بِهَذِهِ الْمُوبِقَةِ الْفَظِيعَةِ هُوَ الَّذِي يَجِبُ أَنْ يُخَافَ وَيُتَّقَى ، فَالِاسْتِفْهَامُ لِلْإِنْكَارِ التَّعَجُّبِيِّ مِنْ تَخْوِيفِهِمْ إِيَّاهُ مَا لَا يُخِيفُ ، فِي حَالِ كَوْنِهِمْ لَا يَخَافُونَ أَخْوَفَ مَا يُخَافُ ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّ هَذَا الِاسْتِفْهَامَ عَنْ كَيْفِيَّةِ الْخَوْفِ لَا عَنِ الْخَوْفِ نَفْسِهِ وَبَحَثُوا عَنْ نُكْتَتِهِ ، وَالْمُرَادُ نُكْتَةُ الْعُدُولِ عَنِ الِاسْتِفْهَامِ بِالْهَمْزَةِ إِلَى الِاسْتِفْهَامِ بِكَيْفَ ، وَهِيَ أَيِ النُّكْتَةُ تُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ أَهْلِ اللُّغَةِ فِي مَعْنَى " كَيْفَ " مِنْ كَوْنِهَا سُؤَالًا عَنِ الْأَحْوَالِ - لَا مِمَّا تَكَلَّفَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ - وَالْمَعْنَى أَنَّ كُلَّ صِفَةٍ وَحَالٍ يُمْكِنُ أَنْ تُدْعَى لِصِحَّةِ هَذَا الْخَوْفِ فَهِيَ بَاطِلَةٌ ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمْ يَجِدْ لِهَذَا الْخَوْفِ حَالًا وَلَا وَجْهًا ، فَلَا هُوَ يَخَافُ هَؤُلَاءِ الشُّرَكَاءَ لِذَوَاتِهِمْ ، وَلَا لِمَا يَزْعُمُونَهُ مِنْ وَسَاطَتِهِمْ عِنْدَ اللَّهِ وَشَفَاعَتِهِمْ ، وَلَا لِقُدْرَةٍ عَلَى الضُّرِّ وَالنَّفْعِ قَدْ تُدَّعَى - وَلَوْ جَعَلَ اللَّهُ - لَهُمْ وَلَا لِثُبُوتِ جَعْلِهِمْ أَسْبَابًا لِلضَّرَرِ بِغَيْرِ إِرَادَةٍ وَلَا اخْتِيَارٍ مِنْهُمْ ، فَالْمُرَادُ أَنَّ جَمِيعَ وُجُوهِ الْخَوْفِ وَأَحْوَالِهِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْمَجَازِ مُنْتَفِيَةٌ ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِمْ بَيَانُ كَيْفَ يَخَافُونَ .
وَقَدْ حُذِفَ مُتَعَلِّقُ الشِّرْكِ فِي مَقَامِ إِنْكَارِ خَوْفِهِ مِنْ شُرَكَائِهِمْ ، وَذَكَرَهُ بَعْدَهُ فِي مَقَامِ إِنْكَارِ عَدَمِ خَوْفِهِمْ مِنْ شِرْكِهِمْ ، وَهُوَ قَوْلُهُ (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28977مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ) لِأَنَّ الْحَاجَةَ إِلَى بَيَانِ عَدَمِ وُجُودِ السُّلْطَانِ - أَيِ الدَّلِيلِ - عَلَى هَذَا الشِّرْكِ إِنَّمَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَقَامِ إِسْنَادِهِ إِلَيْهِمْ وَالتَّعَجُّبِ مِنْ عَدَمِ خَوْفِهِمْ سُوءَ عَاقِبَتِهِ ، مَا لَا يُحْتَاجُ إِلَيْهِ فِي مَقَامِ إِنْكَارِهِ هُوَ كُلَّ حَالٍ يُمْكِنُ أَنْ تُدْعَى لِخَوْفِهِ مِنْ شُرَكَائِهِمْ ، فَهُوَ يُثْبِتُ بِذَلِكَ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ تُوجَدَ حَالٌ وَلَا صِفَةٌ لِلْخَوْفِ مِمَّا أَشْرَكُوهُ ، فَلَوْ عَدَلَ عَنْهُ إِلَى تَقْيِيدِ إِنْكَارِهِ بِمَا ذَكَرَ لَفَاتَ بِهَذَا الْقَيْدِ ذَلِكَ الْعُمُومُ الْبَلِيغُ ، وَذَهَبَ ذِهْنُ السَّامِعِينَ إِلَى أَنَّهُ سَيَخَافُ إِذَا ظَهَرَ لَهُ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُمْ ، وَهُمْ قَوْمٌ مُقَلِّدُونَ يَعْتَقِدُونَ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ أَدِلَّةٍ تُثْبِتُ صِحَّةَ اعْتِقَادِهِمْ ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفُوهَا أَوْ يَقْدِرُوا عَلَى بَيَانِهَا لِخَصْمِهِمْ ، وَأَمَّا ذِكْرُ هَذَا الْمُتَعَلِّقِ فِي مَقَامِ الْإِنْكَارِ التَّعَجُّبِيِّ مِنْ عَدَمِ خَوْفِهِمْ فَهُوَ ضَرُورِيٌّ ، لِأَنَّهُ تَذْكِيرٌ لَهُمْ عِنْدَ ذِكْرِ عَقِيدَتِهِمْ بِأَنَّهُمْ لَا عُذْرَ لَهُمْ بِالْجَهْلِ بِبُطْلَانِهَا لِأَنَّهُ لَا دَلِيلَ لَهُمْ عَلَيْهَا .
وَقَالَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ إِنَّ قَوْلَهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا ) قَدْ ذُكِرَ عَلَى طَرِيقِ التَّهَكُّمِ مَعَ الْإِعْلَامِ بِأَنَّ الدِّينَ لَا يُقْبَلُ إِلَّا بِالْحُجَّةِ الْمُنَزَّلَةِ أَوْ مُطْلَقِ الْحُجَّةِ الْقَاطِعَةِ ، وَأَنَّ التَّقْلِيدَ لَيْسَ بِعُذْرٍ وَلَا سِيَّمَا تَقْلِيدُ مَنْ لَيْسَ عَلَى هِدَايَةٍ وَلَا عِلْمٍ وَلَا بَصِيرَةٍ وَلَا عَقْلٍ ، وَذَكَرَ
الرَّازِيُّ فِي الْعِبَارَةِ وَجْهَيْنِ . أَحَدُهُمَا : أَنَّهَا كِنَايَةٌ عَنِ امْتِنَاعِ وُجُودِ الْحُجَّةِ وَالسُّلْطَانِ عَلَى الشِّرْكِ ، وَالْمَعْنَى مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانَهُ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بُرْهَانٌ ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=117وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ ) 23 : 117 أَيْ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ يَعْلَمُهُ وَلَا بُرْهَانَ يَجْهَلُهُ لِاسْتِحَالَةِ
[ ص: 482 ] الْبُرْهَانِ عَلَى الْبَاطِلِ . ثَانِيهِمَا : أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ عَقْلًا أَنْ يُؤْمَرَ بِاتِّخَاذِ تِلْكَ التَّمَاثِيلِ وَالصُّوَرِ قِبْلَةً لِلدُّعَاءِ وَالصَّلَاةِ . وَأَقُولُ : إِنَّ هَذَا الْوَجْهَ لَا مَحَلَّ لَهُ لِأَنَّ جَعْلَهَا قِبْلَةً غَيْرُ جَعْلِهَا شُرَكَاءَ يُخَافُ ضُرُّهَا وَيُرْجَى نَفْعُهَا لِذَاتِهَا أَوْ لِوَسَاطَتِهَا عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى ، فَالْقِبْلَةُ لَا تَأْثِيرَ لَهَا فِي نَفْعٍ وَلَا ضُرٍّ لَا بِالذَّاتِ وَلَا بِالشَّفَاعَةِ كَمَا يَعْتَقِدُونَ فِي الشُّرَكَاءِ ، وَإِنَّمَا يُتَوَّجَهُ إِلَيْهَا امْتِثَالًا لِأَمْرِ اللَّهِ ، وَمِثْلُ ذَلِكَ اسْتِلَامُ
الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فِي الطَّوَافِ ، فَالِانْتِفَاعُ مَحْصُورٌ فِي طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى بِذَلِكَ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُزَكِّي النَّفْسَ .
ثُمَّ رَتَّبَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْإِنْكَارِ التَّعَجُّبِيِّ مَا هُوَ نَتِيجَةٌ لَهُ بِقَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81nindex.php?page=treesubj&link=28977فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) الْمُرَادُ بِالْفَرِيقَيْنِ فَرِيقُ الْمُوَحِّدِينَ الْحُنَفَاءِ الَّذِينَ يَعْبُدُونَ اللَّهَ وَحْدَهُ ، وَيَخَافُونَ وَيَرْجُونَهُ وَلَا يَخَافُونَ وَلَا يَرْجُونَ غَيْرَهُ مِنْ دُونِهِ ، وَإِنَّمَا يُعَارِضُونَ الْأَسْبَابَ بِالْأَسْبَابِ ، وَيُدَافِعُونَ الْأَقْدَارَ بِالْأَقْدَارِ ، كَاتِّقَاءِ أَسْبَابِ الْأَمْرَاضِ قَبْلَ وُقُوعِهَا ، وَمُدَافَعَتِهَا بِالْأَدْوِيَةِ بَعْدَ الِابْتِلَاءِ بِهَا ، وَفَرِيقُ الْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا تَأْثِيرَ بَعْضِ الْأَسْبَابِ ، فَاتَّخَذُوا مِنْهَا مَا اتَّخَذُوا مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَرْبَابِ ، بَلْ نَسَبُوا إِلَى بَعْضِهَا النَّفْعَ وَالضُّرَّ بِخِدَاعِ الْمُصَادَفَاتِ وَاخْتِرَاعِ الْأَوْهَامِ ، فَهُوَ يَقُولُ لَهُمْ : أَيُّ هَذَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ وَأَجْدَرُ بِالْأَمْنِ عَلَى نَفْسِهِ ، مِنْ عَاقِبَةِ عَقِيدَتِهِ وَعِبَادَتِهِ ؟ وَنُكْتَةُ عُدُولِهِ عَنْ قَوْلِ : فَأَيُّنَا أَحَقُّ بِالْأَمْنِ ، إِلَى قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ ) هِيَ بَيَانُ أَنَّ هَذِهِ الْمُقَابَلَةَ عَامَّةٌ لِكُلِّ مُوَحِّدٍ وَمُشْرِكٍ ، مِنْ حَيْثُ أَنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ مُوَحِّدٌ وَالْآخِرَ مُشْرِكٌ ، لَا خَاصَّةَ بِهِ وَبِهِمْ ، فَهِيَ مُتَضَمِّنَةٌ لِعِلَّةِ الْأَمْنِ . وَقِيلَ : إِنْ نُكْتَتَهُ الِاحْتِرَازُ عَنْ تَزْكِيَةِ النَّفْسِ ، وَاسْمُ التَّفْضِيلِ عَلَى غَيْرِ بَابِهِ ، فَالْمُرَادُ أَيُّنَا الْحَقِيقُ بِالْأَمْنِ ، وَلَكِنَّهُ عَبَّرَ بَاسِمِ التَّفْضِيلِ نَاطِقًا فِي اسْتِنْزَالِهِمْ عَنْ مُنْتَهَى الْبَاطِلِ - وَهُوَ ادِّعَاؤُهُمْ أَنَّهُمْ هُمُ الْحَقِيقُونَ بِالْأَمْنِ ، وَأَنَّهُ هُوَ الْحَقِيقُ بِالْخَوْفِ - إِلَى الْوَسَطِ النَّظَرِيِّ بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ ، وَهُوَ أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ ، وَاحْتِرَازًا عَنْ تَنْفِيرِهِمْ مِنَ الْإِصْغَاءِ إِلَى قَوْلِهِ كُلِّهِ ثُمَّ قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=81إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ) أَيْ أَيُّهُمَا أَحَقُّ بِالْأَمْنِ - أَوْ إِنْ كُنْتُمْ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْبَصِيرَةِ فِي هَذَا الْأَمْرِ - فَأَخْبَرُونِي بِذَلِكَ ، وَبَيِّنُوهُ بِالدَّلَائِلِ وَهَذَا إِلْجَاءٌ إِلَى الِاعْتِرَافِ بِالْحَقِّ أَوِ السُّكُوتِ عَلَى الْحَمَاقَةِ وَالْجَهْلِ : وَأَمَّا الْجَوَابُ فَهُوَ قَوْلُهُ الْحَقُّ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=82nindex.php?page=treesubj&link=28977الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ ) فِي هَذَا الْجَوَابِ احْتِمَالَاتٌ ( أَحَدُهَا ) أَنَّهُ مِنْ قَوْمِ
إِبْرَاهِيمَ : أَيْ تَذَكَّرُوا لَمَّا ذَكَّرَهُمْ وَرَاجَعُوا عُقُولَهُمْ وَفِطْرَتَهُمْ ، فَاعْتَرَفُوا بِالْحَقِّ كَمَا اعْتَرَفُوا حِينَ كَسَّرَ أَصْنَامَهُمْ مِنْ بَعْدُ ، إِذْ قَالَ لَهُمْ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=65ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ ) 21 : 63 - 65 وَقَدْ رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الِاحْتِمَالَ عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ . ( الثَّانِي ) أَنَّهُ مِنْ قِبَلِ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَرَّحَ بِهِ إِذْ سَكَتُوا عَنِ الْجَوَابِ مُفْحَمِينَ مُبَالَغَةً فِي تَبْكِيتِهِمْ ، وَقَدْ قَالَ
الْآلُوسِيُّ : إِنَّ هَذَا رُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ وَلَمْ أَرَهُ فِي تَفْسِيرِ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنِ جَرِيرٍ وَلَا
ابْنِ كَثِيرٍ وَلَا الدُّرِّ الْمَنْثُورِ ، وَلَعَلَّهُ نَقَلَهُ عَنْ بَعْضِ تَفَاسِيرِ
الشِّيعَةِ . ( الثَّالِثُ ) أَنَّهُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَصَلَ بِهِ الْقَضَاءَ بَيْنَ
إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ حَاجَّهُ مِنْ
[ ص: 483 ] قَوْمِهِ - رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ
إِسْحَاقَ وَابْنِ زَيْدٍ وَاخْتَارَهُ وَقَالَ إِنَّهُ أَوْلَى الْقَوْلَيْنِ بِالصَّوَابِ وَقَدْ يُرَجِّحُهُ فِي اللَّفْظِ عَطْفُ الْآيَةِ التَّالِيَةِ عَلَى هَذِهِ .
وَالَّذِي نَرَاهُ : أَنَّ الْأَمْنَ فِي هَذَا الْكَلَامِ يُقَابِلُ الْخَوْفَ فِيهِ ، وَهُوَ الْأَمْنُ مِنْ عَذَابِ الرَّبِّ الْمَعْبُودِ لِمَنْ لَا يَرْضَى إِيمَانَهُ وَعِبَادَتَهُ ، فَإِنَّهُمْ خَوَّفُوا
إِبْرَاهِيمَ أَنْ تَمَسَّهُ آلِهَتُهُمْ وَأَرْبَابُهُمْ بِسُوءٍ لَجَحْدِهِ إِيَّاهُمْ وَعَدَاوَتِهِ لَهُمْ ، فَأَجَابَ بِأَنَّهُ إِنَّمَا يَخَافُ اللَّهَ وَحْدَهُ وَلَا يَخَافُهُمْ ، وَالظُّلْمُ الَّذِي يُلْبَسُ بِهِ الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَيُخَالِطُهُ ، فَيُنْقِصُ مِنْهُ أَوْ يَنْقُضُهُ ، هُوَ الشِّرْكُ فِي الْعَقِيدَةِ أَوِ الْعِبَادَةِ ، كَاتِّخَاذِ وَلِيٍ مِنْ دُونِ اللَّهِ يُدْعَى مَعَهُ أَوْ مِنْ دُونِهِ وَلَوْ لِأَجْلِ التَّقْرِيبِ إِلَيْهِ وَالشَّفَاعَةِ عِنْدَهُ . وَيُحَبُّ كَحُبِّهِ ، وَيُعَظَّمُ مِنْ جِنْسِ تَعْظِيمِهِ ، لِاعْتِقَادِ أَنَّ لَهُ سُلْطَانًا مِنْ وَرَاءِ الْأَسْبَابِ يَنْفَعُ بِهِ وَيَضُرُّ بِذَاتِهِ ، أَوْ بِتَأْثِيرِهِ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ وَقُدْرَتِهِ ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الظُّلْمُ الَّذِي لَيْسَ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يُلَابِسَ الْإِيمَانَ ، كَظُلْمِ الْمَرْءِ نَفْسَهُ بِإِتْيَانِ بَعْضِ الْمَضَارِّ ، أَوْ تَرْكِ بَعْضِ الْمَنَافِعِ عَنْ جَهْلٍ أَوْ إِهْمَالٍ أَوْ ظُلْمِ غَيْرِهِ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ أَوِ الْأَعْمَالِ ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ لِلظُّلْمِ يُبَيَّنُ بِهِ مَا وَرَدَ تَفْسِيرُهُ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ الَّذِي سَنَذْكُرُهُ .
( فَإِنْ قِيلَ ) : إِنَّ الظُّلْمَ فِي الْآيَةِ نَكِرَةٌ فِي حَيِّزِ النَّفْيِ فَهِيَ لِلْعُمُومِ وَالشُّمُولِ ، ( قُلْنَا ) : إِنْ عُمُومَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=20إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) عَامٌّ فِي كُلِّ شَيْءٍ مُمْكِنٍ ، وَلَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِهِ ذَاتُ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتُهُ الْوَاجِبَةُ لَهُ فَلَا يُقَالُ إِنَّهُ قَادِرٌ عَلَى إِعْدَامِهَا وَلَا عَلَى إِيجَادِهَا وَلَا أَنَّهُ غَيْرُ قَادِرٍ ، وَقَوْلُهُ فِي مَلِكَةِ
سَبَأٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=27&ayano=23وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ ) 27 : 23 عَامٌّ فِي كُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمُلُوكُ ، لَا كُلِّ شَيْءٍ فِي الْوُجُودِ ، فَمَنْ لَمْ يَقْبَلْ جَعْلَ مِثْلِ هَذَا مِنَ الْعَامِّ بِإِطْلَاقٍ ، فَلْيَجْعَلْهُ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ ، وَقَدْ ذُهِلَ
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزَّمَخْشَرِيُّ عَنْ كَوْنِ الْإِيمَانِ هُنَا هُوَ الْإِيمَانُ الْمُطْلَقُ الَّذِي أَثْبَتَهُ الْقُرْآنُ لِلْمُشْرِكِينَ لَا الْإِيمَانُ الصَّحِيحُ الْكَامِلُ الَّذِي جَاءَ بِهِ الرُّسُلُ ، وَلِهَذَا الذُّهُولِ جَزَمَ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالظُّلْمِ هُنَا الْمَعَاصِي دُونَ الشِّرْكِ لِأَنَّ الشِّرْكَ لَا يُخَالِطُ الْإِيمَانَ الصَّحِيحَ لِأَنَّهُ ضِدُّهُ وَنَقِيضُهُ ، نَقُولُ : نَعَمْ وَلَكِنَّهُ يُخَالِطُ مُطْلَقَ الْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي الْمُشْرِكِينَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=106وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ) 12 : 106 .
ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الْأَمْنَ فِي الْآيَةِ مَقْصُورٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ، فَإِذَا حُمِلَ الْعُمُومُ فِيهَا عَلَى إِطْلَاقِهِ وَعَدَمِ مُرَاعَاةِ مَوْضُوعِ الْإِيمَانِ يَكُونُ الْمَعْنَى : الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَخْلِطُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ مَا لِأَنْفُسِهِمْ - لَا فِي إِيمَانِهِمْ وَلَا فِي أَعْمَالِهِمُ الْبَدَنِيَّةِ وَالنَّفْسِيَّةِ مِنْ دِينِيَّةٍ وَدُنْيَوِيَّةٍ ، وَلَا بِغَيْرِهِمْ مِنَ الْمَخْلُوقَاتِ ، مِنَ الْعُقَلَاءِ وَالْعَجْمَاوَاتِ - أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ تَعَالَى الدِّينِيِّ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَعَاصِي وَالْمُنْكَرَاتِ ، وَعِقَابِهِ الدُّنْيَوِيِّ عَلَى عَدَمِ مُرَاعَاةِ سُنَنِهِ فِي رَبْطِ الْأَسْبَابِ بِالْمُسَبِّبَاتِ ، كَالْفَقْرِ وَالْأَسْقَامِ وَالْأَمْرَاضِ ، دُونَ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ أَوْ غَيْرَهُمْ فَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَا أَمَانَ لَهُمْ ، بَلْ كُلُّ ظَالِمٍ عُرْضَةٌ لِلْعِقَابِ وَإِنْ كَانَ
nindex.php?page=treesubj&link=29693اللَّهُ تَعَالَى لِسِعَةِ رَحْمَتِهِ لَا يُعَاقِبُ كُلَّ [ ص: 484 ] ظَالِمٍ عَلَى كُلِّ ظُلْمٍ ، بَلْ يَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ مِنْ ذُنُوبِ الدُّنْيَا ، وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ فِي الْآخِرَةِ مَا دُونُ الشِّرْكِ بِهِ ، وَهَذَا الْمَعْنَى فِي تَفْسِيرِ الْآيَةِ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ ، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29649الْأَمْنَ الْمُطْلَقَ مِنَ الْخَوْفِ مِنْ عِقَابِ اللَّهِ الدِّينِيِّ وَالدُّنْيَوِيِّ أَوِ الشَّرْعِيِّ وَالْقَدَرِيِّ جَمِيعًا لَا يَصِحُّ لِأَحَدٍ مِنَ الْمُكَلَّفِينَ ، دَعْ خَوْفَ الْهَيْبَةِ وَالْإِجْلَالِ ، الَّذِي يَمْتَازُ بِهِ أَهْلُ الْكَمَالِ ، وَقَدْ صَحَّ إِسْنَادُ الْخَوْفِ إِلَى الْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=50يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ) 16 : 5 (
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=57وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ) 17 : 57 (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=28وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ) 21 : 28 وَهَذَا التَّفْسِيرُ يُؤَيِّدُ قَوْلَ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ ، وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=29649الْأَمْنُ مِنْ عِقَابِ الْآخِرَةِ بِالْفِعْلِ - وَهُوَ النَّجَاةُ مِنْهُ - فَهُوَ ثَابِتٌ لِلْمَلَائِكَةِ وَالْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ ، وَلِكَثِيرٍ مِمَّنْ دُونَهُمْ مِنَ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ذَلِكَ فِي الدُّنْيَا كُلٌّ مِنْهُمْ لِيَبْقَى جَامِعًا بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ . وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُؤْمِنُ فَيَمُوتُ قَبْلَ أَنْ يَظْلِمَ أَحَدًا ، وَقَدْ وَرَدَ حَدِيثٌ فِي إِدْخَالِ مِثْلِ هَذَا فِي مَفْهُومِ الْآيَةِ .
وَأَمَّا مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ فَهُوَ : الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ تَعَالَى وَلَمْ يَخْلِطُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ عَظِيمٍ - وَهُوَ الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ - أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ دُونَ غَيْرِهِمْ مِنَ الْعِقَابِ الدِّينِيِّ الْمُتَعَلِّقِ بِأَصْلِ الدِّينِ وَهُوَ الْخُلُودُ فِي دَارِ الْعَذَابِ ، وَهُمْ فِيمَا دُونَ ذَلِكَ بَيْنَ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ .
وَرُوِيَ عَنْ
عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ أَنَّهُ قَالَ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي
إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمِهِ خَاصَّةً لَيْسَ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ . وَلَعَلَّ مُرَادَهُ أَنَّ اللَّهَ خَصَّ
إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمَهُ بِأَمْنِ مُوَحِّدِهِمْ مِنْ عَذَابِ الْآخِرَةِ مُطْلَقًا لَا أَمْنَ الْخُلُودِ فِيهِ فَقَطْ ، وَلَعَلَّ سَبَبَ هَذَا إِنْ صَحَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُكَلِّفْ قَوْمَ
إِبْرَاهِيمَ شَيْئًا غَيْرَ التَّوْحِيدِ اكْتِفَاءً بِتَرْبِيَةِ شَرَائِعِهِمُ الْمَدَنِيَّةِ الشَّدِيدَةِ لَهُمْ فِي الْأَحْوَالِ الشَّخْصِيَّةِ وَالْأَدَبِيَّةِ وَغَيْرِهَا . وَقَدْ عَثَرَ الْبَاحِثُونَ عَلَى شَرِيعَةِ
حَمُورَابِي الْمَلِكِ الصَّالِحِ الَّذِي كَانَ فِي عَهْدِ
إِبْرَاهِيمَ - وَقَدْ بَارَكَهُ وَأَخَذَ مِنْهُ الْعُشُورَ كَمَا فِي سِفْرِ التَّكْوِينِ - فَإِذَا هِيَ كَالتَّوْرَاةِ فِي أَكْثَرِ أَحْكَامِهَا ، وَأَمَّا فَرْضُ اللَّهِ الْحَجَّ عَلَى لِسَانِ
إِبْرَاهِيمَ فَقَدْ كَانَ فِي قَوْمِ وَلَدِهِ
إِسْمَاعِيلَ لَا فِي قَوْمِهِ
الْكَلْدَانِيِّينَ ، وَأَمَّا هَذِهِ الْأُمَّةُ فَإِنَّ مِنْ مُوَحِّدِيهَا مَنْ يُعَذَّبُونَ بِالْمَعَاصِي عَلَى قَدْرِهَا ; لِأَنَّهُمْ خُوطِبُوا بِشَرِيعَةٍ كَامِلَةٍ يُحَاسَبُونَ عَلَى إِقَامَتِهَا .
هَذَا - وَأَمَّا حَصْرُ الْأَمْنِ فِيمَنْ ذَكَرَ عَلَى الْوَجْهَيْنِ فَيُؤْخَذُ مِنْ تَكْرَارِ الْإِسْنَادِ ثَلَاثًا وَتَقْدِيمِ الْمُسْنَدِ عَلَى الْمُسْنَدِ إِلَيْهِ الثَّالِثِ ، وَلَوْلَا إِرَادَةُ الِاخْتِصَاصِ لَكَانَ الْكَلَامُ هَكَذَا : الْأَمْنُ لِلَّذِينَ
[ ص: 485 ] آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ ، وَلَوْ قِيلَ : لِلَّذِينَ آمَنُوا الْأَمْنُ لَكَانَ آكَدُ ، وَآكَدُ مِنْهُ أَنْ يُقَالَ : الَّذِينَ آمَنُوا . . . لَهُمُ الْأَمْنُ ، وَآكُدُ مِنْ هَذَا نَصُّ الْآيَةِ ، وَأَمَّا كَوْنُ الْمُرَادِ بِالظُّلْمِ هُنَا الظُّلْمُ الْعَظِيمُ مِنْهُ فَقَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ تَنْكِيرُهُ ; وَأَمَّا جَعْلُ هَذَا الظُّلْمِ الْعَظِيمِ خَاصًّا بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُعْلَمُ مِنْ نَصِّ الْآيَةِ ، وَلَكِنَّ السِّيَاقَ وَمَوْضُوعَ الْإِيمَانِ قَدْ يَدُلُّ عَلَيْهِ دَلَالَةً غَيْرَ قَطْعِيَّةٍ لُغَةً كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ ; وَلِذَلِكَ فَهِمَ بَعْضُ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْهُ الْعُمُومَ الْمُطْلَقَ وَهُمْ مِنْ أَهْلِ اللِّسَانِ ، فَأَخْبَرَهُمُ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَهُوَ أَعْلَمُ بِمُرَادِ مَنْ أَنْزَلَهُ عَلَيْهِ - بِمَعْنَاهُ الدَّالِّ عَلَى أَنَّهُ مِنَ الْعَامِّ الَّذِي أُرِيدَ بِهِ الْخَاصُّ ، رَوَى
أَحْمَدُ nindex.php?page=showalam&ids=12070وَالْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=10ابْنِ مَسْعُودٍ nindex.php?page=hadith&LINKID=919738أَنَّ الْآيَةَ لَمَّا نَزَلَتْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ وَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَأَيُّنَا لَمْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ؟ فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : " إِنَّهُ لَيْسَ الَّذِي تَعْنُونَ أَلَمْ تَسْمَعُوا مَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ ( nindex.php?page=tafseer&surano=31&ayano=13إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ) 31 : 13 إِنَّمَا هُوَ الشِّرْكُ " وَرُوِيَ تَفْسِيرُ الظُّلْمِ هُنَا بِالشِّرْكِ عَنْ
أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=11وَابْنِ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=34وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَحُذَيْفَةَ nindex.php?page=showalam&ids=23وَسَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ .