( فصل ) وأما
nindex.php?page=treesubj&link=30836قريظة فكانت أشد اليهود عداوة لرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأغلظهم كفرا ، ولذلك جرى عليهم ما لم يجر على إخوانهم ، وكان سبب غزوهم أن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لما خرج إلى غزوة الخندق والقوم معه صلح جاء
حيي بن أخطب إلى
بني قريظة في ديارهم ، فقال : قد جئتكم بعز الدهر ، جئتكم
بقريش على ساداتها
وغطفان على قاداتها وأنتم أهل الشوكة والسلاح ، فهلم حتى نناجز
محمدا ونفرغ منه فقال له
[ ص: 49 ] رئيسهم : بل جئتني والله بذل الدهر ، جئتني بسحاب قد أراق ماءه فهو يرعد ويبرق . فلم يزل يخادعه ويعده ويمنيه ، حتى أجابه بشرط أن يدخل معه في حصنه يصيبه ما أصابهم ، ففعل ونقضوا عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأظهروا سبه ، فبلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الخبر ، فأرسل يستعلم الأمر فوجدهم قد نقضوا العهد فكبر وقال : ( أبشروا يا معشر المسلمين ) فلما انصرف رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إلى
المدينة فلم يكن إلا أن وضع سلاحه فجاءه
جبريل فقال : وضعت السلاح ، فإن الملائكة لم تضع أسلحتها ،
nindex.php?page=treesubj&link=30832فانهض بمن معك إلى بني قريظة ، فإني سائر أمامك أزلزل بهم حصونهم ، وأقذف في قلوبهم الرعب . فسار
جبرائيل في موكبه من الملائكة ورسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ على أثره في موكبه من
المهاجرين والأنصار .
( فصل ) وأعطى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الراية
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، واستخلف على
المدينة nindex.php?page=showalam&ids=100ابن أم مكتوم ، ونازل حصون
بني قريظة ، وحصرهم خمسا وعشرين ليلة ، ولما اشتد عليهم الحصار عرض عليهم رئيسهم
كعب بن أسد ثلاث خصال : إما أن يسلموا ، ويدخلوا مع
محمد في دينه ، وإما أن يقتلوا ذراريهم ، ويخرجوا إليه بالسيوف مصلتين يناجزونه حتى يظفروا به أو يقتلوا عن آخرهم ، وإما أن يهجموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأصحابه ويكبسوهم يوم السبت ؛ لأنهم قد أمنوا أن يقاتلوهم فيه ، فأبوا عليه أن يجيبوه إلى واحدة منهن ، فبعثوا إليه أن أرسل إلينا
أبا لبابة بن عبد المنذر نستشيره ، فلما رأوه قاموا في وجهه يبكون ، وقالوا : يا
أبا لبابة : كيف ترى لنا أن ننزل على حكم
محمد ؟ فقال : نعم . وأشار بيده إلى حلقه يقول : إنه الذبح ، ثم علم من فوره أنه قد خان الله ورسوله ، فمضى على وجهه ، ولم يرجع إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتى أتى المسجد ، مسجد
المدينة فربط نفسه بسارية المسجد ، وحلف ألا يحله إلا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيده ، وأنه لا يدخل أرض
بني قريظة أبدا فلما بلغ رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ذلك قال : " دعوه حتى يتوب الله عليه " ثم تاب الله عليه وحله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بيده . ثم إنهم نزلوا على حكم رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقامت إليه
الأوس ، فقالوا : يا رسول الله قد فعلت في
بني قينقاع ما قد علمت وهم حلفاء إخواننا
الخزرج ، وهؤلاء موالينا فأحسن فيهم . فقال : "
nindex.php?page=treesubj&link=30833ألا ترضون أن يحكم فيهم رجل منكم ؟ " قالوا : بلى . قال : " فذاك إلى nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ " قالوا : قد رضينا ، فأرسل إلى
nindex.php?page=showalam&ids=307سعد بن معاذ وكان في
المدينة لم يخرج معهم لجرح كان به ، فركب حمارا وجاء إلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فجعلوا يقولون
[ ص: 50 ] له وهم كنفيه : يا
سعد أجمل إلى مواليك ، فأحسن فيهم فإن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد حكمك فيهم لتحسن فيهم ، وهو ساكت لا يرجع إليهم شيئا ، فلما أكثروا عليه قال : لقد آن
لسعد ألا تأخذه في الله لومة لائم . فلما سمعوا ذلك منه رجع بعضهم إلى
المدينة فنعى إليهم القوم ، فلما انتهى إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال للصحابة : " قوموا إلى سيدكم " فلما أنزلوه . قالوا : يا
سعد ، هؤلاء القوم نزلوا على حكمك . قال : وحكمي نافذ عليهم ؟ قالوا : نعم . قال : وعلى المسلمين ؟ قالوا : نعم . قال : وعلى من هاهنا ؟ وأعرض بوجهه وأشار إلى ناحية رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إجلالا له وتعظيما ، قال : " نعم وعلي " قال : فإني أحكم فيهم أن يقتل الرجال وتسبى الذرية وتقسم الأموال . فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920172لقد حكمت فيهم بحكم الله من فوق سبع سماوات " وأسلم منهم تلك الليلة نفر قبل النزول . وهرب
nindex.php?page=showalam&ids=16694عمرو بن سعد فانطلق فلم يعلم أين ذهب ، وكان قد أبى الدخول معهم في نقض العهد ، فلما حكم فيهم بذلك أمر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بقتل كل من جرت عليه الموسى منهم ، ومن لم ينبت ألحق بالذرية ، فحفر لهم خنادق في سوق
المدينة وضرب أعناقهم ، وكانوا ما بين الستمائة إلى السبعمائة ، ولم يقتل من النساء أحدا سوى امرأة واحدة كانت طرحت على رأس
سويد بن الصامت رحى فقتلته " انتهى المراد من فصول الهدي بحروفه مع حذف بعض المسائل كصلاة العصر في قريظة .
وروى
مسلم من حديث
عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنه ـ
nindex.php?page=hadith&LINKID=920173أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأجلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ بني النضير ، وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نساءهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين . إلا أن بعضهم لحقوا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فآمنهم وأسلموا . وأجلى رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يهود المدينة كلهم بني قينقاع ( وهم قوم nindex.php?page=showalam&ids=106عبد الله بن سلام ) ويهود بني حارثة ، وكل يهودي كان في المدينة اهـ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاق الله فإن الله شديد العقاب ( 59 : 3 و4 ) .
ثم إن كل هذا لم يعظ يهود
خيبر ، ولم يزجرهم عن عداوة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ والكيد له ، بل كان من أمرهم السعي لتأليف الأحزاب من جميع القبائل لقتاله من قبل من لجأ إليهم من
بني النضير كما تقدم ، فكانوا
nindex.php?page=treesubj&link=29326سبب غزوة الخندق التي زلزل المؤمنون فيها زلزالا شديدا كما وصفه الله تعالى في سورة الأحزاب ، وسنحت للمؤمنين فرصة الاستراحة من شرهم بعد صلح المشركين في
الحديبية في ذي القعدة سنة ست ، فغزاهم
[ ص: 51 ] رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فأظفره الله بهم بعد حصار شديد لحصونهم ، وكان ذلك في المحرم سنة سبع . وبذلك زالت قوة
اليهود من بلاد
الحجاز كلها .
هذا وإنه لما كان ما كان من أمر
اليهود مما تقدم شرحه ، أمر الله عز وجل رسوله بإجلاء من بقي في ذمته منهم وإن كانوا راضين بحكم الإسلام ، وقد كان من عدله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ورحمته بهم بعد غزوة
خيبر أن نصح للباقين منهم قبل إجلائهم ببيع أموالهم وإحراز أثمانها ، فقد روى الشيخان وغيرهما - واللفظ
nindex.php?page=showalam&ids=12070للبخاري - من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : بينما نحن في المسجد إذ خرج علينا رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003418 " انطلقوا بنا إلى اليهود " فخرجنا معه حتى جئنا بيت المدراس ، فقام النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فناداهم : " nindex.php?page=treesubj&link=7981يا معشر يهود أسلموا تسلموا " فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم . فقال : " ذلك أريد " ثم قالها الثانية ، فقالوا : قد بلغت يا أبا القاسم ، ثم قال في الثالثة : " اعلموا أن الأرض لله ورسوله وإني أريد أن أجليكم ، فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله " اهـ .
قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ذلك أريد " معناه أريد اعترافكم بأنني بلغت دعوة ربي لا أن أكرهكم على الإسلام ، وإن إيذائي إياكم بالجلاء لا بد أن يكون بعد قيام الحجة عليكم ببلوغ الدعوة وعدم إجابتها ، وقوله : " إن الأرض لله ورسوله " معناه أنها لله ملكا وحكما ولرسوله تنفيذا للحكم وتصرفا في الأرض بأمره .
وبعد هذه العبر أمر النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بإجلاء
اليهود والنصارى من جزيرة العرب ، وبألا يبقى فيها دينان ، بل لهذا سر ظهر للعيان في هذه الأزمان ، وهو ما أشار إليه النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في مثل قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920175nindex.php?page=treesubj&link=30681إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها رواه الشيخان من حديث أبي هريرة ، وقوله وهو أوضح :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920176nindex.php?page=treesubj&link=30206إن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها رواه
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
عمرو بن عوف المزني بلفظ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920177إن الدين ليأرز إلى الحجاز كما تأرز الحية إلى جحرها وليعقلن الدين من الحجاز معقل الأروية من رأس الجبل " إلخ . وروى
أحمد والشيخان من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصى عند موته بثلاث ( أولها ) : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920178أخرجوا المشركين من جزيرة العرب " وروى
أحمد ومسلم nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
عمر أنه سمع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920179لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع فيها إلا مسلما " وروى
أحمد من حديث
عائشة قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920180آخر ما عهد به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن قال : nindex.php?page=treesubj&link=30475لا يبرك بجزيرة العرب [ ص: 52 ] دينان وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=5أبي عبيدة عامر بن الجراح قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920181آخر ما تكلم به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب " قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : جزيرة العرب التي أخرج
عمر منها
اليهود والنصارى مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها ، فأما
اليمن فليس من جزيرة العرب اهـ . أي ليس من الجزيرة المرادة بالحديث ؛ لأن
عمر المنفذ للوصية النبوية لم يخرج
اليهود منه ، فبهذا خصوا لفظ الجزيرة
بالحجاز ، ومنه أرض
خيبر فإن
عمر أجلاهم منها . ويقول بعض العلماء بعموم الأحاديث وليس هذا المحل محل تحقيقه .
( فَصْلٌ ) وَأَمَّا
nindex.php?page=treesubj&link=30836قُرَيْظَةُ فَكَانَتْ أَشَدَّ الْيَهُودِ عَدَاوَةً لِرَسُولِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَغْلَظَهُمْ كُفْرًا ، وَلِذَلِكَ جَرَى عَلَيْهِمْ مَا لَمْ يَجْرِ عَلَى إِخْوَانِهِمْ ، وَكَانَ سَبَبُ غَزْوِهِمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ لَمَّا خَرَجَ إِلَى غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَالْقَوْمُ مَعَهُ صُلْحٌ جَاءَ
حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ إِلَى
بَنِي قُرَيْظَةَ فِي دِيَارِهِمْ ، فَقَالَ : قَدْ جِئْتُكُمْ بِعِزِّ الدَّهْرِ ، جِئْتُكُمْ
بِقُرَيْشٍ عَلَى سَادَاتِهَا
وَغَطَفَانَ عَلَى قَادَاتِهَا وَأَنْتُمْ أَهْلُ الشَّوْكَةِ وَالسِّلَاحِ ، فَهَلُمَّ حَتَّى نُنَاجِزَ
مُحَمَّدًا وَنَفْرُغَ مِنْهُ فَقَالَ لَهُ
[ ص: 49 ] رَئِيسُهُمْ : بَلْ جِئْتَنِي وَاللَّهِ بِذُلِّ الدَّهْرِ ، جِئْتَنِي بِسَحَابٍ قَدْ أَرَاقَ مَاءَهُ فَهُوَ يَرْعَدُ وَيَبْرُقُ . فَلَمْ يَزَلْ يُخَادِعُهُ وَيَعِدُهُ وَيُمَنِّيهِ ، حَتَّى أَجَابَهُ بِشَرْطِ أَنْ يَدْخُلَ مَعَهُ فِي حِصْنِهِ يُصِيبُهُ مَا أَصَابَهُمْ ، فَفَعَلَ وَنَقَضُوا عَهْدَ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَظْهَرُوا سَبَّهُ ، فَبَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الْخَبَرُ ، فَأَرْسَلَ يَسْتَعْلِمُ الْأَمْرَ فَوَجَدَهُمْ قَدْ نَقَضُوا الْعَهْدَ فَكَبَّرَ وَقَالَ : ( أَبْشِرُوا يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ) فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَكُنْ إِلَّا أَنْ وَضَعَ سِلَاحَهُ فَجَاءَهُ
جِبْرِيلُ فَقَالَ : وَضَعْتَ السِّلَاحَ ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَمْ تَضَعْ أَسْلِحَتَهَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=30832فَانْهَضْ بِمَنْ مَعَكَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ ، فَإِنِّي سَائِرٌ أَمَامَكَ أُزَلْزِلُ بِهِمْ حُصُونَهُمْ ، وَأَقْذِفُ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ . فَسَارَ
جِبْرَائِيلُ فِي مَوْكِبِهِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَرَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ عَلَى أَثَرِهِ فِي مَوْكِبِهِ مِنَ
الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ .
( فَصْلٌ ) وَأَعْطَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ الرَّايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=8عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى
الْمَدِينَةِ nindex.php?page=showalam&ids=100ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ ، وَنَازَلَ حُصُونَ
بَنِي قُرَيْظَةَ ، وَحَصَرَهُمْ خَمْسًا وَعِشْرِينَ لَيْلَةً ، وَلَمَّا اشْتَدَّ عَلَيْهِمُ الْحِصَارُ عَرَضَ عَلَيْهِمْ رَئِيسُهُمْ
كَعْبُ بْنُ أَسَدٍ ثَلَاثَ خِصَالٍ : إِمَّا أَنْ يُسْلِمُوا ، وَيَدْخُلُوا مَعَ
مُحَمَّدٍ فِي دِينِهِ ، وَإِمَّا أَنْ يَقْتُلُوا ذَرَارِيهِمْ ، وَيَخْرُجُوا إِلَيْهِ بِالسُّيُوفِ مُصْلَتِينَ يُنَاجِزُونَهُ حَتَّى يَظْفَرُوا بِهِ أَوْ يُقْتَلُوا عَنْ آخِرِهِمْ ، وَإِمَّا أَنْ يَهْجُمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَأَصْحَابِهِ وَيَكْبِسُوهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ ؛ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَمِنُوا أَنْ يُقَاتِلُوهُمْ فِيهِ ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ أَنْ يُجِيبُوهُ إِلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ، فَبَعَثُوا إِلَيْهِ أَنْ أَرْسِلْ إِلَيْنَا
أَبَا لُبَابَةَ بْنَ عَبْدِ الْمُنْذِرِ نَسْتَشِيرُهُ ، فَلَمَّا رَأَوْهُ قَامُوا فِي وَجْهِهِ يَبْكُونَ ، وَقَالُوا : يَا
أَبَا لُبَابَةَ : كَيْفَ تَرَى لَنَا أَنْ نَنْزِلَ عَلَى حُكْمِ
مُحَمَّدٍ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ . وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ يَقُولُ : إِنَّهُ الذَّبْحُ ، ثُمَّ عَلِمَ مِنْ فَوْرِهِ أَنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، فَمَضَى عَلَى وَجْهِهِ ، وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ حَتَّى أَتَى الْمَسْجِدَ ، مَسْجِدَ
الْمَدِينَةِ فَرَبَطَ نَفْسَهُ بِسَارِيَةِ الْمَسْجِدِ ، وَحَلَفَ أَلَّا يَحِلَّهُ إِلَّا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِيَدِهِ ، وَأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ أَرْضَ
بَنِي قُرَيْظَةَ أَبَدًا فَلَمَّا بَلَغَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ ذَلِكَ قَالَ : " دَعَوْهُ حَتَّى يَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ " ثُمَّ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَحَلَّهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِيَدِهِ . ثُمَّ إِنَّهُمْ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَامَتْ إِلَيْهِ
الْأَوْسُ ، فَقَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ فَعَلْتَ فِي
بَنِي قَيْنُقَاعَ مَا قَدْ عَلِمْتَ وَهُمْ حُلَفَاءُ إِخْوَانِنَا
الْخَزْرَجِ ، وَهَؤُلَاءِ مَوَالِينَا فَأَحْسِنْ فِيهِمْ . فَقَالَ : "
nindex.php?page=treesubj&link=30833أَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَحْكُمَ فِيهِمْ رَجُلٌ مِنْكُمْ ؟ " قَالُوا : بَلَى . قَالَ : " فَذَاكَ إِلَى nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ " قَالُوا : قَدْ رَضِينَا ، فَأَرْسَلَ إِلَى
nindex.php?page=showalam&ids=307سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَكَانَ فِي
الْمَدِينَةِ لَمْ يَخْرُجْ مَعَهُمْ لِجُرْحٍ كَانَ بِهِ ، فَرَكِبَ حِمَارًا وَجَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ
[ ص: 50 ] لَهُ وَهُمْ كَنَفَيْهِ : يَا
سَعْدُ أَجْمِلْ إِلَى مَوَالِيكَ ، فَأَحْسِنْ فِيهِمْ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَدْ حَكَّمَكَ فِيهِمْ لِتُحْسِنَ فِيهِمْ ، وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا عَلَيْهِ قَالَ : لَقَدْ آنَ
لِسَعْدٍ أَلَّا تَأْخُذَهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ . فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ مِنْهُ رَجَعَ بَعْضُهُمْ إِلَى
الْمَدِينَةِ فَنَعَى إِلَيْهِمُ الْقَوْمَ ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى النَّبِيِّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ قَالَ لِلصَّحَابَةِ : " قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ " فَلَمَّا أَنْزَلُوهُ . قَالُوا : يَا
سَعْدُ ، هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكِ . قَالَ : وَحُكْمِي نَافِذٌ عَلَيْهِمْ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ ؟ قَالُوا : نَعَمْ . قَالَ : وَعَلَى مَنْ هَاهُنَا ؟ وَأَعْرَضَ بِوَجْهِهِ وَأَشَارَ إِلَى نَاحِيَةِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ إِجْلَالًا لَهُ وَتَعْظِيمًا ، قَالَ : " نَعَمْ وَعَلَيَّ " قَالَ : فَإِنِّي أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ يُقْتَلَ الرِّجَالُ وَتُسْبَى الذُّرِّيَّةُ وَتُقَسَّمَ الْأَمْوَالُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920172لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ " وَأَسْلَمَ مِنْهُمْ تِلْكَ اللَّيْلَةَ نَفَرٌ قَبْلَ النُّزُولِ . وَهَرَبَ
nindex.php?page=showalam&ids=16694عَمْرُو بْنُ سَعْدٍ فَانْطَلَقَ فَلَمْ يُعْلَمْ أَيْنَ ذَهَبَ ، وَكَانَ قَدْ أَبَى الدُّخُولَ مَعَهُمْ فِي نَقْضِ الْعَهْدِ ، فَلَمَّا حُكِمَ فِيهِمْ بِذَلِكَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِقَتْلِ كُلِّ مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ الْمُوسَى مِنْهُمْ ، وَمَنْ لَمْ يَنْبُتْ أُلْحِقَ بِالذُّرِّيَّةِ ، فَحَفَرَ لَهُمْ خَنَادِقَ فِي سُوقِ
الْمَدِينَةِ وَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ ، وَكَانُوا مَا بَيْنَ السِّتِّمِائَةِ إِلَى السَّبْعِمِائَةِ ، وَلَمْ يَقْتُلْ مِنَ النِّسَاءِ أَحَدًا سِوَى امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ كَانَتْ طَرَحَتْ عَلَى رَأْسِ
سُوَيْدِ بْنِ الصَّامِتِ رَحًى فَقَتَلَتْهُ " انْتَهَى الْمُرَادُ مِنْ فُصُولِ الْهَدْيِ بِحُرُوفِهِ مَعَ حَذْفِ بَعْضِ الْمَسَائِلِ كَصَلَاةِ الْعَصْرِ فِي قُرَيْظَةَ .
وَرَوَى
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ـ
nindex.php?page=hadith&LINKID=920173أَنَّ يَهُودَ بَنِي النَّضِيرِ وَقُرَيْظَةَ حَارَبُوا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بَنِي النَّضِيرِ ، وَأَقَرَّ قُرَيْظَةَ وَمَنْ عَلَيْهِمْ حَتَّى حَارَبَتْ قُرَيْظَةُ بَعْدَ ذَلِكَ فَقَتَلَ رِجَالَهُمْ وَقَسَّمَ نِسَاءَهُمْ وَأَوْلَادَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ . إِلَّا أَنْ بَعْضَهُمْ لَحِقُوا رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَآمَنَهُمْ وَأَسْلَمُوا . وَأَجْلَى رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَهُودَ الْمَدِينَةِ كُلَّهُمْ بَنِي قَيْنُقَاعَ ( وَهُمْ قَوْمُ nindex.php?page=showalam&ids=106عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ ) وَيَهُودَ بَنِي حَارِثَةَ ، وَكُلَّ يَهُودِيٍّ كَانَ فِي الْمَدِينَةِ اهـ .
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=3وَلَوْلَا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلَاءَ لَعَذَّبَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابُ النَّارِ nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=4ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِّ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ( 59 : 3 و4 ) .
ثُمَّ إِنَّ كُلَّ هَذَا لَمْ يَعِظْ يَهُودَ
خَيْبَرَ ، وَلَمْ يَزْجُرْهُمْ عَنْ عَدَاوَةِ رَسُولِ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَالْكَيْدِ لَهُ ، بَلْ كَانَ مِنْ أَمْرِهِمُ السَّعْيُ لِتَأْلِيفِ الْأَحْزَابِ مِنْ جَمِيعِ الْقَبَائِلِ لِقِتَالِهِ مِنْ قِبَلِ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِمْ مِنْ
بَنِي النَّضِيرِ كَمَا تَقَدَّمَ ، فَكَانُوا
nindex.php?page=treesubj&link=29326سَبَبَ غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ الَّتِي زُلْزِلَ الْمُؤْمِنُونَ فِيهَا زِلْزَالًا شَدِيدًا كَمَا وَصَفَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْأَحْزَابِ ، وَسَنَحَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ فُرْصَةُ الِاسْتِرَاحَةِ مِنْ شَرِّهِمْ بَعْدَ صُلْحِ الْمُشْرِكِينَ فِي
الْحُدَيْبِيَةِ فِي ذِي الْقَعْدَةِ سَنَةَ سِتٍّ ، فَغَزَاهُمْ
[ ص: 51 ] رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَأَظْفَرَهُ اللَّهُ بِهِمْ بَعْدَ حِصَارٍ شَدِيدٍ لِحُصُونِهِمْ ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ سَبْعٍ . وَبِذَلِكَ زَالَتْ قُوَّةُ
الْيَهُودِ مِنْ بِلَادِ
الْحِجَازِ كُلِّهَا .
هَذَا وَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ مَا كَانَ مَنْ أَمْرِ
الْيَهُودِ مِمَّا تَقَدَّمَ شَرْحُهُ ، أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ بِإِجْلَاءِ مَنْ بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ مِنْهُمْ وَإِنْ كَانُوا رَاضِينَ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ ، وَقَدْ كَانَ مِنْ عَدْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَرَحْمَتِهِ بِهِمْ بَعْدَ غَزْوَةِ
خَيْبَرَ أَنْ نَصَحَ لِلْبَاقِينَ مِنْهُمْ قَبْلَ إِجْلَائِهِمْ بِبَيْعِ أَمْوَالِهِمْ وَإِحْرَازِ أَثْمَانِهَا ، فَقَدْ رَوَى الشَّيْخَانِ وَغَيْرُهُمَا - وَاللَّفْظُ
nindex.php?page=showalam&ids=12070لِلْبُخَارِيِّ - مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : بَيْنَمَا نَحْنُ فِي الْمَسْجِدِ إِذْ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَقَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=2003418 " انْطَلِقُوا بِنَا إِلَى الْيَهُودِ " فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى جِئْنَا بَيْتَ الْمِدْرَاسِ ، فَقَامَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فَنَادَاهُمْ : " nindex.php?page=treesubj&link=7981يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا " فَقَالُوا : قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ . فَقَالَ : " ذَلِكَ أُرِيدُ " ثُمَّ قَالَهَا الثَّانِيَةَ ، فَقَالُوا : قَدْ بَلَّغْتَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ : " اعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُجْلِيَكُمْ ، فَمَنْ وَجَدَ مِنْكُمْ بِمَالِهِ شَيْئًا فَلْيَبِعْهُ وَإِلَّا فَاعْلَمُوا أَنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ " اهـ .
قَوْلُهُ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ " ذَلِكَ أُرِيدُ " مَعْنَاهُ أُرِيدُ اعْتِرَافَكُمْ بِأَنَّنِي بَلَّغْتُ دَعْوَةَ رَبِّي لَا أَنْ أُكْرِهَكُمْ عَلَى الْإِسْلَامِ ، وَإِنَّ إِيذَائِي إِيَّاكُمْ بِالْجَلَاءِ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْكُمْ بِبُلُوغِ الدَّعْوَةِ وَعَدَمِ إِجَابَتِهَا ، وَقَوْلُهُ : " إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ " مَعْنَاهُ أَنَّهَا لِلَّهِ مِلْكًا وَحُكْمًا وَلِرَسُولِهِ تَنْفِيذًا لِلْحُكْمِ وَتَصَرُّفًا فِي الْأَرْضِ بِأَمْرِهِ .
وَبَعْدَ هَذِهِ الْعِبَرِ أَمَرَ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ بِإِجْلَاءِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَبِأَلَّا يَبْقَى فِيهَا دِينَانِ ، بَلْ لِهَذَا سِرٌّ ظَهَرَ لِلْعِيَانِ فِي هَذِهِ الْأَزْمَانِ ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ فِي مِثْلِ قَوْلِهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920175nindex.php?page=treesubj&link=30681إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْمَدِينَةِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَوْضَحُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920176nindex.php?page=treesubj&link=30206إِنَّ الْإِسْلَامَ بَدَأَ غَرِيبًا وَسَيَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ وَهُوَ يَأْرِزُ بَيْنَ الْمَسْجِدَيْنِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ فِي جُحْرِهَا رَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=12ابْنِ عُمَرَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ
عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيِّ بِلَفْظِ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920177إِنَّ الدِّينَ لَيَأْرِزُ إِلَى الْحِجَازِ كَمَا تَأْرِزُ الْحَيَّةُ إِلَى جُحْرِهَا وَلَيَعْقِلَنَّ الدِّينُ مِنَ الْحِجَازِ مَعْقِلَ الْأُرْوِيَّةِ مِنْ رَأْسِ الْجَبَلِ " إِلَخْ . وَرَوَى
أَحْمَدُ وَالشَّيْخَانِ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِيَّ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ وَصَّى عِنْدَ مَوْتِهِ بِثَلَاثٍ ( أَوَّلِهَا ) : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=920178أَخْرِجُوا الْمُشْرِكِينَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ " وَرَوَى
أَحْمَدُ وَمُسْلِمٌ nindex.php?page=showalam&ids=13948وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ
عُمَرَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ يَقُولُ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920179لَأُخْرِجَنَّ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ حَتَّى لَا أَدَعَ فِيهَا إِلَّا مُسْلِمًا " وَرَوَى
أَحْمَدُ مِنْ حَدِيثِ
عَائِشَةَ قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920180آخِرُ مَا عَهِدَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ أَنْ قَالَ : nindex.php?page=treesubj&link=30475لَا يَبْرُكُ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ [ ص: 52 ] دِينَانِ وَرُوِيَ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=5أَبِي عُبَيْدَةَ عَامِرِ بْنِ الْجَرَّاحِ قَالَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=920181آخِرُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ـ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ـ : أَخْرِجُوا يَهُودَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَأَهْلِ نَجْرَانَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ " قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيُّ : جَزِيرَةُ الْعَرَبِ الَّتِي أَخْرَجَ
عُمَرُ مِنْهَا
الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى مَكَّةُ وَالْمَدِينَةُ وَالْيَمَامَةُ وَمُخَالِيفِهَا ، فَأَمَّا
الْيَمَنُ فَلَيْسَ مِنْ جَزِيرَةِ الْعَرَبِ اهـ . أَيْ لَيْسَ مِنَ الْجَزِيرَةِ الْمُرَادَةِ بِالْحَدِيثِ ؛ لِأَنَّ
عُمَرَ الْمُنَفِّذُ لِلْوَصِيَّةِ النَّبَوِيَّةِ لَمْ يُخْرِجِ
الْيَهُودَ مِنْهُ ، فَبِهَذَا خَصُّوا لَفْظَ الْجَزِيرَةِ
بِالْحِجَازِ ، وَمِنْهُ أَرْضُ
خَيْبَرَ فَإِنَّ
عُمَرَ أَجْلَاهُمْ مِنْهَا . وَيَقُولُ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ بِعُمُومِ الْأَحَادِيثِ وَلَيْسَ هَذَا الْمَحِلُّ مَحِلَّ تَحْقِيقِهِ .