فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق الغسل ، بالفتح : إسالة الماء على الشيء ، والغرض منه إزالة ما على الشيء من وسخ وغيره مما يراد تنظيفه منه ، والوجوه : جمع وجه ، وحده من أعلى تسطيح الجبهة إلى أسفل اللحيين طولا ، ومن شحمة الأذن إلى شحمة الأذن عرضا ، والأيدي : جمع يد ، وهي الجارحة التي تبطش وتعمل بها ، وحدها في الوضوء من رؤوس الأصابع إلى المرافق ، وهو ( بفتح الميم والفاء ، وبكسر الميم وفتح الفاء ، وبالعكس ) وأعلى الذراع وأسفل العضد .
فالفرض الأول من ، وهل يعد باطن الفم والأنف منه ; [ ص: 184 ] فيجب غسلهما بالمضمضة والاستنشاق والاستنثار ، أم ليسا منه ، فيحمل ما ورد من أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بها ، والتزامه إياها ، على الندب ؟ ذهب جمهور فقهاء الأمصار إلى أن ذلك سنة ، أعمال الوضوء : غسل الوجه وأحمد وإسحاق وأبو عبيد وأبو ثور وابن المنذر وبعض فقهاء أهل البيت ، إلى أنه واجب ، واستدلوا بأنها من الوجه ، وبالأحاديث المتفق عليها في الأمر بذلك والتزامه ، وهو سبب التزام المسلمين ذلك ، من الصدر الأول إلى الآن ، : إدارة الماء وتحريكه في الفم ، والمضمضة : إدخال الماء في الأنف ، والاستنشاق : إخراجه منه بالنفس ، وليس للقائلين بعدم وجوب ما ذكر دليل به في معارضة أدلة الوجوب . والاستنثار
قال في نيل الأوطار : قال الحافظ ابن حجر في الفتح : " وذكر ابن المنذر أن لم يحتج على عدم وجوب الاستنشاق مع صحة الأمر به ، إلا بكونه لا يعلم خلافا في أن تاركه لا يعيد ، وهذا دليل فقهي ; فإنه لا يحفظ ذلك عن أحد من الصحابة والتابعين ، إلا عن الشافعي عطاء ، وهكذا ذكر في المحلى " انتهى . ابن حزم
أقول : إن الذين يصح جعل تركهم حجة في هذا الباب ، هم الصحابة ، ولم ينقل عنهم ترك المضمضة والاستنشاق حتى يبحث في إعادتهما ، وحديث ( المضمضة والاستنشاق سنة ) . . . إلخ الذي رواه عن الدارقطني مرفوعا ، ضعيف ، على أن السنة في كلامهم : هي الطريقة المتبعة ، وهو المعنى اللغوي ، فلو صح لكان جعله من أدلة الوجوب أظهر . ابن عباس