الخطاب في هذه الآية بقوله : وإذا طلقتم وبقوله : فلا تعضلوهن إما أن يكون للأزواج ، ويكون منهم أن يمنعوهن من أن يتزوجن من أردن من الأزواج بعد انقضاء عدتهن لحمية الجاهلية ، كما يقع كثيرا من الخلفاء والسلاطين غيرة على من كن تحتهم من النساء أن يصرن تحت غيرهم ، لأنهم لما نالوه من رياسة الدنيا وما صاروا فيه من النخوة والكبرياء يتخيلون أنهم قد خرجوا من جنس بني آدم إلا من عصمه الله منهم بالورع والتواضع ، وإما أن يكون الخطاب للأولياء ، ويكون معنى إسناد الطلاق إليهم أنهم سبب له لكونهم المزوجين للنساء المطلقات من الأزواج المطلقين لهن . معنى العضل
وبلوغ الأجل المذكور هنا المراد به المعنى الحقيقي : أي نهايته لا كما سبق في الآية الأولى .
والعضل : الحبس .
وحكى الخليل : دجاجة معضلة قد احتبس بيضها ، وقيل : العضل التضييق والمنع ، وهو راجع إلى معنى الحبس ، يقال : أردت أمرا فعضلتني عنه ، أي منعتني وضيقت علي ، وأعضل الأمر : إذا ضاقت عليك فيه الحيل .
وقال الأزهري : أصل العضل من قولهم عضلت الناقة : إذا نشب ولدها فلم يسهل خروجه ، وعضلت الدجاجة : نشب بيضها ، وكل مشكل عند العرب معضل ، ومنه قول رحمه الله : الشافعي
إذا المعضلات تصدين لي كشفت خفاء لها بالنظر
ويقال أعضل الأمر : إذا اشتد ، وداء عضال : أي شديد عسير البرء أعيا الأطباء ، وعضل فلان آيمه : أي منعها . يعضلها بالضم والكسر لغتان .وقوله : أن ينكحن أي من أن ينكحن فمحله الجر عند الخليل ، والنصب عند سيبويه وقيل : هو بدل اشتمال من الضمير المنصوب في قوله : والفراء ، فلا تعضلوهن .
وقوله : أزواجهن إن أريد به المطلقون لهن فهو مجاز باعتبار ما كان ، وإن أريد به من يردن أن يتزوجنه فهو مجاز باعتبار ما سيكون .
وقوله : ذلك إشارة إلى ما فصل من الأحكام ، وإنما أفرد مع كون المذكور قبله جمعا حملا على معنى الجمع بتأويله بالفريق ونحوه .
وقوله : ذلكم محمول على لفظ الجمع ، خالف سبحانه ما بين الإشارتين افتنانا .
وقوله : أزكى أي أنمى وأنفع وأطهر من الأدناس والله يعلم ما لكم فيه الصلاح وأنتم لا تعلمون ذلك .
وقد أخرج وأهل السنن وغيرهم عن البخاري معقل بن [ ص: 157 ] يسار قال : كانت لي أخت فأتاني ابن عم فأنكحتها إياه ، فكانت عنده ما كانت ، ثم طلقها تطليقة لم يراجعها حتى انقضت العدة ، فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقلت له : يا لكع أكرمتك بها وزوجتكها فطلقتها ثم جئت تخطبها ، والله لا ترجع إليك أبدا ، وكان رجلا لا بأس به ، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه ، فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها فأنزل الله وإذا طلقتم النساء الآية .
قال : ففي نزلت هي الآية ، فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه .
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قال : نزلت هذه الآية في الرجل يطلق امرأته طلقة أو طلقتين فتنقضي عدتها ثم يبدو له تزويجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك ، فمنعها وليها من ذلك ، فنهى الله أن يمنعوها . ابن عباس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قال : نزلت هذه الآية في السدي كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة وانقضت عدتها ، فأراد مراجعتها جابر بن عبد الله الأنصاري ، فأبى جابر ، فقال : طلقت بنت عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية ، وكانت المرأة تريد زوجها ، فأنزل الله وإذا طلقتم النساء .
وأخرج عن ابن أبي حاتم مقاتل إذا تراضوا بينهم بالمعروف يعني بمهر وبينة ونكاح مؤتنف .
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن قال : ابن عمر . قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أنكحوا الأيامى ، فقال رجل : يا رسول الله ما العلائق بينهم ؟ قال : ما تراضى عليه أهلهن
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : والله يعلم وأنتم لا تعلمون قال : الله يعلم من حب كل واحد منهما لصاحبه ما لا تعلم أنت أيها الولي .