هي مائة وثلاثون آية ، وقيل : مائة وسبع وعشرون آية ، ولها أسماء : منها  سورة التوبة  ؛ لأن فيها التوبة على المؤمنين ، وتسمى الفاضحة لأنه ما زال ينزل فيها : ومنهم ، ومنهم حتى كادت أن لا تدع أحدا ، وتسمى البحوث لأنها تبحث عن أسرار المنافقين ، وتسمى المبعثرة ، والبعثرة البحث ، وتسمى أيضا بأسماء أخر كالمقشقشة ، لكونها تقشقش من النفاق : أي تبرئ منه ، والمخزية لكونها أخزت المنافقين ، والمثيرة لكونها تثير أسرارهم ، والحافرة لكونها تحفر عنها ، والمنكلة لما فيها من التنكيل لهم ، والمدمدمة لأنها تدمدم عليهم .  
وهي مدنية . قال القرطبي  باتفاق . 
وأخرج أبو الشيخ  ، عن  ابن عباس  ، قال : نزلت " براءة " بعد فتح مكة      . 
وأخرج ابن مردويه  ، عنه قال : نزلت سورة التوبة بالمدينة     . 
وأخرج ابن مردويه  ، عن عبد الله بن الزبير  نحوه . 
وأخرج ابن المنذر  ، عن قتادة  ، نحوه أيضا . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ،  والبخاري  ،  والنسائي  ،  وابن الضريس  وابن المنذر  ، والنحاس  ، وأبو الشيخ  ، وابن مردويه  ، عن البراء  قال : آخر آية نزلت : يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة      ( النساء : 176 ) وآخر سورة تامة " براءة " . 
وقد اختلف العلماء في  سبب سقوط البسملة من أولها  على أقوال : 
الأول : عن  المبرد  وغيره : أنه كان من شأن العرب إذا كان بينهم وبين قوم عهد ، فإذا أرادوا نقضه كتبوا إليهم كتابا ولم يكتبوا فيه بسملة ، فلما نزلت براءة بنقض العهد الذي كان بين النبي - صلى الله عليه وسلم - والمشركين ، بعث بها النبي - صلى الله عليه وسلم -     [ ص: 554 ]  علي بن أبي طالب  فقرأها عليهم ولم يبسمل في ذلك على ما جرت به عادة العرب .  
وأخرج أبو الشيخ  ، وابن مردويه  ، عن  ابن عباس  ، قال : سألت  علي بن أبي طالب   لم لا تكتب في " براءة " بسم الله الرحمن الرحيم ؟ قال : لأن " بسم الله الرحمن الرحيم " أمان ، و " براءة " نزلت بالسيف     . 
وأخرج  ابن أبي شيبة  ، وأحمد  ، وأبو داود   والترمذي  ، وحسنه  والنسائي  ، والحاكم  وصححه عن  ابن عباس  ، قال : قلت  لعثمان بن عفان     : ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني ، وإلى " براءة " وهي من المئين ، فقرنتم بينهما ولم تكتبوا بينهما سطر " بسم الله الرحمن الرحيم " ووضعتموها في السبع الطوال ما حملكم على ذلك ؟ فقال  عثمان    : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مما يأتي عليه الزمان وهو ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء دعا بعض من كان يكتب فيقول : ضعوا هؤلاء الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا ، وكانت الأنفال من أوائل ما نزل بالمدينة ، وكانت " براءة " من آخر القرآن نزولا ، وكانت قصتها شبيهة بقصتها فظننت أنها منها ، وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يبين لنا أنها منها ، فمن أجل ذلك قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطر " بسم الله الرحمن الرحيم " ووضعتها في السبع الطوال     . 
وأخرج أبو الشيخ  ، عن أبي رجاء  قال : سألت الحسن  عن الأنفال و " براءة " أسورتان أو سورة ؟ قال : سورتان .  
وأخرج أبو عبيد  وابن المنذر  ، وأبو الشيخ  ، وابن مردويه  ، عن حذيفة  قال : يسمون هذه السورة سورة التوبة ، وهي سورة العذاب     . 
وأخرج هؤلاء عن  ابن عباس  ، قال في هذه السورة : هي الفاضحة ما زالت تنزل ، ومنهم حتى ظننا أنه لا يبقى منا أحد إلا ذكر فيها     . 
وأخرج أبو الشيخ  ، عن عمر  نحوه . 
وأخرج أبو الشيخ  ، وابن مردويه  ، عن  زيد بن أسلم  أن رجلا قال  لعبد الله بن عمر   سورة التوبة ، فقال  ابن عمر    : وأيتهن سورة التوبة ؟ ثم قال : وهل فعل بالناس الأفاعيل إلا هي ؟ ما كنا ندعوها إلا المقشقشة     . 
وأخرج ابن مردويه  ، عن  ابن مسعود  قال : يسمونها سورة التوبة ، وإنها لسورة عذاب     . 
وأخرج ابن المنذر  ، عن  ابن إسحاق  ، قال : كانت " براءة " تسمى في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبعده المبعثرة ؛ لما كشفت من سرائر الناس     . 
وأخرج أبو الشيخ  ، عن عبيد الله بن عبيد بن عمير  قال : كانت " براءة " تسمى المنقرة نقرت عما في قلوب المشركين     . 
وأخرج أبو عبيد   وسعيد بن منصور  ، وأبو الشيخ  ، والبيهقي  في الشعب عن أبي عطية الهمداني  قال : كتب  عمر بن الخطاب    : تعلموا سورة " براءة " وعلموا نساءكم سورة النور     . 
ومن جملة الأقوال في حذف البسملة أنها كانت تعدل سورة البقرة أو قريبا منها ، وأنه لما سقط أولها سقطت البسملة ، روي هذا عن   مالك بن أنس   وابن عجلان     . 
ومن جملة الأقوال في سقوط البسملة أنهم لما كتبوا المصحف في خلافة  عثمان  اختلف الصحابة فقال بعضهم : " براءة " والأنفال سورة واحدة ، وقال بعضهم : هما سورتان ، فتركت بينهما فرجة لقول من قال هما سورتان ، وتركت " بسم الله الرحمن الرحيم " لقول من قال هما سورة واحدة ، فرضي الفريقان ، قاله خارجة وأبو عصمة وغيرهما . 
وقول من جعلهما سورة واحدة أظهر ، لأنهما جميعا في القتال ، وتعدان جميعا سابعة السبع الطوال . 
				
						
						
