باب مذاهبهم في ترقيق الراءات وتفخيمها
الترقيق من الرقة ، وهو ضد السمن . فهو عبارة عن إنحاف ذات الحرف ونحوله .
nindex.php?page=treesubj&link=29583_29581والتفخيم من الفخامة ، وهي العظمة والكثرة فهي عبارة عن ربو الحرف وتسمينه فهو والتغليظ واحد إلا أن المستعمل في الراء في ضد الترقيق هو التفخيم ، وفي اللام التغليظ كما سيأتي وقد عبر قوم عن الترقيق في الراء بالإمالة بين اللفظين كما فعل
الداني وبعض المغاربة ، وهو تجوز إذ الإمالة أن تنحو بالفتحة إلى الكسرة وبالألف إلى الياء كما تقدم .
والترقيق إنحاف صوت الحرف فيمكن اللفظ بالراء مرققة غير ممالة ومفخمة ممالة ، وذلك واضح في الحسن والعيان وإن كان لا يجوز رواية مع الإمالة إلا الترقيق ، ولو كان الترقيق إمالة لم يدخل على
[ ص: 91 ] المضموم والساكن ولكانت الراء المكسورة ممالة ، وذلك خلاف إجماعهم . ومن الدليل أيضا على أن الإمالة غير الترقيق أنك إذا أملت
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69ذكرى التي هي فعلى بين بين كان لفظك بها غير لفظك بذكر المذكر وقفا إذا رققت ، ولو كانت الراء في المذكر بين اللفظين لكان اللفظ بهما سواء وليس كذلك ، ولا يقال : إنما كان اللفظ في المؤنث غير اللفظ في المذكر لأن اللفظ بالمؤنث ممال الألف والراء واللفظ بالمذكر ممال الراء فقط فإن الألف حرف هوائي لا يوصف بإمالة ، ولا تفخيم ، بل هو تبع لما قبله فلو ثبت إمالة ما قبله بين اللفظين لكان ممالا بالتبعية كما أملنا الراء قبله في المؤنث بالتبعية ، ولما اختلف اللفظ بهما والحالة ما ذكر ، ولا مزيد على هذا في الوضوح - والله أعلم - .
وقال
الداني في كتابه التجريد : الترقيق في الحرف دون الحركة إذا كان صيغته والإمالة في الحركة دون الحرف إذ كانت لعلة أوجبتها ، وهي تخفيف كالإدغام سواء انتهى . وهذا حسن جدا وأما كون الأصل في الراء التفخيم ، أو الترقيق فسيجيء الكلام على ذلك في التنبيهات : آخر الباب .
( إذا علم ذلك ) فليعلم أن
nindex.php?page=treesubj&link=29581الراءات في مذاهب القراء عند الأئمة المصريين ، والمغاربة ، وهم الذين روينا رواية
nindex.php?page=showalam&ids=17274ورش من طريق
الأزرق من طرقهم على أربعة أقسام : قسم اتفقوا على تفخيمه ، وقسم اتفقوا على ترقيقه ، وقسم اختلفوا فيه عن كل القراء ، وقسم اختلفوا فيه عن بعض القراء . فالقسمان الأولان اتفق عليهما سائر القراء وجماعة أهل الأداء من العراقيين ، والشاميين ، وغيرهم فهما مما لا خلاف فيهما والقسمان الآخران مما انفرد بهما من ذكرنا وسيأتي الكلام على المختلف فيه والمتفق عليه من ذلك .
واعلم أن هذا التقسيم إنما يرد على الراءات التي لم يجر لها ذكر في باب الإمالة فأما ما ذكر هناك نحو
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69ذكرى ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=126بشرى ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113النصارى و
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193الأبرار ، و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24النار فلا خلاف أن من قرأها بالإمالة ، أو بين اللفظين يرققها ، ومن قرأها بالفتح يفخمها . وسترد عليك هذه مستوفاة - إن شاء الله تعالى - .
بَابُ مَذَاهِبِهِمْ فِي تَرْقِيقِ الرَّاءَاتِ وَتَفْخِيمِهَا
التَّرْقِيقُ مِنَ الرِّقَّةِ ، وَهُوَ ضِدُ السِّمَنِ . فَهُوَ عِبَارَةٌ عَنْ إِنْحَافِ ذَاتِ الْحَرْفِ وَنُحُولِهِ .
nindex.php?page=treesubj&link=29583_29581وَالتَّفْخِيمُ مِنَ الْفَخَامَةِ ، وَهِيَ الْعَظَمَةُ وَالْكَثْرَةُ فَهِيَ عِبَارَةٌ عَنْ رَبْوِ الْحَرْفِ وَتَسْمِينِهِ فَهُوَ وَالتَّغْلِيظُ وَاحِدٌ إِلَّا أَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الرَّاءِ فِي ضِدِ التَّرْقِيقِ هُوَ التَّفْخِيمُ ، وَفِي اللَّامِ التَّغْلِيظُ كَمَا سَيَأْتِي وَقَدْ عَبَّرَ قَوْمٌ عَنِ التَّرْقِيقِ فِي الرَّاءِ بِالْإِمَالَةِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ كَمَا فَعَلَ
الدَّانِيُّ وَبَعْضُ الْمَغَارِبَةِ ، وَهُوَ تَجَوُّزٌ إِذِ الْإِمَالَةُ أَنْ تَنْحُوَ بِالْفَتْحَةِ إِلَى الْكَسْرَةِ وَبِالْأَلِفِ إِلَى الْيَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ .
وَالتَّرْقِيقُ إِنْحَافُ صَوْتِ الْحَرْفِ فَيُمْكِنُ اللَّفْظُ بِالرَّاءِ مُرَقَّقَةً غَيْرَ مُمَالَةٍ وَمُفَخَّمَةً مُمَالَةً ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي الْحُسْنِ وَالْعِيَانِ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ رِوَايَةً مَعَ الْإِمَالَةِ إِلَّا التَّرْقِيقُ ، وَلَوْ كَانَ التَّرْقِيقُ إِمَالَةً لَمْ يَدْخُلْ عَلَى
[ ص: 91 ] الْمَضْمُومِ وَالسَّاكِنِ وَلَكَانَتِ الرَّاءُ الْمَكْسُورَةُ مُمَالَةً ، وَذَلِكَ خِلَافُ إِجْمَاعِهِمْ . وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا عَلَى أَنَّ الْإِمَالَةَ غَيْرُ التَّرْقِيقِ أَنَّكَ إِذَا أَمَلْتَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69ذِكْرَى الَّتِي هِيَ فِعْلَى بَيْنَ بَيْنَ كَانَ لَفْظُكَ بِهَا غَيْرَ لَفْظِكَ بِذِكْرِ الْمُذَكَّرِ وَقَفًا إِذَا رَقَّقْتَ ، وَلَوْ كَانَتِ الرَّاءُ فِي الْمُذَكِّرِ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَكَانَ اللَّفْظُ بِهِمَا سَوَاءً وَلَيْسَ كَذَلِكَ ، وَلَا يُقَالُ : إِنَّمَا كَانَ اللَّفْظُ فِي الْمُؤَنَّثِ غَيْرَ اللَّفْظِ فِي الْمُذَكِّرِ لِأَنَّ اللَّفْظَ بِالْمُؤَنَّثِ مُمَالُ الْأَلِفِ وَالرَّاءِ وَاللَّفْظُ بِالْمُذَكِّرِ مُمَالُ الرَّاءِ فَقَطْ فَإِنَّ الْأَلِفَ حَرْفٌ هَوَائِيٌّ لَا يُوصَفُ بِإِمَالَةٍ ، وَلَا تَفْخِيمٍ ، بَلْ هُوَ تَبَعٌ لِمَا قَبْلَهُ فَلَوْ ثَبَتَ إِمَالَةُ مَا قَبْلَهُ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ لَكَانَ مُمَالًا بِالتَّبَعِيَّةِ كَمَا أَمَلْنَا الرَّاءَ قَبْلَهُ فِي الْمُؤَنَّثِ بِالتَّبَعِيَّةِ ، وَلَمَّا اخْتَلَفَ اللَّفْظُ بِهِمَا وَالْحَالَةُ مَا ذُكِرَ ، وَلَا مَزِيدَ عَلَى هَذَا فِي الْوُضُوحِ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - .
وَقَالَ
الدَّانِيُّ فِي كِتَابِهِ التَّجْرِيدِ : التَّرْقِيقُ فِي الْحَرْفِ دُونَ الْحَرَكَةِ إِذَا كَانَ صِيغَتَهُ وَالْإِمَالَةُ فِي الْحَرَكَةِ دُونَ الْحَرْفِ إِذْ كَانَتْ لِعِلَّةٍ أَوْجَبَتْهَا ، وَهِيَ تَخْفِيفٌ كَالْإِدْغَامِ سَوَاءٌ انْتَهَى . وَهَذَا حَسَنٌ جِدًّا وَأَمَّا كَوْنُ الْأَصْلِ فِي الرَّاءِ التَّفْخِيمَ ، أَوِ التَّرْقِيقَ فَسَيَجِيءُ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّنْبِيهَاتِ : آخِرَ الْبَابِ .
( إِذَا عُلِمَ ذَلِكَ ) فَلْيُعْلَمْ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29581الرَّاءَاتِ فِي مَذَاهِبِ الْقُرَّاءِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْمِصْرِيِّينَ ، وَالْمَغَارِبَةِ ، وَهُمُ الَّذِينَ رَوَيْنَا رِوَايَةَ
nindex.php?page=showalam&ids=17274وَرْشٍ مِنْ طَرِيقِ
الْأَزْرَقِ مِنْ طُرُقِهِمْ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْسَامٍ : قِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَفْخِيمِهِ ، وَقِسْمٌ اتَّفَقُوا عَلَى تَرْقِيقِهِ ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ كُلِّ الْقُرَّاءِ ، وَقِسْمٌ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَنْ بَعْضِ الْقُرَّاءِ . فَالْقِسْمَانِ الْأَوَلَانِ اتَّفَقَ عَلَيْهِمَا سَائِرُ الْقُرَّاءِ وَجَمَاعَةُ أَهْلِ الْأَدَاءِ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ ، وَالشَّامِيِّينَ ، وَغَيْرُهُمْ فَهُمَا مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِمَا وَالْقِسْمَانِ الْآخَرَانِ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِمَا مَنْ ذَكَرْنَا وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْمُخْتَلَفِ فِيهِ وَالْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ مِنْ ذَلِكَ .
وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا التَّقْسِيمَ إِنَّمَا يَرِدُ عَلَى الرَّاءَاتِ الَّتِي لَمْ يَجْرِ لَهَا ذِكْرٌ فِي بَابِ الْإِمَالَةِ فَأَمَّا مَا ذُكِرَ هُنَاكَ نَحْوَ
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=69ذِكْرَى ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=126بُشْرَى ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=113النَّصَارَى وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=193الْأَبْرَارِ ، وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=24النَّارَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ قَرَأَهَا بِالْإِمَالَةِ ، أَوْ بَيْنَ اللَّفْظَيْنِ يُرَقِّقُهَا ، وَمَنْ قَرَأَهَا بِالْفَتْحِ يُفَخِّمُهَا . وَسَتَرِدُ عَلَيْكَ هَذِهِ مُسْتَوْفَاةً - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - .