( الثالث ) أن كلا من الفاصلين بالبسملة والواصلين والساكتين إذا ابتدأ سورة من السور بسمل بلا خلاف عن أحد منهم ، إلا إذا ابتدأ (  براءة      ) كما سيأتي ، سواء كان الابتداء عن وقف أم قطع ، أما على قراءة من فصل بها فواضح ، وأما على قراءة من ألغاها فللتبرك والتيمن ، ولموافقة خط المصحف ; لأنها عند من ألغاها إنما كتبت لأول السورة تبركا ، وهو لم يلغها في حالة الوصل إلا لكونه لم يبتدئ ، فلما ابتدأ لم يكن بد من الإتيان بها ؛ لئلا يخالف المصحف وصلا ووقفا ، فيخرج عن الإجماع ، فكأن ذلك عنده كهمزات الوصل تحذف وصلا وتثبت ابتداء ; ولذلك لم يكن بينهم خلاف في إثبات  البسملة   أول الفاتحة سواء وصلت بسورة الناس قبلها أو ابتدئ بها لأنها ولو وصلت لفظا فإنها مبتدأ بها حكما ; ولذلك كان الواصل هنا حالا مرتحلا ، وأما ما رواه  الخرقي  عن   ابن سيف ،  عن  الأزرق  ، عن   ورش  أنه ترك  البسملة أول الفاتحة   فالخرقي هو شيخ الأهوازي ، وهو محمد بن عبد الله بن القاسم  مجهول لا يعرف إلا من جهة  الأهوازي ،  ولا يصح ذلك عن   ورش ،  بل المتواتر عنه خلافه ، قال الحافظ  أبو عمرو  في كتابه " الموجز " : اعلم أن عامة أهل الأداء من مشيخة المصريين رووا أداء عن أسلافهم ، عن أبي  يعقوب  ، عن   ورش  أنه كان يترك البسملة بين كل سورتين في جميع القرآن إلا في أول فاتحة الكتاب ، فإنه يبسمل في أولها لأنها أول القرآن ، فليس قبلها سورة يوصل آخرها بها . هكذا قرأت على  ابن خاقان  ،  وابن غلبون  ،  وفارس بن أحمد     - وحكوا ذلك - عن قراءتهم متصلا ، وانفرد صاحب الكافي بعدم البسملة  لحمزة  في ابتداء السور سوى الفاتحة ، وتبعه على ذلك ولده  أبو الحسن شريح  فيما حكاه عنه  أبو جعفر بن الباذش  من أنه من كان يأخذ  لحمزة  بوصل السورة      [ ص: 264 ] بالسورة لا يلتزم بالوصل ألبتة ، بل آخر السورة عنده كآخر آية ، وأول السورة الأخرى كأول آية أخرى ، فكما لا يلتزم له ولا لغيره وصل الآيات بعضهن ببعض كذا لا يلتزم له وصل السورة حتما ، بل إن وصل فحسن وإن ترك فحسن .  
( قلت ) : حجته في ذلك قول  حمزة     : القرآن عندي كسورة واحدة . فإذا قرأت ( بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول فاتحة الكتاب أجزأني ، ولا حجة في ذلك ؛ فإن كلام  حمزة  يحمل على حالة الوصل لا الابتداء ؛ لإجماع أهل النقل على ذلك ، والله أعلم .  
				
						
						
