الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
291 [ ص: 316 ] حديث ثان nindex.php?page=showalam&ids=13283لابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب متصل مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011876صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا .
هكذا هو في الموطأ عند جميع الرواة ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=15662جويرية بن أسماء ، عن مالك بإسناده فقال : فضل صلاة الجماعة على صلاة أحدكم خمس وعشرون صلاة . ورواه عبد الملك بن زياد النصيبي ، ويحيى بن محمد بن عباد ، عن مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، عن أبي سلمة ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله . ورواه nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي nindex.php?page=showalam&ids=15903وروح بن عبادة ، وعمار بن مطر ، عن مالك ، عن nindex.php?page=showalam&ids=11863أبي الزناد ، عن nindex.php?page=showalam&ids=13723الأعرج ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . [ ص: 317 ] في هذا الحديث من الفقه معرفة فضل الجماعة ، والترغيب في حضورها ، وفيه دليل على أن الجماعة كثرت أو قلت سواء ، لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يخص جماعة من جماعة ، والقول على عمومه ، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - : اثنان فما فوقهما جماعة .
وقال : nindex.php?page=treesubj&link=23459صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفذ بكذا وكذا درجة ، لم يقصد جماعة من جماعة ، ولا موضعا من المسجد من موضع ، وأما حديث nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب nindex.php?page=hadith&LINKID=1011879صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وصلاته مع الثلاثة أزكى من صلاته مع الرجلين ، وكلما كثر فهو أزكى ، وأطيب - فهو حديث ليس بالقوي لا يحتج بمثله .
وفي هذا الحديث - أعني حديث مالك هذا - دليل على جواز صلاة الفذ وحده ، وإن كانت الجماعة أفضل ، وإذا جازت صلاة الفذ وحده بطل أن يكون شهود nindex.php?page=treesubj&link=1609صلاة الجماعة فرضا [ ص: 318 ] لأنه لو كان فرضا لم تجز للفذ صلاته كما أن الفذ لا يجزئه يوم الجمعة أن يصلي قبل صلاة الإمام ظهرا ( ولا غيرها ) إذا كان ممن يجب عليه إتيان الجمعة . قد احتج بهذا جماعة من العلماء ، وأكثر الفقهاء بالحجاز والعراق ، والشام يقولون : إن حضور صلاة الجماعة فضيلة ، وفضل وسنة مؤكدة لا ينبغي تركها ، وليست بفرض ، ومنهم من قال : إنها فرض على الكفاية ، واختلف أصحاب nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في هذه المسألة ، فمنهم من قال : شهود الجماعة فرض ( على الكفاية ) ومنهم من قال : شهودها سنة مؤكدة لا رخصة في تركها للقادر عليها إلا من عذر ، ولهم في ذلك دلائل يطول ذكرها للقولين جميعا ، وقال أهل الظاهر ، منهم داود : إن حضور ( صلاة ) الجماعة فرض متعين كالجماعة سواء .
وإنه لا يجزئ الفذ صلاة إلا بعد صلاة الناس في المسجد ، وإن صلاها قبلهم أعاد ، واستدل بظاهر آثار رويت في ذلك سنذكر ما روى منها مالك في موضعه من كتابنا هذا ، إن شاء الله .
قال أبو عمر :
لا يخلو قوله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الجماعة [ ص: 319 ] تفضل صلاة الفذ من أحد ثلاثة أوجه : إما أن يكون المراد بذلك ( صلاة النافلة ، أو يكون المراد بذلك ) من تخلف من عذر عن الفريضة ، أو يكون المراد بذلك من تخلف عنها بغير عذر .
فإذا احتمل ما ذكرنا ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قال : صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي ( هذا ) إلا المكتوبة . علمنا أنه لم يرد صلاة النافلة ، بتفضيله صلاة الجماعة على الفذ ، وإنما أراد بذلك الفرض ، وكذلك لما قال - صلى الله عليه وسلم - : من غلبه على صلاته نوم كتب له أجرها ، وكذلك قوله : إذا كان للعبد عمل يعمله ، فمنعه ( منه ) مرض أمر الله كاتبيه أن يكتبا له ما كان يعمل في صحته ، وكذلك قوله في غزوة تبوك لأصحابه : إن بالمدينة قوما ما سلكتم طريقا ، ولا قطعتم واديا ، ولا أنفقتم نفقة إلا وهم معكم حبسهم العذر .
[ ص: 320 ] علمنا بهذه الآثار ، وما كان في معناها أن المتخلف بعذر لم يقصد إلى تفضيل غيره عليه ، وإذا بطل هذان الوجهان صح أن المراد بذلك هو المتخلف عن الواجب عليه بغير عذر ، وعلمنا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يفاضل بينهما إلا وهما جائزان غير أن أحدهما أفضل من الآخر ، ومما يدل على ما ذكرنا حديث محجن الديلي حين قال له ( رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) : nindex.php?page=hadith&LINKID=1011884ما منعك أن تصلي معنا ؟ ألست برجل مسلم ؟ قال : بلى ، ولكني قد صليت في رحلي . فعلم أنه إنما صلى في رحله منفردا ، وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إذا حضرت العشاء وأقيمت الصلاة ، فابدءوا بالعشاء ) وقد يكون من العذر المطر والظلمة لقوله ( ألا صلوا في الرحال ) ومن العذر أيضا مدافعة الأخبثين الغائط والبول ، وقد ذكرنا كثيرا من هذه الآثار في مواضعها من كتابنا ، ومضى القول هناك في معانيها ، والحمد لله ( كثيرا ) .