الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
اختيار هذا الخط
الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.
1317 [ ص: 307 ] حديث سادس لنافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر .
مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1013807أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=4712نهى عن المزابنة ، nindex.php?page=treesubj&link=4711والمزابنة : بيع الثمر بالتمر كيلا ، وبيع الكرم بالزبيب كيلا .
( قال أبو عمر : ) هكذا روى يحيى ، وجمهور رواة الموطأ هذا الحديث عن مالك إلا ابن بكير فإنه قال فيه : عن مالك عن نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1010716أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - nindex.php?page=treesubj&link=4712نهى عن المزابنة ، والمحاقلة . فزاد ذكر المحاقلة في هذا الحديث بهذا الإسناد ، ثم ذكر تفسير المزابنة وحدها كما ذكر يحيى ، وغيره ، إلا أنه قال : والمزابنة : بيع الرطب بالثمر كيلا ، والمعنى واحد ; لأن المعنى هو ما دام رطبا في رءوس الأشجار ، فإذا يبس وجذ فهو تمر ، وروى ( هذا الحديث ) [ ص: 308 ] أيوب عن نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن المزابنة ، ولم يذكر المحاقلة ، وقال : المزابنة : أن يبيع الرجل ثمرته بكيل ; إن زاد فلي ، وإن نقص فعلي ، وهذا تفسير معنى المزابنة كله ، وقد مضى تمهيده في باب داود .
وروى عبد الله بن عمر ( عن نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1013808أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ) نهى عن nindex.php?page=treesubj&link=33284بيع التمر بالتمر ، وعن nindex.php?page=treesubj&link=33286بيع العنب بالزبيب كيلا ، وعن بيع الزرع بالحنطة كيلا .
هكذا ذكره أبو داود عن nindex.php?page=showalam&ids=12508أبي بكر بن أبي شيبة عن nindex.php?page=showalam&ids=17313ابن أبي زائدة عن nindex.php?page=showalam&ids=16524عبيد الله بن عمر ، ورواه nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان عن عبيد الله قال : أخبرني نافع عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=hadith&LINKID=1013809أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن المزابنة ، والمزابنة : اشتراء التمر بالثمر كيلا ، واشتراء الحنطة بالزرع كيلا . حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16502عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا [ ص: 309 ] قاسم قال : حدثنا بكر بن حماد : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=17072مسدد قال : حدثنا يحيى فذكره .
ولا خلاف بين العلماء أن المزابنة ما ذكر في هذه الأحاديث تفسيره عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر من قوله ، أو مرفوعا ، وأقل ذلك أن يكون من قوله ، وهو راوي الحديث فيسلم له فكيف ، ولا مخالف في ذلك ، وكذلك كل ما كان في معنى ما جرى ذكره في هذه الأحاديث من الجزاف بالكيل في الجنس الواحد المطعوم أو الرطب باليابس من جنسه .
وكل ما لا يجوز فيه التفاضل لم يجز بيع بعضه ببعضه جزافا بكيل ، ولا جزافا بجزاف لعدم المماثلة المأمور بها في ذلك ، ولمواقعة القمار ، وهو الزبن على ما تقدم شرحه في باب nindex.php?page=showalam&ids=15855داود بن الحصين ألا ترى أن كل ما ورد الشرع أن لا يباع إلا مثلا بمثل ، إذا بيع منه مجهول بمجهول أو معلوم بمجهول أو رطب بيابس فقد دخل في ذلك التفاضل وجهل المماثلة ، وما جهلت حقيقة المماثلة فيه لم يؤمن فيه التفاضل فدخل في ذلك الربا ; لأن الحديث ورد في مثل ذلك ، أن من زاد أو [ ص: 310 ] ازداد فقد أربى ، وفي ذلك قمار وخطر أيضا ، وهذا كله تقتضيه معنى المزابنة ( فإن وقع البيع في شيء من المزابنة فسخ إن أدرك قبل القبض وبعده ، فإن قبض وفات رجع صاحب الثمرة بمكيلة ثمره على صاحب الرطب ، ورجع صاحب الرطب بقيمة رطبه على صاحب الثمر يوم قبضه بالغا ما بلغ ، وما كان منه قبل قبضه فمصيبته من صاحبه ) .
وأما قوله : nindex.php?page=hadith&LINKID=1013810الثمر بالتمر فإن الرواية فيه الكلمة الأولى بالثاء المنقوطة بثلاث مع تحريك الميم ، وهو ما في رءوس النخل رطبا فإذا جذ ويبس قيل له تمرا بالتاء المنقوطة باثنتين مع تسكين الميم .
ويدخل في هذا المعنى بيع الرطب باليابس من جنسه ، وبيع الجزاف بالمكيل ، وبيع ما جهل بمعلوم أو مجهول ، فقف على هذه الأصول ، وسيأتي تمهيد معنى بيع الرطب بالتمر ، وما للعلماء في ذلك من المذاهب في باب عبد الله بن يزيد ، عند قوله - صلى الله عليه وسلم - أينقص الرطب إذا يبس ؟ إن شاء الله .
[ ص: 311 ] حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، nindex.php?page=showalam&ids=16502وعبد الوارث ( بن سفيان ) قالا : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16802قاسم ( بن أصبغ ) قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=13629محمد بن وضاح قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر بن أبي شيبة قال : حدثنا محمد بن فضل عن أبيه ، عن أبي حازم ، عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : nindex.php?page=hadith&LINKID=1013812الحنطة بالحنطة ، والشعير بالشعير ، والتمر بالتمر ، والملح بالملح يد بيد كيل بكيل وزن بوزن ، فمن زاد شيئا أو استزاد فقد أربى ، إلا ما اختلفت أنواعه .
قال أبو عمر : هذا أصل هذا الباب ، وهو يقتضي المماثلة في الجنس الواحد ، ويحرم الازدياد فيه ، وأما nindex.php?page=treesubj&link=33278النسيئة في بيع الطعام بالطعام جملة ، فذلك غير جائز عند جمهور العلماء ; لقوله عليه السلام : البر بالبر ربا إلا ها ، وها ، فالجنس الواحد من المأكولات يدخله الربا من وجهين : الزيادة والنسيئة ، والجنسان يدخلهما الربا من وجه واحد ، وهو النسيئة . وقد أوضحنا هذا الأصل في مواضع من كتابنا هذا ، والحمد لله .
حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16002سعيد بن نصر ، وعبد الوارث قالا : حدثنا قاسم قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=12429إسماعيل بن إسحاق قال : حدثنا أبو ثابت قال : حدثنا nindex.php?page=showalam&ids=16472عبد الله بن وهب قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=17423يونس بن يزيد عن [ ص: 312 ] nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب قال : حدثني nindex.php?page=showalam&ids=15990ابن المسيب ، وأبو سلمة أن nindex.php?page=showalam&ids=3أبا هريرة قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا تبايعوا التمر بالتمر . قال nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب : وحدثني سالم عن nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مثله .
وروى nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أيضا في موطئه قال : أخبرني nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر : nindex.php?page=hadith&LINKID=1013815نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الصبرة من التمر لا يعلم كيلها ، بالكيل المسمى من التمر، وروى nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن بيع التمر بالرطب نسيئة ويدا بيد ، وهذه الأحاديث كلها تفسير للمزابنة . وفي معناها ، وهي أصل وسنة مجتمع عليها ( والحمد لله ) .