494 - أجزته ابن فارس قد نقله وإنما المعروف قد أجزت له 495 - وإنما تستحسن الإجازه
من عالم به ومن أجازه 496 - طالب علم والوليد ذا ذكر
عن مالك شرطا وعن أبي عمر 497 - أن الصحيح أنها لا تقبل
إلا لماهر وما لا يشكل 498 - واللفظ إن تجز بكتب أحسن
أو دون لفظ فانو وهو أدون
اسمع مقالة ناصح جمع النصيحة والمقه
إياك فاحذر أن تبيت من الثقات على ثقه
( و ) أما فقال شرط صحتها : ( إنما تستحسن الإجازة من عالم به ) أي : بالمجاز ( ومن أجازه ) أي : والحال أن المجاز له ( طالب علم ) أي : من أهل العلم ، كما هي عبارة ابن الصلاح ; إذ المرء ولو بلغ الغاية في العلم لا يزال لله طالبا ، ويروى أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( ( ابن الصلاح ) ) أي : جائع ، [ ص: 284 ] وقال أيضا : ( ( كل عالم غرثان إلى علم أربع لا يشبعن من أربع ، فذكر منها : وعالم من علم ) ) ، وقل رب زدني علما ; لأن الإجازة توسع وترخيص يتأهل له أهل العلم لمسيس حاجتهم إليها ، وهل المراد مطلق العلم أو خصوص المجاز به كما قيد في المجيز ، أو الصناعة كما صرح به ؟ الظاهر الأخير ( ابن عبد البر ( ذا ذكر ) أي : نقل في كتابه ( الوجازة في صحة القول بالإجازة ) ( عن ) إمامه ( والوليد ) بن بكر أبو العباس المالكي رحمه الله ، [ علم المجيز والمجاز له المشار إليه ] ( شرطا ) فيها ، وعبارته : ولمالك شرط في الإجازة ، وهو أن يكون المجيز عالما بما يجيز ، ثقة في دينه وروايته ، معروفا بالعلم ، والمجاز به معارضا بالأصل حتى كأنه هو ، والمجاز له من أهل العلم أو متسما بسمته ، حتى لا يوضع العلم إلا عند أهله ، وكان يكره الإجازة لمن ليس من أهل العلم ويقول : ما أسلفته في أول أنواع الإجازة . وفي أخذ الاشتراط منها نظر ، إلا أن أول قوله : " أو متسما بسمته " بمن هو دون من قبله في العلم ، وكانت الكراهة للتحريم . ( وعن ) الحافظ ( مالك ) ، هو ابن أنس أبي عمر ) ، هو ابن عبد البر كما في جامع العلم [ ص: 285 ] له ( أن الصحيح أنها ) أي : الإجازة ( لا تقبل إلا لماهر ) بالصناعة ، حاذق فيها ، يعرف كيف يتناولها ( و ) في ( ما لا يشكل ) إسناده ; لكونه معروفا معينا ، وإن لم يكن كذلك لم يؤمن أن يحدث المجاز له عن الشيخ بما ليس من حديثه ، أو ينقص من إسناده الرجل والرجلين ، وقد رأيت قوما وقعوا في هذا ، وإنما كره من كره الإجازة لهذا .
وقريب منه ما حكاه الخطيب في الكفاية ، قال : مذهب أحمد بن صالح أنه ، لا يصح إلا أن يدفع إليه أصوله ، أو فروعا كتبت منها ، وينظر فيها ويصححها . إذا قال للطالب : أجزت لك أن تروي عني ما شئت من حديثي
وعن قال : الاستجازة إما أن تكون للعمل ، فيجب على المجاز له أن يكون من أهل العلم بذلك والفهم باللسان ، وإلا لم يحل له الأخذ بها ، فربما كان في مسألته فصل أو وجه لم يعلم به المجيز ، ولو علمه لم يكن جوابه ما أجاب به ، وإما أن تكون للرواية خاصة ، فيجب أن يكون عارفا بالنقل والوقوف على ألفاظ ما أجيز له ; ليسلم من التصحيف والتحريف ، فمن لم يكن عالما بشيء من ذلك ، وإنما يريد علو الإسناد بها ففي نقله بها ضعف . أبي الوليد الباجي
وقال ابن سيد الناس : أصل مختلف فيه ، ومن أجازها فهي قاصرة عنده عن رتبة السماع ، وحينئذ فينبغي أن لا تجوز من كل من يجوز منه السماع ، وإن ترخص مترخص وجوزها من كل من يجوز منه السماع ، فأقل مراتب المجيز أن يكون عالما بمعنى الإجازة العلم الإجمالي من أنه روى شيئا ، وأن معنى إجازته لغيره إذنه لذلك الغير في رواية ذلك الشيء عنه بطريق الإجازة المعهودة من أهل هذا الشأن ، لا العلم التفصيلي بما روي وبما يتعلق بأحكام الإجازة ، وهذا العلم الإجمالي حاصل فيمن رأيناه من عوام الرواة ، فإن انحط راو في الفهم [ ص: 286 ] عن هذه الدرجة - ولا إخال أحدا ينحط عن إدراك هذا إذا عرف به - فلا أحسبه أهلا لأن يتحمل عنه بإجازة ولا سماع ، قال : وهذا الذي أشرت إليه من التوسع في الإجازة هو طريق الجمهور . الإجازة
قلت : وما عداه من التشديد فهو مناف لما جوزت الإجازة له من بقاء السلسلة ، وقد تقدم في سابع أنواعها عدم اشتراط التأهل حين التحمل بها كالسماع ، وفي أولها أنه لم يقل أحد بالأداء بها بدون شروط الرواية ، وعليه يحمل قولهم : أجزت له رواية كذا بشرطه ، ومنه ثبوت المروي من حديث المجيز .
وقد قال أبو مروان الطبني : إنها لا تحتاج لغير مقابلة نسخة بأصول الشيخ ، وأشار إمام الحرمين لذلك بقوله بالصحة مع تحقق الحديث ، وقال عياض : تصح بعد تصحيح شيئين : تعيين روايات الشيخ ومسموعاته وتحقيقها ، وصحة مطابقة كتب الراوي لها والاعتماد على الأصول المصححة . وقد كتب كما أورده أبو الأشعث أحمد بن المقدام العجلي الخطيب في الكفاية وعياض في الإلماع :
كتابي إليكم فافهموه فإنه رسولي إليكم والكتاب رسول
فهذا سماعي من رجال لقيتهم لهم ورع مع فهمهم وعقول
فإن شئتم فارووه عني فإنما تقولون ما قد قلته وأقول
[ ص: 287 ] ألا فاحذروا التصحيف فيه فربما تغير عن تصحيفه فيحول
وأكره فيما قد سألتم غروركم ولست بما عندي من العلم أبخل
فمن يروه فليروه بصوابه كما قاله الفراء فالصدق أجمل
ثم ، أو مبتدئا بها ، وتارة تكون بخطه على استدعاء كما جرت به العادة ، أو بدون استدعاء ( واللفظ ) بالإجازة ( إن تجز ) أيها المحدث ( بكتب ) أي : بأن تجمعهما ( أحسن ) وأولى من إفراد أحدهما ( أو ) بكتب ( دون لفظ فانو ) الإجازة ( وهو ) ، أي : هذا الصنيع ( أدون ) من الإجازة الملفوظ بها في المرتبة ; لأن القول دليل رضاه القلبي بالإجازة ، والكتابة دليل القول الدال على الرضى ، والدال بغير واسطة أعلى ، وبالثاني يوجه صحتها بالنية فقط ، بل قال الإجازة تارة تكون بلفظ المجيز بعد السؤال فيها من المجاز له أو غيره متصلا بذلك : وغير مستبعد تصحيح ذلك بمجرد هذه الكتابة في باب الرواية الذي جعلت فيه القراءة على الشيخ ، مع أنه لم يلفظ بما قرئ عليه إخبارا منه بذلك ، ويتأيد بقول ابن الصلاح : قد تقوم الأفعال مقام الأقوال كما في نقل الملك على القول بتصحيح المعاطاة ، فإن لم ينوها فقضية ما هنا - وقال الشارح : إنه الظاهر - عدم الصحة ; لأن الكتاب كناية ، والكناية شرطها النية ، ولا نية هنا فبطلت ، وكأن [ ص: 288 ] محل هذا حيث صرح بعدم النية ، أما لو لم يعلم حاله فالظاهر الصحة ، إذ الأصل كما قال بعضهم فيما يكتبه العاقل خصوصا فيما نحن بصدده أن يكون قاصدا له ، ولعلها الصورة التي لم يستبعد ابن أبي الدم صحتها ، وإن احتمل كلامه ما تقدم فهو فيها أظهر ، وهو الذي نظمه ابن الصلاح البرهان الحلبي حيث قال :
وحيث لا نية قد جوزها باحثا أبرزها فرع : كثير تصريحهم في الأجايز بما يجوز لي وعني روايته ، فقيل كما نقله ابن الصلاح ابن الجزري : إنه لا فائدة في قول " وعني " ، قال : والظاهر أنهم يريدون ب " لي " مروياتهم ، وب " عني " مصنفاتهم ونحوها ، وهو كذلك ، وحينئذ فكتابتها ممن ليس له تصنيف أو نظم أو نثر [ أو بحث حفظ عنه وما أشبهه ] عبث أو جهل .