( 639 ) وليحذر اللحان والمصحفا على حديثه بأن يحرفا ( 640 ) فيدخلا في قوله من كذبا
فحق النحو على من طلبا ( 641 ) والأخذ من أفواههم لا الكتب
أدفع للتصحيف فاسمع وادأب
الفصل الخامس ( التسميع ) من الشيخ ( بقراءة اللحان والمصحف ) ، والحث على الأخذ من أفواه الشيوخ : ( وليحذر ) الشيخ الطالب ( اللحان ) بصيغة المبالغة ، أي : الكثير اللحن في ألفاظ النبوة ، وكذا ليحذر ( المصحفا ) فيها وفي أسماء الرواة ، ولو كان لا يلحن ( على حديثه بأن يحرفا ) أي : خوف التحريف في حركاته أو ضبطه ( من كل منهما ) في الحال والمآل ( فيدخلا ) أي : الشيخ ، وكذا الطالب من باب أولى ( في ) جملة ( قوله ) صلى الله عليه وسلم ( من كذبا ) أي : ( كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ) لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يلحن .
قال : جاءت هذه الأحاديث عن الأصل معربة ، يتأكد الوعيد مع اختلال المعنى في اللحن والتصحيف . وإلى الدخول أشار النضر بن شميل ، فقال الأصمعي أبو داود السنجي : سمعت يقول : إن أخوف ما أخاف على [ ص: 159 ] طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قوله صلى الله عليه وسلم : ( من كذب علي ) . لأنه لم يكن يلحن ، فمهما رويت عنه ولحنت فيه فقد كذبت عليه . الأصمعي
وعن سالم بن قتيبة قال : كنت عند ابن هبيرة الأكبر ، فجرى ذكر العربية فقال : والله ما استوى رجلان دينهما واحد وحسبهما واحد ومروءتهما واحدة ، أحدهما يلحن ، والآخر لا يلحن ; لأن أفضلهما في الدنيا والآخرة الذي لا يلحن .
فقلت : أصلح الله الأمير ، هذا أفضل في الدنيا لفضل فصاحته وعربيته ، أرأيت الآخرة ما باله أفضل فيها ؟ قال : إنه يقرأ كتاب الله على ما أنزله الله ، وإن الذي يلحن يحمله لحنه على أن يدخل فيه ما ليس منه ، ويخرج ما هو فيه . فقلت : صدق الأمير وبر .
وعن أبي أسامة حماد بن سلمة أنه قال لإنسان : إن لحنت في حديثي فقد كذبت علي . فإني لا ألحن . وصدق رحمه الله ، فإنه كان مقدما في ذلك ، بحيث إن شكى إلى سيبويه أنه سأله عن حديث الخليل بن أحمد ، عن أبيه في رجل رعف ، - يعني بضم العين على لغة ضعيفة - فانتهره ، وقال له : أخطأت ، إنما هو رعف - يعني بفتحها - فقال له الخليل : صدق ، أتلقى بهذا الكلام هشام بن عروة أبا أسامة ؟ وهو مما ذكر في سبب تعلم العربية ، ويقال : إن هذه اللفظة أيضا كانت سببا لتعلم سيبويه أحد التابعين من شيوخ ثابت البناني حماد هذا لها .
كما روينا في ( العلم ) للموهبي عن قال : سأل محمد بن زياد [ ص: 160 ] ثابت البناني فقال : يا الحسن البصري أبا سعيد ، ما تقول في " رعف " ؟ فقال : وما " رعف " ؟ أتعجز أن تقول : رعف ؟ فاستحى ثابت وطلب العربية حتى قيل له من انهماكه فيها : ثابت العربي .
وكذا كان سبب اشتغال به لفظة ، فإنه دخل على أبي زيد النحوي فقال له : ادنه . فقال : أنا دني . فقال : يا بني ، لا تقل : أنا دني . ولكن قل : أنا دان . جعفر بن سليمان
وألحق بعض المتأخرين في الدخول في الوعيد والترجيع الباعث على إشباع الحرف المكسب للفظ سماجة وركاكة ، فسيد الفصحاء صلى الله عليه وسلم بريء من ذلك . من قرأ الحديث بالألحان
ويروى أن عمر رضي الله عنه قال لشخص كان يطرب في أذانه : إني أبغضك في الله .