[ ] : الحث على نشر الحديث
( واحرص ) مع تصحيح النية ( على نشرك للحديث ) ، واجعل ذلك من أكبر همك ، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتبليغ عنه : ( بلغوا [ ص: 218 ] عني ولو آية ) . قال ابن دقيق العيد : ولا خفاء بما في تبليغ العلم من الأجور ، لا سيما وبرواية الحديث يدخل الراوي في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال : ( ) . انتهى . نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها وأداها إلى من لم يسمعها
ولأنه كما يروى في حديث مرفوع عن عند أبي هريرة أحمد والطبراني والخطيب وغيرهم . ( ) . وفي لفظ عن مثل الذي يتعلم علما ثم لا يحدث به كمثل من رزقه الله مالا فكنزه ولم ينفق منه رفعه : ( ابن عمر علم لا يقال به ككنز لا ينفق منه ) .
وقال مالك : بلغني أن العلماء يسألون يوم القيامة - يعني عن تبليغهم - كما يسأل الأنبياء . ورئي في النوم فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر لي . قيل : بأي شيء ؟ قال : بهذا الحديث الذي نشرته في الناس . والأحاديث والآثار في هذا المعنى كثيرة . يزيد بن هارون
ولذا كان عروة يتألف الناس على حديثه ، وكان المحب الصامت من المتأخرين الذين أخذنا عن أصحابهم يطوف على أبناء المكاتب فيحدثهم ، بل رحل جماعة من بلادهم إلى بلاد أخرى لذلك ، منهم أبو [ ص: 219 ] علي حنبل الرصافي ، فإنه سافر من بغداد إلى الشام بقصد خدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواية أحاديثه في بلد لا تروى فيه ، وحدث بـ ( مسند أحمد ) ، فاجتمع بمجلسه لهذه النية الصالحة من الخلائق ما لم يجتمع في مجلس قبله بدمشق ، كما قاله الذهبي .
وكذا كان محمد بن عبد الرحمن أبو جعفر البغدادي الصيرفي - وهو من الدين على نهاية - يسأل من يقصده عن مدينة بعد مدينة : هل بقي فيها من يحدث ؟ فإذا علم خلو بلد عن محدث خرج إليها في السر لرغبته في بذل الحديث فحدثهم ثم رجع . حكاه الخطيب في ترجمته من تأريخه .
قال ابن دقيق العيد : ومن : أحدهما : أحسن ما يقصد في هذا العلم شيئان صلى الله عليه وسلم كلما تكرر ذكره ، ويحتاج ذلك أن يكون مقصودا عند اللفظ به ، ولا يخرج على وجه العادة . التعبد بكثرة الصلاة على النبي
والثاني : قصد الانتفاع والنفع للغير ، كما قال - وقد استكثر كثرة الكتابة منه - : لعل الكلمة التي فيها نجاتي لم أسمعها إلى الآن . ابن المبارك
قال بعض المتأخرين : وإنما اقتصر على هذين لما قل الاحتياج إلى علم الحديث ، لتدوين الأحاديث في الكتب وانقطاع الاجتهاد غالبا ، وإلا فالفائدة العظمى حفظ الشريعة المطهرة على المكلفين بها .
ومن الآن شيئان : أحدهما : ضبط ألفاظ النبي صلى الله عليه وسلم بتكرار سماعها ، إذ لو ترك السماع لبعد العهد بها ، وتطرق التحريف لها ، كما جرى في بلاد العجم ، فقد بلغنا أن بعض كبار [ ص: 220 ] ملوكهم أراد أن يقرأ عنده ( صحيح أعظم فوائده ) فلم يجد في مملكته من يحسن ذلك ، فاجتمع علماء ذلك المصر على قراءته ، وصار يقع منهم من التحريف في الأسماء واللغات ما لا يحصى . البخاري
ثانيهما : حفظ السنة من أعدائها المدخلين فيها ما ليس منها ، فقد اقتحم كثير من الناس أمرا عظيما ، ونسبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما ينبو السمع عنه ، فلولا أن الله حفظ الشريعة بنقاد الحديث لاضمحل الدين وتهدمت أركانه ، ولولا بقايا من علماء الحديث لوقع من الكذب عليه والتحريف لكلامه ما الله به عالم .
ويستحب أن تكون الرواية بعد العمل بالمروي ، لقول : تعلموا هذا الحديث ، فإذا علمتموه فتحفظوه ، فإذا حفظتموه فاعملوا به ، فإذا عملتم به فانشروه . بل يروى في المعنى مما هو مرفوع ( الثوري ) . من الصدقة أن يتعلم الرجل العلم فيعمل به ثم يعلمه