[ ] ولتكن الفائدة قصدك ( لا كثرة الشيوخ ) حال كونها ( صيتا عاطلا ) من الفائدة ، بحيث تكون كمن حكى عنه غرض الأخذ الفائدة لا كثرة الشيوخ الخطيب أنه كان يقول : ضيع ورقة ، ولا تضيعن شيخا . وهي الطريقة التي سلكها جل أصحابنا من طلبة شيخنا فضلا عمن دونهم ; فإنهم اعتنوا بالتكثير من الشيوخ بحيث يقول الواحد منهم : أخذت عن ستمائة أو نحو ذلك ، دون التكثير من المسموع ، حتى إنه يفوت بعض الكتب الستة أصول الإسلام فضلا عن غيرها ، هذا مع تصريح شيخنا بأن عكسه أولى .
وقد قال أبو الوليد : كتبت عن ستة آلاف حديث هي أحب إلي من ستة آلاف دينار . قيس بن الربيع
وإليه يشير قول : وليس بموفق من ضيع شيئا من وقته في الاستكثار لمجرد الكثرة وصيتها ، على احتمال كلامه أيضا غير هذا ، اللهم إلا أن يكون قصد المحدث تكثير طرق الحديث ، وجمع أطرافه ، فيكثر شيوخه لذلك ، فهذا لا بأس به . ابن الصلاح
ومن هنا وصف بالإكثار من الشيوخ خلق من الحفاظ ; كالثوري ، ، وابن المبارك ، وأبي داود الطيالسي ويونس بن محمد [ ص: 298 ] المؤدب ، ، ومحمد بن يونس الكديمي ، والبخاري وأبي عبد الله بن منده ، وكالقاسم بن داود البغدادي قال : كتبت عن ستة آلاف شيخ .
وممن زادت شيوخه على ألف سوى هؤلاء : ، أبو زرعة الرازي ، ويعقوب بن سفيان ، والطبراني ، وابن عدي ، وابن حبان ، والوليد بن بكر وأبو الفتيان ، ، وأبو صالح المؤذن ، كان له ثلاثة آلاف شيخ وستمائة ، وأبو سعد السمان ، وابن عساكر وابن السمعاني ، وابن النجار ، وابن الحاجب ، والدمياطي ، والقطب الحلبي ، ، فشيوخه ثلاثة آلاف شيخ منها ألف بالإجازة ، والبرزالي وعتيق بن عبد الرحمن العمري المصري ، ذكر أن شيوخه نيفوا عن الألف ، والفخر ، وعثمان التوزري بلغت [ ص: 299 ] شيوخه نحو الألف ، والذهبي ، ، وابن رافع والعز أبو عمر ابن جماعة ، ومن لا يحصى كثرة .
وكم في جمع طرق الحديث من فائدة أشرت لجملة منها في الباب قبله ، ولذا قال : لو لم نكتب الحديث من ستين وجها ما عقلناه . وعن أبو حاتم الرازي مثله ، لكن بلفظ : ثلاثين . وقال غيرهما : الباب إذا لم تجمع طرقه لا يوقف على صحة الحديث ولا على سقمه . ابن معين
وقال ابن دقيق العيد في ثالث أحاديث ( العمدة ) من شرحها : إذا اجتمعت طرق الحديث يستدل ببعضها إلى بعض ، ويجمع بين ما يمكن جمعه ، ويظهر به المراد ، إلى غير ذلك مما أسلفت شيئا منه في أواخر المعلل .