[ ص: 453 ] 55 - قالوا : حديثان متناقضان
هل الفخذ من العورة ؟
قالوا : رويتم عن مالك ، عن عن سالم أبي النضر ، ابن جرهد ، عن أبيه ، ثم رويتم عن أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر عليه وهو كاشف فخذه فقال : غطها فإن الفخذ من العورة عن إسماعيل بن جعفر ، محمد بن أبي حرملة وعن عطاء بن يسار عن وأبي سلمة بن عبد الرحمن عائشة - رضي الله عنها - قالت : أبو بكر - رضي الله عنه - فأذن له وهو كذلك ، ثم استأذن عمر - رضي الله عنه - فأذن له وهو كذلك ، ثم استأذن عثمان - رضي الله عنه - فجلس وسوى ثيابه ، فلما خرج قالت له عائشة في ذلك ، فقال : ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة ؟ قالوا : وهذا خلاف الحديث الأول . كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطجعا في بيته كاشفا فخذه ، فاستأذن
[ ص: 454 ] قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس هاهنا اختلاف ولكل واحد من الحديثين موضع ، فإذا وضع بموضعه زال ما توهموه من الاختلاف .
أما حديث جرهد في هذا الموضع ، ولم يقل فإنها عورة ؛ لأن العورة غيرها ، والعورة صنفان : أحدهما فرج الرجل والمرأة والدبر منهما ، وهذا هو عين العورة والذي يجب عليهما أن يستراه في كل وقت وكل موضع وعلى كل حال ، والعورة الأخرى ما داناهما من الفخذ ، ومن مراق البطن ، وسمي ذلك عورة لإحاطته بالعورة ودنوه منها ، وهذه العورة هي التي يجوز للرجل أن يبديها في الحمام وفي المواضع الخالية وفي منزله وعند نسائه ، ولا يحسن به أن يظهرها بين الناس وفي جماعاتهم وأسواقهم ، وليس كل شيء حل للرجل يحسن به أن يظهره في المجامع . فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مر به وهو كاشف فخذه على طريق الناس وبين ملئهم فقال - عليه السلام - له : وار فخذك فإنها من العورة
[ ص: 455 ] فإن الأكل على الطريق وفي السوق حلال وهو قبيح ، حلال ، ولا يجوز ذلك بحيث تراه الناس والعيون ، وكانوا يكرهون الوجس وهو أن يطأ الرجل أهله بحيث تحس أهله الأخرى الحركة وتسمع الصوت ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيته خاليا فأظهر فخذه لنسائه ، ثم دخل عليه من يأنس به فلم يستره ، فلما صاروا ثلاثة كره باجتماعهم ما كرهه ووطء الرجل أمته لجرهد من إبدائه لفخذه بين عوام الناس واستتر منهم .