[ ص: 271 ] قالوا حديثان متدافعان متناقضان .
41 - خاتم النبيين .
قالوا : رويتم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا نبي بعدي ، ولا أمة بعد أمتي فالحلال ما أحله الله تبارك وتعالى على لساني إلى يوم القيامة والحرام ما حرمه الله تعالى على لساني إلى يوم القيامة ثم رويتم أن المسيح - عليه السلام - ينزل فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويزيد في الحلال .
وعن عائشة - رضي الله عنها - أنها كانت تقول : قولوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - [ ص: 272 ] خاتم الأنبياء ، ولا تقولوا : لا نبي بعده . وهذا تناقض .
قال أبو محمد : ونحن نقول إنه ليس في هذا تناقض ولا اختلاف لأن المسيح - صلى الله عليه وسلم - نبي متقدم ، رفعه الله تعالى ثم ينزله في آخر الزمان علما للساعة ، قال الله تعالى : وإنه لعلم للساعة فلا تمترن بها وقرأ بعض القراء : " وإنه لعلم للساعة " .
وإذا نزل المسيح - عليه السلام - لم ينسخ شيئا مما أتى به محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يتقدم الإمام من أمته ، بل يقدمه ويصلي خلفه .
وأما قوله : " ويزيد في الحلال " فإن رجلا قال : " ما يزيد في الحلال إلا النساء " ، فقال : " وذاك " ، ثم ضحك لأبي هريرة . أبو هريرة
قال أبو محمد : وليس قوله : يزيد الحلال ، أنه يحل للرجل أن يتزوج خمسا ولا ستا ، وإنما أراد أن المسيح - عليه السلام - لم ينكح النساء حتى رفعه الله تعالى إليه ، فإذا أهبطه تزوج امرأة فزاد فيما أحل الله له ، أي : ازداد منه فحينئذ لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا علم أنه عبد الله - عز وجل - وأيقن أنه بشر .
وأما قول عائشة - رضي الله عنها - قولوا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء ولا تقولوا لا نبي بعده . فإنها تذهب إلى عيسى - عليه السلام - وليس هذا من قولها ناقضا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - نزول لأنه أراد لا نبي بعدي ، ينسخ ما جئت به كما كانت الأنبياء - صلى الله عليهم وسلم - تبعث بالنسخ ، وأرادت هي : لا تقولوا إن لا نبي بعدي المسيح لا ينزل بعده .