[ ص: 68 ] الباب الثالث
في التنازع
وهو إما بينهما ، أو بين أجنبي وبينهما ، فهذه فصلان .
3 الفصل الأول
في التنازع بينهما
وفيه ثلاثة عشر فرعا :
الأول : في الجواهر : ; لأن الأصل عدم الاختصاص . أصل المتفاوضين أن ما بأيديهما على ما شهدت به البينة من الأجزاء ، فإن لم تعين جزءا حمل على النصف
الثاني : في الجواهر : لكل واحد البيع بالدين ، والابتياع ما لم يحظر الآخر عليه .
الثالث : ( ما ) بيده متاع من متاع التجارة ; لأنه من متاعها . ولو قال : فلان شريكي ثم قال : حدثت لي هذه الدار صدق مع يمينه لصدق الاسم بدونها . وإن قال : في كل التجارة ، وقال الآخر ، بل فيما في يديك دون ما في يدي صدق مع يمينه ; لأن الأصل اختصاصه بملك ما في يديه . وإن قال : في حانوت في يديه فلان شريكي فيما فيه ثم أدخل فيه عدلين ، وقال : ليسا من الشركة ، وقال الآخر قد كانا في الحانوت يوم إقراره صدق هذا ; لأن الإقرار مستصحب على ما في الحانوت إلا أن تشهد بينة بخلافه . وعن أشهب يصدق الأول ; لأن الأصل عدم تناول الإقرار له .
[ ص: 69 ] الرابع : في الكتاب : صدق ; لأنه أمين . إن ادعى شراء سلعة ثم ضياعها
الخامس . قال : ضمن حصة الآخر ; لأنه غاصب بمنعه . إذا جحد أحد المفاوضين المال ، وأقام الآخر بينة ، فهلك المال بيد الجاحد في الخصومة
السادس : قال ابن يونس : قال ابن القاسم : إذا قدم شريك ، بيده أموال ، يقول : هي ودائع ، أو هي عروض ، فقال : دفعت لي لأبيعها ، فقلت له اذكر اسم أربابها ، فإن سماهم ، وحلفوا أخذوا ، وإن نكلوا أخذوا نصيب المقر وحده مواخذة له بإقراره ، وإن لم يسم ، فذلك بينكما . قال بعض القرويين : ظاهر قوله أنه يحتاج إلى عدالة المقر ; لأنه جعله شاهدا ، وينبغي قبول إقراره لمن لا يتهم عليه ، ويحتمل التحليف استبراء . وعن مالك إذا قال عند المحاسبة : جعلت في مال الشركة مالا يحلف شريكه على البت : ما له فيه شيء ، ولا جعل فيه شيئا ، والمال بينهما ; لأن الأصل استصحاب المفاوضة على جميع ما بيده .
السابع : قال : قال ابن القاسم : ، فقال : لك الثلث ، ولي الثلثان ، وقلت النصف ، وليس المال بيد أحدكما دون الآخر له النصف ; لأنك سلمته ، ولك الثلث ; لأنه سلمه ، وتقتسمان السدس نصفين لوقوع التنازع فيه . وقال إذا ادعى المفاضلة أشهب : المال بينهما نصفان بعد أيمانهما ; لأنه ظاهر المفاوضة . وكذلك لو كانوا ثلاثة ، فادعى الثالث الثلث يقسم بينهم المال أثلاثا عنده لتساويهم في الحيازة ، والأيمان ، وإنما اختلفت الدعاوي . قال محمد : فلو ادعى أحدهم الثلثين ، وقال : لكما الثلث ، وقال الآخر : لي النصف ، ولكما النصف ، وقال الآخر : لكل واحد منا الثلث يضرب كل واحد بحصة دعواه فيقسم المال على تسعة ، لمدعي الثلثين أربعة ، ولمدعي النصف ثلاثة ، ولمدعي الثلث اثنان . والذي يجري على أصل ابن القاسم أن يسلم صاحب النصف ، وصاحب الثلث السدس لصاحب الثلثين لعدم المنازعة فيه ، وتبقى خمسة أسداس ادعى صاحب الثلثين ثلاثة أسداس ، وصاحب النصف وصاحب الثلث يدعيان الجميع ، فتقسم هذه الخمسة الأسداس نصفين ، لصاحب الثلثين سهمان [ ص: 70 ] ونصف سدس ، وذلك عشرة أسهم من أربعة وعشرين ، ويبقى من المال أربعة عشر سهما يدعي صاحب النصف أن له منها اثني عشر التي هي نصف جميع المال ، وأن السهمين الباقيين لا شيء فيهما له فيدفعان لصاحب الثلث ، ويدعي صاحب الثلث أن له من الأربعة عشر ثمانية التي هي ثلث جميع المال ، وأن الستة الباقية لصاحب النصف لا شيء له فيها ، فتدفع الستة لصاحب النصف ، فتبقى ستة يدعيها صاحب الثلث مع الاثنين التي بيده ، ويدعيها صاحب النصف مع الستة التي سلمها له صاحب الثلث ، فكل واحد منهما يدعي هذه الستة ، فتقسم بينهما نصفين يحصل لمدعي النصف تسعة أسهم ، ولمدعي الثلث خمسة أسهم ، ولمدعي الثلثين عشرة أسهم ، فذلك أربعة وعشرون سهما .
فلو ادعى أحدهم جميع المال ، والآخر النصف ، والآخر الثلث . قال محمد : يسلم مدعي الثلث ، ومدعي النصف السدس لصاحب الكل ثم صار الكل يدعي الخمسة الباقية ، والآخران يدعيانها ، فتقسم بينهم نصفين لصاحب الكل عشرة قراريط ، وللآخرين عشرة قراريط ، وصاحب الثلث لا يدعي في هذه العشرة إلا ثمانية ، فسلم اثنين لصاحب النصف ثم تقسم الثمانية بين الآخرين نصفين لتساوي دعواهما .
وإن شئت قلت سلم مدعي الثلث لصاحب الكل الثلثين ثم نازع الآخر في الثلث فيقسم بينهما نصفين ثم يقول صاحب النصف سلم لي ما زاد على النصف ، وهو الثلث لأخذ السدس . وقال عبد الوهاب : يقسم المال بينهم على ستة وثلاثين ، لمدعي الكل خمسة وعشرون ، ولمدعي النصف سبعة أسهم ، ولمدعي الثلث أربعة أسهم ; لأن مدعي النصف والثلث أقرا بتسليم النصف لصاحب الكل ، وأقر صاحب الثلث بتسليم السدس فيتداعياه مدعي الكل ومدعي النصف ، فيقسم بينهما نصفين فيصير لمدعي الكل سبعة من اثني عشر ، ولمدعي النصف سهم ثم يقسم الثلث بالسوية فيكون لكل واحد سهم وثلث فيصير لمدعي الكل ثمانية وثلث ، ولمدعي النصف سهمان وثلث ، ولمدعي الثلث سهم وثلث ، فتضرب الاثني عشر في [ ص: 71 ] مخرج الثلث لتسلم السهام ، فتكون ستة وثلاثين . وطريق محمد أبين ; لأن مدعي النصف ، ومدعي الثلث لا يسلمان لمدعي الكل إلا السدس .
وقال : لصاحب الكل ستة أسهم ، ولصاحب النصف ثلاثة ، ولصاحب الثلث سهمان ، فيقسم المال بينهم على أحد عشر سهما ، وهو أعدل الأقوال ، وهو على عول الفرائض والوصايا كمن أوصى لرجل بماله ، ولآخر ببعض ماله ، ولآخر بثلثه ، فالثلث بينهم على أحد عشر سهما باتفاق ، فكذلك هاهنا . ابن ميسر
الثامن . قال : سحنون ، ولا مفاوض ، فإن خصص مالا في الإقرار ، وكان كلاما يستدل به على شيء اتبع ذلك ، وإلا شركه في جميع المال ; لأن ظاهر الشركة التساوي . إذا قال : فلان شريكي ، ولم يقل : في جميع المال
التاسع . قال : ، فالمشتري مدع ، ويصدق الآخر مع يمينه ; لأنه مدعى عليه الخسارة إلا أن يأتي بما لا يعرف . وإن ربحا فيها ، فقال المشتري : أشركتك بالسدس ، وقال الآخر : بالنصف صدق المشتري مع يمينه ; لأن الآخر مدع نقل مال الآخر إليه . قاله إذا قال : شركك في هذه السلعة ، ولم يسم ثم اختلفا بعد الخسارة مالك . فإن قالا لم ننو شيئا . قال ابن القاسم : فنصفان . فإن كانت السلعة قائمة . قال ابن القاسم : صدق المشتري فيما يدعيه ; لأن الأصل عدم انتقال ملكه . وفي الواضحة : إن سأله من يلزمه أن يشركه صدق مدعي النصف كانت قائمة ، أو فائتة بزيادة ، أو خسران . فإن كان لا يلزمه إشراكه ، فكما تقدم يصدق مدعي الأقل . والفرق بينهما أن العهدة في الأولى على البائع ، وفي الثانية على المشتري .
العاشر . قال : ، فأبى . قال إذا أراد شراء سلعة للتجارة فوقف آخر ساكتا ، فلما وجب البيع طلب الدخول معه مالك وابن القاسم ، وأشهب : إن كان شراؤه للبعض أجبر على الشركة بخلاف من اشترى بمنزله ، أو ليخرج بها إلى بلد آخر لئلا يفسد الناس بعضهم على بعض إذا لم يقض بهذا . قال ابن حبيب : إنما قال [ ص: 72 ] مالك في تجار أهل تلك السلعة ، وأهل سوقها كان مشتريها من أهل التجارة ، أو من غيرهم إذا اشتراها للتجارة ، وقد قضى عمر بذلك .
الحادي عشر . قال : لا يحتج عليه بسكوته ، ويصدق ، ولو قال : لا أفعل ، فسكتوا ، وقالوا أردنا بسكوتنا تخفيض السعر لا ينفعهم ذلك . قال إذا سئل الشركة عند البيع ، وسكت أصبغ : ومتى يستدل على كذبه بكثرة تلك السلعة ، وأن مثلها تشترى للتجارة ؛ قبل قول من ادعى أنها للتجارة دون القنية .
الثاني عشر . قال : قال : لكما سفينة تريد حمل متاعك ، وليس لصاحبك ما يحمله ، فلك الحمل ، ولا يقضى له بكراء ، ولو طلبه ، بل يحمل مثل ما حملته ، وإلا بيع المركب عليكما ; لأن مقتضى الشركة الانتفاع بالعين المشتركة لا لزوم كراء . سحنون
الثالث عشر . ثم قال : دفعته للشريك ثم ( قال ) : إن ما دفعته من مالي بعد الضياع . قال قال : ضاع المال مني ابن القاسم : لا يصدق ، وأراه ضامنا ; لأن اضطرابه تهمة . ولو قال له شركاؤه : أعطنا ثمن ما بعت ، فقال : هو في كمي ، فذهب ثم أتى ، فقال : قطع من كمي . قال ابن القاسم : يضمن إذا سألوه ، فلم يعطهم ; لأنه فرط .