الفرع الرابع 
في الكتاب : يدفع الآبق للإمام يوقف سنة وينفق عليه  ، فإن جاء صاحبه وإلا باعه ، وأخذ من ثمنه نفقته ، وبقية ثمنه لصاحبه يدفع في بيت المال . ويباع بعد السنة ، ولا يطلق يعمل ويأكل . ولا يجعل كضالة الإبل ، لأنه يأبق ثانية . 
فائدة : في التنبيهات : الإباق بكسر الهمزة اسم للذهاب في استتار ، وهو الهروب ، والأبق بالفتح وسكون الباء وفتحها اسم الفعل ، قال  التونسي     : لو كانت النفقة عليه في السنة تستغرق ثمنه لم يكن في الحبس فائدة ، وبيع قبل السنة ، وقال  أشهب     : يطلقه ولا ضمان ، لأنه يأكل من عمله . فهذا نفع لصاحبه ، قال  ابن يونس     : قال  مالك     : لم أزل أسمع أن الآبق يحبس سنة ثم يباع ، قال   سحنون     : لا أرى ذلك ، لكن بقدر ما يتبين أمره ثم يباع ، ويحكم الحاكم صفته عنده حتى   [ ص: 102 ] يأتي صاحبه ، قال  ابن يونس     : وهو الصواب ، لئلا يذهب في نفقته ، قال  اللخمي     : قال  مالك     : لا يقرب الآبق ولا يأخذه إلا أن يكون لأخ أو لمن يعرف ، وقال  ابن القاسم     : إن كان لمن يعرف فيستحب له أخذه ، وقال  أشهب     : إن كان لقريب استحب له أخذه أو بعيد تركه أحب ، وأما تركه بعد أخذه ، ففي المدونة : إن أرسله ضمنه ، وعنه : إرساله خير من بيعه ، فيملك ثمنه أو يطرح في السجن فلا ( . . . ) يطعمه بخلاف البعير يكفيه الرعي ، وقد يسرق العبد ( . . . ) وقد ( . . . ) في الإباق مرة أخرى وربما قتلك ، ومفاسده كثيرة ، ومتى كان إن انصرف على أميال يسيرة فلا يتبعه إن لم تخف منه ، ويحمل قوله إن كان لمن لا يعرف لا يقر به ، على فساد السلطان ( . . . ) أخذه ، وأما من يعرف فيرسله له بغير إنشاد ، وقوله : تعرف سنة ، يريد إذا كانت له صنعة تقوم به ، أو أن يكون الإمام عدلا ينفق عليه إن دفع للسلطان بيع قبل السنة ، وبقي التعريف ، وإن بيع بعد السنة : فالقياس أن لا يتصدق بثمنه حينئذ ولا ينفقه بخلاف اللقطة ، لأن للقطة موضعا يتفقدها صاحبها فيه ، فإذا مضت السنة ولم يأت ظهر العوز . بخلاف السنة في الآبق فيوقف الثمن عندها وعند أمين ، ووافقنا الأئمة على جواز أخذ الآبق للحفظ لا للتمسك ، ويدفعه للإمام إن لم يقدر على حفظه يبيعه أو يأخذه على حسب مصلحة مالكه ، ولم أر حبسه إلا لنا وغيرنا لم ينكر ذلك . 
نظائر : الآبق واللقطة والمجنون تستتم له سنة ، والمعترض تمضى له الفصول الأربعة ، والعهدة للجنون والجذام والبرص ، وعهدة المستحاضة والمرتابة والمريض ، والشفعة على رأي  أشهب  وابن القاسم  يزيد الشهر والشهرين ، واليتيمة إذا مكثت في بيتها اعتبر رشدها ، والجرح لا يحكم فيه إلا بعد سنة من البرء لاحتمال سريانه وانتقاضه في أحد الفصول ، وشاهد الطلاق إذا أبى أن يحلف المشهود عليه يحبس المحلوف عليه سنة ، والهبة لا تبطل بالإعادة إذا حازها الموهوب له سنة ، بخلاف الرهن ، والموصى بعتقه وامتنع أهله من بيعه ينتظر سنة ، فإن باعوه عتق بالوصية . 
				
						
						
