الفصل الخامس : في وقت العشاء  
والعشاء بكسر العين ممدودا : أول الظلام ، وعتمة الليل ثلثه وظلمته   [ ص: 17 ] واعتم القوم إذا ساروا حينئذ ، والعتمة أيضا الإبطاء ، وروي عن بعض السلف أنه كان يغضب ، ويصيح إذا سمع من يسميها العتمة ، ويقول : إنما هي العشاء لما في  مسلم  أنه عليه السلام قال : لا يغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ; فإنها في كتاب الله تعالى العشاء وإنما تعتم بحلاب الإبل والسهر في ذلك أن العادة أن العظماء إذا سموا شيئا باسم لا يليق العدول عنه لما فيه من تنقيصهم ، والرغبة عن صنيعهم والله تعالى أعظم العظماء قد سماها العشاء في قوله تعالى : ( عشاء يبكون    ) ( ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم    ) . وفي الموطأ عنه عليه السلام : لو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ، ولو حبوا   . وهذا يقتضي الجواز وأول وقتها  مغيب الشفق وهو الحمرة دون البياض لقول العرب : هذا الثوب أشد حمرة من الشفق ، ولو كان البياض لما صح ذلك الكلام . وفي الجواهر لا تعتبر الصفرة أيضا قال صاحب الطراز ، وروى  ابن القاسم  عنه أيضا : أن البياض الذي يشك فيه مع الحمرة ، وقال  أبو حنيفة     : مغيب البياض لما في  أبي داود  أنه - عليه السلام - كان يصليها لمغيب القمر لثلاث وهذا ربع الليل ، ويعضده قوله تعالى : ( أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل    ) والغسق : اجتماع الظلمة ، ولأنها عبادة متعلقة بأحد النيرين ،   [ ص: 18 ] فيتعلق بالثاني منهما ، أصله صلاة الصبح مع الفجرين ، ولأن الشفق من الشفقة وهي رقة القلب فكلما كان أرق كان أولى بالاسم ، والبياض أرق من الحمرة ، ولأنه سبب لصلاة ضرورية من الدين وسبب الضروري لا يثبت إلا بيقين ، والجواب عن الأول : أنه معارض بحديث جبريل  ، وعن الثاني : أنه بيان للغاية ونحن نقول به ، وعن الثالث : أنه عبادة متعلقة بأحد النيرين فيتعلق بأقربهما إلى الشمس ، أصله الصبح ، وعن الرابع : أنه معارض بما في الموطأ أن   عمر بن الخطاب     - رضي الله عنه - قال : الشفق الحمرة فإذا غاب فقد وجبت الصلاة ، وعن الخامس : أنه باطل بإثباتهم آخر وقت العشاء  إلى الفجر بغير نص ولا إجماع بل أكثر العلماء على خلافهم ، وكذلك أثبتوا وقت المغرب إلى الشفق ووقت الظهر آخر القامتين ، والجمهور على خلاف ذلك ، وفي الكتاب يمتد وقتها الاختياري إلى ثلث الليل ، وكذلك عند   الشافعي  ، وعند  ابن حبيب  إلى نصف الليل ، وعند  أبي حنيفة  الليل كله ، وعند  النخعي  ربع الليل . حجة الثلث : حديث جبريل  ، حجة النصف : رواية فيه وما في الموطأ أن   عمر بن الخطاب     - رضي الله عنه - كتب إلى   أبي موسى الأشعري     : أن صل العشاء ما بينك وبين ثلث الليل ، فإن أخرت فإلى نصف الليل ، ولا تكن من الغافلين   . 
				
						
						
