الفصل الخامس : في هزله ، قال صاحب البيان : المشهور أن كجده ، وقاله الأئمة لما في هزل النكاح الترمذي ، قال عليه السلام : ( ) ، وفي الموطأ موقوفا على ثلاث هزلهن جد : الطلاق ، والنكاح ، والرجعة ، وعوض الرجعة : العتاق ، وروي عن سعيد بن المسيب مالك أن هزله هزل لقوله عليه السلام : ( ) . الأعمال بالنية ، وإنما لامرئ ما نوى
فرع
قال صاحب البيان : إذا خطب المرأة فقال الولي : تزوجت فلانا ، وقال بعد ذلك : أردت الدفع ، قال ابن القاسم : إن حلف فلان ثبت نكاحه إن قامت بينة على إقراره ، وأما بقول الأب الخاطب فالقول قول الأب مع يمينه ، وقال أصبغ : النكاح لفلان طلب بنكاح سابق أو بهذا القول ; لأن [ ص: 404 ] النكاح لا لعب فيه ، وقال محمد : لا يلزم بهذا ولا بدعوى متقدمة ، قال : وهو أشبه الأقوال .
قاعدة : لله تعالى أحكام في الظاهر على يد الحاكم لا تثبت في الباطن على ألسنة المفتين ، كالأقضية المستندة إلى الأقارير ، والبينات الكاذبة ، وكل حكم في الباطن فهو حكم الله تعالى في الظاهر إذا ثبت ، وقد يثبت في القضاء ما لا يثبت في الفتوى ، فمعنى قول العلماء هزل هذه الثلاثة جد ليس معناه ما دلت القرائن فيه على اللعب ، بل المستعمل للفظ له ثلاث حالات تارة يستعمله فيما وضع له فهذا يلزم في القضاء والفتوى ، وتارة يستعمله في غير ما وضع له مجازا ، فهذا لا يلزم في الفتوى ويلزم في القضاء ، إلا أن يدل دليل على إرادته المجاز ، وتارة يطلق اللفظ ولا يستعمله في شيء ، فهذا هو الهزل لا يلزم في الفتوى على المشهور ، وإن دل دليل على ذلك في القضاء لا يلزم ، وإلا لزم بناء على الظاهر ، فتأمل هذا المكان فتحقيقه عزيز ، وإنما جعل الشرع الهزل في هذا الباب كالجد احتياطا له لشرفه ، وعظيم ما يترتب عليه .