القسم الثالث من الكتاب : في ، وفيه نظران : حكم العقد قبل القبض وبعده
النظر الأول : في الإقباض وما يتعلق بهما : والقبض
والإقباض بالمناولة في العروض أو النفوذ ، وبالوزن والكيل في الموزون والمكيل وبالتمكين في العقار والأشجار ، أو بالنية فقط كقبض الوالد وإقباضه من نفسه لنفسه ، والقبض هو الاستيلاء إما بإذن الشرع وحده كاللقطة والثوب إذا ألقاه الريح في دار إنسان ، ومال اللقيط ، وقبض المغصوب من الغاصب إذا قبضه من يزيل منكرا من حاكم ، أو غيره ، وقبض أموال الغائبين أموال بيت المال والمحجور عليهم والزكوات ، أو بإذن غير الشرع كقبض المبيع بإذن البائع والمبتاع ، [ ص: 121 ] والبيع الفاسد ، والرهون والأثمان والصدقات ، والعواري ، والودائع ، أو بغير إذن الشرع وغيره كقبض الغاصب .
فرع
في الجواهر : ، إما مطلقا أو شرط مضي زمان ليتسع القبض على الخلاف في ذلك فيما فيه حق توفية كالمكيل أو الموزون أو المعدود ، وما كان غائبا عن العاقدين حالة العقد على التفصيل المتقدم ، القبض يوجب انتقال الضمان إلى المشتري فيما لا يضمن بمجرد العقد ، ويستثنى الرقيق حتى يخرج من عهدة الثلاث والمواضعة في الإماء ، وما عدا ذلك فالعقد كاف في انتقال الملك في المتعين المتميز ، قال وما بيع من الثمار على رءوس النخل قبل كمال الطيب المازري : هذا نقل أصحاب المذهب ، قال : والذي يتحقق من المذهب أن ، ويكون عند البائع كالوديعة وفيه خلاف ، وقال ( ش ) : تمكين المشتري من القبض ثم تركه اختيارا يوجب ضمانه من البائع سواء عرضه على المشتري أم لا ; لأن اليد التي ليست للأمانة ضامنة إذا لم يتقدمها ضمان ، فأولى البائع ; لأن ضمانه لسلعته متقدم ، وقال الضمان قبل القبض : هي أمانة في يد البائع ; لأن العقد قابل والمشتري تارك لها عند البائع . ابن حنبل
فرع
قال صاحب البيان : إذا ، قال اشترى ثوبا فحبسه بالثمن فادعى تلفه ابن القاسم : يفسخ البيع إلا أن تكون القيمة أكثر من الثمن فيغرمها ; لأنه متهم ، [ ص: 122 ] ويصدق في الحيوان الذي لا يغاب عليه ، وقال أيضا : عليه قيمة الثوب ما كانت ، قال : والمشهور من قوله : إن المحبوس بالثمن رهن ، وقوله في هذه المسألة مخالف لتضمينه البائع ، وأنه متى ذهبت عينه انفسخ البيع ، وهو قول مالك وجميع الأصحاب إلا ابن القاسم لعدم ترتب أثر العقد عليه ، وإذا فسخنا فيعيد الثمن إلا أن يصدقه المبتاع إلا أن تكون القيمة أكثر فيلزم بها ، أو يأتي بالمبيع .
وكذلك تصديقه في الحيوان مع يمينه ويفسخ البيع على القول بأنه رهن فيكون في المحبوس بالثمن قولان ، وإذا لم تقم البينة أربعة أقوال : يصدق مع يمينه كانت القيمة ما كانت ، ويفسخ البيع ، قاله ، ويصدق مع يمينه ، ويفسخ البيع إلا أن تكون القيمة أكثر قاله سحنون ابن القاسم ، ويصدق مع يمينه ، ويثبت البيع ، وعليه القيمة ما كانت وهو الذي يأتي على مشهور ابن القاسم ; لأن العقد اقتضاء انتقال الملك ويصدق مع يمينه إلا أن تكون القيمة أقل فيتهم في دفعها وأخذ الثمن ، وقال ( ش ) و ( ح ) : يبطل البيع ; لأن القبض من تتمة البيع لنهيه عليه السلام عن تلف المبيع قبل القبض بأمر سماوي ، أو بجناية البائع . وإذا لم يتم البيع بطل . بيع ما لم يقبض
وجوابه : أنه عليه السلام جعل الخراج بالضمان ، فلو كان مضمونا على البائع لكان خراجه له ، وليس كذلك اتفاقا ، ثم إنا نمنع أن القبض تتمة البيع ، بل البيع تم ومن آثاره استحقاق القبض ، وقال : المتلفات في [ ص: 123 ] ضمان البائع ولو كانت خراجا ، والتلف بالأمر السماوي فسخ ، وبفعل البائع أو الأجنبي يخير المشتري بين الفسخ والإمضاء وأخذ القيمة أو المثل إن كان مثليا . ابن حنبل
فرع
قال : إذا أقر المشتري في العقار للبائع باليد والملك قال : لا يلزمه أن يجوزه المبيع ; لأن العقد كاف في انتقاله ، قال : والصواب أن يلزمه كما إذا أقر له بالملك دون اليد ، فإنه قد ينازعه وكيل البائع أو قريبه في تصديق ما يدعيه من البيع ، ومصيبة الاستحقاق في الوجهين من المشتري عند سحنون ابن القاسم لإقراره بالملك ، وخالف أشهب ; لأن الإقرار لا يكون عن ظن يبطل ، وإن أقر باليد دون الملك لا يلزم البائع التجويز على قول ، والصواب : اللزوم كما تقدم ، ومصيبة الاستحقاق من البائع لعدم الإقرار بالملك ، وإن لم يقر باليد ولا بالملك لزمه التجويز ، وإنزاله فيه اتفاقا ، ومصيبة الاستحقاق من البائع والطارئ بعد العقد وقبل القبض من هدم ، أو غيره من المشتري إلا على قول سحنون أشهب : إن السلعة المبيعة من البائع إن قبض الثمن وطال الأمر ما لم يقبضها المبتاع أو يدعوه البائع فيأبى ، ولهذا الخلاف يكتب في الوثائق ونزل المبتاع فيما ابتاع وأبرأ البائع من درك الإنزال لحصول الاتفاق على البراءة .